تكثفت في الآونة الأخيرة الانتقادات الموجهة لشبكة الجزيرة الفضائية القطرية بعد ان بات مؤكدا أن رسالتها الاعلامية جزء أساسي من السياسة الخارجية القطرية، في وقت تتعمد فيه ابراز ملفات وإخفاء أخرى تبعا لأجندة الدوحة.

وكان للجزيرة موقع الصدارة في تغطية "يوم الغضب" في القاهرة قبل حوالي سنتين، والذي أعطى أول اشارة تهديد لحكم الرئيس حسني مبارك.

وبينما كانت مؤسسات اعلامية غربية كثيرة تهرول لتكثيف تغطياتها للانتفاضة المصرية الناشئة، كانت الجزيرة تعد تقارير عن احتجاجات استثنائية أدت إلى إحراق مقار للحزب الحاكم ونزول الجيش الى الشارع.

لكن، ومن خلال رصدها للاضطرابات العربية، فقد مهدت أحداث مصر للقناة التي تأسست قبل 16 عاما ان تدخل في خضم مسيرة مهنية أكثر تعقيدا، مع سعيها لتوسيع تأثيرها الدولي عبر الدخول في سوق البث التلفزيوني الأميركي.

وفي حين تحتفل الجزيرة بشراء شبكة كورنت التلفزيونية المملوكة لنائب الرئيس الأميركي السابق آل غور في صفقة تمت الاسبوع الماضي، تواجه القناة القطرية أسئلة صعبة حول تغطيتها، وفيما إذا كانت مستقلة عن حكام قطر حسبما تزعم. ويتم تمويل القناة جزئيا من قبل الحكومة القطرية، التي أصبح لها دور سياسي متعاظم في اضطرابات المنطقة أدى الى مزيد من تسليط الضوء على تغطيات الجزيرة.

وعن ذلك، قالت جين كيننمونت، وهي باحثة في قسم الشرق الأوسط بمعهد تشاتام هاوس اللندني ان "امتداد الجزيرة وصدقيتها تعززا في الغرب"، مضيفة لصحيفة الفايننشال تايمز الصادرة الجمعة "لكنها بالتأكيد تتعرض لانتقادات أكبر في العالم العربي أو على الأقل يُنظر إليها بأنها أكثر تسييسا".

 

ووصفت القناة، التي اشتهرت بتقاريرها الجريئة واحيانا السباقة في منطقة تشهد قمعا سياسيا، صفقتها مع تلفزيون كورنت بأنها "تطور تاريخي" في سوق مرغوبة منذ زمن طويل. وتخطط القناة، التي لديها ذراع اعلامية باللغة الانكليزية ومشاهدون يتابعونها في أكثر من 260 مليون منزل ضمن 130 بلدا، لإطلاق قناة اخبارية مقرها الولايات المتحدة تخدم 40 مليون أسرة أميركية.

لكن في الوقت الذي أتاحت فيه الثورات في العالم العربي التي أسقطت أنظمة حاكمة من تونس الى اليمن فرصة ثمينة أمام الجزيرة لتوسيع قاعدتها الجماهيرية، طرحت أسئلة حول مدى الادراك الشعبي لهذه الثورات.

وفي حين تتمتع القناة الانكليزية بهامش واسع للمناورة الاعلامية، يقول بعض المحللين ان أولويات السياسة الخارجية القطرية –بما فيها الدعم المقدم للمعارضين المسلحين في ليبيا وسوريا- تنعس على الخط التحريري لتغطيات الجزيرة، لاسيما في القناة العربية.

ويقول منتقدون ان الحركات الاسلامية التي سعت قطر الى بناء علاقات جيدة معها، قوبلت من طرف الجزيرة بتعاطف مفرط أدى إلى تبني القناة وجهة نظر تقول مثلا بأن معارضي الرئيس المصري القادم من جماعة الإخوان المسلمين ليسوا الا "عملاء لقوى أجنبية".

من جانب آخر، يقول مراقبون ان الجزيرة تتوخى الحذر في تغطيتها للأحداث الحساسة في قطر، مثل الحريق الذي أتى على حضانة للأطفال في الدوحة وأدى إلى مقتل 19 بينهم 13 طفلا، وذلك على الرغم من أن القناة نفت تباطؤها في تغطية هذه المأساة.

يقول مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن (قطر) متحدثا للفايننشال تايمز "تعتبَر الجزيرة قناة مستقلة بصفة عامة، لكنها تعمل في إطار من القيود السياسية كما تراها حكومة قطر".

وترفض الجزيرة اية اتهامات بأنها منحازة اعلاميا، بما في ذلك تجاه دول المنطقة المتحالفة مع قطر. ولا تخفي القناة القطرية بأنها بعيدا عن اتباعها للأجندة الرسمية، فإنها في الغالب هي من يضعها، إذ تقول "قمنا بتغطية أحداث سوريا، على سبيل المثال، مبكرا بمدة طويلة قبل أن تبدأ أي حكومة أخرى بإيلاء هذه الاحداث اهتماما واضحا".

وتقول ايضا –بينما تتلقى "حصة جيدة" من تمويلها من قبل دولة قطر- انها مؤسسة خاصة غير هادفة للربح ولديها مصادر دخل اخرى مثل الاعلانات. ومع ان مديرها العام الشيخ احمد بن جاسم آل ثاني هو عضو في الأسرة الحاكمة بقطر، الا ان الجزيرة تزعم بأن "لا علاقة واضحة" تربطه بأمير البلاد وهو ليس إلا "جزءا من الإدارة المهنية التي تقود الجزيرة الى النجاح بصرف النظر عن الجنسيات والأسماء".

وربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه الجزيرة حاليا ويتعذر التنبؤ به ينبع من المشهد السياسي في قطر نفسها، الذي يبدو على نحو متزايد مخالفا للصورة التي تحاول القناة رسمها لنفسها باعتبارها "منبرا اعلاميا لا يعرف الخوف ومكرسا لقول الحقيقة القادمة من الشارع العربي".

وحكم القضاء القطري في تشرين الثاني الماضي بالسجن المؤبد على شاعر بسبب "إهانته الأمير" في قصيدة انتشرت على نطاق واسع حول الربيع العربي وانتقدت "الطبقة الحاكمة القمعية".

لكن القناة القطرية تحاول التملص من فكرة ان سمعتها ربما تكون مهددة مع تشدد الحكومة القطرية تجاه معارضيها في الداخل.

تقول الجزيرة "لا نعطي تعليمات لصحافيينا بتغطية أو عدم تغطية اي حدث بناء على ضغوط من خارج إدارة القناة".

 

  • فريق ماسة
  • 2013-01-05
  • 6160
  • من الأرشيف

الجزيرة أدرى بشعاب قطر لكنها صامتة ومشاكله مسكوت عنها .. ولا تخفي بأنها {تساهم في صناعة الحدث عربيا}

تكثفت في الآونة الأخيرة الانتقادات الموجهة لشبكة الجزيرة الفضائية القطرية بعد ان بات مؤكدا أن رسالتها الاعلامية جزء أساسي من السياسة الخارجية القطرية، في وقت تتعمد فيه ابراز ملفات وإخفاء أخرى تبعا لأجندة الدوحة. وكان للجزيرة موقع الصدارة في تغطية "يوم الغضب" في القاهرة قبل حوالي سنتين، والذي أعطى أول اشارة تهديد لحكم الرئيس حسني مبارك. وبينما كانت مؤسسات اعلامية غربية كثيرة تهرول لتكثيف تغطياتها للانتفاضة المصرية الناشئة، كانت الجزيرة تعد تقارير عن احتجاجات استثنائية أدت إلى إحراق مقار للحزب الحاكم ونزول الجيش الى الشارع. لكن، ومن خلال رصدها للاضطرابات العربية، فقد مهدت أحداث مصر للقناة التي تأسست قبل 16 عاما ان تدخل في خضم مسيرة مهنية أكثر تعقيدا، مع سعيها لتوسيع تأثيرها الدولي عبر الدخول في سوق البث التلفزيوني الأميركي. وفي حين تحتفل الجزيرة بشراء شبكة كورنت التلفزيونية المملوكة لنائب الرئيس الأميركي السابق آل غور في صفقة تمت الاسبوع الماضي، تواجه القناة القطرية أسئلة صعبة حول تغطيتها، وفيما إذا كانت مستقلة عن حكام قطر حسبما تزعم. ويتم تمويل القناة جزئيا من قبل الحكومة القطرية، التي أصبح لها دور سياسي متعاظم في اضطرابات المنطقة أدى الى مزيد من تسليط الضوء على تغطيات الجزيرة. وعن ذلك، قالت جين كيننمونت، وهي باحثة في قسم الشرق الأوسط بمعهد تشاتام هاوس اللندني ان "امتداد الجزيرة وصدقيتها تعززا في الغرب"، مضيفة لصحيفة الفايننشال تايمز الصادرة الجمعة "لكنها بالتأكيد تتعرض لانتقادات أكبر في العالم العربي أو على الأقل يُنظر إليها بأنها أكثر تسييسا".   ووصفت القناة، التي اشتهرت بتقاريرها الجريئة واحيانا السباقة في منطقة تشهد قمعا سياسيا، صفقتها مع تلفزيون كورنت بأنها "تطور تاريخي" في سوق مرغوبة منذ زمن طويل. وتخطط القناة، التي لديها ذراع اعلامية باللغة الانكليزية ومشاهدون يتابعونها في أكثر من 260 مليون منزل ضمن 130 بلدا، لإطلاق قناة اخبارية مقرها الولايات المتحدة تخدم 40 مليون أسرة أميركية. لكن في الوقت الذي أتاحت فيه الثورات في العالم العربي التي أسقطت أنظمة حاكمة من تونس الى اليمن فرصة ثمينة أمام الجزيرة لتوسيع قاعدتها الجماهيرية، طرحت أسئلة حول مدى الادراك الشعبي لهذه الثورات. وفي حين تتمتع القناة الانكليزية بهامش واسع للمناورة الاعلامية، يقول بعض المحللين ان أولويات السياسة الخارجية القطرية –بما فيها الدعم المقدم للمعارضين المسلحين في ليبيا وسوريا- تنعس على الخط التحريري لتغطيات الجزيرة، لاسيما في القناة العربية. ويقول منتقدون ان الحركات الاسلامية التي سعت قطر الى بناء علاقات جيدة معها، قوبلت من طرف الجزيرة بتعاطف مفرط أدى إلى تبني القناة وجهة نظر تقول مثلا بأن معارضي الرئيس المصري القادم من جماعة الإخوان المسلمين ليسوا الا "عملاء لقوى أجنبية". من جانب آخر، يقول مراقبون ان الجزيرة تتوخى الحذر في تغطيتها للأحداث الحساسة في قطر، مثل الحريق الذي أتى على حضانة للأطفال في الدوحة وأدى إلى مقتل 19 بينهم 13 طفلا، وذلك على الرغم من أن القناة نفت تباطؤها في تغطية هذه المأساة. يقول مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن (قطر) متحدثا للفايننشال تايمز "تعتبَر الجزيرة قناة مستقلة بصفة عامة، لكنها تعمل في إطار من القيود السياسية كما تراها حكومة قطر". وترفض الجزيرة اية اتهامات بأنها منحازة اعلاميا، بما في ذلك تجاه دول المنطقة المتحالفة مع قطر. ولا تخفي القناة القطرية بأنها بعيدا عن اتباعها للأجندة الرسمية، فإنها في الغالب هي من يضعها، إذ تقول "قمنا بتغطية أحداث سوريا، على سبيل المثال، مبكرا بمدة طويلة قبل أن تبدأ أي حكومة أخرى بإيلاء هذه الاحداث اهتماما واضحا". وتقول ايضا –بينما تتلقى "حصة جيدة" من تمويلها من قبل دولة قطر- انها مؤسسة خاصة غير هادفة للربح ولديها مصادر دخل اخرى مثل الاعلانات. ومع ان مديرها العام الشيخ احمد بن جاسم آل ثاني هو عضو في الأسرة الحاكمة بقطر، الا ان الجزيرة تزعم بأن "لا علاقة واضحة" تربطه بأمير البلاد وهو ليس إلا "جزءا من الإدارة المهنية التي تقود الجزيرة الى النجاح بصرف النظر عن الجنسيات والأسماء". وربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه الجزيرة حاليا ويتعذر التنبؤ به ينبع من المشهد السياسي في قطر نفسها، الذي يبدو على نحو متزايد مخالفا للصورة التي تحاول القناة رسمها لنفسها باعتبارها "منبرا اعلاميا لا يعرف الخوف ومكرسا لقول الحقيقة القادمة من الشارع العربي". وحكم القضاء القطري في تشرين الثاني الماضي بالسجن المؤبد على شاعر بسبب "إهانته الأمير" في قصيدة انتشرت على نطاق واسع حول الربيع العربي وانتقدت "الطبقة الحاكمة القمعية". لكن القناة القطرية تحاول التملص من فكرة ان سمعتها ربما تكون مهددة مع تشدد الحكومة القطرية تجاه معارضيها في الداخل. تقول الجزيرة "لا نعطي تعليمات لصحافيينا بتغطية أو عدم تغطية اي حدث بناء على ضغوط من خارج إدارة القناة".  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة