دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا يخفي التصعيد الإعلامي التركي الأخير حيال سورية في طياته أكثر مما يظهر، فإذا كانت السياسة التركية المتمثلة بتقديم الدعم اللوجستي للمعارضين السوريين على طول خط الحدود بين البلدين، وتوقيف الطائرات المتجهة إلى سورية لـ"تفتيشها" تحمل مؤشرات التصعيد بعد القصف اليومي للمواقع السورية، فإن الواقع يقول إن تركيا تهرب إلى الأمام في هذا الملف، لتغطية العجز الكبير في سياستها حيال سورية.. وبالتأكيد فإن الحرب ليست خياراً من خياراتها.
وتقول مصادر تركية إن الحكومة التركية التي استنجدت بالجيش لتقديم الدعم السياسي، تعرف تماماً الاحترام الذي يكنه الشعب التركي لهذه المؤسسة، وتحاول استغلالها من أجل تلميع صورتها، بعد تزايد المؤشرات على التململ الشعبي من سياسة "تصفير المشاكل" التي أتت بمفاعيل عكسية، وهكذا قرر رئيس الأركان "نجدت أوزيل" دفع الثمن من رصيد الجيش، لشكر رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان على تعيينه قائداً للجيش، متجاوزاً عشرات الضباط الأكفّاء والأعلى رتبة، مضطراً إياهم للاستقالة.
ويبدو أن مسارعة أوزيل إلى "نجدة" أردوغان، بتصعيده الكلامي أيضاً ضد سورية، ستأتي بمفاعيل عكسية في الداخل التركي، الذي يتأرجح على وقع صيحات الحرب، ورقصات الموت التي يرقصها نظامه على الحدود مع سورية، خصوصاً أن حملة المعارضة الداخلية لم تتوقف، سواء في المؤسسات التي غالباً ما يكون دورها فيها "تسجيل النقاط"، بسبب تمتع الحزب الحاكم بالأكثرية فيها، أم في الشارع الذي تبدو فيه مرتاحة أكثر، ويتبدى ذلك من التظاهرات شبه اليومية التي تشهدها المناطق التركية ضد الحرب على سورية، وأبرزها تظاهرتان: واحدة لـ"العلويين" في قلب أنقرة، وثانية لذوي الأصول العربية في قلب أنطاكية.
ويشكّك معارضون سوريون في حملة "العلاقات العامة" التي يشنها النظام التركي، فهم مقتنعون بأن النظام لن يقدم على أي شيء - في المدى المنظور على الأقل - يمكن أن يورطه في ما لا يريده، ويكشف المعارضون أن الأتراك بدأوا بتقنين المساعدات العسكرية، لكنهم يعوّضون عنها بالقصف المدفعي والإسناد الناري تحت حجة الرد على "خروقات سورية"، بالإضافة إلى إزعاج الطيران السوري في المناطق الحدودية، ويشير أحد هؤلاء إلى أن هذه الحملات هي مجرد تغطية على عدم الرغبة في مد المعارضين بالمزيد من الأسلحة المتقدمة، وتقنينهم الذخائر، وهذا واقع تشكو منه الجماعات المسلحة.
وفيما يردّ المعارضون السوريون هذا الإحجام التركي إلى خشية أنقرة من التورط أكثر في الملف السوري، نتيجة "موقف حازم" تلقته من موسكو وطهران، بالإضافة إلى انشغال الأميركيين بالانتخابات الرئاسية، وعدم استعدادهم لخوض آلية مغامرة غير محسوبة، تقول مصادر تركية إن غياب الثقة بالمقاتلين المسلحين في سورية، تلعب دوراً بارزاً في هذا "التقنين"، وتوضح المصادر أن سلاحاً حديثاً زُوّدت به المعارضة المسلحة السورية وُجد في حوزة حزب "العمال الكردستاني" المحظور في تركيا، والذي تعتبره أنقرة "العدو رقم واحد"، مشيرة إلى معلومات عن بيع هذه الأسلحة من قبل المعارضين السوريين، الذين يتنازعون على المال الوفير الذي ينالونه.
وتقول المصادر إن أنقرة تدرس الآن إعادة النظر في استراتيجيتها العسكرية في سورية، بالإضافة إلى استراتيجيتها السياسية، وهذا ما يجعلها أكثر ميلاً إلى التفتيش عن مخرج يتمثل بحل سياسي على طريقة الاقتراح المفاجئ لوزير خارجيتها أحمد داود أوغلو بتولي فاروق الشرع (نائب الرئيس السوري) قيادة "المرحلة الانتقالية".
المصدر :
الماسة السورية/ الثبات
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة