دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ثمة أسئلة كثيرة تُطرح عن السر الذي يجمع بين دول سلالية يتناقل الحكم فيه بالوراثة؛ من الأب إلى ابنه، أو من الأخ إلى أخيه، وبين الدول الديمقراطية العريقة.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، ما الذي يجمع بين المشيخة السلالية في قطر، ومدينة "العطر والنور والجبنة" باريس،
أو مدينة الضباب لندن، وبين وول ستريت ونيويورك؟ ما الذي يجمع ويحدد نقاط اللقاء بين كل هذه المتناقضات في العداء لأي دول وطنية في العالم العربي، ولأي مشروع قومي نهضوي، ولأي قيامة إسلامية تنويرية حقيقية..؟ وما سر العداء لسورية الذي يوحّد بين المملكة الوهابية والحكومة التركية الأردوغانية، وفرنسا فرنسوا هولاند، وسلفه نيكولا ساركوزي، وحتى الإيطالي السيئ الذكر برلسوكوني، وعلى رأس كل هؤلاء يحضر سيد البيت الأبيض باراك حسين أوباما، وتوابعه في الشرق والغرب؟
ربما ضروري أن نضيف هنا ملاحظة لم ينتبه إليها أحد، مع أنها هامة جداً، وهي أن الرئيس المصري محمد مرسي في خطابه الأخير الذي حدد فيه موعد الاستفتاء على الدستور، أعلن أن "البنائين المصريين العظماء سيعيدون بناء مصر".. قلة قليلة وضعت ثلاثة خطوط حمراء تحت هذه الجملة، التي بدت وكأنها كلمة السر للاستمرار في المعركة حتى الرمق الأخير، لأن الدين بأيدي "الإخوان"، والدنيا بأيديهم، أي إن الصراع لن يكون من أجل مصر، بل من أجل الاستئثار ووضع اليد على مصر.
ولتتضح الصورة أكثر فأكثر، يجب معرفة سبب الإتيان بمعاذ الخطيب؛ حفيد الشيخ تاج الدين الحسني؛ رجل الاستعمار الفرنسي، الذي ما جعله الوطنيون السوريون يهنأ بمنصب رئاسة الدولة السورية الذي نصبه فيه المندوب السامي، فلقي مصيره الأسود، وكان عبرة لكل من يخون وطنه، ولأن العرق دسّاس، وقع الخيار على معاذ الخطيب ربيب شركة شل الهولندية - الأميركية، وإن كان قد تجلبب مرة بلباس الداعية وخطيب المسجد الأموي، لكنه في الحصيلة الأميركية التي عملت عليها المصابة بارتجاج في الدماغ هيلاري كلينتون، حل مكان برهان غليون وصديقته في لقاء "بيلد - برغ" بسمة القضماني، ومن ثم ذاك المحافظ الجديد جورج صبرا، الذين شكلوا كلهم فرادى ومجتمعين الستار لصديق وأخ محمد مرسي؛ رياض الشقفة، وفاروق طيفور؛ القائد الحقيقي للتمرد المسلح في سورية.
عودة على بدء: ما الذي يجمع كل هذه المتناقضات؟
يؤكد دبلوماسي فرنسي سابق في هذا المجال، أن من يسيطر على الغرب في هذه الأزمنة هم أصحاب الصفقات، ففي فرنسا مثلاً يُعتبر الرئيس فرنسوا ميتران آخر الرؤساء المحترمين، ومن جاء بعده، أي شيراك وساركوزي وهولاند، هم نتائج ترويكا خفية، كما هو الحال في أكثر من مكان من الغرب؛ ترويكا متداخلة تتكون من الصهاينة والماسونيين ومثليي الجنس.
هي ثلاثية متداخلة ومتشابكة تسيطر على الإدارة والسياسة والإعلام، ويعطي أمثلة على حكومة هولاند الأولى فيقول: وزير الداخلية مانويل فالز؛ عضو محفل الشرق الكبير الماسوني، وهو حاز على الجنسية الفرنسية عام 1982.
وزير الاقتصاد بيار موسكو فيتشي: يهودي من أعضاء الكارتيلات المالية.
وزير العمل ميشال سابين: ماسوني مشهور، ومن أهم النشطاء لصالح "إسرائيل".
وزير التربية فنسان بييون: مصرفي يهودي وصهيوني وماسوني.. وزير الدفاع جان ايف لودريان: صهيوني وماسوني شهير.. وزير الخارجية لوران فابيوس: يهودي يشارك في احتفالات الماسونية.. وتطول اللائحة التي يعددها هذا الدبلوماسي، لينطلق منها إلى دول أخرى يعدد فيها المسؤولين الذين يسيطرون على بلدانهم وهم من أصول يهودية أو ماسونيون أو مثليون، وهؤلاء كلهم يمدون أذرعهم الأخطبوطية إلى كل مكان لتحقيق أحلامهم التي تكسرت على أبواب دمشق، لكنهم لن يستسلموا بسهولة، ولهذا كانت الأوامر لعرب الخليج الأغنياء بالانخراط في لعبة الدم في سورية، حيث كان الكاتب البريطاني اليستر كروك قد كشف قبل عدة أشهر في صحيفة الغارديان أن "تغيير النظام في سورية يُعدّ جائزة استراتيجية تفوق ليبيا، وهو ما يفسّر سبب لعب المملكة السعودية والغرب الجزء الخاص بكل منهما في هذه اللعبة".
وكشف أن "مسؤولاً سعودياً كبيراً أبلغ جون حنا؛ كبير الموظفين في فريق المسؤول الأميركي السابق ديك تشيني، بأن الملك عبدالله كان، ومنذ بداية الاضطرابات في سورية، يعتقد بأن تغيير النظام سيكون مفيداً جداً للمصالح السعودية، وأنه قال: إن الملك يعرف أنه غير انهيار الجمهورية الإسلامية نفسها، فإن شيئاً آخر لن يُضعف إيران أكثر من خسارة سورية"، ويا للمفارقة فقد عين عبدالله بن عبد العزيز مستشاراً له لحوار الأديان الحاخام الإسرائيلي ديفيد روزون.
ويضيف: "إنها اللعبة العظيمة - خسارة سورية، وبهذه الطريقة يتم لعبها: المسارعة في تشكيل مجلس انتقالي كممثل وحيد عن الشعب السوري، بصرف النظر عما إذا كان لديه امتداد حقيقي داخل سورية، وإمداد الداخل بمتمردين مسلحين من الدول المجاورة، وفرض عقوبات من شأنها أن تضر بالطبقات الوسطى، وشن حملة إعلامية لتشويه أي جهود سورية في مجال الإصلاح، والتحريض على الانقسامات داخل الجيش وقوات النخبة، وفي نهاية المطاف لا بد من سقوط الرئيس الأسد"، حسب الزعم السعودي الذي ينظّر له ويعمل في سبيله بندر بن سلطان، الذي أبلغ الأميركيين والغرب والخلييين بأن الحل في هزيمة الدولة السورية يكمن في تسخير ما سمّاه "القوى الإسلامية"، حيث فتن الأميركيون بفكرة صنيعتهم، فتركوا الأمر له ليُحسن التصرّف، حيث كتب جون حنا؛ كبير موظفي نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني: "إن بندر شريك ضد عدو إيراني مشترك، وهو يُعتبر رصيداً استراتيجياً أساسياً".
ومع السلوك المصري الجديد بأن "البنّائين الأحرار" سيعيدون بناء مصر، تكون قطر قد استكملت، أو هي تعتقد ذلك، السيطرة على القاهرة، بعد سيطرتها على حركة النهضة التونسية، وبالتالي بدأت برمي المليارات للمعارضات السورية، لتؤكد أنها الراعية الرئيسية لهذه المعارضات، وهو ما قد يجعلها على تضارب مع السعودية.
بأي حال، ثمة رأي عام بدأ يتكوّن في الغرب، وهو أن التحالف الجهنمي بين العناصر المتطرفة الدموية في سورية والغرب ستنشأ عنه جماعات لها جدول أعمال خاص بها يتسم بالدموية، فتترك بصماتها القاتلة التي لن توفر أحداً، خصوصاً في الدول الأقرب الحاضنة؛ تركيا ومن ثم لبنان وبعدهما الخليج والغرب كله.
وإذا كان "اليستر كروك" يحدد الكثير من الأخطار الدموية التي ستنشأ عن هذه التحالفات، إلا أنه يؤكد أنه "لحسن الحظ أن التكتيكات الدموية ضد سورية تتجه إلى الفشل، رغم الاستثمارات الضخمة فيها، فمعظم الناس في المنطقة، وحتى في العالم، يعتقدون أن دفع سورية باتجاه مزيد من الصراعات لن ينتج عنه نموذج غربي مستقر، بل مزيد من الفوضى والدم"..
ويعلق هنا مؤرخ لبناني مرموق قائلاً: كل هؤلاء الأغبياء يبدو أنهم لا يعرفون أنه عندما تموت سورية (لا سمح الله)، تموت فلسطين ويموت لبنان، وتموت كل المنطقة..
وما بقي على حلفاء سورية إلا أن يتحركوا، بدلاً من هذا التضامن الإعلامي والكلامي ليس إلا، فبيدهم القوة.. وأيضاً الأوراق الكثيرة التي تقول: "كفى".
وأخيراً، ثمة سؤال يوجَّه إلى الأخضر الإبراهيمي، الذي يبحث عن حل للأزمة السورية في بلاد السند والهند: ألا يكفي أن يقول إنه على الدول الممولة أن تكف عن تقديم المال والسلاح وتهريب المسلحين إلى سورية، أم أنه يخشى أن يكون مصيره كمصير الفريق مصطفى الدابي، فيضطر لأن يستقيل ويخسر مورداً مالياً وهو بلغ من العمر عتياً؟
المصدر :
الثبات \أحمد زين الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة