للمواطن البحريني موعد سنوي، ينتظر فيه تقرير الرقابة المالية والإدارية، ليتعرّف على مكامن الفساد في الوزارات والإدارات والشركات الحكومية. ولكن على مدار الثماني سنوات التي بدأ فيها "ديوان الرقابة المالية والإدارية" إصدار تقريره في كل عام، لم يخرج عنه أية توصيات بمحاسبة المسؤولين.

تقرير العام 2011، الصادر منذ أيام، كشف عن استمرار المخالفات المالية والإدارية في العديد من مؤسسات وهيئات ووزارات الدولة، الأمر الذي نتج عنه هدر ملايين الدنانير، بالإضافة إلى المخالفات الإدارية الجسيمة، التي تمثّلت في عمليات توظيف وترقيات غير قانونية، ووجود قصور كبير في الهياكل والمسميات والأوصاف الوظيفية. كما كشف عن ارتكاب مخالفات مالية كبيرة، من بينها استمرار 8 مؤسسات حكومية على الأقل، في تجاهل قانون المناقصات، وإبرام اتفاقيات شراء دون الالتزام بالقانون.

وأشار التقرير إلى استمرار إحدى الوزارات عدم تسليم بيانات مالية مدققة منذ العام 2007، وهو ما يخالف قانون الموازنة العامة للدولة، كما تأخرت 17 وزارة ومؤسسة حكومية في تسليم بياناتها المالية المدققة في الموعد المحدّد، واستمرار 17 جهة حكومية من أصل 53، بتحميل السنة المالية 2011 مصروفات تخص السنة المالية 2010، وقد بلغ مجموع ما تم حصره منها 2.6 مليون دينار (6.9 مليون دولار).

وخلص التقرير إلى حدوث العديد من المخالفات المالية في شركتي، نفط البحرين "بابكو"، وألومينيوم البحرين "ألبا" التي أدت إلى هدر ملايين الدنانير، وإلى وجود مخالفات في عمليات التوظيف والترقيات في شركة "بابكو"، لافتاً إلى تراكم المبالغ المستحقة لـ"بابكو" من العديد من الجهات والشركات، والتي تصل الى 231 مليون دينار (611 مليون دولار).

وتعليقا على صدور التقرير، قال الأمين العام لـ"التجمع القومي"، الدكتور حسن العالي لـ"السفير" إنه "بشكل عام، على مدار السنوات الثماني التي أصدر فيها ديوان الرقابة المالية والإدارية تقاريراً لتدقيق مصروفات الحكومة، تبين أن هناك توسعاً أفقياً وعمودياً في مظاهر الفساد، حتى المؤسسات التي جاءت لتصلح الفساد طالها الفساد، كصندوق العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وشركة ممتلكات البحرين".

ويشير الدكتور العالي إلى أنه أضيفت مؤخراً للديوان مسؤولية الرقابة الإدارية، وهو ما يفضح سياسة التعيين، خصوصاً في المناصب العليا، والتي لا تعتمد على الكفاءة بل على الولاء والمحسوبية.

وأعاب الدكتور حسن العالي على تقرير الرقابة أنه لا يشمل إلا الجهات والإدارات الحكومية ولكنه لا يشمل على ما يدور خارج أسوار الحكومة. فهناك فساد في بيع الأراضي والممتلكات العامة التي لا تخضع للرقابة، لذلك تطالب الجمعيات السياسية المعارضة بهيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، لها صلاحيات المراقبة والمحاسبة.

أما رئيس "جمعية الشفافية البحرينية" عبد النبي العكري، فانتقد آلية عمل ديوان الرقابة المالية، قائلاً إنه "في الوضع الحالي الذي يعمل فيه ديوان الرقابة المالية والإدارية، لا يمكن محاربة الفساد أو تحقيق العدل والحفاظ على الأموال العامة، فهو كجهاز رقابي غير فاعل، فالآلية التي يعمل بها الديوان لا تلبي الغرض، ولكن يجب أن يتحول إلى جهاز رقابي فاعل، كما في البلدان الأخرى. كما يجب أن يحدد التقرير الفاسدين، ويحيل كل القضايا التي فيها شبهة فساد إلى النائب العام".

أما النائب البرلماني أحمد الساعاتي، فيرى أن تقرير الرقابة عمل مهني محترف، قام بالرصد والرقابة والتدقيق على المعاملات الادارية والمالية للوزارات والمؤسسات الحكومية بمهنية وحسب المعايير العالمية، وتناول بشكل شفافية ودقة أخطاء المعاملات والتجاوزات.

وأشار إلى أن هذه التجاوزات والمخالفات وقضايا الفساد يتحملها الوزير، فهو المسؤول السياسي عن الوزارة، الذي يساءل أمام مجلس الوزراء والمجلس النيابي، فهناك من الأخطاء ما كبّد خزينة الدولة ملايين من الأموال المهدرة التي كان بالامكان استغلالها بشكل أفضل. وأضاف "نحن في البرلمان بانتظار تقرير اللجنة المالية التي ستعمل على تقرير الرقابة المالية والإدارية، ومن ثم سنبدأ في النظر في الأخطاء وأسبابها".

ويرى الساعاتي أنه من المؤسف أن تتكرر نفس الأخطاء والتجاوزات في بعض الوزارات والإدارات على مدار سنوات، ويعتقد أن هناك خللا في الجهاز الحكومي يتطلب تغيير بعض المسؤولين في الحكومة من وزراء ومدراء، مؤكداً أنه لا يدعي أن هناك سوء نية ولكن يجب أن يعمل ديوان الخدمة المدنية وهيئة التشريع ومجلس المناقصات وديوان الرقابة المالية والإدارية على عملية توعية وتثقيف وتدريب الوزراء والمدراء على اللوائح التي يتجاوزونها بسبب الجهل.

وردا على تلكؤ مجلس النواب في حل قضايا الفساد وعدم فعاليته فيها، قال النائب أحمد الساعاتي إنه "ليس لدى مجلس النواب العصا السحرية ولا يملك كل الصلاحيات التشريعية والمحاسبة وغيرها".
  • فريق ماسة
  • 2012-11-01
  • 5689
  • من الأرشيف

البحرين: قضايا فساد وتجاوزات في تقرير الرقابة المالية

للمواطن البحريني موعد سنوي، ينتظر فيه تقرير الرقابة المالية والإدارية، ليتعرّف على مكامن الفساد في الوزارات والإدارات والشركات الحكومية. ولكن على مدار الثماني سنوات التي بدأ فيها "ديوان الرقابة المالية والإدارية" إصدار تقريره في كل عام، لم يخرج عنه أية توصيات بمحاسبة المسؤولين. تقرير العام 2011، الصادر منذ أيام، كشف عن استمرار المخالفات المالية والإدارية في العديد من مؤسسات وهيئات ووزارات الدولة، الأمر الذي نتج عنه هدر ملايين الدنانير، بالإضافة إلى المخالفات الإدارية الجسيمة، التي تمثّلت في عمليات توظيف وترقيات غير قانونية، ووجود قصور كبير في الهياكل والمسميات والأوصاف الوظيفية. كما كشف عن ارتكاب مخالفات مالية كبيرة، من بينها استمرار 8 مؤسسات حكومية على الأقل، في تجاهل قانون المناقصات، وإبرام اتفاقيات شراء دون الالتزام بالقانون. وأشار التقرير إلى استمرار إحدى الوزارات عدم تسليم بيانات مالية مدققة منذ العام 2007، وهو ما يخالف قانون الموازنة العامة للدولة، كما تأخرت 17 وزارة ومؤسسة حكومية في تسليم بياناتها المالية المدققة في الموعد المحدّد، واستمرار 17 جهة حكومية من أصل 53، بتحميل السنة المالية 2011 مصروفات تخص السنة المالية 2010، وقد بلغ مجموع ما تم حصره منها 2.6 مليون دينار (6.9 مليون دولار). وخلص التقرير إلى حدوث العديد من المخالفات المالية في شركتي، نفط البحرين "بابكو"، وألومينيوم البحرين "ألبا" التي أدت إلى هدر ملايين الدنانير، وإلى وجود مخالفات في عمليات التوظيف والترقيات في شركة "بابكو"، لافتاً إلى تراكم المبالغ المستحقة لـ"بابكو" من العديد من الجهات والشركات، والتي تصل الى 231 مليون دينار (611 مليون دولار). وتعليقا على صدور التقرير، قال الأمين العام لـ"التجمع القومي"، الدكتور حسن العالي لـ"السفير" إنه "بشكل عام، على مدار السنوات الثماني التي أصدر فيها ديوان الرقابة المالية والإدارية تقاريراً لتدقيق مصروفات الحكومة، تبين أن هناك توسعاً أفقياً وعمودياً في مظاهر الفساد، حتى المؤسسات التي جاءت لتصلح الفساد طالها الفساد، كصندوق العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وشركة ممتلكات البحرين". ويشير الدكتور العالي إلى أنه أضيفت مؤخراً للديوان مسؤولية الرقابة الإدارية، وهو ما يفضح سياسة التعيين، خصوصاً في المناصب العليا، والتي لا تعتمد على الكفاءة بل على الولاء والمحسوبية. وأعاب الدكتور حسن العالي على تقرير الرقابة أنه لا يشمل إلا الجهات والإدارات الحكومية ولكنه لا يشمل على ما يدور خارج أسوار الحكومة. فهناك فساد في بيع الأراضي والممتلكات العامة التي لا تخضع للرقابة، لذلك تطالب الجمعيات السياسية المعارضة بهيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، لها صلاحيات المراقبة والمحاسبة. أما رئيس "جمعية الشفافية البحرينية" عبد النبي العكري، فانتقد آلية عمل ديوان الرقابة المالية، قائلاً إنه "في الوضع الحالي الذي يعمل فيه ديوان الرقابة المالية والإدارية، لا يمكن محاربة الفساد أو تحقيق العدل والحفاظ على الأموال العامة، فهو كجهاز رقابي غير فاعل، فالآلية التي يعمل بها الديوان لا تلبي الغرض، ولكن يجب أن يتحول إلى جهاز رقابي فاعل، كما في البلدان الأخرى. كما يجب أن يحدد التقرير الفاسدين، ويحيل كل القضايا التي فيها شبهة فساد إلى النائب العام". أما النائب البرلماني أحمد الساعاتي، فيرى أن تقرير الرقابة عمل مهني محترف، قام بالرصد والرقابة والتدقيق على المعاملات الادارية والمالية للوزارات والمؤسسات الحكومية بمهنية وحسب المعايير العالمية، وتناول بشكل شفافية ودقة أخطاء المعاملات والتجاوزات. وأشار إلى أن هذه التجاوزات والمخالفات وقضايا الفساد يتحملها الوزير، فهو المسؤول السياسي عن الوزارة، الذي يساءل أمام مجلس الوزراء والمجلس النيابي، فهناك من الأخطاء ما كبّد خزينة الدولة ملايين من الأموال المهدرة التي كان بالامكان استغلالها بشكل أفضل. وأضاف "نحن في البرلمان بانتظار تقرير اللجنة المالية التي ستعمل على تقرير الرقابة المالية والإدارية، ومن ثم سنبدأ في النظر في الأخطاء وأسبابها". ويرى الساعاتي أنه من المؤسف أن تتكرر نفس الأخطاء والتجاوزات في بعض الوزارات والإدارات على مدار سنوات، ويعتقد أن هناك خللا في الجهاز الحكومي يتطلب تغيير بعض المسؤولين في الحكومة من وزراء ومدراء، مؤكداً أنه لا يدعي أن هناك سوء نية ولكن يجب أن يعمل ديوان الخدمة المدنية وهيئة التشريع ومجلس المناقصات وديوان الرقابة المالية والإدارية على عملية توعية وتثقيف وتدريب الوزراء والمدراء على اللوائح التي يتجاوزونها بسبب الجهل. وردا على تلكؤ مجلس النواب في حل قضايا الفساد وعدم فعاليته فيها، قال النائب أحمد الساعاتي إنه "ليس لدى مجلس النواب العصا السحرية ولا يملك كل الصلاحيات التشريعية والمحاسبة وغيرها".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة