«ديكتاتور جديد»، «فرعون»، «محمد مرسي مبارك» وغيرها الكثير من الأوصاف لم يجد معارضو الرئيس المصري، محمد مرسي بداً من إعطائها له بعدما فاجأ الرئيس الإخواني الجميع باعلان دستوري جديد نصّب من خلاله نفسه حاكماً مطلقاً على البلاد والعباد، متناسياً أن وصوله إلى السلطة لم يكن ليحصل لولا «ثورة 25» يناير التي كانت الرغبة في التغيير محركاً أساسياً لها.
ولأن هذه الرغبة لا تزال فئة كبيرة من المصريين تتمسك بها، لم يكد المتحدث الرئاسي، ياسر علي، ينتهي من تلاوة مواد الاعلان الدستوري التي شملت القضاء والمحكمة الدستورية والجمعية التأسيسية وحتى احتمالات اعلان حالة الطوارئ، حتى خرج المئات إلى الشوارع للاعتراض قبل أن يتحولوا إلى آلاف أمس. ولأن المعركة باتت في جزء منها في الشارع، لم يكن أنصار مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، التي تعرضت مقارها للاحراق بعيدين عنها، حيث سيّرت مسيرات مؤيدة للقرارات، توجه الأخير بخطاب حاول فيه الدفاع عن الاعلان الدستوري الجديد، دون أن يكون قادراً على اقناع معارضيه بعدما استعاد لغة مبارك في تخوين المتظاهرين ووصفهم بالبلطجية.
فأمام قصر الاتحادية، حيث مقر الرئيس، وقف الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبعض الأحزاب الإسلامية يهتفون باسم مرسي، ويطالبونه بمزيد من هذه القرارات التي تحقق أهداف الثورة حسب قولهم.
وسرعان ما خرج لهم مرسي ليصر على أنه يخطب لكل الشعب المصري، لكن ما جاء في طيات خطابه كان كفيلاً باظهار أنه يخطب لفئة واحدة فقط، هم أنصاره، ولا سيما عندما وصف المتظاهرين بشارع محمد محمود والقصر العيني بالبلطجية. ومما قاله مرسي إنه لن يسمح بالإساءة للوطن والهجوم على مؤسساته، وأن المعارضين الحقيقيين يختلفون عن البلطجية التي تقوم بالتعدي على الشرطة. واتهم تلك التظاهرات بالحصول على تمويل من بقايا النظام السابق، مشيراً إلى «المال الفاسد الذي تم جمعه في عهد النظام السابق، يستخدم من أجل تخريب مؤسسات الدولة الآن». وأضاف أنه يحفظ للمعارضين الحقيقيين حقهم في التعبير عن الرأي، دون تعطيل الإنتاج أو إيقاف حركة المرور، في وقت لا يسمح بالإساءة للوطن والهجوم على مؤسساته.
مرسي رد أيضاً على من يتهمه بالديكتاتورية والسعي للإمساك بكل السلطات، مشيراً إلى «أنه لم يسع إلى حل مجلس الشعب، وبالتالي لم يكن يسعى إلى امتلاك السلطة التشريعية، ولكنه جاء إلى سدة الحكم والسلطة التشريعية قد تم هدمها وليس هو السبب في ذلك». كما شدد على أن الإعلان الدستوري الذي أصدره لا يستهدف أحداً، وأن قراراته ليست لتصفية الحسابات مع أي من الأشخاص والأحزاب. وأكد أنه يحترم القضاء وأنه سيظل الوسيلة لتحقيق العدالة وإيجاد الحق «برجاله الشرفاء»، محذراً من وجود من «يستخدم القضاء كستار لتحقيق أغراض أخرى». «غض البصر عن بعض تصرفات هؤلاء الأشخاص القلائل»، أرفقه مرسي بتهديد أنه «ستتم محاسبتهم بالقانون، وسيتم إعمال القانون على الجميع». كما دافع عما تضمنه الاعلان الدستوري حول اعلان الطوارئ قائلاً «إنه كان لا يريد استخدام أي قوانين استثنائية، ولكنه إذا وجد مصر والثورة في خطر فسوف يفعل ذلك».
على المقلب الآخر، تحركت من عدة أماكن في القاهرة مسيرات باتجاه ميدان التحرير على وقع الهتافات المطالبة بسقوط حكم مرسي قبل أن تتوج بإعلان القوى السياسية عن دخولها في اعتصام سلمي واغلاق مداخل ميدان التحرير إلى حين التراجع عن الاعلان الدستوري الجديد.
والمسيرات المشاركة في رفض قرارات الرئيس تحركت من مساجد عدة، وشارك فيها أبرز الشخصيات المعارضة، في مقدمتهم محمد البرادعي مؤسس حزب الدستور، وحمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية. كذلك شارك عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية والمرشح الرئاسي السابق.
وعاد الهتاف الشهير «الشعب يريد إسقاط النظام» يهز أرجاء الميدان. وكان لافتاً بالتزامن مع خطاب مرسي، ازدياد الاشتباكات بشارعي محمد محمود والقصر العيني بين قوات الشرطة وعدد من المحتجين.
واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد المصابين بالأحداث منذ بدايتها في الأسبوع الماضي إلى 187 مصاباً، في حين سجلت اصابة نحو 78 شخصاً في مدن الإسكندرية وبورسعيد والسويس.
وفي الإسكندرية، سجل وقوع اشتباكات. ففي أعقاب صلاة الجمعة، تبادل إسلاميون ونشطاء وأعضاء في أحزاب مدنية إلقاء الحجارة بعدما تجمهر مئات من الطرفين في محيط مسجد القائد إبراهيم للتأييد والاحتجاج على قرارات مرسي. وحمل الطرفان لافتات تعبر عن مطالبهم، فيما اشتكت القوى المدنية من ملتحين حاصروا المسجد وضيقوا عليهم لمنعهم من الاقتراب منه.
في المقابل، اتهمت مجموعات من الإسلاميين القوى المدنية بالتسبب في اشتعال الموقف بعد القاء ألعاب نارية صوب المسجد والمصلين. وأدى هذا التراشق إلى إصابة 15 شخصاً من الطرفين والمارة إلى جانب صحافيين.
وأصدرت جماعة الإخوان في الإسكندرية، بياناً أكدت فيه عدم وجود أعضاء لها في الإسكندرية لاحتشادهم في القاهرة أمام قصر الاتحادية. وأكدت أنها قادرة على رد الصاع صاعين «لكننا نحترم الدولة ومؤسساتها».
وتخلل الاحتجاجات قيام عدد من نشطاء الأحزاب المدنية باقتحام المقر الرئيسي لحزب الحرية والعدالة والكائن على بعد 40 متر من منطقة الاشتباكات. وقاموا بإلقاء محتوياته في الشارع وإشعال النار بها، قبل أن يتوجهوا في مسيرة لاقتحام باقي المقار. وهو ما تكرر في محافظات أخرى بينها السويس وبور سعيد.
وفي موازاة الانقسام الداخلي، صدرت ردود فعل غربية محذرةً من تداعيات قرارات مرسي. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أن الولايات المتحدة تعتبر أن الاعلان الدستوري «يثير القلق لدى الكثير من المصريين ولدى المجتمع الدولي»، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن القرارات التي اتخذها مرسي لا تذهب «في الاتجاه الصحيح»، دعا الاتحاد الأوروبي الرئيس المصري إلى احترام «العملية الديموقراطية».
  • فريق ماسة
  • 2012-11-23
  • 10252
  • من الأرشيف

مرسي يعيد صناعة الديكتاتورية

«ديكتاتور جديد»، «فرعون»، «محمد مرسي مبارك» وغيرها الكثير من الأوصاف لم يجد معارضو الرئيس المصري، محمد مرسي بداً من إعطائها له بعدما فاجأ الرئيس الإخواني الجميع باعلان دستوري جديد نصّب من خلاله نفسه حاكماً مطلقاً على البلاد والعباد، متناسياً أن وصوله إلى السلطة لم يكن ليحصل لولا «ثورة 25» يناير التي كانت الرغبة في التغيير محركاً أساسياً لها. ولأن هذه الرغبة لا تزال فئة كبيرة من المصريين تتمسك بها، لم يكد المتحدث الرئاسي، ياسر علي، ينتهي من تلاوة مواد الاعلان الدستوري التي شملت القضاء والمحكمة الدستورية والجمعية التأسيسية وحتى احتمالات اعلان حالة الطوارئ، حتى خرج المئات إلى الشوارع للاعتراض قبل أن يتحولوا إلى آلاف أمس. ولأن المعركة باتت في جزء منها في الشارع، لم يكن أنصار مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، التي تعرضت مقارها للاحراق بعيدين عنها، حيث سيّرت مسيرات مؤيدة للقرارات، توجه الأخير بخطاب حاول فيه الدفاع عن الاعلان الدستوري الجديد، دون أن يكون قادراً على اقناع معارضيه بعدما استعاد لغة مبارك في تخوين المتظاهرين ووصفهم بالبلطجية. فأمام قصر الاتحادية، حيث مقر الرئيس، وقف الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبعض الأحزاب الإسلامية يهتفون باسم مرسي، ويطالبونه بمزيد من هذه القرارات التي تحقق أهداف الثورة حسب قولهم. وسرعان ما خرج لهم مرسي ليصر على أنه يخطب لكل الشعب المصري، لكن ما جاء في طيات خطابه كان كفيلاً باظهار أنه يخطب لفئة واحدة فقط، هم أنصاره، ولا سيما عندما وصف المتظاهرين بشارع محمد محمود والقصر العيني بالبلطجية. ومما قاله مرسي إنه لن يسمح بالإساءة للوطن والهجوم على مؤسساته، وأن المعارضين الحقيقيين يختلفون عن البلطجية التي تقوم بالتعدي على الشرطة. واتهم تلك التظاهرات بالحصول على تمويل من بقايا النظام السابق، مشيراً إلى «المال الفاسد الذي تم جمعه في عهد النظام السابق، يستخدم من أجل تخريب مؤسسات الدولة الآن». وأضاف أنه يحفظ للمعارضين الحقيقيين حقهم في التعبير عن الرأي، دون تعطيل الإنتاج أو إيقاف حركة المرور، في وقت لا يسمح بالإساءة للوطن والهجوم على مؤسساته. مرسي رد أيضاً على من يتهمه بالديكتاتورية والسعي للإمساك بكل السلطات، مشيراً إلى «أنه لم يسع إلى حل مجلس الشعب، وبالتالي لم يكن يسعى إلى امتلاك السلطة التشريعية، ولكنه جاء إلى سدة الحكم والسلطة التشريعية قد تم هدمها وليس هو السبب في ذلك». كما شدد على أن الإعلان الدستوري الذي أصدره لا يستهدف أحداً، وأن قراراته ليست لتصفية الحسابات مع أي من الأشخاص والأحزاب. وأكد أنه يحترم القضاء وأنه سيظل الوسيلة لتحقيق العدالة وإيجاد الحق «برجاله الشرفاء»، محذراً من وجود من «يستخدم القضاء كستار لتحقيق أغراض أخرى». «غض البصر عن بعض تصرفات هؤلاء الأشخاص القلائل»، أرفقه مرسي بتهديد أنه «ستتم محاسبتهم بالقانون، وسيتم إعمال القانون على الجميع». كما دافع عما تضمنه الاعلان الدستوري حول اعلان الطوارئ قائلاً «إنه كان لا يريد استخدام أي قوانين استثنائية، ولكنه إذا وجد مصر والثورة في خطر فسوف يفعل ذلك». على المقلب الآخر، تحركت من عدة أماكن في القاهرة مسيرات باتجاه ميدان التحرير على وقع الهتافات المطالبة بسقوط حكم مرسي قبل أن تتوج بإعلان القوى السياسية عن دخولها في اعتصام سلمي واغلاق مداخل ميدان التحرير إلى حين التراجع عن الاعلان الدستوري الجديد. والمسيرات المشاركة في رفض قرارات الرئيس تحركت من مساجد عدة، وشارك فيها أبرز الشخصيات المعارضة، في مقدمتهم محمد البرادعي مؤسس حزب الدستور، وحمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية. كذلك شارك عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية والمرشح الرئاسي السابق. وعاد الهتاف الشهير «الشعب يريد إسقاط النظام» يهز أرجاء الميدان. وكان لافتاً بالتزامن مع خطاب مرسي، ازدياد الاشتباكات بشارعي محمد محمود والقصر العيني بين قوات الشرطة وعدد من المحتجين. واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد المصابين بالأحداث منذ بدايتها في الأسبوع الماضي إلى 187 مصاباً، في حين سجلت اصابة نحو 78 شخصاً في مدن الإسكندرية وبورسعيد والسويس. وفي الإسكندرية، سجل وقوع اشتباكات. ففي أعقاب صلاة الجمعة، تبادل إسلاميون ونشطاء وأعضاء في أحزاب مدنية إلقاء الحجارة بعدما تجمهر مئات من الطرفين في محيط مسجد القائد إبراهيم للتأييد والاحتجاج على قرارات مرسي. وحمل الطرفان لافتات تعبر عن مطالبهم، فيما اشتكت القوى المدنية من ملتحين حاصروا المسجد وضيقوا عليهم لمنعهم من الاقتراب منه. في المقابل، اتهمت مجموعات من الإسلاميين القوى المدنية بالتسبب في اشتعال الموقف بعد القاء ألعاب نارية صوب المسجد والمصلين. وأدى هذا التراشق إلى إصابة 15 شخصاً من الطرفين والمارة إلى جانب صحافيين. وأصدرت جماعة الإخوان في الإسكندرية، بياناً أكدت فيه عدم وجود أعضاء لها في الإسكندرية لاحتشادهم في القاهرة أمام قصر الاتحادية. وأكدت أنها قادرة على رد الصاع صاعين «لكننا نحترم الدولة ومؤسساتها». وتخلل الاحتجاجات قيام عدد من نشطاء الأحزاب المدنية باقتحام المقر الرئيسي لحزب الحرية والعدالة والكائن على بعد 40 متر من منطقة الاشتباكات. وقاموا بإلقاء محتوياته في الشارع وإشعال النار بها، قبل أن يتوجهوا في مسيرة لاقتحام باقي المقار. وهو ما تكرر في محافظات أخرى بينها السويس وبور سعيد. وفي موازاة الانقسام الداخلي، صدرت ردود فعل غربية محذرةً من تداعيات قرارات مرسي. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أن الولايات المتحدة تعتبر أن الاعلان الدستوري «يثير القلق لدى الكثير من المصريين ولدى المجتمع الدولي»، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن القرارات التي اتخذها مرسي لا تذهب «في الاتجاه الصحيح»، دعا الاتحاد الأوروبي الرئيس المصري إلى احترام «العملية الديموقراطية».

المصدر : محمد الخولي \ الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة