ترفض قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي التراجع عن رأس سلم الاهتمامات الإعلامية، ليس في المنطقة العربية وحسب، وإنما في أوروبا أيضا. وقد حولت هذه القضية الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فعليا إلى حقل ألغام، وخصوصا في ظل وجود وزير الخارجية الإسرائيلية الأشد فظاظة أفيغدور ليبرمان. ووجّه أغلب الصحافيين أسئلة كثيرة إلى كل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول جوانب ومخاطر استخدام الموساد الإسرائيلي جوازات سفر أوروبية. ورغم البيان الوزاري الأوروبي الباهت الذي أدان استخدام جوازات سفر أوروبية في الاغتيال، وعدم ذكر إسرائيل بالاسم، فإن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي أدان الجريمة واعتبر أنها جريمة قتل.

وقد طلب عدد من الوزراء الأوروبيين، وخصوصا البريطاني ديفيد ميليباند والايرلندي مايكل مارتين، بوضوح من وزير الخارجية الإسرائيلية توضيحات بشأن استخدام الجوازات الأوروبية. وشدد الوزير البريطاني بعد لقائه ليبرمان على «الأهمية التي نوليها للتعاون الإسرائيلي مع التحقيق. فمن المهم جدا لنا أن يعرف الناس أننا نواصل التعامل مع الموضوع بأقصى جدية». وأضاف ميليباند أن ليبرمان رد عليه بأنه لا يعلم شيئا عن هذا الموضوع، وهو الجواب الذي تقدمه إسرائيل لكل جهة دولية تسأل عن هذا الأمر. وبحسب كلامه فإنه «من الحيوي جدا أن

تتأسس العلاقات بين الدول على الشفافية. ومهم القول أيضا أن إسرائيل، إلى حد ما أكثر من أي دولة أخرى، ستربح أكثر من شرق أوسط يعمل بموجب القانون، لذلك يجدر التعامل على هذا النحو من جانب أعلى المستويات في إسرائيل». وقال بنبرة تهديدية «لقد شددت في لقائنا على أنه من ناحيتنا فإن الحاجة للتعاون بين إسرائيل وبريطانيا في مختلف الميادين هامة جدا. لكن هذا يتطلب أن يتم بشكل علني وواضح».

وشدد ليبرمان في حديثه مع مارتين على أنه لا يعلم شيئا عن ضلوع إسرائيل في العملية. وأضاف، «إذا أظهر أحد معلومات أخرى، عدا المقالات في الصحف، فسوف نتعامل معها. لكن لأننا لا نملك معلومات كهذه، فلا حاجة للتعليق على الأمر». وقال ليبرمان ان هناك الكثير من الاتهامات الفارغة توجه لإسرائيل وإن هناك نزوعاً عربياً لاتهام الدولة اليهودية بكل شيء. وأضاف أنه «في الشرق الأوسط توجد الكثير من الصراعات الداخلية داخل الدول والمنظمات التي ليست ديموقراطية كإسرائيل»، وقال انه يقصد حركتي حماس وفتح وتنظيم القاعدة. غير أن ليبرمان لم يستطع، كما يبدو، البقاء على موقف دبلوماسي، إذ عاد لطبيعته ورد على أسئلة للصحافيين بعد خروجه من لقاء رئيس البرلمان البولندي يزي بوزاك قائلا انه «يبدو لي أنكم ترون أفلاما جيمس بوندية أكثر من اللازم. من الأفضل لكم مشاهدة أفلام أكثر واقعية».

من جانبه، شدد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي في مؤتمر صحافي عقده عند استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن اغتيال المبحوح هو «جريمة قتل». وأوضح أن فرنسا تدين العملية التي ليست إلا عملية قتل، «هذا واضح، بسيط ودقيق». وأضاف ان «الحادث يزيد فقط من التوتر ولا يوفر أي نتائج إيجابية. إن فرنسا بلد ديموقراطي، ولذلك فإن الاغتيال ليس مقبولا لديها». ورفض توجيه الاتهام لأي جهة. وقال ان «التحقيق مستمر ونحن ننتظر النتائج التي ستبين من يقف خلف الاغتيال».

ورد وزير الإعلام الإسرائيلي يولي أدلشتاين بشكل مبطن على كلام ساركوزي فأعــلن في لندن: «لا أعرف من فــعل ذلك. لكن حتى إذا تبين أن أفظــع جهاز استخبارات في أفظع دولــة في العــالم هو من أفلح فــي الوصــول إلى هــذا الرجل فإنني لن أسمي ذلك جريمة».

ويواجه الاتحاد الأوربي خلافات داخلية كبيرة في كل ما يتعلق بإسرائيل، لذلك فإن البيان الوزاري بشأن الاغتيال خلا من أي إشارة لإسرائيل. وأدان البيان بشدة «حقيقة أن الضالعين في العملية استخدموا جوازات سفر مزورة لأعضاء الاتحاد، وبطاقات اعتماد تم استصدارها عبر سرقة هويات مواطني الاتحاد».

وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون قد استبقت البلاغ الوزاري بالإعلان أن قضية جوازات السفر ينبغي أن تقلق كل دول الاتحاد. ويمكن القول ان الاتحاد الأوروبي يتعامل بقفازات من حرير مع إسرائيل في هذا الشأن. ولا يعني ذلك أن القضية سوف تذهب قريبا أدراج الرياح كما تتمنى إسرائيل. إذ تدخل في هذا الشأن اعتبارات داخل كل دولة من الدول التي ارتبط اسمها بالقضية وخصوصا بريطانيا وأيرلندا. ففي هاتين الدولتين، قوى تضغط بقوة من أجل عدم التساهل مع إسرائيل في قضية تهدد بالخطر مواطني الدولتين وعلاقاتهما الخارجية.

وقد تباهى ليبرمان بعد صدور البيان الوزاري الأوروبي بأن أحدا من الأوروبيين لم يربط إسرائيل بعملية الاغتيال.

وتركز وسائل الإعلام الإسرائيلية على الضغط الذي تمارسه دولة الإمارات عموما، وحكومة دبي خصوصا، على دول الاتحاد الأوروبي لاستنفاد كل التدابير من أجل تحديد الهوية الحقيقية للقتلة ومعاقبتهم. بل ان مصادر أوروبية أوضحت للمسؤولين الإسرائيليين أن المسؤولين في دبي يهددون بأن تراجع أوروبا عن القيام بواجباتها في هذه القضية يهدد مصالحها في دبي. وأشاع مقربون من ليبرمان أن جهات أوروبية أبلغتهم بـ «أننا لم نكن لنتابع موضوع جوازات السفر لولا الضغوط الــتي تمارســها دبي وتهديــدها بوقــف منح تأشيرات دخول للمواطنين الأوروبيين».

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن مسؤول أوروبي قوله ان البيان الوزاري الأوروبي بشأن استخدام جوازات السفر الأوروبية في عملية اغتيال المبحوح يأتي استجابة لطلب صريح من وزارة خارجية دولة الإمارات بإدانة استخدام الجوازات وتأييد عملية التحقيق الجارية في دبي. وأضاف هذا المسؤول أن دولة الإمارات لم تتهم إسرائيل بتنفيذ الاغتيال ولم تطلب أن يشمل البيان إشارة لإسرائيل.

من جهة ثانية، أعلنت الحكومة البريطانــية يوم أمس أن قتلة الشهيد المبحــوح في دبي استخدموا ثمانية جوازات سفر بريطانية لاستة كما أعلن سابقا.

  • فريق ماسة
  • 2010-02-22
  • 11404
  • من الأرشيف

بيان أوروبي باهت حول قضية المبحوح

ترفض قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي التراجع عن رأس سلم الاهتمامات الإعلامية، ليس في المنطقة العربية وحسب، وإنما في أوروبا أيضا. وقد حولت هذه القضية الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فعليا إلى حقل ألغام، وخصوصا في ظل وجود وزير الخارجية الإسرائيلية الأشد فظاظة أفيغدور ليبرمان. ووجّه أغلب الصحافيين أسئلة كثيرة إلى كل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول جوانب ومخاطر استخدام الموساد الإسرائيلي جوازات سفر أوروبية. ورغم البيان الوزاري الأوروبي الباهت الذي أدان استخدام جوازات سفر أوروبية في الاغتيال، وعدم ذكر إسرائيل بالاسم، فإن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي أدان الجريمة واعتبر أنها جريمة قتل. وقد طلب عدد من الوزراء الأوروبيين، وخصوصا البريطاني ديفيد ميليباند والايرلندي مايكل مارتين، بوضوح من وزير الخارجية الإسرائيلية توضيحات بشأن استخدام الجوازات الأوروبية. وشدد الوزير البريطاني بعد لقائه ليبرمان على «الأهمية التي نوليها للتعاون الإسرائيلي مع التحقيق. فمن المهم جدا لنا أن يعرف الناس أننا نواصل التعامل مع الموضوع بأقصى جدية». وأضاف ميليباند أن ليبرمان رد عليه بأنه لا يعلم شيئا عن هذا الموضوع، وهو الجواب الذي تقدمه إسرائيل لكل جهة دولية تسأل عن هذا الأمر. وبحسب كلامه فإنه «من الحيوي جدا أن تتأسس العلاقات بين الدول على الشفافية. ومهم القول أيضا أن إسرائيل، إلى حد ما أكثر من أي دولة أخرى، ستربح أكثر من شرق أوسط يعمل بموجب القانون، لذلك يجدر التعامل على هذا النحو من جانب أعلى المستويات في إسرائيل». وقال بنبرة تهديدية «لقد شددت في لقائنا على أنه من ناحيتنا فإن الحاجة للتعاون بين إسرائيل وبريطانيا في مختلف الميادين هامة جدا. لكن هذا يتطلب أن يتم بشكل علني وواضح». وشدد ليبرمان في حديثه مع مارتين على أنه لا يعلم شيئا عن ضلوع إسرائيل في العملية. وأضاف، «إذا أظهر أحد معلومات أخرى، عدا المقالات في الصحف، فسوف نتعامل معها. لكن لأننا لا نملك معلومات كهذه، فلا حاجة للتعليق على الأمر». وقال ليبرمان ان هناك الكثير من الاتهامات الفارغة توجه لإسرائيل وإن هناك نزوعاً عربياً لاتهام الدولة اليهودية بكل شيء. وأضاف أنه «في الشرق الأوسط توجد الكثير من الصراعات الداخلية داخل الدول والمنظمات التي ليست ديموقراطية كإسرائيل»، وقال انه يقصد حركتي حماس وفتح وتنظيم القاعدة. غير أن ليبرمان لم يستطع، كما يبدو، البقاء على موقف دبلوماسي، إذ عاد لطبيعته ورد على أسئلة للصحافيين بعد خروجه من لقاء رئيس البرلمان البولندي يزي بوزاك قائلا انه «يبدو لي أنكم ترون أفلاما جيمس بوندية أكثر من اللازم. من الأفضل لكم مشاهدة أفلام أكثر واقعية». من جانبه، شدد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي في مؤتمر صحافي عقده عند استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن اغتيال المبحوح هو «جريمة قتل». وأوضح أن فرنسا تدين العملية التي ليست إلا عملية قتل، «هذا واضح، بسيط ودقيق». وأضاف ان «الحادث يزيد فقط من التوتر ولا يوفر أي نتائج إيجابية. إن فرنسا بلد ديموقراطي، ولذلك فإن الاغتيال ليس مقبولا لديها». ورفض توجيه الاتهام لأي جهة. وقال ان «التحقيق مستمر ونحن ننتظر النتائج التي ستبين من يقف خلف الاغتيال». ورد وزير الإعلام الإسرائيلي يولي أدلشتاين بشكل مبطن على كلام ساركوزي فأعــلن في لندن: «لا أعرف من فــعل ذلك. لكن حتى إذا تبين أن أفظــع جهاز استخبارات في أفظع دولــة في العــالم هو من أفلح فــي الوصــول إلى هــذا الرجل فإنني لن أسمي ذلك جريمة». ويواجه الاتحاد الأوربي خلافات داخلية كبيرة في كل ما يتعلق بإسرائيل، لذلك فإن البيان الوزاري بشأن الاغتيال خلا من أي إشارة لإسرائيل. وأدان البيان بشدة «حقيقة أن الضالعين في العملية استخدموا جوازات سفر مزورة لأعضاء الاتحاد، وبطاقات اعتماد تم استصدارها عبر سرقة هويات مواطني الاتحاد». وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون قد استبقت البلاغ الوزاري بالإعلان أن قضية جوازات السفر ينبغي أن تقلق كل دول الاتحاد. ويمكن القول ان الاتحاد الأوروبي يتعامل بقفازات من حرير مع إسرائيل في هذا الشأن. ولا يعني ذلك أن القضية سوف تذهب قريبا أدراج الرياح كما تتمنى إسرائيل. إذ تدخل في هذا الشأن اعتبارات داخل كل دولة من الدول التي ارتبط اسمها بالقضية وخصوصا بريطانيا وأيرلندا. ففي هاتين الدولتين، قوى تضغط بقوة من أجل عدم التساهل مع إسرائيل في قضية تهدد بالخطر مواطني الدولتين وعلاقاتهما الخارجية. وقد تباهى ليبرمان بعد صدور البيان الوزاري الأوروبي بأن أحدا من الأوروبيين لم يربط إسرائيل بعملية الاغتيال. وتركز وسائل الإعلام الإسرائيلية على الضغط الذي تمارسه دولة الإمارات عموما، وحكومة دبي خصوصا، على دول الاتحاد الأوروبي لاستنفاد كل التدابير من أجل تحديد الهوية الحقيقية للقتلة ومعاقبتهم. بل ان مصادر أوروبية أوضحت للمسؤولين الإسرائيليين أن المسؤولين في دبي يهددون بأن تراجع أوروبا عن القيام بواجباتها في هذه القضية يهدد مصالحها في دبي. وأشاع مقربون من ليبرمان أن جهات أوروبية أبلغتهم بـ «أننا لم نكن لنتابع موضوع جوازات السفر لولا الضغوط الــتي تمارســها دبي وتهديــدها بوقــف منح تأشيرات دخول للمواطنين الأوروبيين». وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن مسؤول أوروبي قوله ان البيان الوزاري الأوروبي بشأن استخدام جوازات السفر الأوروبية في عملية اغتيال المبحوح يأتي استجابة لطلب صريح من وزارة خارجية دولة الإمارات بإدانة استخدام الجوازات وتأييد عملية التحقيق الجارية في دبي. وأضاف هذا المسؤول أن دولة الإمارات لم تتهم إسرائيل بتنفيذ الاغتيال ولم تطلب أن يشمل البيان إشارة لإسرائيل. من جهة ثانية، أعلنت الحكومة البريطانــية يوم أمس أن قتلة الشهيد المبحــوح في دبي استخدموا ثمانية جوازات سفر بريطانية لاستة كما أعلن سابقا.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة