مع دخول الازمة السورية شهرها ال 22 شهدت منطقة الشرق الاوسط او ستشهد في اقل من شهر واحد سلسلة من المناورات العسكرية ثم جاء خطاب القاه الرئيس الاسد ، ضمنه من المواقف ما تكامل او تقاطع او قطع به الطريق على كثير من مناورات الاصدقاء و الخصوم او اللاعبين في المناطق الرمادية فكيف تفهم المناورات و كيف يفهم الخطاب في خضم ما يعصف في البيئة الدولية من رياح ؟

و نذكر بان ايران فرغت في الاسبوع الماضي من نتفيذ مناورة بحرية هي الاولى من نوعها من حيث طبيعة القوى و المساحة التي تحركت عليها و الاسلحة التي استعملت فيها. و في الاسابيع المقبلة ستنفذ روسيا مناورة وصفتها بانها "منقطعة النظير " من حيث حجم القوى و المساحة التي ستغطيها فضلا عن الاهداف المعلنة لها ، كما ان اسرائيل و حلفاؤها و بعد مناورات عدة ، اسرائيل و هي في غمرة التحضير للانتخابات المبكرة ، اعلنت انها بصدد التحضير لتنفيذ مناورة ضخمة تشارك فيها اكثر من دولة بما فيها تركيا ، حيث ستكون مناورة برية - جوية هدفها التحضير لمتغير "تعتقد بوقوعه" انطلاقا من الساحة السورية و يستوجب تدخلا لاستثمار ما قد يحصل لحفظ مصالح الغرب و اسرائيل في ضوء المستجد المرتقب .

في مواجهة هذا المشهد و الحراك العسكري في المنطقة و حولها يكون مبررا طرح تساؤلات من قبيل:

- هل ان المنطقة و العالم بصدد التحضير فعليا لمواجهة عسكرية تذكر بالحروب الكبرى ؟

- و هل ان العالم بالفعل بات يرى في الحرب مخرجا من ازماته ؟

- و ان لم تكن الحرب هي ما يحضر له فلماذا المناورات اذن و بهذا الحجم و تلك الطبيعة ؟

أ‌ ساسها ، و فيها نجد ان المناورات تنفذ من اجل :

1) اختبار القوى العسكرية في ادائها و جهوزيتها ، و هو اختبار يأتي عادة تكليلا لبرنامج تدريبي ، او تكون سنوية دورية من اجل المحافظة على لياقة القوى العسكرية و تنمية مؤهلاتها العملانية و افساح المجال لها من اجل التمرس على التعاون بين الاسلحة في الميدان و تنسيق القدرات و الجهود بما يؤمن فرص اعلى للنجاح في تنفيذ المهام العملانية او اللوجستية . اي تكون المناورات جزءا او الجزء الاخير و الاهم من العملية التدريبية الدورية او الظرفية التي تحتاجها الجيوش لحفظ جهوزيتها و رفع قدراتها العسكرية .

2) " الاظهار و عرض القوة" امام الخصم لاعلامه بمدى الجهوزية التي باتت القوى العسكرية عليها . و هو عرض ترمي به جهة معينة الى رفع سقف هيبتها و تراكم القوة الردعية لديها ، و هو امر يلجأ اليه سواء كانت المناورات من جل غايات دفاعية و عندها يؤمل منها ردع الخصم عن الهجوم ، او كانت ذات اهداف هجومية فيؤمل منها افهام الخصم بعدم جدوى المواجهة و الدفاع و دفعه للانصياع و الاستسلام امام الضغوط و الاملاءات التي توجه اليه .

3) جمع اوراق االقوة التي تلزم الدولة في عملية تفاوضية تنتظرها او تستعد لها ، او تدفع اليها اثر مرحلة من الصراع او للخروج من حالة عدم استقرار و تبدل في البيئة السياسية و الاستراتيجية التي تتحرك فيها .

ب‌. على ضوء هذه القواعد نفهم ما ذكر من مناورات و على الوجه التالي :

- اولاً بالنسبة لايران :

نعلم ان ايران لا زالت عرضة لتهديد مستمر من قبل اسرائيل خاصة و الغرب عامة عبر التلويح بعدوان عسكري عليها من اجل "وضع حد لنشاطلاتها النووية السلمية" و التي تعتبرها اميركا خروجا عن قواعد النظام العالمي الذي ارسي بعد الحرب الثانية و التي تحصر التقدم التقني و القوة العسكرية الفاعلة بيد مجموعة المنتصرين في الحرب الثانية . كما انا ايران تتعرض لتهديد استراتيجي جدي من خلال العدوان الغربي على سورية باعتبارها القطب الاوسط في محور المقاومة ، و هي ترى ان المس بسورية و بموقعها سيرتد حتما عليها خسارة استراتيجية بالغة ، و اخيرا نعلم ان ايران تعمل لايجاد مجموعة القوى الدولية الصاعدة المستقلة بعيدا عن الارتهان للقوى العظمى التي احتكرت النفوذ و تتقاسم المغانم على المسرح الدولي ، و ان ايران ترى ان ما لديها من امكانات و طاقات و قدرات يمكنها من المنافسة لتكون قوة ندية للقوى الدولية الكبرى .

و بالتالي و في قراءة للمناورات الايرانية نجد ان ايران تخطت و للمرة الاولى المألوف من سلوكها العسكري التدريبي على صعيد المناوات في وجوه عدة : فمن حيث المكان ، غطت مناوراتها كامل الشواطئ الايرانية و في العمق تخطت المنطقة الاقتصادية الخالصة و وصلت الى البحر العام او ما يسمى اعالي البحار ، و من حيث الاسلحة ادخلت صاروخين فاعلين للعمل ضد الاهداف البحرية يطلقان من اليابسة او سطح الماء ( "قادر" : مداه 200كلم ، و "نور" : مداه 120 كلم ) اضافة الى ارتقاء عام في المجال الالكتروني و الحرب الالكترونية ( وهنا تبرز اهمية الاعلان عن السيطرة على الطائرات الاميركية دون طيار و انزالها الى الارض سالمة للاستعمال ). و اخيرا يكون الوقوف عند توقيت المناورات حيث انها جاءت في ظل نجاح الجيش العربي السوري في تحقيق انجازات ميدانية هامة الزمت الجماعات المسلحة و القوى الارهابية على التراجع و السقوط في خط انحداري واضح . كل ذلك يؤشر الى ان المناورات الايرانية كانت من اجل:

1) توجيه رسالة ميدانية الى كل من يهدد ايران ، تفهمه بانها تملك من القدرات ما يمكنها من خوض حرب دفاعية ناجحة و ان ايران مطمئنة لذلك و بالتالي يكون من مصلحة المهاجم ان لا يتورط في عمل خاسر .

2) ارسال اشارة واضحة لمن يعنيه الامر بان ايران تملك القدرة على التدخل باكثر من صيغة عسكرية لحماية تحالفاتها الاستراتيجية وانها لن تفرط قيد انملة بما هو قائم لديها من تحلفات و في طليعتها الحلف الاستراتيجي مع سورية . وهنا تكون الرسالة للمعنيين بان اي تفاوض دولي للخروج من الازمة السورية لن يكون على حساب الشعب السوري و نظامه القائم و لن يكون من غير حضور ايراني فاعل ، و هنا نفهم كيف ان الابراهيمي التقط الرسالة و طرح مباشرة مع انتهاء المناورات " ضم ايران الى مجموعة الخمسة" التي التقت في جنيف للبحث في الازمة السورية .

3) الدخول الى نادي القوى الدولية. حيث ان دخول البحرية الايرانية الى اعالي البحار مع ما رافقه من اعلان عن استعدادت لتوسيع الانتشار البحري الى ابعد من ذلك هو امر ذو دلالة قاطعة على قرار ايراني بصعود ايران على المسرح الدولي من موقع الدولة الاقليمية الفاعلة ، و الدخول في نادي الدول الكبرى ذات الامتدادات و التأثير العالمي . و من المعلوم هنا ان اقتحام اعالي البحار انما هوطرق لباب هذا النادي الذي لا نرى في داخله اكثر من 8 دول عل مساحة المعمورة ,

- ثانيا بالنسبة لروسيا ، و لمناوراتها التي ستشترك فيها اربعة اساطيل ، و تغطي اربعة بحار ، فاننا نلاحظ ان الاعلان الروسي عنها جاء مترافقا مع عبارة غير مسبوقة في وصف المناورات و هي القول " ب " منقطعة النظير " للدلالة على اهمية هذه المناورات ثم كان الاعلان عن حجم القوى و مسارها للدلالة على الاهداف المتواخاة منها .

و اذا عدنا للمبادئ التي تحكم فهم المناورات و خلفيتها ، فاننا نجد ان روسيا ليست موضع تهديد عسكري اجنبي جدي من احد حتى تقوم بمناورة دفاعية ، ثم انها ليست بصدد التحضير لهجوم ما حتى نقول بان مناورتها هجومية فروسيا ليست في واقعها القائم ذات استراتيجية توسعية او هجومية كما هو حال الحلف الاطلسي

لكن و في المقابل نجد ان روسيا و منذ ايلول 2011 ، عادت الى الحلبة الدولية من البوابة السورية كلاعب اساسي وخلال اكثر من عام مارست دورها حتى باتت موسكو مركزا اساسيا لحركة السياسات الدولية ، خاصة في اخطر مسألة اليوم : الازمة السورية التي بات لروسيا فيها دور هام و موقف يقوم على رفض التدخل العسكري الاجنبي و رفض تسليح الجماعات الارهابية التي احترفت اعمال القتل و التدمير و انتهاكات الحرمات و االمقدسات و اجراء الحوار لحل سلمي .

و لهذا ترى روسيا ان مواقفها من الازمة السورية بحاجة الى قوة تحصنها خاصة و ان مواكبتها لحركة المواجهات القتالية على الارض السورية و لمواقف الاطرف بشكل عام جعلتها على يقين بان الارهاب لن ينتصر و بان المخرج من الازمة السورية لن يكون الا سلميا و بقناعة الجميع (بات ينادي به حتى من سلح الارهاب و موله و احتضنه امثال تركيا و السعودية و قطر ). ، لكل ذلك تقوم روسيا بهذه المناورات من اجل :

1) تحصين موقعها الدولي المستعاد و صيانته بعد ان تعطل لعقدين من الزمن ، و ها هو يعود اليها و تعود اليه و هو بحاجة الى الهيبة العسكري التي تحميه ، و ليس كمثل المناورات " المنقطعة النظير " طريقاً لتثبيت هذا الموقع و حمايته .

2) تحشيد اوراق القوة قبل الدخول في التفاوض الجاد للخروج من الازمة السورية التي باتت في مراحلها الميدانية الاخيرة بعد ان قهر الجيش العربي السوري جماعات الارهاب ، و فتح الطريق لمن يواكب الشأن للدخول في حوار او تفاوض جدي لحل سلمي مقبول.

و على هذا نجد ان ان مناورات ايران و روسيا تتقاطع عند امرين يجعلانهما في تماثل و تجانس : الاول له علاقة بالموقع على الخريطة الجيوستراتيجية في نظام عالمي قيد التشكل ، و الثاني له علاقة بالازمة السورية و يتضمن القول بان "حليفتنا سورية انتصرت و ان انتصارها بحاجة الى حماية على طاولة التفاوض وان المنازرات جزء من هذه الحماية " و في هذه النقطة بالذات تتقاطع المناورات في دلالاتها مع خطاب الرئيس الاسد الخطاب الذي رأيناه بمثابة اعلان النصر الاتي يقيناً .

اما القول او التكهن بان المناورات هي نذر حرب او مواجهة عسكرية دولية او اي شيء من هذا القبيل .. فاننا لا نرى له محلا في هذا المجال و بالتالي لا نرى في الافق حرباً اقليمية و لا حربا عالمية و لا استعدادات لها بل فقط صيانة لمواقع دولية مستجدة و تحضير لتكريس انتصار سورية و محورها و تحلفاتها انتصار ادى الى رسم معالم المخرج الحقيقي من الازمة السورية وفقا لما حدده الرئيس الاسد بالثوابت الثلاث :

-القرار في سورية لشعبها و سيادته لا تمس و هو يقرر نظامه و يختار حكامه .

- سورية ثابتة في موقعها الاستراتيجي و هي الركن في محور المقاومة ومتمسكة بالحقوق الوطنية و القومية .

- لا تسليم و لا تهاون امام اي عدوان و ارهاب بل حرب لا هوادة فيها ، و لا دور للخارج الا في المساعدة في هذه الحرب لتقصير امدها .

 

  • فريق ماسة
  • 2013-01-10
  • 9723
  • من الأرشيف

من المناورات الايرانية والروسية الى خطاب الرئيس الاسد: ما هي الاهداف

مع دخول الازمة السورية شهرها ال 22 شهدت منطقة الشرق الاوسط او ستشهد في اقل من شهر واحد سلسلة من المناورات العسكرية ثم جاء خطاب القاه الرئيس الاسد ، ضمنه من المواقف ما تكامل او تقاطع او قطع به الطريق على كثير من مناورات الاصدقاء و الخصوم او اللاعبين في المناطق الرمادية فكيف تفهم المناورات و كيف يفهم الخطاب في خضم ما يعصف في البيئة الدولية من رياح ؟ و نذكر بان ايران فرغت في الاسبوع الماضي من نتفيذ مناورة بحرية هي الاولى من نوعها من حيث طبيعة القوى و المساحة التي تحركت عليها و الاسلحة التي استعملت فيها. و في الاسابيع المقبلة ستنفذ روسيا مناورة وصفتها بانها "منقطعة النظير " من حيث حجم القوى و المساحة التي ستغطيها فضلا عن الاهداف المعلنة لها ، كما ان اسرائيل و حلفاؤها و بعد مناورات عدة ، اسرائيل و هي في غمرة التحضير للانتخابات المبكرة ، اعلنت انها بصدد التحضير لتنفيذ مناورة ضخمة تشارك فيها اكثر من دولة بما فيها تركيا ، حيث ستكون مناورة برية - جوية هدفها التحضير لمتغير "تعتقد بوقوعه" انطلاقا من الساحة السورية و يستوجب تدخلا لاستثمار ما قد يحصل لحفظ مصالح الغرب و اسرائيل في ضوء المستجد المرتقب . في مواجهة هذا المشهد و الحراك العسكري في المنطقة و حولها يكون مبررا طرح تساؤلات من قبيل: - هل ان المنطقة و العالم بصدد التحضير فعليا لمواجهة عسكرية تذكر بالحروب الكبرى ؟ - و هل ان العالم بالفعل بات يرى في الحرب مخرجا من ازماته ؟ - و ان لم تكن الحرب هي ما يحضر له فلماذا المناورات اذن و بهذا الحجم و تلك الطبيعة ؟ أ‌ ساسها ، و فيها نجد ان المناورات تنفذ من اجل : 1) اختبار القوى العسكرية في ادائها و جهوزيتها ، و هو اختبار يأتي عادة تكليلا لبرنامج تدريبي ، او تكون سنوية دورية من اجل المحافظة على لياقة القوى العسكرية و تنمية مؤهلاتها العملانية و افساح المجال لها من اجل التمرس على التعاون بين الاسلحة في الميدان و تنسيق القدرات و الجهود بما يؤمن فرص اعلى للنجاح في تنفيذ المهام العملانية او اللوجستية . اي تكون المناورات جزءا او الجزء الاخير و الاهم من العملية التدريبية الدورية او الظرفية التي تحتاجها الجيوش لحفظ جهوزيتها و رفع قدراتها العسكرية . 2) " الاظهار و عرض القوة" امام الخصم لاعلامه بمدى الجهوزية التي باتت القوى العسكرية عليها . و هو عرض ترمي به جهة معينة الى رفع سقف هيبتها و تراكم القوة الردعية لديها ، و هو امر يلجأ اليه سواء كانت المناورات من جل غايات دفاعية و عندها يؤمل منها ردع الخصم عن الهجوم ، او كانت ذات اهداف هجومية فيؤمل منها افهام الخصم بعدم جدوى المواجهة و الدفاع و دفعه للانصياع و الاستسلام امام الضغوط و الاملاءات التي توجه اليه . 3) جمع اوراق االقوة التي تلزم الدولة في عملية تفاوضية تنتظرها او تستعد لها ، او تدفع اليها اثر مرحلة من الصراع او للخروج من حالة عدم استقرار و تبدل في البيئة السياسية و الاستراتيجية التي تتحرك فيها . ب‌. على ضوء هذه القواعد نفهم ما ذكر من مناورات و على الوجه التالي : - اولاً بالنسبة لايران : نعلم ان ايران لا زالت عرضة لتهديد مستمر من قبل اسرائيل خاصة و الغرب عامة عبر التلويح بعدوان عسكري عليها من اجل "وضع حد لنشاطلاتها النووية السلمية" و التي تعتبرها اميركا خروجا عن قواعد النظام العالمي الذي ارسي بعد الحرب الثانية و التي تحصر التقدم التقني و القوة العسكرية الفاعلة بيد مجموعة المنتصرين في الحرب الثانية . كما انا ايران تتعرض لتهديد استراتيجي جدي من خلال العدوان الغربي على سورية باعتبارها القطب الاوسط في محور المقاومة ، و هي ترى ان المس بسورية و بموقعها سيرتد حتما عليها خسارة استراتيجية بالغة ، و اخيرا نعلم ان ايران تعمل لايجاد مجموعة القوى الدولية الصاعدة المستقلة بعيدا عن الارتهان للقوى العظمى التي احتكرت النفوذ و تتقاسم المغانم على المسرح الدولي ، و ان ايران ترى ان ما لديها من امكانات و طاقات و قدرات يمكنها من المنافسة لتكون قوة ندية للقوى الدولية الكبرى . و بالتالي و في قراءة للمناورات الايرانية نجد ان ايران تخطت و للمرة الاولى المألوف من سلوكها العسكري التدريبي على صعيد المناوات في وجوه عدة : فمن حيث المكان ، غطت مناوراتها كامل الشواطئ الايرانية و في العمق تخطت المنطقة الاقتصادية الخالصة و وصلت الى البحر العام او ما يسمى اعالي البحار ، و من حيث الاسلحة ادخلت صاروخين فاعلين للعمل ضد الاهداف البحرية يطلقان من اليابسة او سطح الماء ( "قادر" : مداه 200كلم ، و "نور" : مداه 120 كلم ) اضافة الى ارتقاء عام في المجال الالكتروني و الحرب الالكترونية ( وهنا تبرز اهمية الاعلان عن السيطرة على الطائرات الاميركية دون طيار و انزالها الى الارض سالمة للاستعمال ). و اخيرا يكون الوقوف عند توقيت المناورات حيث انها جاءت في ظل نجاح الجيش العربي السوري في تحقيق انجازات ميدانية هامة الزمت الجماعات المسلحة و القوى الارهابية على التراجع و السقوط في خط انحداري واضح . كل ذلك يؤشر الى ان المناورات الايرانية كانت من اجل: 1) توجيه رسالة ميدانية الى كل من يهدد ايران ، تفهمه بانها تملك من القدرات ما يمكنها من خوض حرب دفاعية ناجحة و ان ايران مطمئنة لذلك و بالتالي يكون من مصلحة المهاجم ان لا يتورط في عمل خاسر . 2) ارسال اشارة واضحة لمن يعنيه الامر بان ايران تملك القدرة على التدخل باكثر من صيغة عسكرية لحماية تحالفاتها الاستراتيجية وانها لن تفرط قيد انملة بما هو قائم لديها من تحلفات و في طليعتها الحلف الاستراتيجي مع سورية . وهنا تكون الرسالة للمعنيين بان اي تفاوض دولي للخروج من الازمة السورية لن يكون على حساب الشعب السوري و نظامه القائم و لن يكون من غير حضور ايراني فاعل ، و هنا نفهم كيف ان الابراهيمي التقط الرسالة و طرح مباشرة مع انتهاء المناورات " ضم ايران الى مجموعة الخمسة" التي التقت في جنيف للبحث في الازمة السورية . 3) الدخول الى نادي القوى الدولية. حيث ان دخول البحرية الايرانية الى اعالي البحار مع ما رافقه من اعلان عن استعدادت لتوسيع الانتشار البحري الى ابعد من ذلك هو امر ذو دلالة قاطعة على قرار ايراني بصعود ايران على المسرح الدولي من موقع الدولة الاقليمية الفاعلة ، و الدخول في نادي الدول الكبرى ذات الامتدادات و التأثير العالمي . و من المعلوم هنا ان اقتحام اعالي البحار انما هوطرق لباب هذا النادي الذي لا نرى في داخله اكثر من 8 دول عل مساحة المعمورة , - ثانيا بالنسبة لروسيا ، و لمناوراتها التي ستشترك فيها اربعة اساطيل ، و تغطي اربعة بحار ، فاننا نلاحظ ان الاعلان الروسي عنها جاء مترافقا مع عبارة غير مسبوقة في وصف المناورات و هي القول " ب " منقطعة النظير " للدلالة على اهمية هذه المناورات ثم كان الاعلان عن حجم القوى و مسارها للدلالة على الاهداف المتواخاة منها . و اذا عدنا للمبادئ التي تحكم فهم المناورات و خلفيتها ، فاننا نجد ان روسيا ليست موضع تهديد عسكري اجنبي جدي من احد حتى تقوم بمناورة دفاعية ، ثم انها ليست بصدد التحضير لهجوم ما حتى نقول بان مناورتها هجومية فروسيا ليست في واقعها القائم ذات استراتيجية توسعية او هجومية كما هو حال الحلف الاطلسي لكن و في المقابل نجد ان روسيا و منذ ايلول 2011 ، عادت الى الحلبة الدولية من البوابة السورية كلاعب اساسي وخلال اكثر من عام مارست دورها حتى باتت موسكو مركزا اساسيا لحركة السياسات الدولية ، خاصة في اخطر مسألة اليوم : الازمة السورية التي بات لروسيا فيها دور هام و موقف يقوم على رفض التدخل العسكري الاجنبي و رفض تسليح الجماعات الارهابية التي احترفت اعمال القتل و التدمير و انتهاكات الحرمات و االمقدسات و اجراء الحوار لحل سلمي . و لهذا ترى روسيا ان مواقفها من الازمة السورية بحاجة الى قوة تحصنها خاصة و ان مواكبتها لحركة المواجهات القتالية على الارض السورية و لمواقف الاطرف بشكل عام جعلتها على يقين بان الارهاب لن ينتصر و بان المخرج من الازمة السورية لن يكون الا سلميا و بقناعة الجميع (بات ينادي به حتى من سلح الارهاب و موله و احتضنه امثال تركيا و السعودية و قطر ). ، لكل ذلك تقوم روسيا بهذه المناورات من اجل : 1) تحصين موقعها الدولي المستعاد و صيانته بعد ان تعطل لعقدين من الزمن ، و ها هو يعود اليها و تعود اليه و هو بحاجة الى الهيبة العسكري التي تحميه ، و ليس كمثل المناورات " المنقطعة النظير " طريقاً لتثبيت هذا الموقع و حمايته . 2) تحشيد اوراق القوة قبل الدخول في التفاوض الجاد للخروج من الازمة السورية التي باتت في مراحلها الميدانية الاخيرة بعد ان قهر الجيش العربي السوري جماعات الارهاب ، و فتح الطريق لمن يواكب الشأن للدخول في حوار او تفاوض جدي لحل سلمي مقبول. و على هذا نجد ان ان مناورات ايران و روسيا تتقاطع عند امرين يجعلانهما في تماثل و تجانس : الاول له علاقة بالموقع على الخريطة الجيوستراتيجية في نظام عالمي قيد التشكل ، و الثاني له علاقة بالازمة السورية و يتضمن القول بان "حليفتنا سورية انتصرت و ان انتصارها بحاجة الى حماية على طاولة التفاوض وان المنازرات جزء من هذه الحماية " و في هذه النقطة بالذات تتقاطع المناورات في دلالاتها مع خطاب الرئيس الاسد الخطاب الذي رأيناه بمثابة اعلان النصر الاتي يقيناً . اما القول او التكهن بان المناورات هي نذر حرب او مواجهة عسكرية دولية او اي شيء من هذا القبيل .. فاننا لا نرى له محلا في هذا المجال و بالتالي لا نرى في الافق حرباً اقليمية و لا حربا عالمية و لا استعدادات لها بل فقط صيانة لمواقع دولية مستجدة و تحضير لتكريس انتصار سورية و محورها و تحلفاتها انتصار ادى الى رسم معالم المخرج الحقيقي من الازمة السورية وفقا لما حدده الرئيس الاسد بالثوابت الثلاث : -القرار في سورية لشعبها و سيادته لا تمس و هو يقرر نظامه و يختار حكامه . - سورية ثابتة في موقعها الاستراتيجي و هي الركن في محور المقاومة ومتمسكة بالحقوق الوطنية و القومية . - لا تسليم و لا تهاون امام اي عدوان و ارهاب بل حرب لا هوادة فيها ، و لا دور للخارج الا في المساعدة في هذه الحرب لتقصير امدها .  

المصدر : د .أمين حطيط -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة