سؤال:  يتسلم اليوم باراك أوباما سدة الحكم رسميا في الولايات المتحدة الأمريكية هل سيشكل هذا الامر خطوة جديدة في السياسة الأمريكية، فخلال الفترة الماضية بعد الانتخابات وإعلان النتائج التزم أوباما الصمت فهل ينتظر منه أن يفك عقدة لسانه ويتخذ قرارا حاسما بما يخص الانسحاب من أفغنستان وحل المسائل العالقة على المستوى العالمي وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا سورية، فهل ستتغير سياسة بلاده الخارجية؟

جواب: في الحقيقة انا من الذين يؤمنون بأن تغيير الرؤساء في الولايات المتحدة الأميركية لا علاقة له تغيير السياسات، ولا التمديد للرؤساء ولا إعادة انتخابهم عين التمديد لذات السياسات أو إعادة تجديدها، لذلك كنت اقتنع دائما بأن السياسات ترسم على مستوى أعلى بكثير من اللعبة الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لا يعني أن الرؤساء هم مجرد ترجمة لسياسات بل أن انتخاب الرؤساء أو التمديد لهم أو التجديد لهم يرتبط برسم السياسات وتجديدها ومطابقة أشخاصهم وأفكارهم وقدراتهم لترجمة هذه السياسات، لهذا لم أكن من المنجمين أو المتنبئين عندما قلت منذ الصيف الماضي بأن أوباما عائد وأن جون كيري سيكون وزي لخارجيته. كنت أستقرأ اتجاهات السياسة الأمريكية ولهذا كنت مقتنعا بأن السياسة الأميريكية التي رسمت استراتيجية الحروب فيها في عهد جورج بوش بولايتين قد استنفذت قدرتها العسكرية وأن ما رسم لها في الثنائية التركية القطرية للتعاون مع الإسلام السياسي الممثل بتنظيم الأخوان المسلمين تحت عنوان وعباءة الربيع العربي قد استنفذت في الولاية الأولى لأوباما وأظهر ثلاث نتائج والنتيجة الأولى وهي أن التطمينات الزائفة التي قدمت لروسيا بأن مسرح العمليت الأطلسية لن يمس مداها الحيوي انطلاقا من تعريف فئوي ضيق يرى بأن حدود المدى الحيوي الروسي تنتهي مع روسيا وأوكرانيا قد سقط في معركة سوريا. وبدا واضحا أن عنوان العثمانية الجديدة التركية والاستخدام السلبي لمفهوم الاسلام السياسي يمسان بالمباشر مفهوم الأمن القومي الروسي. وأما التطور الثاني هو أن هذا الإسلام السياسي تحت العباءة التركية قد أثبت أنه أعجز من ان يشكل نواة لدولة قوية مركزية بقدر ما هو عباءة فضفاضة. على ما يبدو بأن التطرف وتنظيم القاعدة يختبآن تحتها ويمهدان لعودة الإرهاب بصورة كان الغرب قد تمنى أنها أصبحت جزءا من ذكريات الماضي. العامل الثالث وهو أن صمود إيران وصمود سوريا وثبات روسيا قد أنشا معادلة آسيوية جديدة لم يكن من الممكن الحديث عن الانسحاب من أفغانستان ورسم الخرائط الجديدة في المدى المتبقي قبل موعد الانسحاب في عام 2014 دون الانخراط في عملية تفاوض تشبه إلى حد كبير يالطا التي أنتجتها الحرب العالمية الثانية للتفاهم على معادلات القرن الجديد لذلك أنا أعتقد أن ولاية أوباما الثانية هي ولاية السياسة وليست ولاية المواجهات والتفاوض لا يعني التفاوض البارد وإنما التفاوض على صفيح ساخن، تستخدم فيه أوراق القوة ولكن بعناوين الحرب الخفية والحرب السرية وأشكال المخابرات ، ولذلك هذا الفصل الأول من هذا العام أعتقد أنه سيكون حاسما وسنسمع من الإرادة الأمريكية إعادة الاعتبار لأولوية الحرب على الإرهاب على نشر الديمقراطية وسنرى تفاوضات عميقة حقيقية وجادة يقودها كيري بعد الزمن السيء لكلينتون ويكون طرفها الآخر السيد لافروف وزير الخارجية الروسي للوصول إلى تفاهمات أول ما ستطال الملف النووي الإيراني ويليه تطور مديد وهادئ على الساحة الروسية لأن الغرب قد صعد الشجرة إلى أعلى ذروتها ولا يستطيع النزول ببساطة عن شعار إسقاط الأسد فهو يحتاج إلى مراحل تدريجية للوصول إلى تسوية يمكن يضمن نجاحها من خلال الانخراط في صيغة داخلية تصل بمستقبل سوريا لإيقاف العنف وإطلاق عملية سياسية أو إقليمية تتصل بما أعلن أوباما التزامه به وهو التمهيد لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط بعدما باتت اسرئيل عبئا على السياسات الأمريكية وليست مصدر قوة لها.

سؤال: برأيكم هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية كمؤسسة سياسية كما تفضلت وليس كشخص رئيس أن تطفئ نار الحرائق وأن تهرب من لهيبها في العالم، وفي المجمل ما الذي يمكن فعلا انتظاره هل اصبحت بلاد البعبع الأكبر في العالم الذي بدا يخاف من اصغر مجموعة إرهابية في العالم وهم الذين قدموا لهم الدعم اي دعم المجموعات الإرهابية وتسليح المعارضات لنشر بما يسمى بالحرية والديمقراطية وخاصة على أبواب لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهل سيكون هذا اللقاء هو لقاء الضعيف أمام القوي؟

جواب: أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية لم تتعظ من تجربتها في أفغانستان مطلع ثمانينات القرن الماضي عندما استخدمت أفغانستان كقاعدة خلفية لتغذية المجموعات الإرهابية تحت عنوان التطرف الاسلامي الذي شكلته القاعدة وطابان في تلك الفترة لاستهداف الجيش الأحمر السوفييتي لتكتشف بعد عقد من الزمن بأن أفغانستان نفسها قد أصبحت بيئة يتمدد وينتشر فيها هذا الإرهاب والتطرف وأن أفغانستان الذي خرج منها الجيش الأحمر السوفييتي قد تحولت إلى بؤرة سرعان ما أصابت الأمن الأمريكي في صميمه وهاهي تكرر ذات الطريقة مع سوريا فتستعمل تركيا الذي بدأ يتفشى فيها التطرف بفعل استخدامها كقاعدة ارتكاز ويهدد استقرارها ويهدد الأمن فيها، وها هي سوريا تكون العنوان في المواجهة الذي أرادوه عنوانا ينطلق من اشتباك بين معارضة ونظام ليصبح مصدرا حقيقيا لتمركز القوى المتطرفة ويستجذب القاعدة من كل أنحاء العالم.

المشكلة أن الامريكيين يلعبون بالسياسة على طريقة الشطرنج، وكلاودس بيتز له جملة شهيرة يجب أن نستعيدها في هذا السياق يقول أن القائد العسكري يجب أن يتعلم الشطرنج ليضع الخطط العسكرية أن يتذكر دائمابين الحروب وبين لعبة الشطرنج، ففي الحروب أنت تستكمل الحلقة الثانية من حيث انتهيت في الحلقة الأولى بينما في لعبة الشطرنج تعيد رصف الحجارة في أماكن الانطلاق الأولى نفسها.

 

مشكلة القادة الأميريكيين أنهم يعودون في كل مرة إلى نقاط الانطلاق نفسها دون أن يستمروا من حيث انتهت الجولة التي سبقت، لذلك سينتهي الوضع التفاوضي ربما إلى تسويات سواء في الملف السوري وسواء في ملفات شرق المتوسط ولكن المشكلة الأعظم ستواجههم في افريقيا التي تورطت فيها فرنسا الآن وربما يمتد حبل التورط ليشمل الكثير الكثير من الدول الأفريقية الأخرى.

سؤال: لماذا يعتقد البعض أن التورط في افريقيا وخاصة في مالي هو نوع من الأساليب للانسحاب وحفظ ماء الوجه فيما يخص القضية في سوريا فهل توافق هذا الرأي؟

جواب: أوافق على الحصيلة وليس على الخطة وأنا لا أعتقد أن الذي جرى في مالي هو خطة لتغطية الانسحاب من سوريا. أنا أوافق بأن الغرب بدأ يأكل السم الذي طبخه ويعرف أن اللعب مع الإرهاب والتطرف هي كالأوعية المتصلة، فلايمكن أن تعطي الإرهاب شرعية أخلاقية ليقاتل في سوريا وتمده بالمال والسلاح وتحول دون امتداد هذه الشرعية الاخلاقية والسلاح فيها إلى ساحات أخرى، هم الآن يأكلون من الخبزالذي صنعوا معجنه في سوريا ليمتد إلى حيث ترى القاعدة وفق خطتها أنها هي من يستعمل الغرب وليس الغرب من يستعملها وأنها الأقدر على استخدام عناصر الدعم المعنوي والمادي التي حذفها من قدرته على توظيف النتائج التي حققتها ولذلك فالمعركة في افريقيا سوف تكون طويلة وسوف يغرق الأوروبيون في مستنقع شمال افريقيا والأصعب والأعقد ربما يكون هو انتقال هذه النار إلى الساحات الأوروبية نفسها، وبالتالي هذا سوف يؤدي موضوعيا وليس بقرار إرادي إلى فرض تحول الخبر السوري إلى خبر أخير في نشرات الأخبار الأوروبية لمن يتابعها هذه الأيام وإلى تحول القضية في سوريا إلى عبء على الحلف الأطلسي الذي عليه أن يبحث كيف يتخلص من أوزار فعله في سوريا للتفرغ إلى الجبهة الافريقية التي توهم أن لعبة ربيع الأخوان المسلمين يمكن أن توفر له ساحلا متوسطيا ممسكوا من جهة بوجه الهجرات وتوفر دولا قادرة على تأمين التنمية لتجفيف أسباب هذه الهجرات ليكتشف بأن الاسلاميين الذين صدرهم إلى هناك لم يذهبوا كي يستقروا بل ذهبوا كي يعدوا طريق العودة إلى أوروبا.
  • فريق ماسة
  • 2013-01-21
  • 4533
  • من الأرشيف

ناصر قنديل لـ"صوت روسيا": الغرب بدأ يأكل من السم الذي طبخه لسورية والمنطقة

سؤال:  يتسلم اليوم باراك أوباما سدة الحكم رسميا في الولايات المتحدة الأمريكية هل سيشكل هذا الامر خطوة جديدة في السياسة الأمريكية، فخلال الفترة الماضية بعد الانتخابات وإعلان النتائج التزم أوباما الصمت فهل ينتظر منه أن يفك عقدة لسانه ويتخذ قرارا حاسما بما يخص الانسحاب من أفغنستان وحل المسائل العالقة على المستوى العالمي وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا سورية، فهل ستتغير سياسة بلاده الخارجية؟ جواب: في الحقيقة انا من الذين يؤمنون بأن تغيير الرؤساء في الولايات المتحدة الأميركية لا علاقة له تغيير السياسات، ولا التمديد للرؤساء ولا إعادة انتخابهم عين التمديد لذات السياسات أو إعادة تجديدها، لذلك كنت اقتنع دائما بأن السياسات ترسم على مستوى أعلى بكثير من اللعبة الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لا يعني أن الرؤساء هم مجرد ترجمة لسياسات بل أن انتخاب الرؤساء أو التمديد لهم أو التجديد لهم يرتبط برسم السياسات وتجديدها ومطابقة أشخاصهم وأفكارهم وقدراتهم لترجمة هذه السياسات، لهذا لم أكن من المنجمين أو المتنبئين عندما قلت منذ الصيف الماضي بأن أوباما عائد وأن جون كيري سيكون وزي لخارجيته. كنت أستقرأ اتجاهات السياسة الأمريكية ولهذا كنت مقتنعا بأن السياسة الأميريكية التي رسمت استراتيجية الحروب فيها في عهد جورج بوش بولايتين قد استنفذت قدرتها العسكرية وأن ما رسم لها في الثنائية التركية القطرية للتعاون مع الإسلام السياسي الممثل بتنظيم الأخوان المسلمين تحت عنوان وعباءة الربيع العربي قد استنفذت في الولاية الأولى لأوباما وأظهر ثلاث نتائج والنتيجة الأولى وهي أن التطمينات الزائفة التي قدمت لروسيا بأن مسرح العمليت الأطلسية لن يمس مداها الحيوي انطلاقا من تعريف فئوي ضيق يرى بأن حدود المدى الحيوي الروسي تنتهي مع روسيا وأوكرانيا قد سقط في معركة سوريا. وبدا واضحا أن عنوان العثمانية الجديدة التركية والاستخدام السلبي لمفهوم الاسلام السياسي يمسان بالمباشر مفهوم الأمن القومي الروسي. وأما التطور الثاني هو أن هذا الإسلام السياسي تحت العباءة التركية قد أثبت أنه أعجز من ان يشكل نواة لدولة قوية مركزية بقدر ما هو عباءة فضفاضة. على ما يبدو بأن التطرف وتنظيم القاعدة يختبآن تحتها ويمهدان لعودة الإرهاب بصورة كان الغرب قد تمنى أنها أصبحت جزءا من ذكريات الماضي. العامل الثالث وهو أن صمود إيران وصمود سوريا وثبات روسيا قد أنشا معادلة آسيوية جديدة لم يكن من الممكن الحديث عن الانسحاب من أفغانستان ورسم الخرائط الجديدة في المدى المتبقي قبل موعد الانسحاب في عام 2014 دون الانخراط في عملية تفاوض تشبه إلى حد كبير يالطا التي أنتجتها الحرب العالمية الثانية للتفاهم على معادلات القرن الجديد لذلك أنا أعتقد أن ولاية أوباما الثانية هي ولاية السياسة وليست ولاية المواجهات والتفاوض لا يعني التفاوض البارد وإنما التفاوض على صفيح ساخن، تستخدم فيه أوراق القوة ولكن بعناوين الحرب الخفية والحرب السرية وأشكال المخابرات ، ولذلك هذا الفصل الأول من هذا العام أعتقد أنه سيكون حاسما وسنسمع من الإرادة الأمريكية إعادة الاعتبار لأولوية الحرب على الإرهاب على نشر الديمقراطية وسنرى تفاوضات عميقة حقيقية وجادة يقودها كيري بعد الزمن السيء لكلينتون ويكون طرفها الآخر السيد لافروف وزير الخارجية الروسي للوصول إلى تفاهمات أول ما ستطال الملف النووي الإيراني ويليه تطور مديد وهادئ على الساحة الروسية لأن الغرب قد صعد الشجرة إلى أعلى ذروتها ولا يستطيع النزول ببساطة عن شعار إسقاط الأسد فهو يحتاج إلى مراحل تدريجية للوصول إلى تسوية يمكن يضمن نجاحها من خلال الانخراط في صيغة داخلية تصل بمستقبل سوريا لإيقاف العنف وإطلاق عملية سياسية أو إقليمية تتصل بما أعلن أوباما التزامه به وهو التمهيد لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط بعدما باتت اسرئيل عبئا على السياسات الأمريكية وليست مصدر قوة لها. سؤال: برأيكم هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية كمؤسسة سياسية كما تفضلت وليس كشخص رئيس أن تطفئ نار الحرائق وأن تهرب من لهيبها في العالم، وفي المجمل ما الذي يمكن فعلا انتظاره هل اصبحت بلاد البعبع الأكبر في العالم الذي بدا يخاف من اصغر مجموعة إرهابية في العالم وهم الذين قدموا لهم الدعم اي دعم المجموعات الإرهابية وتسليح المعارضات لنشر بما يسمى بالحرية والديمقراطية وخاصة على أبواب لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهل سيكون هذا اللقاء هو لقاء الضعيف أمام القوي؟ جواب: أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية لم تتعظ من تجربتها في أفغانستان مطلع ثمانينات القرن الماضي عندما استخدمت أفغانستان كقاعدة خلفية لتغذية المجموعات الإرهابية تحت عنوان التطرف الاسلامي الذي شكلته القاعدة وطابان في تلك الفترة لاستهداف الجيش الأحمر السوفييتي لتكتشف بعد عقد من الزمن بأن أفغانستان نفسها قد أصبحت بيئة يتمدد وينتشر فيها هذا الإرهاب والتطرف وأن أفغانستان الذي خرج منها الجيش الأحمر السوفييتي قد تحولت إلى بؤرة سرعان ما أصابت الأمن الأمريكي في صميمه وهاهي تكرر ذات الطريقة مع سوريا فتستعمل تركيا الذي بدأ يتفشى فيها التطرف بفعل استخدامها كقاعدة ارتكاز ويهدد استقرارها ويهدد الأمن فيها، وها هي سوريا تكون العنوان في المواجهة الذي أرادوه عنوانا ينطلق من اشتباك بين معارضة ونظام ليصبح مصدرا حقيقيا لتمركز القوى المتطرفة ويستجذب القاعدة من كل أنحاء العالم. المشكلة أن الامريكيين يلعبون بالسياسة على طريقة الشطرنج، وكلاودس بيتز له جملة شهيرة يجب أن نستعيدها في هذا السياق يقول أن القائد العسكري يجب أن يتعلم الشطرنج ليضع الخطط العسكرية أن يتذكر دائمابين الحروب وبين لعبة الشطرنج، ففي الحروب أنت تستكمل الحلقة الثانية من حيث انتهيت في الحلقة الأولى بينما في لعبة الشطرنج تعيد رصف الحجارة في أماكن الانطلاق الأولى نفسها.   مشكلة القادة الأميريكيين أنهم يعودون في كل مرة إلى نقاط الانطلاق نفسها دون أن يستمروا من حيث انتهت الجولة التي سبقت، لذلك سينتهي الوضع التفاوضي ربما إلى تسويات سواء في الملف السوري وسواء في ملفات شرق المتوسط ولكن المشكلة الأعظم ستواجههم في افريقيا التي تورطت فيها فرنسا الآن وربما يمتد حبل التورط ليشمل الكثير الكثير من الدول الأفريقية الأخرى. سؤال: لماذا يعتقد البعض أن التورط في افريقيا وخاصة في مالي هو نوع من الأساليب للانسحاب وحفظ ماء الوجه فيما يخص القضية في سوريا فهل توافق هذا الرأي؟ جواب: أوافق على الحصيلة وليس على الخطة وأنا لا أعتقد أن الذي جرى في مالي هو خطة لتغطية الانسحاب من سوريا. أنا أوافق بأن الغرب بدأ يأكل السم الذي طبخه ويعرف أن اللعب مع الإرهاب والتطرف هي كالأوعية المتصلة، فلايمكن أن تعطي الإرهاب شرعية أخلاقية ليقاتل في سوريا وتمده بالمال والسلاح وتحول دون امتداد هذه الشرعية الاخلاقية والسلاح فيها إلى ساحات أخرى، هم الآن يأكلون من الخبزالذي صنعوا معجنه في سوريا ليمتد إلى حيث ترى القاعدة وفق خطتها أنها هي من يستعمل الغرب وليس الغرب من يستعملها وأنها الأقدر على استخدام عناصر الدعم المعنوي والمادي التي حذفها من قدرته على توظيف النتائج التي حققتها ولذلك فالمعركة في افريقيا سوف تكون طويلة وسوف يغرق الأوروبيون في مستنقع شمال افريقيا والأصعب والأعقد ربما يكون هو انتقال هذه النار إلى الساحات الأوروبية نفسها، وبالتالي هذا سوف يؤدي موضوعيا وليس بقرار إرادي إلى فرض تحول الخبر السوري إلى خبر أخير في نشرات الأخبار الأوروبية لمن يتابعها هذه الأيام وإلى تحول القضية في سوريا إلى عبء على الحلف الأطلسي الذي عليه أن يبحث كيف يتخلص من أوزار فعله في سوريا للتفرغ إلى الجبهة الافريقية التي توهم أن لعبة ربيع الأخوان المسلمين يمكن أن توفر له ساحلا متوسطيا ممسكوا من جهة بوجه الهجرات وتوفر دولا قادرة على تأمين التنمية لتجفيف أسباب هذه الهجرات ليكتشف بأن الاسلاميين الذين صدرهم إلى هناك لم يذهبوا كي يستقروا بل ذهبوا كي يعدوا طريق العودة إلى أوروبا.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة