الأخضر الإبراهيمي في باريس بانتظار ضوء أخضر من دمشق لاستقباله. المبعوث الأممي العربي لا يريد أن يكرّر تجربة الانتظار الماضية في العاصمة السورية، عندما أمضى فيها أربعة أيام قبل أن يستقبله الرئيس بشار الأسد.

وبخلاف المهمات السابقة، يذهب الإبراهيمي إلى دمشق حاملا عرضا سياسيا يستند إلى تقارب أميركي ـ روسي في اجتماعات عقدت في جنيف الأسبوع الماضي، حضرها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد الخارجية الأميركية وليام بيرنز، والسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد.

وبحسب مصدر ديبلوماسي أوروبي، سينقل الإبراهيمي، وفق هذا التقارب الروسي ـ الأميركي، طلبا إلى الأسد بتسمية وزراء يمثلون النظام في الحكومة الانتقالية التي تفترض مشاركة المعارضة فيها، وذلك استنادا إلى اتفاق جنيف، الذي أيدته الحكومة السورية فور الإعلان عنه.

ويعد تحديد موعد للإبراهيمي في دمشق، مؤشرا مبدئيا على موافقتها على البحث في تطبيق الاتفاق للمرة الأولى منذ الإعلان عنه في 30 حزيران الماضي، كما يعد مؤشرا على محاولة إحداث اختراق سياسي في جدار الأزمة. وقال المصدر الديبلوماسي إن أحدا من الروس أو الأميركيين لم يطرح اسم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع كحامل لصلاحيات الرئيس، وأن البحث جار في تسمية رئيس حكومة انتقالية من معارضة الداخل.

ويقول معارض سوري بارز إنه يقترن تعيين الأسماء المرشحة بالتطورات الجارية على الأرض، عسكريا وسياسيا، فإذا استمر النظام قويا، فمن المحتمل أن تعلو أسماء كهيثم مناع أو حسن عبد العظيم، وإذا ما استنزف النظام فتعلو أسماء كرياض حجاب أو رياض سيف.

ورغم الحرب النفسية والإعلامية التي تشن ضده، فهو لا يزال متحصنا في ريف دمشق ودمشق وجزء واسع من المنطقة الوسطى والجنوب، ويمنع هيمنة المعارضة على الشمال بطيرانه، ويتمسك بمراكز المدن الرئيسة.

 

ويستعد الجيش السوري في الأيام المقبلة لتنفيذ عملية إعادة انتشار، والانسحاب من الأرياف لتقليل الخسائر والتمركز حول المدن والمحاور الإستراتيجية وعقد المواصلات.

ويعتبر المعارض السوري أن احتمال نشوء أكثر من حكومة أمر وارد، وقد تتشكل، إذا ما سادت الفوضى، حكومة سلفية، وثانية لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» و«المجلس الوطني» وثالثة للنظام. وقال إن خيارا ثالثا يظل محتملا، وهو اختيار شخصيات محايدة، تزخر بها سوريا، كحل وسط.

ومن المفترض أن يلتقي الإبراهيمي بعد الأسد، بمسؤولي «الائتلاف»، و«المجلس الوطني السوري»، و«هيئة التنسيق الوطني»، و«المنبر الديموقراطي»، و«تيار بناء الدولة»، وهو ما بدأ به في باريس في الأيام الماضية. وسيطلب من المعارضة تسمية ممثليها المحتملين في الحكومة الانتقالية، إذا ما استطاع انتزاع موافقتها على ذلك. والأرجح أن يواجه الإبراهيمي صعوبات أخرى لإقناع «الائتلاف» و«المجلس الوطني» بتسمية مرشحين لحكومة انتقالية، ليس بسبب رفض المعارضة المشاركة فيها ما دام الأسد في الحكم فحسب، ولو من دون صلاحيات. إذ تعتقد أوساط المعارضة، لاسيما «الائتلاف» و«المجلس الوطني»، أن الزمن السياسي قد استنفد، وأن ذراعها المقاتل قد حقق انتصارات كبيرة وسيطر على مناطق واسعة، لاسيما في الشمال، وأن الحسم العسكري أصبح ممكنا، بعد تدفق التسليح القطري والسعودي لفتح معركة ثالثة في دمشق، ولا حاجة لإعطاء الأسد، تنازلات وفرصة ليعمّر في النظام.

ويبدو دفاع بعض المعارضة عن السلفيين الجهاديين و«القاعدة» في صفوف الثورة السورية، رغم إدانة الحليف الأميركي له، طلاقا مع الخيار السياسي برمته، وهو عنصر يعد بنصر عسكري قريب يغني عن جنيف وغيرها، خصوصا أن «جبهة النصرة» وأجنحة إسلامية أخرى، لا تملك تصورا لمآل الأزمة سوى إسقاط النظام بالقوة، وإحالة سوريا إلى مشروع إسلامي. ويقدم مقرّبون من الإبراهيمي تقديرات تشير إلى وجود ٥ آلاف مقاتل في «جبهة النصرة» يؤدون دورا أساسيا في العمليات القتالية يفوق دور مجموعات «الجيش الحر» في بعض الجبهات، خصوصا في حلب وادلب.

ومن المتوقع أن يعود الإبراهيمي إلى جنيف، لجولة تقييم كاملة مع شركائه الأميركيين والروس، بعيدا عن الأوروبيين الذين جرى استبعادهم عن المفاوضات حول سوريا، بمجرد ابتداء التقارب الروسي ـ الأميركي، ومحاولة إحداث اختراق سياسي.

وفي الانتظار، لا يبدو الإبراهيمي كثير التفاؤل بالقدرة على ضخ جرعة سياسية في المذبحة السورية المفتوحة. ورغم تمسكه بالمحاولة، إلا انه لا يمنح نفسه، والحل السياسي، فرصة نجاح تزيد عن العشرة في المئة.

وبالتزامن مع الإعداد لوضع خطة جنيف والإبراهيمي على طاولة المعارضة والنظام، استأنفت دائرة قوات حفظ السلام في الأمم المتحدة مشاورات بدأتها في تشرين الأول الماضي، للبحث في تشكيل قوات فصل دولية ترسل إلى سوريا في حال التوصل إلى وقف إطلاق للنار والعمل على مراقبته.

والتقى المسؤول عن عمليات حفظ السلام في المنظمة الدولية هيرفيه لادسو، يوم الجمعة الماضي في نيويورك، ممثلي 20 دولة، تشارك في جبهات مختلفة لقوات حفظ السلام الدولية، وتقوم عادة بتزويد الدائرة بما تحتاجه من جنود.

وقال مصدر ديبلوماسي إن الدول العربية لم تشارك في الاجتماع، وأن الأمم المتحدة تبحث مع الدول المشاركة في تشكيل قوة يتراوح قوامها بين ٤ إلى ١٠ آلاف جندي تنقل إلى سوريا، لكن ليس قبل أن تحقق مهمة الإبراهيمي خطوتها الأولى نحو الحل في سوريا.

إلى ذلك، دخل الطيران الحربي على خط المعركة التي كانت تدور وقائعها في اليومين الماضيين بين مقاتلي عدة فصائل فلسطينية والمسلحين، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في برنامج تلفزيوني «دوليات آر اف آي - تي في 5/لوموند»، «اعتقد أن النهاية تقترب بالنسبة لبشار الأسد، لقد رأيتم أن الروس أيضا يتوقعون ذلك، ولو أن الأمر كان مثار جدل». ووصف الغارة الجوية لمخيم اليرموك بأنها «مشينة».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-12-16
  • 10963
  • من الأرشيف

المهمة السورية للإبراهيمي تنتظر الأسد والوضع العسكري: وزراء للحكومة الانتقالية تسمّيهم دمشـق وقوى معارضة

          الأخضر الإبراهيمي في باريس بانتظار ضوء أخضر من دمشق لاستقباله. المبعوث الأممي العربي لا يريد أن يكرّر تجربة الانتظار الماضية في العاصمة السورية، عندما أمضى فيها أربعة أيام قبل أن يستقبله الرئيس بشار الأسد. وبخلاف المهمات السابقة، يذهب الإبراهيمي إلى دمشق حاملا عرضا سياسيا يستند إلى تقارب أميركي ـ روسي في اجتماعات عقدت في جنيف الأسبوع الماضي، حضرها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد الخارجية الأميركية وليام بيرنز، والسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد. وبحسب مصدر ديبلوماسي أوروبي، سينقل الإبراهيمي، وفق هذا التقارب الروسي ـ الأميركي، طلبا إلى الأسد بتسمية وزراء يمثلون النظام في الحكومة الانتقالية التي تفترض مشاركة المعارضة فيها، وذلك استنادا إلى اتفاق جنيف، الذي أيدته الحكومة السورية فور الإعلان عنه. ويعد تحديد موعد للإبراهيمي في دمشق، مؤشرا مبدئيا على موافقتها على البحث في تطبيق الاتفاق للمرة الأولى منذ الإعلان عنه في 30 حزيران الماضي، كما يعد مؤشرا على محاولة إحداث اختراق سياسي في جدار الأزمة. وقال المصدر الديبلوماسي إن أحدا من الروس أو الأميركيين لم يطرح اسم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع كحامل لصلاحيات الرئيس، وأن البحث جار في تسمية رئيس حكومة انتقالية من معارضة الداخل. ويقول معارض سوري بارز إنه يقترن تعيين الأسماء المرشحة بالتطورات الجارية على الأرض، عسكريا وسياسيا، فإذا استمر النظام قويا، فمن المحتمل أن تعلو أسماء كهيثم مناع أو حسن عبد العظيم، وإذا ما استنزف النظام فتعلو أسماء كرياض حجاب أو رياض سيف. ورغم الحرب النفسية والإعلامية التي تشن ضده، فهو لا يزال متحصنا في ريف دمشق ودمشق وجزء واسع من المنطقة الوسطى والجنوب، ويمنع هيمنة المعارضة على الشمال بطيرانه، ويتمسك بمراكز المدن الرئيسة.   ويستعد الجيش السوري في الأيام المقبلة لتنفيذ عملية إعادة انتشار، والانسحاب من الأرياف لتقليل الخسائر والتمركز حول المدن والمحاور الإستراتيجية وعقد المواصلات. ويعتبر المعارض السوري أن احتمال نشوء أكثر من حكومة أمر وارد، وقد تتشكل، إذا ما سادت الفوضى، حكومة سلفية، وثانية لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» و«المجلس الوطني» وثالثة للنظام. وقال إن خيارا ثالثا يظل محتملا، وهو اختيار شخصيات محايدة، تزخر بها سوريا، كحل وسط. ومن المفترض أن يلتقي الإبراهيمي بعد الأسد، بمسؤولي «الائتلاف»، و«المجلس الوطني السوري»، و«هيئة التنسيق الوطني»، و«المنبر الديموقراطي»، و«تيار بناء الدولة»، وهو ما بدأ به في باريس في الأيام الماضية. وسيطلب من المعارضة تسمية ممثليها المحتملين في الحكومة الانتقالية، إذا ما استطاع انتزاع موافقتها على ذلك. والأرجح أن يواجه الإبراهيمي صعوبات أخرى لإقناع «الائتلاف» و«المجلس الوطني» بتسمية مرشحين لحكومة انتقالية، ليس بسبب رفض المعارضة المشاركة فيها ما دام الأسد في الحكم فحسب، ولو من دون صلاحيات. إذ تعتقد أوساط المعارضة، لاسيما «الائتلاف» و«المجلس الوطني»، أن الزمن السياسي قد استنفد، وأن ذراعها المقاتل قد حقق انتصارات كبيرة وسيطر على مناطق واسعة، لاسيما في الشمال، وأن الحسم العسكري أصبح ممكنا، بعد تدفق التسليح القطري والسعودي لفتح معركة ثالثة في دمشق، ولا حاجة لإعطاء الأسد، تنازلات وفرصة ليعمّر في النظام. ويبدو دفاع بعض المعارضة عن السلفيين الجهاديين و«القاعدة» في صفوف الثورة السورية، رغم إدانة الحليف الأميركي له، طلاقا مع الخيار السياسي برمته، وهو عنصر يعد بنصر عسكري قريب يغني عن جنيف وغيرها، خصوصا أن «جبهة النصرة» وأجنحة إسلامية أخرى، لا تملك تصورا لمآل الأزمة سوى إسقاط النظام بالقوة، وإحالة سوريا إلى مشروع إسلامي. ويقدم مقرّبون من الإبراهيمي تقديرات تشير إلى وجود ٥ آلاف مقاتل في «جبهة النصرة» يؤدون دورا أساسيا في العمليات القتالية يفوق دور مجموعات «الجيش الحر» في بعض الجبهات، خصوصا في حلب وادلب. ومن المتوقع أن يعود الإبراهيمي إلى جنيف، لجولة تقييم كاملة مع شركائه الأميركيين والروس، بعيدا عن الأوروبيين الذين جرى استبعادهم عن المفاوضات حول سوريا، بمجرد ابتداء التقارب الروسي ـ الأميركي، ومحاولة إحداث اختراق سياسي. وفي الانتظار، لا يبدو الإبراهيمي كثير التفاؤل بالقدرة على ضخ جرعة سياسية في المذبحة السورية المفتوحة. ورغم تمسكه بالمحاولة، إلا انه لا يمنح نفسه، والحل السياسي، فرصة نجاح تزيد عن العشرة في المئة. وبالتزامن مع الإعداد لوضع خطة جنيف والإبراهيمي على طاولة المعارضة والنظام، استأنفت دائرة قوات حفظ السلام في الأمم المتحدة مشاورات بدأتها في تشرين الأول الماضي، للبحث في تشكيل قوات فصل دولية ترسل إلى سوريا في حال التوصل إلى وقف إطلاق للنار والعمل على مراقبته. والتقى المسؤول عن عمليات حفظ السلام في المنظمة الدولية هيرفيه لادسو، يوم الجمعة الماضي في نيويورك، ممثلي 20 دولة، تشارك في جبهات مختلفة لقوات حفظ السلام الدولية، وتقوم عادة بتزويد الدائرة بما تحتاجه من جنود. وقال مصدر ديبلوماسي إن الدول العربية لم تشارك في الاجتماع، وأن الأمم المتحدة تبحث مع الدول المشاركة في تشكيل قوة يتراوح قوامها بين ٤ إلى ١٠ آلاف جندي تنقل إلى سوريا، لكن ليس قبل أن تحقق مهمة الإبراهيمي خطوتها الأولى نحو الحل في سوريا. إلى ذلك، دخل الطيران الحربي على خط المعركة التي كانت تدور وقائعها في اليومين الماضيين بين مقاتلي عدة فصائل فلسطينية والمسلحين، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في برنامج تلفزيوني «دوليات آر اف آي - تي في 5/لوموند»، «اعتقد أن النهاية تقترب بالنسبة لبشار الأسد، لقد رأيتم أن الروس أيضا يتوقعون ذلك، ولو أن الأمر كان مثار جدل». ووصف الغارة الجوية لمخيم اليرموك بأنها «مشينة».  

المصدر : السفير /محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة