من غير المرجح أن يطلب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس جهاز العرض إلى قاعة الاجتماع اليوم، وهو يتجه للقاء نظرائه، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ.

ولن يحمل مساعدوه نسخة «باور بوينت»، التي يقدم فيها الفرنسيون المدينة «مثالاً» على نجاح دعم الهياكل المدنية والشعبية في مدينة معرة النعمان، فالهياكل الآن تحت رحمة الاشتباكات العسكرية والقصف.

لذلك، لن يتمكن فابيوس من الحديث أمام نظرائه كما تحدث لمجموعة "أصدقاء سوريا" في نيويورك نهاية أيلول الماضي. وقتها، حظيت مدينة معرة النعمان بنصيب معتبر من خطابه. تحدث عنها في إطار إعلانه عن «مبادرة جديدة» اتخذتها بلاده، تتلخص بتقديم «المساعدة المباشرة للهياكل المدنية الإدارية للمناطق المحررة من رقابة النظام».

«دعوني أقدم لكم مثالاً، إنها معرة النعمان»، قالها فابيوس قبل أن ينطلق في شرح مفصل لأوضاع المدينة والمساعدات المقدمة لها. وبحسب شرحه، فمعرة النعمان «محررة» جزئياً منذ حزيران العام 2011. المساعدات الفرنسية قدمت مباشرة لممثلي لجنة الإغاثة في المدينة، خلال لقاءين جمعهم مع السفير الفرنسي اريك شوفالييه وفق تعبيره.

تخبطت وسائل الإعلام وهي تقلب تصريحات اندرس فوغ راسموسن، الأمين العام للناتو، حول «الخطط الجاهزة» للدفاع عن تركيا، الجملة الوحيدة التي أضافها إلى تصريحه عند ارتفاع التوتر، إثر سقوط القذائف على طرفي الحدود. لكن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان سهل مهمة فهم مغزى تلك التصريحات الفضفاضة، وقال كلمات مقتضبة لكن واضحة.

ورداً على سؤال لـ«السفير»، عن المرحلة التي يمكن للناتو وأعضائه أن يعتبروا فيها أن التوتر بين سوريا وتركيا يعنيهم وبالتالي يستدعي تحركهم، قال إن هذه المسألة «لم تكن مطروحة، وليست مطروحة الآن. نحن فقط أظهرنا تضامننا مع تركيا وقدرنا إحساسها بالمسؤولية في هذه المرحلة الضاغطة. التقيت زميلي التركي قبل قليل لتناول هذه المسألة، وهذا ما هو عليه الوضع الآن». وأضاف ان «تركيا حليفة، لكن هذا السؤال ليس مطروحاً حالياً».

 

حديث لو دريان جاء خلال لقاء مع الصحافيين على هامش اجتماع الناتو، وعندما سئل إن كانوا قد تخلوا عن فكرة المناطق العازلة، أجاب «لا، ولكن… ليس هناك اليوم مناطق محررة واسعة بما يكفي».

بالنسبة للمتابعين اللصيقين بتحركات الحلف الأطلسي وسياسته، فإن حديثه عن «الخطط الجاهزة» للدفاع عن تركيا جرى تفسيرها بشكل خاطئ. هذا ما يؤكده لـ«السفير» بروكس تغنر، كبير محللي مؤسسة «أمن أوروبا» للدارسات الأمنية، والمراسل المعتمد حول شؤون حلف الناتو في مجلة «جانيس» الأسبوعية الأميركية، المختصة بالقضايا الدفاعية والعسكرية.

وحول هذا الموضوع يقول تغنر «ملاحظة راسموسن أننا نقوم بالتخطيط فسرت بشكل خاطئ من قبل بعض الصحافة، بمعنى تفسيرهم أن الناتو يقوم بتخطيط دفاعي خاص حول هذا الصراع المحتمل بين سوريا وتركيا. لكني لا أعتقد أن هذه هي الحال. أعتقد أنه كان يشير إلى وظيفة الناتو العادية في التخطيط الدفاعي المتعلق بجميع دوله الأعضاء». ويوضح الخبير في شؤون الدفاع أن حلف الناتو أظهر «ثباتاً على مبدأ نفي أنه سيفعل أي شيء داخل سوريا من دون تفويض أممي». ويضيف معلقاً على تصريحات الأمين العام للناتو «منطقياً، كنت سأفكر في أن راسموسن تلقى من جميع دول الحلف أمر تصرف موحد يقول: لا يمكن إلزام الحلف بأي عملية داخل سوريا من دون تفويض أممي تحت أي ظرف، وبدون نقاش طوارئ بين جميع دوله الأعضاء».

وغير الأسباب المعروفة المتعلقة بحجم الأسلحة لدى النظام السوري والانتشار الكبير لقواته، التي تمنع تدخلاً عسكرياً، فبرأي تغنر يمكن للحلف الأطلسي أن يتحرك في إحدى حالتين، «إذا فعّل العامل المتعلق بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، أو في حال تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى تركيا».

أما وضع التوتر القائم حالياً بين تركيا وسوريا، فلا يرى تغنر أفقاً لتطوره، ويعتبر أن الأمر سيستمر في إطار «الحفاظ على الوضع الراهن. والوضع الراهن حالياً، هو بعض الضغط وكبرياء وطنية، لكنه ليس صراعاً حقيقياً. لنتذكر أن كل شيء لا يزال يحصل على الحدود ولم يتجاوزها نحو الداخل».

وفي حين تتباين التفسيرات حول سبب حصول التوتر الأخير، بعد تساقط قذائف سورية على مناطق تركية حدودية، يرى خبير شؤون الدفاع أن الأمر أبسط من أن يتم تعقيده، ويعزوه إلى تجرؤ النظام السوري على استهداف المعارضة المسلحة قرب الحدود، وطبيعة الأسلحة التي استخدمها لذلك.

ويقول تغنر ان «المتمردين كانوا قريبين من الحدود، وظنوا أن النظام لن يقصفهم هناك، لكنه قام بقصفهم، وصادف أن بعض القذائف تجاوزت الحدود»، مضيفاً ان «لدى الولايات المتحدة أسلحة دقيقة التوجيه، بحيث يمكنها أن تصيب المسجلة في يدك، سوريا لا تملك هذه الأسلحة. الأسلحة المدفعية التي تملكها تعود للعهد السوفياتي، وعملية التصويب فيها تتم بشكل ميكانيكي أو ربما مع الكترونيات، وقذائفها تقترب من الحدود، لكن أحياناً ستتجاوز الحدود».

 

لجوء النظام للقصف المدفعي بحسب تغنر، جاء بعد تحذيره من استخدام الطائرات والاقتراب بها من الحدود، إثر إسقاطه للمقاتلة التركية مؤخراً، «لنتذكر أنه بعد هذا الحادث تغيرت التقديرات. وأن ترسل سوريا فجأة طائرات مقاتلة بمحاذاة الحدود، فهذا قد يتم فهمه بطريقة خاطئة، وخطيرة للغاية. أعتقد أنه لم يكن أمام النظام خيار، سوى أن يزيد المدافع البرية لتتولى مهاجمة المتمردين».

ويرفض تغنر التقديرات التي تقول ان النظام السوري يقوم قصداً باستفزاز تركيا، قائلاً انه «لا يوجد سبب لدى الرئس السوري  ليستفز حرباً مع تركيا. لديه جيش كبير وأسلحة كثيرة، لكن لا يمكنه أن يخوض حرباً مع تركيا، لأنه ببساطة سيخسرها».

  • فريق ماسة
  • 2012-10-14
  • 7218
  • من الأرشيف

فابيوس: تركيا حليفة… لكن تدخل الناتو غير مطروح الآن

من غير المرجح أن يطلب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس جهاز العرض إلى قاعة الاجتماع اليوم، وهو يتجه للقاء نظرائه، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ. ولن يحمل مساعدوه نسخة «باور بوينت»، التي يقدم فيها الفرنسيون المدينة «مثالاً» على نجاح دعم الهياكل المدنية والشعبية في مدينة معرة النعمان، فالهياكل الآن تحت رحمة الاشتباكات العسكرية والقصف. لذلك، لن يتمكن فابيوس من الحديث أمام نظرائه كما تحدث لمجموعة "أصدقاء سوريا" في نيويورك نهاية أيلول الماضي. وقتها، حظيت مدينة معرة النعمان بنصيب معتبر من خطابه. تحدث عنها في إطار إعلانه عن «مبادرة جديدة» اتخذتها بلاده، تتلخص بتقديم «المساعدة المباشرة للهياكل المدنية الإدارية للمناطق المحررة من رقابة النظام». «دعوني أقدم لكم مثالاً، إنها معرة النعمان»، قالها فابيوس قبل أن ينطلق في شرح مفصل لأوضاع المدينة والمساعدات المقدمة لها. وبحسب شرحه، فمعرة النعمان «محررة» جزئياً منذ حزيران العام 2011. المساعدات الفرنسية قدمت مباشرة لممثلي لجنة الإغاثة في المدينة، خلال لقاءين جمعهم مع السفير الفرنسي اريك شوفالييه وفق تعبيره. تخبطت وسائل الإعلام وهي تقلب تصريحات اندرس فوغ راسموسن، الأمين العام للناتو، حول «الخطط الجاهزة» للدفاع عن تركيا، الجملة الوحيدة التي أضافها إلى تصريحه عند ارتفاع التوتر، إثر سقوط القذائف على طرفي الحدود. لكن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان سهل مهمة فهم مغزى تلك التصريحات الفضفاضة، وقال كلمات مقتضبة لكن واضحة. ورداً على سؤال لـ«السفير»، عن المرحلة التي يمكن للناتو وأعضائه أن يعتبروا فيها أن التوتر بين سوريا وتركيا يعنيهم وبالتالي يستدعي تحركهم، قال إن هذه المسألة «لم تكن مطروحة، وليست مطروحة الآن. نحن فقط أظهرنا تضامننا مع تركيا وقدرنا إحساسها بالمسؤولية في هذه المرحلة الضاغطة. التقيت زميلي التركي قبل قليل لتناول هذه المسألة، وهذا ما هو عليه الوضع الآن». وأضاف ان «تركيا حليفة، لكن هذا السؤال ليس مطروحاً حالياً».   حديث لو دريان جاء خلال لقاء مع الصحافيين على هامش اجتماع الناتو، وعندما سئل إن كانوا قد تخلوا عن فكرة المناطق العازلة، أجاب «لا، ولكن… ليس هناك اليوم مناطق محررة واسعة بما يكفي». بالنسبة للمتابعين اللصيقين بتحركات الحلف الأطلسي وسياسته، فإن حديثه عن «الخطط الجاهزة» للدفاع عن تركيا جرى تفسيرها بشكل خاطئ. هذا ما يؤكده لـ«السفير» بروكس تغنر، كبير محللي مؤسسة «أمن أوروبا» للدارسات الأمنية، والمراسل المعتمد حول شؤون حلف الناتو في مجلة «جانيس» الأسبوعية الأميركية، المختصة بالقضايا الدفاعية والعسكرية. وحول هذا الموضوع يقول تغنر «ملاحظة راسموسن أننا نقوم بالتخطيط فسرت بشكل خاطئ من قبل بعض الصحافة، بمعنى تفسيرهم أن الناتو يقوم بتخطيط دفاعي خاص حول هذا الصراع المحتمل بين سوريا وتركيا. لكني لا أعتقد أن هذه هي الحال. أعتقد أنه كان يشير إلى وظيفة الناتو العادية في التخطيط الدفاعي المتعلق بجميع دوله الأعضاء». ويوضح الخبير في شؤون الدفاع أن حلف الناتو أظهر «ثباتاً على مبدأ نفي أنه سيفعل أي شيء داخل سوريا من دون تفويض أممي». ويضيف معلقاً على تصريحات الأمين العام للناتو «منطقياً، كنت سأفكر في أن راسموسن تلقى من جميع دول الحلف أمر تصرف موحد يقول: لا يمكن إلزام الحلف بأي عملية داخل سوريا من دون تفويض أممي تحت أي ظرف، وبدون نقاش طوارئ بين جميع دوله الأعضاء». وغير الأسباب المعروفة المتعلقة بحجم الأسلحة لدى النظام السوري والانتشار الكبير لقواته، التي تمنع تدخلاً عسكرياً، فبرأي تغنر يمكن للحلف الأطلسي أن يتحرك في إحدى حالتين، «إذا فعّل العامل المتعلق بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، أو في حال تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى تركيا». أما وضع التوتر القائم حالياً بين تركيا وسوريا، فلا يرى تغنر أفقاً لتطوره، ويعتبر أن الأمر سيستمر في إطار «الحفاظ على الوضع الراهن. والوضع الراهن حالياً، هو بعض الضغط وكبرياء وطنية، لكنه ليس صراعاً حقيقياً. لنتذكر أن كل شيء لا يزال يحصل على الحدود ولم يتجاوزها نحو الداخل». وفي حين تتباين التفسيرات حول سبب حصول التوتر الأخير، بعد تساقط قذائف سورية على مناطق تركية حدودية، يرى خبير شؤون الدفاع أن الأمر أبسط من أن يتم تعقيده، ويعزوه إلى تجرؤ النظام السوري على استهداف المعارضة المسلحة قرب الحدود، وطبيعة الأسلحة التي استخدمها لذلك. ويقول تغنر ان «المتمردين كانوا قريبين من الحدود، وظنوا أن النظام لن يقصفهم هناك، لكنه قام بقصفهم، وصادف أن بعض القذائف تجاوزت الحدود»، مضيفاً ان «لدى الولايات المتحدة أسلحة دقيقة التوجيه، بحيث يمكنها أن تصيب المسجلة في يدك، سوريا لا تملك هذه الأسلحة. الأسلحة المدفعية التي تملكها تعود للعهد السوفياتي، وعملية التصويب فيها تتم بشكل ميكانيكي أو ربما مع الكترونيات، وقذائفها تقترب من الحدود، لكن أحياناً ستتجاوز الحدود».   لجوء النظام للقصف المدفعي بحسب تغنر، جاء بعد تحذيره من استخدام الطائرات والاقتراب بها من الحدود، إثر إسقاطه للمقاتلة التركية مؤخراً، «لنتذكر أنه بعد هذا الحادث تغيرت التقديرات. وأن ترسل سوريا فجأة طائرات مقاتلة بمحاذاة الحدود، فهذا قد يتم فهمه بطريقة خاطئة، وخطيرة للغاية. أعتقد أنه لم يكن أمام النظام خيار، سوى أن يزيد المدافع البرية لتتولى مهاجمة المتمردين». ويرفض تغنر التقديرات التي تقول ان النظام السوري يقوم قصداً باستفزاز تركيا، قائلاً انه «لا يوجد سبب لدى الرئس السوري  ليستفز حرباً مع تركيا. لديه جيش كبير وأسلحة كثيرة، لكن لا يمكنه أن يخوض حرباً مع تركيا، لأنه ببساطة سيخسرها».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة