اتصل بي معارض سوري، مازجاً بين العتاب الذي قد استحقه والاعجاب الذي لا اعتقد انني استحقه، ليدعوني الى الثورة ضد الادمغة الملوثة داخل النظام، كما داخل المعارضة، ناهيك بالادمغة الملوثة في هذه الدولة العربية او تلك والتي تتعاطى مع سورية، وحيث لا حدود لدوي التاريخ ولا لدوي الجغرافيا، على انها ارض للايجار او للبيع او للاستثمار في سوق الغرائز...

قال لي ان النظام. استخدم تحديدا عبارة «النظام الخشبي»، كان اقل ديناميكية بكثير من ان يستوعب التفاعلات داخل المجتمع السوري ويوظفها في بناء دولة حديثة ومجتمع حديث، حتى اذا ما حانت اللحظة القاتلة لم يكن امامه سوى الدبابات لكي يقنع الناس بانه على حق، ودون ان يكون باستطاعته البتة ان يستدرك فيما جدران الدم ترتفع اكثر فأكثر، وحيث لا ضرورة البتة لكي يهيل احدهم التراب على الجثث التي يفترض ان تبقى عارية وصارخة لان الشيء الوحيد الذي نستحقه جميعا هو... العار!

لكن المعارض السوري اضاف ان المعارضة التي كان يمكن ان تقود ثورة الياسمين، او ثورة النارينج، ما لبثت ان تحولت سريعا الى فضيحة عسكرية او الى فضيحة سياسية حين ارتبطت ميكانيكياً بدول او بمصالح لا علاقة لها قطعا بالمصالح السورية ولا بتطلعات الشعب السوري...

يقول لي انه ذهل عندما نقل اليه معارض آخر ان سفير دولة عربية زف اليه هذه البشرى، وهي ان بلاده تمكنت، وبمساعدة اجهزة استخبارات معنية، من تجنيد ما بين الفين وثلاثة آلاف باكستاني وافغاني، بالاضافة الى نحو 600 آخرين من آسيا الوسطى والقوقاز للقتال الى جانب «الثورة» في سورية.

ولعل البشرى الاكثر اهمية هي شراء نحو 80 انتحاريا «حتى الآن»، وهؤلاء مدربون تدريبا عملانيا داخل معسكرات تابعة لجماعات اصولية. اما ثمن الانتحاري فيتراوح ما بين 100 الف و150 الف دولار اميركي. وبالطبع فإن المبالغ تدفع الى امير الجماعة الذي ينفق الاموال التي يحصل عليها من اجل تعبيد طريق الجنة امام الانتحاريين او لتأمين «وسائل نقل» لهم الى هناك...

المعارض المخضرم والذي لا يدّعي ان له خبرة الاخضر الابراهيمي وشغفه بالتفاصيل، لا سيما التفاصيل المعقدة، ينصحه بان يبحث عن الادمغة النظيفة، ان عثر عليها، داخل النظام كما داخل المعارضة، وان يرفع صوته في وجه العرب ليقول لهم ان المرتزقة الآتين باسم الاسلام من السهوب الاسيوية، وبرواتب شهرية ضخمة، ليسوا هم من يصنعون الحرية والعدالة، ناهيك عن الحداثة وعن الخبز لسورية...

وهو يعتبر انه آن الاوان للنظام ليدرك انه يدمر نفسه ويدمر الدولة معه، كما آن الاوان للمعارضة لتدرك انها تدمر نفسها وتدمر الدولة معها، وغالبا بايد اجنبية وباموال اجنبية، اذ من مصلحة من ان تتحول دمشق التي طالما استضافت الفلاسفة والفقهاء والعلماء من الداخل الآسيوي لا المرتزقة الى حطام؟

لم يعد الثائرون الحقيقيون، وبالصرخة لا بالبندقية، هم الذين يتولون ادارة الارض. هؤلاء إما انهم انكفأوا او قضوا او نزحوا. العصابات ان كانت فوضوية او مبرمجة هي التي تعيث بالارض فسادا، وهي التي تقتل وتذبح وتخطف وتسطو على ارزاق الناس، فكيف يصبح عليه الحال اذا ما تواصل استيراد المرتزقة والانتحاريين، فهل لا تزال سوريا بحاجة الى دمار اضافي، الى موت اضافي؟

في رأي المعارض ان على النظام ان يثور على نفسه، وان على المعارضة ان تثور على نفسها، متمنيا ان يلتقي الجميع حول الاخضر الابراهيمي، وان استدرك قائلا ان سوريا بحاجة الى جراحة سياسية ابداعية وليس الى صيغة يتم تداولها الآن في الخفاء ويقال ان المبعوث الدولي والعربي قد بلورها مع اكثر من جهة سورية و عربية ودولية، وهي صيغة كلاسيكية جدا ومن المستحيل القبول بها فيما الصدام على اشده على الحلبة السورية...

لكن المعارض إياه الذي تنقل بين اسطنبول وباريس ثم ابتعد الى دولة خليجية بعيدة عن الضوضاء الراهنة يخشى ان يكون هناك قرار دولي واقليمي، وربما قرار عربي، بأن تبقى سورية مشرعة الابواب على ...جهنم!

  • فريق ماسة
  • 2012-09-18
  • 8379
  • من الأرشيف

بشرى: الإنتحاريون قادمون !!

  اتصل بي معارض سوري، مازجاً بين العتاب الذي قد استحقه والاعجاب الذي لا اعتقد انني استحقه، ليدعوني الى الثورة ضد الادمغة الملوثة داخل النظام، كما داخل المعارضة، ناهيك بالادمغة الملوثة في هذه الدولة العربية او تلك والتي تتعاطى مع سورية، وحيث لا حدود لدوي التاريخ ولا لدوي الجغرافيا، على انها ارض للايجار او للبيع او للاستثمار في سوق الغرائز... قال لي ان النظام. استخدم تحديدا عبارة «النظام الخشبي»، كان اقل ديناميكية بكثير من ان يستوعب التفاعلات داخل المجتمع السوري ويوظفها في بناء دولة حديثة ومجتمع حديث، حتى اذا ما حانت اللحظة القاتلة لم يكن امامه سوى الدبابات لكي يقنع الناس بانه على حق، ودون ان يكون باستطاعته البتة ان يستدرك فيما جدران الدم ترتفع اكثر فأكثر، وحيث لا ضرورة البتة لكي يهيل احدهم التراب على الجثث التي يفترض ان تبقى عارية وصارخة لان الشيء الوحيد الذي نستحقه جميعا هو... العار! لكن المعارض السوري اضاف ان المعارضة التي كان يمكن ان تقود ثورة الياسمين، او ثورة النارينج، ما لبثت ان تحولت سريعا الى فضيحة عسكرية او الى فضيحة سياسية حين ارتبطت ميكانيكياً بدول او بمصالح لا علاقة لها قطعا بالمصالح السورية ولا بتطلعات الشعب السوري... يقول لي انه ذهل عندما نقل اليه معارض آخر ان سفير دولة عربية زف اليه هذه البشرى، وهي ان بلاده تمكنت، وبمساعدة اجهزة استخبارات معنية، من تجنيد ما بين الفين وثلاثة آلاف باكستاني وافغاني، بالاضافة الى نحو 600 آخرين من آسيا الوسطى والقوقاز للقتال الى جانب «الثورة» في سورية. ولعل البشرى الاكثر اهمية هي شراء نحو 80 انتحاريا «حتى الآن»، وهؤلاء مدربون تدريبا عملانيا داخل معسكرات تابعة لجماعات اصولية. اما ثمن الانتحاري فيتراوح ما بين 100 الف و150 الف دولار اميركي. وبالطبع فإن المبالغ تدفع الى امير الجماعة الذي ينفق الاموال التي يحصل عليها من اجل تعبيد طريق الجنة امام الانتحاريين او لتأمين «وسائل نقل» لهم الى هناك... المعارض المخضرم والذي لا يدّعي ان له خبرة الاخضر الابراهيمي وشغفه بالتفاصيل، لا سيما التفاصيل المعقدة، ينصحه بان يبحث عن الادمغة النظيفة، ان عثر عليها، داخل النظام كما داخل المعارضة، وان يرفع صوته في وجه العرب ليقول لهم ان المرتزقة الآتين باسم الاسلام من السهوب الاسيوية، وبرواتب شهرية ضخمة، ليسوا هم من يصنعون الحرية والعدالة، ناهيك عن الحداثة وعن الخبز لسورية... وهو يعتبر انه آن الاوان للنظام ليدرك انه يدمر نفسه ويدمر الدولة معه، كما آن الاوان للمعارضة لتدرك انها تدمر نفسها وتدمر الدولة معها، وغالبا بايد اجنبية وباموال اجنبية، اذ من مصلحة من ان تتحول دمشق التي طالما استضافت الفلاسفة والفقهاء والعلماء من الداخل الآسيوي لا المرتزقة الى حطام؟ لم يعد الثائرون الحقيقيون، وبالصرخة لا بالبندقية، هم الذين يتولون ادارة الارض. هؤلاء إما انهم انكفأوا او قضوا او نزحوا. العصابات ان كانت فوضوية او مبرمجة هي التي تعيث بالارض فسادا، وهي التي تقتل وتذبح وتخطف وتسطو على ارزاق الناس، فكيف يصبح عليه الحال اذا ما تواصل استيراد المرتزقة والانتحاريين، فهل لا تزال سوريا بحاجة الى دمار اضافي، الى موت اضافي؟ في رأي المعارض ان على النظام ان يثور على نفسه، وان على المعارضة ان تثور على نفسها، متمنيا ان يلتقي الجميع حول الاخضر الابراهيمي، وان استدرك قائلا ان سوريا بحاجة الى جراحة سياسية ابداعية وليس الى صيغة يتم تداولها الآن في الخفاء ويقال ان المبعوث الدولي والعربي قد بلورها مع اكثر من جهة سورية و عربية ودولية، وهي صيغة كلاسيكية جدا ومن المستحيل القبول بها فيما الصدام على اشده على الحلبة السورية... لكن المعارض إياه الذي تنقل بين اسطنبول وباريس ثم ابتعد الى دولة خليجية بعيدة عن الضوضاء الراهنة يخشى ان يكون هناك قرار دولي واقليمي، وربما قرار عربي، بأن تبقى سورية مشرعة الابواب على ...جهنم!

المصدر : نبيه برجي\ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة