«لم يكن ينقص تركيا سوى أن تنفجر في العراق». بهذه الكلمات عنون الكاتب التركي سامي كوهين مقالته في «ميللييت» حول الأزمة العراقية بين بغداد وأربيل.
فالنزاع بين الحكومة المركزية في بغداد و«حكومة» إقليم كردستان، والذي يكاد يصل إلى مرحلة الحرب، يعني أنقرة مباشرة، فالبوابة البرية الوحيدة المفتوحة أمام تركيا مع جار لها هي منطقة إقليم كردستان وتحديدا بوابة الخابور. وأنقرة طرف في الصراع الداخلي في العراق من خلال تقاربها مع إقليم كردستان بموازاة معاداتها لحكومة نوري المالكي.
وهذا العداء ليس جديدا أو مرتبطا فقط بالأزمة السورية، بل يعود إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والنيابية العراقية قبل سنتين، حيث سعت حكومة رجب طيب أردوغان إلى منع وصول جلال الطالباني إلى الرئاسة ونوري المالكي إلى رئاسة الحكومة، ووقفت داعمة للجبهة التي يرأسها إياد علاوي وضمت «الحزب الإسلامي» بقيادة طارق الهاشمي.
ولا شك بأن محاولة أنقرة استمالة أكراد العراق على حساب الحكومة المركزية كان له وقع سيئ في بغداد، خصوصا مع توقيع اتفاقيات نفط بين أنقرة واربيل مباشرة من دون المرور ببغداد، وهو ما يتعارض مع القوانين العراقية. وتعاظم التوتر بين أنقرة وبغداد مع الدخول غير الرسمي لوزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو، من دون إذن بغداد، إلى كركوك. وأضاف الموقف العراقي المؤيد للنظام السوري، الذي تسعى أنقرة إلى إطاحته، سببا إضافيا لملف سميك من نقاط الاختلاف بين بغداد وأنقرة لم يخل من وقت لآخر من تراشق حاد بالكلمات تجاوز الخطوط الحمر بين المالكي وأردوغان.
لذلك فإن أنقرة معنية مباشرة بالصراع الداخلي في العراق، نظرا لتأثير نتائجه على دور تركيا هناك صعودا أو هبوطا. إذ ان أي انكسار لحكومة المالكي سيعتبر انتصارا لحكومة أردوغان والعكس صحيح.
ويرى سامي كوهين أن أخطر ما تواجهه تركيا أن تنفجر هذه الأزمة في توقيت لا تستطيع أنقرة المساعدة على إخماده. ويقول إن أنقرة في وضع منحاز لطرف دون آخر، وفي حال اندلاع القتال ستكون تركيا الأكثر تأثرا به. ويعتبر أن ما تملكه تركيا الآن، بعد انهيار دورها الوسيط في المشكلات الإقليمية، ليس أكثر من التمني بعدم انفجار الوضع في العراق.
وفي صحيفة «حرييت» كتب حسين يايمان إن مخاطر اندلاع حرب في العراق يهدد وحدة العراق ووحدة الشرق الأوسط. وتساءل «عما إذا كان النزاع هو حول النفط أم على استقلال كردستان، إذ ان الاتفاقات التي يعقدها إقليم كردستان مع تركيا وغيرها حول تصدير النفط واستخراجه والتعاون الاقتصادي من دون بغداد يثير لدى بغداد مخاوف من أن تكون هذه خطوات نحو الاستقلال الكردي الكامل».
ويرى الكاتب تناقضا بين دعوة الحكومة التركية إلى وحدة العراق واختيارها طرفا واحدا للتعامل معه، هو الأكراد، بما يرسّخ أن الموقف التركي يساعد على تقسيم العراق لا العكس.
ويقول إن «خلاف تركيا مع سوريا وإيران وروسيا يجعل من اتفاقها مع أكراد العراق استراتيجيا على المدى البعيد، وهو ما يجعل أنقرة تقف إلى جانب أربيل في هذا الصراع، وتتهم حكومة المالكي بأنها تعمل على مذهبته. وهكذا تبدو الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط مثل لعبة الدومينو، حجارتها متداخلة بعضها مع بعض. الجميع يلعب في كل الساحات حيث تؤثر التطورات في إحداها على الأخرى. وما تأمله تركيا أن يكون إضعاف المالكي خطوة على طريق إسقاط النظام في سوريا. فهل تنجح أنقرة في رهانها الجديد في العراق أم تسقط مجددا في خطأ الحسابات».
  • فريق ماسة
  • 2012-11-27
  • 9177
  • من الأرشيف

أنقرة ورهاناتها السورية: إضعاف المالكي أمام أربيل

«لم يكن ينقص تركيا سوى أن تنفجر في العراق». بهذه الكلمات عنون الكاتب التركي سامي كوهين مقالته في «ميللييت» حول الأزمة العراقية بين بغداد وأربيل. فالنزاع بين الحكومة المركزية في بغداد و«حكومة» إقليم كردستان، والذي يكاد يصل إلى مرحلة الحرب، يعني أنقرة مباشرة، فالبوابة البرية الوحيدة المفتوحة أمام تركيا مع جار لها هي منطقة إقليم كردستان وتحديدا بوابة الخابور. وأنقرة طرف في الصراع الداخلي في العراق من خلال تقاربها مع إقليم كردستان بموازاة معاداتها لحكومة نوري المالكي. وهذا العداء ليس جديدا أو مرتبطا فقط بالأزمة السورية، بل يعود إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والنيابية العراقية قبل سنتين، حيث سعت حكومة رجب طيب أردوغان إلى منع وصول جلال الطالباني إلى الرئاسة ونوري المالكي إلى رئاسة الحكومة، ووقفت داعمة للجبهة التي يرأسها إياد علاوي وضمت «الحزب الإسلامي» بقيادة طارق الهاشمي. ولا شك بأن محاولة أنقرة استمالة أكراد العراق على حساب الحكومة المركزية كان له وقع سيئ في بغداد، خصوصا مع توقيع اتفاقيات نفط بين أنقرة واربيل مباشرة من دون المرور ببغداد، وهو ما يتعارض مع القوانين العراقية. وتعاظم التوتر بين أنقرة وبغداد مع الدخول غير الرسمي لوزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو، من دون إذن بغداد، إلى كركوك. وأضاف الموقف العراقي المؤيد للنظام السوري، الذي تسعى أنقرة إلى إطاحته، سببا إضافيا لملف سميك من نقاط الاختلاف بين بغداد وأنقرة لم يخل من وقت لآخر من تراشق حاد بالكلمات تجاوز الخطوط الحمر بين المالكي وأردوغان. لذلك فإن أنقرة معنية مباشرة بالصراع الداخلي في العراق، نظرا لتأثير نتائجه على دور تركيا هناك صعودا أو هبوطا. إذ ان أي انكسار لحكومة المالكي سيعتبر انتصارا لحكومة أردوغان والعكس صحيح. ويرى سامي كوهين أن أخطر ما تواجهه تركيا أن تنفجر هذه الأزمة في توقيت لا تستطيع أنقرة المساعدة على إخماده. ويقول إن أنقرة في وضع منحاز لطرف دون آخر، وفي حال اندلاع القتال ستكون تركيا الأكثر تأثرا به. ويعتبر أن ما تملكه تركيا الآن، بعد انهيار دورها الوسيط في المشكلات الإقليمية، ليس أكثر من التمني بعدم انفجار الوضع في العراق. وفي صحيفة «حرييت» كتب حسين يايمان إن مخاطر اندلاع حرب في العراق يهدد وحدة العراق ووحدة الشرق الأوسط. وتساءل «عما إذا كان النزاع هو حول النفط أم على استقلال كردستان، إذ ان الاتفاقات التي يعقدها إقليم كردستان مع تركيا وغيرها حول تصدير النفط واستخراجه والتعاون الاقتصادي من دون بغداد يثير لدى بغداد مخاوف من أن تكون هذه خطوات نحو الاستقلال الكردي الكامل». ويرى الكاتب تناقضا بين دعوة الحكومة التركية إلى وحدة العراق واختيارها طرفا واحدا للتعامل معه، هو الأكراد، بما يرسّخ أن الموقف التركي يساعد على تقسيم العراق لا العكس. ويقول إن «خلاف تركيا مع سوريا وإيران وروسيا يجعل من اتفاقها مع أكراد العراق استراتيجيا على المدى البعيد، وهو ما يجعل أنقرة تقف إلى جانب أربيل في هذا الصراع، وتتهم حكومة المالكي بأنها تعمل على مذهبته. وهكذا تبدو الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط مثل لعبة الدومينو، حجارتها متداخلة بعضها مع بعض. الجميع يلعب في كل الساحات حيث تؤثر التطورات في إحداها على الأخرى. وما تأمله تركيا أن يكون إضعاف المالكي خطوة على طريق إسقاط النظام في سوريا. فهل تنجح أنقرة في رهانها الجديد في العراق أم تسقط مجددا في خطأ الحسابات».

المصدر : محمد نور الدين\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة