لا تظهر "الاعترافات" السريعة عربياً ودولياً بـ"ائتلاف الدوحة" حقيقة هذا الائتلاف الهجين الذي ولد بعد ضغوط دولية هائلة مورست على "الإخوان" وبقية المعارضين السوريين، لكنه لم يبصر النور إلا بعد صفقة أميركية - سعودية - تركية - قطرية، سمحت لمجلس اسطنبول بالحصول على حصة هامة من القرار في هذا المجلس، وتطيير "الحكومة الانتقالية" لصالح شكل جديد من أشكال المعارضة يراد له أن يكون رأس حربة إسقاط سورية في المحور الأميركي.

التدخل الأميركي بدا صريحاً ووقحاً، فسمّى المعارضون - وليس المؤيدين للنظام - مبادرة توحيد المعارضة المقترحة باسم السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، الذي كان حاضراً مع وفد كبير من وزارة الخارجية، ترأسته مساعدة الوزيرة اليزابيث جونز؛ خليفة السفير جيفري فيلتمان.

قد يقول كثيرون إن "الإخوان" قد انهزموا أمام الضغوط الدولية، لكن هؤلاء يبدون سعداء بما حصلوا عليه من خلال "الصفقة" التي يرون أنها أتت لصالحهم، وما عليهم سوى انتصار فشل هذا الائتلاف، وعودتهم إلى الساحة عبر "المجلس الوطني"، الذي يرفض أن يذوب في أي صيغة أخرى، فالكعكة كبيرة، ولا يمكن التهاون بأي حصة، مهما كانت.

لقد استنفرت الدول المشاركة في المؤامرة على سورية كل جهودها، وكانت العاصمة القطرية مرتعاً لأكبر تجمّع من نوعه لـ"التناقضات السورية"، والهدف على ما يبدو كان واضحاً لجهة تشكيل هيئة موحدة تمتلك القرار، وتحظى بالدعم اللامحدود لمواجهة الإخفاقات التي تحصل على الأرض السورية، التي يدفع ثمنها أولاً الشعب السوري موتاً وتقتيلاً ودماراً، لكنها في الوقت نفسه تتهدد أصحاب المشروع بانفلات الأمور من أيديهم، وعدم وجود مطواعين جديرين بالاهتمام في المستقبل.

وكان اللافت أن "المجلس الوطني" الذي أتى الدوحة مدعوماً بالوعود التركية، قد أحس في لحظة ما أنه متروك لوحده في مواجهة الضغوط الأميركية - السعودية، مقابل تخلٍّ تركي - قطري عنه لصالح "الصفقة"، فبعد أن مارس المجلس سياسة إقصاء خصومه عبر تطيير صاحب مبادرة "سيف - فورد"؛ رياض سيف وجورج صبرا، وجد أن الأمور ستفلت من يديه، فعمد إلى خطة طوارئ تشمل تجميل المجلس الوطني، بإدخال صبرا "الساقط انتخابياً" إلى المجلس ممثلاً لـ"الحراك" الذي يُعتبر أكثر الفصائل المسلحة تطرفاً، وأقربها إلى الفكر "القاعدي".

وهكذا جرى "انتخاب" صبرا عضواً في الأمانة العامة، التي فشل أن يدخلها من باب "الانتخابات"، فدخلها من شباك الصفقة، في محاولة من "الإخوان" لتجميل "الواقع السوري"، الذي أخاف الغرب بعد تغلغل "الجهاديين" في صفوفه إلى حد كبير جداً، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن المقاتلين "الثوار" في سورية يخسرون دعماً مهماً من عامة السوريين الذين يزداد لديهم الشعور بالاشمئزاز من أفعال بعض "الثوار"، والتي تشمل مهمات سيئة التخطيط، ودماراً بلا معنى، وسلوكاً إجرامياً، وقتل سجناء بدم بارد.

في المقابل، لفتت أوساط غربية إلى "ارتياح" غربي لتصريحات ما يسمى "الجيش الحر" حول الوضع في الجولان المحتل. فعلى الرغم من البيان الطريف الذي "يهدد إسرائيل" ويطلب منها عدم التدخل في المعارك الدائرة هناك تحت طائلة "التصرف معها"، كان لافتاً التصريح الذي أدلى به رئيس "المجالس العسكرية" مصطفى الشيخ، حول أن "الجيش الحر ليس بصدد الدخول في مواجهة مع إسرائيل"، متمنياً على المجتمع الدولي أن "يتخذ الإجراءات اللازمة كي لا ينتقل الصراع في سورية إلى صراع إقليمي"، علماً أن الشيخ نفسه كان نبّه من أن عدم تحرك العالم سريعاً لدعم المعارضة السورية "يعني تحوّل عناصرها إلى مجموعة من الإرهابيين".

 الثبات

  • فريق ماسة
  • 2012-11-14
  • 6219
  • من الأرشيف

ميليشا الجيش الحر يطمئن الغرب: لسنا في وارد الدخول في صراع مع "إسرائيل"

لا تظهر "الاعترافات" السريعة عربياً ودولياً بـ"ائتلاف الدوحة" حقيقة هذا الائتلاف الهجين الذي ولد بعد ضغوط دولية هائلة مورست على "الإخوان" وبقية المعارضين السوريين، لكنه لم يبصر النور إلا بعد صفقة أميركية - سعودية - تركية - قطرية، سمحت لمجلس اسطنبول بالحصول على حصة هامة من القرار في هذا المجلس، وتطيير "الحكومة الانتقالية" لصالح شكل جديد من أشكال المعارضة يراد له أن يكون رأس حربة إسقاط سورية في المحور الأميركي. التدخل الأميركي بدا صريحاً ووقحاً، فسمّى المعارضون - وليس المؤيدين للنظام - مبادرة توحيد المعارضة المقترحة باسم السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، الذي كان حاضراً مع وفد كبير من وزارة الخارجية، ترأسته مساعدة الوزيرة اليزابيث جونز؛ خليفة السفير جيفري فيلتمان. قد يقول كثيرون إن "الإخوان" قد انهزموا أمام الضغوط الدولية، لكن هؤلاء يبدون سعداء بما حصلوا عليه من خلال "الصفقة" التي يرون أنها أتت لصالحهم، وما عليهم سوى انتصار فشل هذا الائتلاف، وعودتهم إلى الساحة عبر "المجلس الوطني"، الذي يرفض أن يذوب في أي صيغة أخرى، فالكعكة كبيرة، ولا يمكن التهاون بأي حصة، مهما كانت. لقد استنفرت الدول المشاركة في المؤامرة على سورية كل جهودها، وكانت العاصمة القطرية مرتعاً لأكبر تجمّع من نوعه لـ"التناقضات السورية"، والهدف على ما يبدو كان واضحاً لجهة تشكيل هيئة موحدة تمتلك القرار، وتحظى بالدعم اللامحدود لمواجهة الإخفاقات التي تحصل على الأرض السورية، التي يدفع ثمنها أولاً الشعب السوري موتاً وتقتيلاً ودماراً، لكنها في الوقت نفسه تتهدد أصحاب المشروع بانفلات الأمور من أيديهم، وعدم وجود مطواعين جديرين بالاهتمام في المستقبل. وكان اللافت أن "المجلس الوطني" الذي أتى الدوحة مدعوماً بالوعود التركية، قد أحس في لحظة ما أنه متروك لوحده في مواجهة الضغوط الأميركية - السعودية، مقابل تخلٍّ تركي - قطري عنه لصالح "الصفقة"، فبعد أن مارس المجلس سياسة إقصاء خصومه عبر تطيير صاحب مبادرة "سيف - فورد"؛ رياض سيف وجورج صبرا، وجد أن الأمور ستفلت من يديه، فعمد إلى خطة طوارئ تشمل تجميل المجلس الوطني، بإدخال صبرا "الساقط انتخابياً" إلى المجلس ممثلاً لـ"الحراك" الذي يُعتبر أكثر الفصائل المسلحة تطرفاً، وأقربها إلى الفكر "القاعدي". وهكذا جرى "انتخاب" صبرا عضواً في الأمانة العامة، التي فشل أن يدخلها من باب "الانتخابات"، فدخلها من شباك الصفقة، في محاولة من "الإخوان" لتجميل "الواقع السوري"، الذي أخاف الغرب بعد تغلغل "الجهاديين" في صفوفه إلى حد كبير جداً، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن المقاتلين "الثوار" في سورية يخسرون دعماً مهماً من عامة السوريين الذين يزداد لديهم الشعور بالاشمئزاز من أفعال بعض "الثوار"، والتي تشمل مهمات سيئة التخطيط، ودماراً بلا معنى، وسلوكاً إجرامياً، وقتل سجناء بدم بارد. في المقابل، لفتت أوساط غربية إلى "ارتياح" غربي لتصريحات ما يسمى "الجيش الحر" حول الوضع في الجولان المحتل. فعلى الرغم من البيان الطريف الذي "يهدد إسرائيل" ويطلب منها عدم التدخل في المعارك الدائرة هناك تحت طائلة "التصرف معها"، كان لافتاً التصريح الذي أدلى به رئيس "المجالس العسكرية" مصطفى الشيخ، حول أن "الجيش الحر ليس بصدد الدخول في مواجهة مع إسرائيل"، متمنياً على المجتمع الدولي أن "يتخذ الإجراءات اللازمة كي لا ينتقل الصراع في سورية إلى صراع إقليمي"، علماً أن الشيخ نفسه كان نبّه من أن عدم تحرك العالم سريعاً لدعم المعارضة السورية "يعني تحوّل عناصرها إلى مجموعة من الإرهابيين".  الثبات

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة