دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عندما بدأ أحمد عبد الخالق حملته من أجل حقوق رفاقه من البدون في الإمارات، كان يدرك جيداً أنه يغامر بشيء لا يجرؤ معظم الناشطين على المغامرة به: السكن والدار. وكان محقا. فبعد شهرين من سجنه لأسباب قال إنها تتمثل في حملته من أجل حقوق الإنسان والبدون، كان أمامه أن يختار بين البقاء في السجن أو الترحيل.
وأكد عبد الخالق (35 عاما) أنّه «كان قرارا صعبا حقا. تركت بلدي وأسرتي، أمي وأبي وأخواتي في الإمارات، وسافرت وحدي إلى بلد غريب (لم يُسمّه لأسباب أمنية) يتكلم لغة مختلفة وله عادات مختلفة لا أعرف فيه أحدا».
كان ترحيل عبد الخالق ممكنا لأنه من «البدون» وهي كلمة تعني أنه لا يحمل جنسية، ولا يمكنه شغل وظائف حكومية أو تلقي رعاية طبية أو تعليم بالمؤسسات الحكومية، بالرغم من أنه ولد في الإمارات وعاش بها طيلة حياته. وتُعدّ قصة عبد الخالق مؤشرا على محنة عشرات الآلاف ممن لا يحملون جنسية، في ظل قوانين المواطنة الصارمة في دول الخليج العربية، حيث ينعم المواطنون برعاية اجتماعية كريمة. ومع تعالي الأصوات المطالبة بالإصلاح في منطقة الخليج اجتذبت حقوق البدون اهتماما جديدا. وقالت الناشطة في مجال حقوق البدون منى كريم، التي نشأت في الكويت وتقيم في الولايات المتحدة «كان تحركنا نابعا بلا شك من الربيع العربي».
ولفتت الى أن «قبل العام 1986 لم يكن البدون يشعرون بالتمييز ضدهم، فبينما كانوا محرومين من الحقوق السياسية والسكن، كانوا يتلقون تعليما ويحصلون على وثائق ووظائف. وبعد ذلك تقلصت الحقوق شيئا فشيئا». ولا يدعو المطالبون بحقوق البدون في المنطقة الى الاطاحة بالحكومات، لكن التغيير الذي يجتاح المنطقة شحذ همة الكثيرين منهم للسعي لمزيد من الحقوق.
وتعود أصول كثيرين من البدون في الخليج إلى قبائل البادية، التي اعتادت على التنقل في المنطقة بلا قيود أو إلى مهاجرين غير عرب، لم يتقدم آباؤهم أو أجدادهم بطلبات للحصول على جنسية، وذلك في مرحلة اكتشاف النفط عندما تأسست دول الخليج الحديثة في القرن العشرين. ولم يتم تسجيل آلاف عندما تأسست دول المنطقة وبعضها من خلال قوى غربية، وأحيانا في أوقات متأخرة كستينات وسبعينات القرن الماضي، وانتهى بهم الأمر بعدم وجود أي صلة قانونية تربطهم بأي دولة أو إغفال تسجيلهم لأسباب دينية أو عرقية أو قبلية. وكثير من عديمي الجنسية غير مسجلين في سجلات المواليد ونظرا لأنهم لا يحملون وثائق هوية رسمية فإنهم لا يستطيعون السفر غالبا ولا العمل في وظائف عامة. ويولد أبناؤهم بدون أيضا ولا يحصلون في الغالب على تعليم حكومي ولا يتلقون رعاية صحية في مؤسسات تابعة للدولة.
وتقدر الأمم المتحدة عدد البدون في السعودية بنحو 70 ألفا وفي الكويت بنحو 93 ألفا. ولا تتوافر لديها أرقام بالنسبة للإمارات لكن نشطاء يقدرون العدد بما بين 10 آلاف و50 ألفا. ويقول مسؤولون بالإمارات إن العدد أقل من خمسة آلاف.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة