دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كان وزير الداخلية مروان شربل أوّل من عرف أنّ العميد وسام الحسن هو من قضى في انفجار الأشرفية بعد وصوله إلى المكان وتفقد السيارة المستهدفة، من خلال بقايا مسدس الحسن وبندقية الكلاشينكوف. وعلى الفور ابلغ عدداً من الشخصيات. كما كان ضباط مكتب المعلومات يدركون ما حلّ بمسؤولهم لحظة وصولهم إلى عين المكان، فهم يعرفون خطّ سير قائدهم والسيارة وجغرافية المنطقة التي كان يتحرّك فيها.
ويقول مدعي عام التمييز القاضي حاتم ماضي إن الوزير شربل ابلغه بالامر، وانه سارع الى معاينة المكان من جميع الزوايا، ووصل به الامر الى الشارع الموازي لمكان الانفجار فوجد فيه اشلاء آدمية، منها قطعة بحجم الكف على مصباح احدى السيارات واشلاء اخرى متناثرة هنا وهناك منها اصبع يد. وقد تم رفع البصمة عنه وأُرسل الى الجهات المختصة حيث قامت برفع البصمة واجراء فحص الـ (دي أن آي)، فتمّ التأكد من انه يعود الى العميد الحسن.
ويقول القاضي ماضي إنه سأل اعضاء مكتب الحقيق الفيدرالي ما إذا كانوا ادلوا بأي تصريح للاعلاميين فنفوا الامر، وقال إن الذين يعرفون عمل هذه الوحدات يدركون جيداً انهم لا يمكن ان يدلوا بتصاريح، وان طريقة عمل هؤلاء تقضي برفع تقارير الى المسؤولين عنهم، الذين يدلون بمواقف وتصريحات. ولذلك، فهو قال إن ما قيل وسيقال غير صحيح، باعتبار ان المرحلة الراهنة تركز على جمع المعلومات والادلة والخيوط، وانها ما زالت في البدايات.
ويتوقف القاضي ماضي عند نوعية مادة التفجير فيقول إنها مماثلة لـ (سي فور)، بما يقارب الثلاثين كيلوغراماً، لكنها من نوع مضغوط بحيث تؤدي مهام مائة كيلوغرام، بدليل أن الانفجار عصف بالشارع من اوله الى آخره وقذف بأجزاء من السيارات الى الشارع الموازي، واطاح بالشرفات كلها في المبنى المقابل للانفجار.
ومن الملاحظات والتدقيق في المكان ان المنفذين ركنوا السيارة المفخخة في اليوم نفسه قبل ساعات قليلة من زمان الانفجار، بعدما حجزوا المكان بسيارة قبل فترة زمنية قد تصل الى خمسة عشر يوما لضمان الحصول على الموقف عند الحاجة، والأدهى من ذلك انهم تركوا المكان المقابل فارغاً لانهم يدركون ان هذا النوع من المتفجرات تلحق عصفاً كبيراً بالمكان من خلال الفراغات فتنتج اضعاف قوتها.
وايضا، تمّ مراقبة كاميرات التصوير في المكان، فشوهد الشخص الذي ركن السيارة وخرج منها، وظهر من حركته انه كان يعلم بوجود الكاميرا، فخرج من السيارة ورفع ياقة الجاكيت التي كان يرتديها وهو يعتمر قبعة. وبنتيجة المعاينة أيضاً، تمّ التأكد من أن التفجير حصل بواسطة جهاز التحكم عن بعد، وليس بواسطة التوكي ووكي.
بعد تجميع هذه المعلومات، من المفترض ان تقوم الاجهزة القضائية المختصة بدراسة الفرضيات والاحتمالات، بحيث يصار الى استبعاد الفرضيات التي لا تتناسب مع واقع الجريمة والتركيز على تلك التي تقترب من الواقع وتعززها الادلة والمعلومات والبراهين، بحيث يصار الى تضييق دائرة البحث والانطلاق الى ما يعزّز عمل التحقيق الميداني.
ومما لا شك فيه، أنّ ما تم جمعه وملاحظته، هو أن من كان يحمي الاخرين، اخطأ بحماية نفسه. ومن هنا فإن الاقوال التي ذهبت الى حد وجود امرأة في حياة المغدور، وأمكن للمنفذين متابعتها، لا تقدم ولا تؤخر بشيء في التحقيق، باعتبار أن معظم ضباط وعناصر مكتب المعلومات كانوا يعرفون بالشقة التي ينام فيها العميد الحسن، ومن غير المستبعد ان يكون سكان البناية يعلمون بذلك أيضاً.
وهذا خطأ امني بالنسبة الى قيادي امني في هذا المستوى، إلا إذا كان لديه بعض الشعور بالامان الدولي وان التعرض له خط احمر، وان من نفذ تجاوز هذا الخط بالاغتيال، تماماً كما كان الحال مع الرئيس رفيق الحريري.
اما عن استخدام المنفذين لهذا القدر من المواد التفجيرية، فيقول القاضي ماضي إن المنفذين يرجون من وراء هذا النوع من المتفجرات ازالة أيّ آثار للجريمة. والدليل على ذلك ان السيارة المفخخة وتلك التي انفجرت اصبحتا كتلاً من الحديد المتطاير، بحيث لا تساعد في العثور على ايّ ادلة اضافية في التحقيقات، لا سيما عندما تختلط بقايا هاتين السيارتين ببقايا السيارات المتوقفة في عين المكان.
يبقى القول إن تضييق دائرة التحقيق تصبح قريبة الى الواقع من خلال ربط هذا النوع من التفجيرات مع اسلوب الجهات التي تنتهج هذا النوع من الاغتيال، ووفق المواد المستخدمة فيه. فعندما تكون المواد المتفجرة سي فور او فوسفور وخلافه، فإن الجهات المصنِّعة لهذا النوع ومكان تسويقها يدل بشكل او بآخر على جهات محدّدة بعينها. لكن الاكيد ان النوع الذي استخدم في جريمة الاشرفية هو نوع جديد ذو قوة وفاعلية اكبر من تلك التي عُرفت في الساحة اللبنانية.
هل تعني هذه التفاصيل ان التحقيقات اقتربت من رسم صورة اولية عن الجريمة والمنفذين؟
إن العاملين في التحقيقات وفي قضايا مماثلة يدركون ان الوقت كفيل بالوصول الى رسم ملامح قرار ظني مبني على الادلة والوقائع، غير ان مشكلتهم تكمن في عامل الوقت، فبينما هم كمن يبحث عن ابرة في كومة قش، يضغط السياسيون والعامة في اتجاه الحصول على نتائج سريعة، فكيف يمكن الوصول الى هكذا نتيجة في ظل اجهزة امنية بالغة التعقيد واصدقاء، لا سيما في قضية اللواء الحسن، يعرفون الاجراءات الامنية ووسائل واساليب المحققين وتحركاتهم؟
المصدر :
الماسة السورية/ التيار الوطني الحر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة