دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
النظام في سورية يأخذ شرعيته الوطنية من الهجوم الخارجي عليه”.. هكذا يحسمها دبلوماسي أوروبي شرقي مرموق في بيروت، مشدداً على أن الموقف الغربي بدأ يتغير لمصلحة الدولة الوطنية السورية، “بناء على نتائج الأعمال العسكرية على الأرض المتمثلة بصمود النظام والدولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فصمود الدولة الوطنية السورية غيّر حسابات الغرب، إذ كان صانعو السياسة الغربيون يعتقدون بسقوط النظام في البداية خلال أسابيع، لكن حسابات حقلهم لم تطابق حسابات بيادرهم، فاندفعوا إلى أوراقهم القديمة – الجديدة للاستعانة بالأصوليات المسلحة التي سبق لهم التعاون والتعامل معها؛ تدريباً وتنظيماً وتنسيقاً، منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، على أمل استنساخ تجربة انهيار الاتحاد السوفياتي، ولهذا أُعيد بندر بن سلطان إلى دائرة القرار السعودي النافذ والفاعل، لأنه “عرّاب” هذه الأصوليات في الأساس لدى دوائر الاستخبارات الأميركية، بعد أن ثبت عجز حمديْ قطر عن توظيف هذه الأصوليات في الحرب على سورية، خصوصاً أن لها موقعها المميز في الحرس الأميري القطري، بالإضافة إلى “مونتها” على “الإخوان” من خلال الشيخ القرضاوي، لكن تبين أن هذه الدولة الصغيرة لا تملك سوى تقديم المال الذي أسهم في زيادة الانقسامات بين المعارضات السورية، التي صارت كل فئة أو “زعيم” منها يريد أن يعزز أرصدته المالية.
العودة إلى السعودية وبندر كانت مهمة ملحّة بعد التورط الغربي – الأميركي في المؤامرة على سورية، وعليه، كانت مرحلة جديدة في اتساع الحرب على الدولة الوطنية السورية، التي بدورها اضطرت إلى رفع وتيرة مواجهاتها ضد العصابات المسلحة، والتي أكدت تميز القوة العسكرية السورية حينما أسقطت دفاعاتها الجوية الطائرة الحربية التركية، من خلال تكليف حلف الناتو أنقرة بجسّ نبض التصدي السوري، فوقع ما لم يكن بحسبان الغرب من خلال السهولة التي أوقعت فيها الدفاعات الجوية السورية المقاتلة التركية.
مع اتساع المعارك، كان الغرب يجد نفسه، برأي هذا الدبلوماسي، متورطاً أكثر فأكثر مع المجموعات الأصولية المسلحة، حتى أن حلفاء واشنطن والغرب بدأوا يتساءلون إذا ما كانت هذه الأصوليات تُعدّ لتكون البدائل عنها، داعياً للتأمل جيداً بصرخة رئيس أفغانستان حامد كرزاي، الذي اتهم واشنطن والحلف الأطلسي بدعم طالبان لتسيطر على بلاده بعد انسحابهم في العام 2014.
في هذا الوقت ثمة خوف حقيقي بدأ يدب في أنظمة الخليج العربي، تحديداً في قطر والسعودية، من أن تكون ساحات المواجهة المقبلة في عقر دارهم، بعد أن أخذت القوات المسلحة السورية تحسم مع المجموعات المسلحة في مختلف المحافظات، وصارت التوقعات بأن يمتد التوتر إلى خارج سورية، تحديداً إلى تركيا والخليج والأردن ولبنان، ولهذا ثمة نوع من السباق المحموم لزج مجموعات إضافية من المسلحين الذين يُستحضرون من السعودية، خصوصاً من سجونها، ومن الشيشان وليبيا وتونس وبعض الدول الأفريقية للقتال في سورية، بالإضافة إلى صفقات سلاح كبرى تبرمها قطر والسعودية مع عدد من دول أوروبا الغربية والشرقية لتوريد الأسلحة إلى هذه المجموعات، لعلها تفلح في تأخير الكأس المرة عن شفاهها.
والسؤال هنا: هل تفلح؟
قد يكون الجواب فيما ورد في قناة “فرنسا 24″، التي استضافت قبل فترة المفكر الفرنسي أوليفييه رو، الذي قدّم استنتاجات وخلاصات أربكت المحطة، وأربكت فرنسا وقطر والسعودية، والمعارضة السورية التي جعلت من باريس مربط خيلها.
فقد أكد هذا المفكر المستشرق الذي يحمل ثلاث شهادات دكتوراه في العلوم السياسية، ويُعتبر من أكبر المؤرخين المعاصرين للنزاعات في البلدان الإسلامية، أن العالم سيشهد قريباً انتصار أول زعيم عربي هو بشار الأسد.
ويشدد أوليفييه على القول: “أنا على وشك أن أشهد أول انتصار نوعي لزعيم عربي وهو الأسد على زعماء القرار في العالم”.
لم يعجب هذا الكلام المذيع الذي يجري المقابلة، فرأى في ذلك مبالغة، لكن أوليفييه يرد بحسم: “أنا شاهد على حدث، ولست في مجال أن أقيّم من هو على خطأ ومن هو على صواب”.
يتابع: “اجتمع مجلس الأمن ليقر الحرب على أفغانستان في ساعتين، وفشل في إقرار قرار ضد الأسد منذ شهور، وهو ينعقد (مجلس الأمن) بدعم من العرب ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ولم يستطع أن يتخذ قرار المواجهة المباشرة مع الأسد، لا بل يتحايل “المجتمع الدولي” على أمل أن يخرج بشيء يعيد لهذه الدول هيبتها بعد التحدي الصريح والواضح والعلني من الأسد”، ويحاول المذيع هنا أن يتشاطر، فيسأل أوليفييه: لماذا تتحدث عن مواجهة مع الأسد ولا تقول مواجهة مع سورية؟ يرد بأن الموضوع بات ثأراً “بدوياً” من زعماء الدول العربية، وزعماء العالم لكسر إرادة وكبرياء رجل اسمه بشار الأسد.
أضاف: “أسأل كل هؤلاء: إذا كان الأسد ضعيفاً، كما صرح أوباما وهولاند، وقبله ساركوزي، وكما صرح بيريز ونتنياهو والعرب، لماذا وبعد شهور ما زال قوياً وممسكاً بقرار القيادة والسيطرة؟”.
يتابع: كان حافظ الأسد قاسي الملامح، وردوده هادئة تخرجك عن صوابك، أما بشار فيستوعبك عندما تخرج عن صوابك بملامح وجهه الهادئة والمريحة، مع احتفاظه بكل صفات حافظ الأسد من القوة والقسوة.. ويختم بالقول: الآن بات العالم كله يعرف بشار الأسد، وبالتالي فقد أصبح الشخصية الأكثر نفوذاً وانتشاراً في عقول وأفكار الناس.. وهذه ميزة للأقوياء فقط.
المصدر :
أحمد زين الدين- الثبات
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة