دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تشيّع اليوم في ثلاث مدن كردية في جنوب شرق تركيا جثامين القياديات الكرديات الثلاث في «حزب العمال الكردستاني» اللواتي تم اغتيالهن في باريس قبل حوالي الأسبوع.
ويتوقع أن تشيع القيادية المؤسسة في الحزب سكينة جانسيز في مدينة تونجلي، بينما تشيع فيدان دوغان في قهرمان مراش وليلى سويليميز في مرسين.
ويكاد يوجد إجماع على ألا تتحول مناسبة التشييع إلى محطة إضافية تنعكس سلبا على مفاوضات حل المشكلة الكردية التي بدأت قبل أسبوعين. وفي هذا الصدد دعت الرئيسة الثانية لـ«حزب السلام والديموقراطية» الكردي غولتين كيشاناك إلى أن تكون المناسبة «درسا للقتلة عبر مشاركة أوسع الفئات فيها». واعتبرت أن الجريمة موجهة إلى المفاوضات مع زعيم «الكردستاني» عبد الله أوجلان المعتقل في جزيرة ايمرالي، والذي تقود الحكومة التركية المفاوضات معه ودعت لتكون تركيا اليوم يدا واحدة.
ونقل محمد أوجلان عن شقيقه عبد الله أوجلان، حيث التقاه في سجنه، ان جريمة باريس هي «مجزرة درسيم ثانية» حيث الأولى حدثت عام 1937 عندما أعدمت السلطات التركية زعيم الثورة الكردية - العلوية حينها سيد رضا، في إشارة إلى مقتل سكينة جانسيز المنتمية أيضا إلى منطقة درسيم التي غيّر الأتراك اسمها لاحقا إلى تونجيلي والتي ستشيع جانسيز فيها اليوم.
ونقل محمد عن شقيقه دعوته إلى الانتباه لدقة المرحلة، وانه في حال تم تخريب عملية السلام الحالية فإن الأيام المقبلة ستكون أكثر صعوبة. وقال أوجلان انه ما دامت المفاوضات جارية فعلينا توقع أن نشهد محاولات أخرى لتخريبها مثل التي جرت في باريس. ونفى أن يكون أرسل أي رسالة حتى الآن لأي من الشخصيات السياسية التركية، بعدما راج في الأيام الأخيرة انه بعث برسالة إلى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان.
وقد لفت أن الحكومة الفرنسية لا تزال تلتزم الصمت حتى الآن حول جريمة قتل الكرديات، ولم تقدم ما يضيء على خيوط في العملية.
ورغم دعوة اردوغان إلى التنبه والحذر ومواجهة عملية تخريب عملية السلام الحالية غير أن انتقاده الشديد للمعارضة التركية بشأن القضية الكردية ترك أثرا سلبيا لدى الكثيرين. وقد انتقد اردوغان زيارة التعزية التي قام بها النائب عن «حزب الشعب الجمهوري» حسين آيغون إلى ذوي الكرديات المقتولات، غير أن آيغون رد على اردوغان قائلا ان رئيس الحكومة لا يريد حتى تجفيف دموع الأمهات وبهذه العقلية لن تحل المشكلة الكردية.
وفي صحيفة «راديكال» تساءل الزعيم السابق لـ«حزب الشعب الجمهوري» آلتان أويمين، قائلا «كيف لمن يحارب نصف الشعب التركي أن يبلغ السلام؟»، مضيفا «لم يعرف بعد من يقف وراء جريمة باريس التي ذهب ضحيتها ثلاث كرديات من حزب العمال الكردستاني، لكن هدف السلام يستحق الجهد والتضحية. غير أن سلوك اردوغان أمس تحديدا، لا يعكس انه جاد في هذا الاتجاه. فهو يتهم النواب الأكراد في البرلمان بأنهم امتداد لمنظمة إرهابية ويصف زعيم حزب الشعب الجمهوري بأنه ناطق باسم إسرائيل وسوريا وفرنسا وانه يقف إلى جانب (الرئيس السوري) بشار الأسد. فكيف لمن يتحارب مع أحزاب تمثل نصف المجتمع أن ينجح في قيادة البلاد إلى السلام؟».
وفي مقالة في صحيفة «ميللييت» تحت عنوان «امتحان الجنازة على طريق السلام» كتب محمد تزكان «تمر الحركة الكردية بامتحان مهم: امتحان الجنازة. غدا (اليوم) الخميس سوف تُشيَّع القياديات الكرديات الثلاث. الخوف أن تتحول الجنازات إلى خابور ثان. عام 2009 بدأت محادثات سلام، وفي العام 2011 جاء مقاتلون إلى بوابة الخابور. تمت محاكمة شكلية لهم أطلق سراحهم لكنهم عادوا ودخلوا البلاد بثياب المقاتلين في استعراض نصر فتوقفت عملية السلام. ثلاث سنوات ضائعة. اليوم تتجدد العملية والأمل ألا تتخرب، خصوصا أن أوجلان قد وضعت له شاشة تلفاز في زنزانته للمرة الأولى بدلا من الراديو. بات بإمكانه أن يتابع مباشرة كل ما يجري في البلد على الشاشة».
وفي ندوة عقدت في اسطنبول، قال إيسا موسا، احد محامي المناضل العالمي نيلسون مانديلا، إن «معركة مانديلا وأوجلان متشابهة. لقد سجن كل منهما بتهمة انه إرهابي لكنهما شكلا لاحقا خريطة طريق للسلام»، مضيفا ان محادثات السلام في جنوب أفريقيا بدأت فعليا بعد إطلاق سراح مانديلا، وعلى السلطات التركية أن تطلق سراح أوجلان كي تنجح عملية السلام الحالية.
من جهة ثانية، قالت مصادر عسكرية تركية ان الطائرات التركية شنت، أمس الأول، غارات على أكثر من 50 موقعا للمقاتلين الأكراد في شمال العراق، من دون الإشارة إلى وقوع ضحايا.
المصدر :
محمد نور الدين\ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة