استغلت حكومة بنيامين نتنياهو انشغال العالم بانتخابات الرئاسة الأميركية، لإطلاق مشروع استيطاني يشمل مئات الوحدات في الأراضي المحتلة، إذ أصدرت وزارة الإسكان الإسرائيلية، أمس، قراراً بطرح عطاءات للبدء ببناء 1285 وحدة جديدة في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين.

وبعد انتهاء موسم الزيتون الذي تعكره سنوياً اعتداءات المستوطنين المكثفة على أراضي الفلسطينيين ومحصولهم، يواجه أصحاب الأرض اليوم ما يمكن وصفه بأنه «موسم استيطاني جديد»، على مسافة أسابيع من انتخابات الكنيست، حيث يقع الاستيطان في صلب الدعاية التي يمارسها نتنياهو وحزبه الليكود للفوز بهذه المعركة، علماً بأن تحالف الأخير من حزب وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، لم يكن سوى إشارة أكبر على تكريس سلب الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى مستوطنات.

ومن اللافت أيضاً، أنه في الوقت الذي أدخل فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نفسه في انتخابات الكنيست، من خلال توجهه للإسرائيليين عبر القناة الإسرائيلية الثانية، ليعلن تخليه عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، بهدف «تهدئة نفوس الإسرائيليين» من خطوته لطلب دولة غير عضو في الأمم المتحدة، يعتمد نتنياهو على اغتصاب «الأرض الفلسطينية» لكسب الأصوات.

وذكرت حركة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان أن وزارة الإسكان الإسرائيلية طرحت عطاءات لبناء 1285 وحدة استيطانية. وبحسب ما نشرته الحركة على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت، فإن هذه الوحدات تتوزع بين 607 وحدات في مستوطنة «بيسغات زئيف»، و606 وحدات في مستوطنة «رموت»، اللتين تقعان في القدس الشرقية، وبين 72 وحدة في مستوطنة «ارييل» في شمالي الضفة الغربية.

 

وبحسب «السلام الآن»، فإن هذه الخطوة الاستيطانية تعكس «خوف نتنياهو من الإدارة الأميركية الجديدة، ولذلك فقد اختار يوم الانتخابات الرئاسية تحديداً لنشر العطاءات، حيث سيكون هناك اهتمام محدود بالخطوة».

من جهته، رأى الباحث في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، في حديث إلى «السفير»، أن الخطة الاستيطانية الجديدة تستهدف توسيع مستوطنتي «بيسغات زئيف» و«رموت» اللتين تقعان إلى الجنوب الشرقي من منطقة الخضر، وذلك لوصل هاتين المستوطنتين بالتجمع الاستيطاني الكبير في الضفة الغربية «غوش عتسيون».

وفي النتيجة، يضيف حنتش، فإن هذه الخطة ستؤدي إلى «محاصرة مدينة بيت لحم، على غرار ما حدث في مدينة القدس، علماً بأن بيت لحم قد تحولت فعلاً إلى كانتون صغير محاط بالمستوطنات».

يذكر أن الأراضي التي تمتد عليها المستوطنات في الخضر، هي أراض فلسطينية خاصة، وقد صدرت أوامر عسكرية سابقاً تدّعي عكس ذلك، وبما أن إسرائيل «فوق القانون الدولي»، فليس هناك من يحاسب، بحسب ما يقول حنتش، الذي يرى أن تلك السياسة لا بد من أن تتعزز أكثر في حال فوز المرشح الجمهوري ميت رومني بالرئاسة الأميركية، خاصة أن الأخير جاهر بإعطائه الضوء الأخضر مسبقاً للحكومة الإسرائيلية.

أمّا مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس فلم ير في قرار وزارة الإسكان الإسرائيلية طرح العطاءات الآن سوى أنه جزء من الدعاية الانتخابية بهدف إرضاء المستوطنين.

ويشرح دغلس، في حديث إلى «السفير»، أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية وصل إلى 600 ألف، من بينهم 250 ألفا في القدس وحدها، وهم يتجمعون في المدينة المحتلة ضمن 34 مستوطنة و13 بؤرة.

ومن المعروف أن الأحزاب الإسرائيلية تجد في الاستيطان ملاذاً لها للحصول على دعم الناخبين. وفي هذا الإطار، يقول دغلس ان «الأصوات الانتخابية (الإسرائيلية) تستند إلى ركيزتين: الدم في غزة والأرض في الضفة الغربية».

وبحسب دغلس، فإن عدد المستوطنين كما هو واضح جداً في تزايد مستمر خصوصاً في القدس، وهي بالطبع «مستهدفة» بدرجة أولى، ذلك أن سياسة سلطات الاحتلال تقوم على «إفراغ الأرض من سكانها»، وتسعى بالتالي لزيادة عدد المستوطنين ليضاهي عدد الفلسطينيين في القدس بحلول العام 2016.

بدوره، يتفق حنتش مع الرأي القائل بأن ثمة ارتباطا جوهريا بين الاستيطان والانتخابات، إذ يرى أن «نتنياهو لا بد من أن يحس صورته» من خلال تكثيف النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة، لكنه يرى أن «الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد»، أي انه لن يقتصر على بناء 1200 وحدة جديدة، إذ سبق أن صدرت منذ فترة أوامر بإعطاء المتقاعدين في الجيش والشرطة منطقة قرب قرية صور باهر في جنوبي شرقي القدس لبناء وحدات استيطانية خاصة بهم.

وفي ما يؤكد رأي حنتش، وفي خطوة قد تمهد لمشاريع استيطانية في المستقبل، هدمت قوات الاحتلال أمس منزلين وحظيرتين للأغنام وبئر للشرب في منطقة الديرات واللتوانة في شرقي مدينة يطا، وأخطرت عدة منازل بالهدم بحجة عدم حصول أصحابها على تراخيص للبناء.

بدوره، يرى دغلس أن النشاط الاستيطاني مستمر بصرف النظر عن الفائز في انتخابات الكنيست، إذ يرى أن «جميع الساسة الإسرائيليين، سواء في الليكود أو العمل أو كديما... يرون في الاستيطان حاجة ضرورية، وبالتالي فإن شيئاً لن يؤثر في السياسة الاستيطانية، بل ان تعزيزها مستمر».

السلطة الفلسطينية، كعادتها، سارعت إلى إصدار بيان استنكرت فيه القرارات الاستيطانية الأخيرة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ان «هذا النهج الاستيطاني المستمر لحكومة الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يدفعنا إلى أخذ حقنا الكامل بالتوجه للأمم المتحدة لنيل مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة هذا الشهر من أجل مواجهة هذه السياسة الإسرائيلية الاستيطانية الشرسة».

  • فريق ماسة
  • 2012-11-06
  • 14543
  • من الأرشيف

استغلال إسرائيلي للسباق الأميركي: مشروع استيطاني لبناء 1285 وحدة

استغلت حكومة بنيامين نتنياهو انشغال العالم بانتخابات الرئاسة الأميركية، لإطلاق مشروع استيطاني يشمل مئات الوحدات في الأراضي المحتلة، إذ أصدرت وزارة الإسكان الإسرائيلية، أمس، قراراً بطرح عطاءات للبدء ببناء 1285 وحدة جديدة في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين. وبعد انتهاء موسم الزيتون الذي تعكره سنوياً اعتداءات المستوطنين المكثفة على أراضي الفلسطينيين ومحصولهم، يواجه أصحاب الأرض اليوم ما يمكن وصفه بأنه «موسم استيطاني جديد»، على مسافة أسابيع من انتخابات الكنيست، حيث يقع الاستيطان في صلب الدعاية التي يمارسها نتنياهو وحزبه الليكود للفوز بهذه المعركة، علماً بأن تحالف الأخير من حزب وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، لم يكن سوى إشارة أكبر على تكريس سلب الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى مستوطنات. ومن اللافت أيضاً، أنه في الوقت الذي أدخل فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نفسه في انتخابات الكنيست، من خلال توجهه للإسرائيليين عبر القناة الإسرائيلية الثانية، ليعلن تخليه عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، بهدف «تهدئة نفوس الإسرائيليين» من خطوته لطلب دولة غير عضو في الأمم المتحدة، يعتمد نتنياهو على اغتصاب «الأرض الفلسطينية» لكسب الأصوات. وذكرت حركة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان أن وزارة الإسكان الإسرائيلية طرحت عطاءات لبناء 1285 وحدة استيطانية. وبحسب ما نشرته الحركة على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت، فإن هذه الوحدات تتوزع بين 607 وحدات في مستوطنة «بيسغات زئيف»، و606 وحدات في مستوطنة «رموت»، اللتين تقعان في القدس الشرقية، وبين 72 وحدة في مستوطنة «ارييل» في شمالي الضفة الغربية.   وبحسب «السلام الآن»، فإن هذه الخطوة الاستيطانية تعكس «خوف نتنياهو من الإدارة الأميركية الجديدة، ولذلك فقد اختار يوم الانتخابات الرئاسية تحديداً لنشر العطاءات، حيث سيكون هناك اهتمام محدود بالخطوة». من جهته، رأى الباحث في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، في حديث إلى «السفير»، أن الخطة الاستيطانية الجديدة تستهدف توسيع مستوطنتي «بيسغات زئيف» و«رموت» اللتين تقعان إلى الجنوب الشرقي من منطقة الخضر، وذلك لوصل هاتين المستوطنتين بالتجمع الاستيطاني الكبير في الضفة الغربية «غوش عتسيون». وفي النتيجة، يضيف حنتش، فإن هذه الخطة ستؤدي إلى «محاصرة مدينة بيت لحم، على غرار ما حدث في مدينة القدس، علماً بأن بيت لحم قد تحولت فعلاً إلى كانتون صغير محاط بالمستوطنات». يذكر أن الأراضي التي تمتد عليها المستوطنات في الخضر، هي أراض فلسطينية خاصة، وقد صدرت أوامر عسكرية سابقاً تدّعي عكس ذلك، وبما أن إسرائيل «فوق القانون الدولي»، فليس هناك من يحاسب، بحسب ما يقول حنتش، الذي يرى أن تلك السياسة لا بد من أن تتعزز أكثر في حال فوز المرشح الجمهوري ميت رومني بالرئاسة الأميركية، خاصة أن الأخير جاهر بإعطائه الضوء الأخضر مسبقاً للحكومة الإسرائيلية. أمّا مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس فلم ير في قرار وزارة الإسكان الإسرائيلية طرح العطاءات الآن سوى أنه جزء من الدعاية الانتخابية بهدف إرضاء المستوطنين. ويشرح دغلس، في حديث إلى «السفير»، أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية وصل إلى 600 ألف، من بينهم 250 ألفا في القدس وحدها، وهم يتجمعون في المدينة المحتلة ضمن 34 مستوطنة و13 بؤرة. ومن المعروف أن الأحزاب الإسرائيلية تجد في الاستيطان ملاذاً لها للحصول على دعم الناخبين. وفي هذا الإطار، يقول دغلس ان «الأصوات الانتخابية (الإسرائيلية) تستند إلى ركيزتين: الدم في غزة والأرض في الضفة الغربية». وبحسب دغلس، فإن عدد المستوطنين كما هو واضح جداً في تزايد مستمر خصوصاً في القدس، وهي بالطبع «مستهدفة» بدرجة أولى، ذلك أن سياسة سلطات الاحتلال تقوم على «إفراغ الأرض من سكانها»، وتسعى بالتالي لزيادة عدد المستوطنين ليضاهي عدد الفلسطينيين في القدس بحلول العام 2016. بدوره، يتفق حنتش مع الرأي القائل بأن ثمة ارتباطا جوهريا بين الاستيطان والانتخابات، إذ يرى أن «نتنياهو لا بد من أن يحس صورته» من خلال تكثيف النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة، لكنه يرى أن «الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد»، أي انه لن يقتصر على بناء 1200 وحدة جديدة، إذ سبق أن صدرت منذ فترة أوامر بإعطاء المتقاعدين في الجيش والشرطة منطقة قرب قرية صور باهر في جنوبي شرقي القدس لبناء وحدات استيطانية خاصة بهم. وفي ما يؤكد رأي حنتش، وفي خطوة قد تمهد لمشاريع استيطانية في المستقبل، هدمت قوات الاحتلال أمس منزلين وحظيرتين للأغنام وبئر للشرب في منطقة الديرات واللتوانة في شرقي مدينة يطا، وأخطرت عدة منازل بالهدم بحجة عدم حصول أصحابها على تراخيص للبناء. بدوره، يرى دغلس أن النشاط الاستيطاني مستمر بصرف النظر عن الفائز في انتخابات الكنيست، إذ يرى أن «جميع الساسة الإسرائيليين، سواء في الليكود أو العمل أو كديما... يرون في الاستيطان حاجة ضرورية، وبالتالي فإن شيئاً لن يؤثر في السياسة الاستيطانية، بل ان تعزيزها مستمر». السلطة الفلسطينية، كعادتها، سارعت إلى إصدار بيان استنكرت فيه القرارات الاستيطانية الأخيرة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ان «هذا النهج الاستيطاني المستمر لحكومة الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يدفعنا إلى أخذ حقنا الكامل بالتوجه للأمم المتحدة لنيل مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة هذا الشهر من أجل مواجهة هذه السياسة الإسرائيلية الاستيطانية الشرسة».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة