قيل إن زيارة النائب وليد جنبلاط لدمشق بعد زيارة الرئيس سعد الحريري، ثم بعد ذكرى 14 شباط. لكنها لم تحصل. هل يكون 16 آذار، ذكرى اغتيال كمال جنبلاط، موعد موقف ما؟

نقولا ناصيف

لا يزال رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي ينتظر تحديد موعد زيارته دمشق. بعض الأصداء التي تصل إليه تعزو التأخير إلى مزيد من انتزاع تنازلات منه في الخيار الذي أعلنه في 2 آب 2009، بالتخلي عن قوى 14 آذار ومصالحة سوريا. لا يعرف الزعيم الدرزي هل ثمّة عرقلة في تحديد الموعد وأين؟ يخشى وجود دفتر شروط لتحقيق المصالحة، ويقرن خشيته باستنتاج ما يصل إلى مسامعه. لكنه يقول: «في 16 آذار، في الذكرى الـ33 لاغتيال كمال جنبلاط، سأقول كلاماً أختم به جرحاً كبيراً، وسيكون آخر الكلام، لن يكون بعده أي كلام».

يرفض الإفصاح عن الموقف الذي سيخاطب به دمشق: «لن أضيف شيئاً الآن. سنرى».

يقول أيضاً: «إذا كان المطلوب مني أن أنتقل من الوسطية إلى مكان آخر، فلن أفعل ذلك. أسمع أنهم يذكرونني بأنني قلت مرة إنني كذبت على السوريين 25 عاماً. طلعت معي بفورة أعصاب. أخطأت. الجميع يخطئ ولكل أخطاؤه... كنت ضد جماعة البريستول عندما أيّدوا القرار1559، وكنت ضدهم عندما ذهب وقتذاك وفد منهم إلى لوس أنجلس. رفضت ذلك أنا ومروان حمادة بعدما اتفقنا مع الرئيس رفيق الحريري على أن اتفاق الطائف هو الأساس، وهو الأصل».

هل يريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سوريا وحيداً أم مع طائفته؟ عندئذ لا بد من احترام كرامتها

يضيف الزعيم الدرزي: «عندما وُضع اتفاق الطائف قلت للرئيس الأسد في حضور العماد حكمت (الشهابي) أبقوا قواتكم في منطقة جبل لبنان، في المثلث الذي عرّفه اتفاق الطائف بمثلث ضهر البيدر ـــــ حمانا ـــــ عين دارة، واسحبوا الجيش السوري من المناطق الأخرى. اشترطت مع سوريا ربط الانسحاب الشامل بإلغاء الطائفية السياسية، وأبرَزنا ذلك في اتفاق الطائف. لا ينسحب الجيش السوري من كل لبنان إلا بعد إلغاء الطائفية السياسية. بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ذهبت إلى الرئيس الأسد في دمشق في ذروة الهزيمة، وقلت له إنني معك. كان قد خسر الكثير، لكنه استمات في الدفاع والتضحية. قاوم في السلطان يعقوب وعين زحلتا، ومنع الجيش الإسرائيلي من التقدّم للسيطرة على المصنع، فحمى دمشق. وضع سلاح الجو للدفاع عن سوريا ولبنان. خسر في يوم واحد 70 طائرة وآلاف الجنود و2000 دبابة».

كل ذلك لا يُشعره أبداً بالخيبة. معرفته بالرئيس بشّار الأسد تختلف عن معرفته بالرئيس حافظ الأسد الذي يصفه بأنه «قائد استثنائي ومحنك». طبع اجتماعاته بالرئيس الأب التفاهم، لأن كليهما وقف إلى جانب الآخر في أصعب تحدياته السياسية. أما الرئيس الابن فلم يتسنّ له التعرّف إليه عن قرب. التقى به بين عامي 2000 و2004 ثلاث مرات أو ربما أربع مرات. قبل انتخابه رئيساً اجتمع به عام 1998 بدعوة من العميد غازي كنعان الذي رغب إليه في التعرّف به إلى غداء خاص، سأله بشّار عن الدروز وجبل لبنان. ثم تغدّيا معاً في منزل اللواء محمد ناصيف في مرحلة مرض الرئيس الأب بعدما منع الأطباء في الأشهر الأخيرة من حياته المقابلات عنه. لكن وصول الأسد الابن إلى الحكم تزامن مع بيان مجلس الأساقفة الموارنة في أيلول 2000، ثم مع أول خلاف مع جنبلاط في تشرين الثاني من السنة نفسها عندما طالب الزعيم الدرزي بإعادة انتشار الجيش السوري في لبنان. لم يرق الموقف الرئيس الجديد الواصل إلى السلطة قبل أقل من أربعة أشهر، فوقع أول اشتباك بينهما، نجح كنعان في تذليله بعد أسابيع من القطيعة.

ما خلا اللواء محمد ناصيف، لا يعرف جنبلاط الآن ـــــ يقول ـــــ من المحيطين بالرئيس السوري أحداً. ذهب رعيل أصدقائه في النظام في طرق شتى.

عندما يُسأل جنبلاط مجدّداً عن تأخير موعد الزيارة، يجيب بأنه يجهل الأسباب، ويعقّب: «إذا كانت للرئيس الحريري واسطة أكبر مني في الذهاب إلى هناك، فهذا شأن آخر. ليست عندي واسطة مثله. أنا أمثّل أقلية، لكن لها حيثية. صحيح أن طائفتي، وكذلك المسيحيون على أبواب الانقراض، لكنها تبقى ذات حيثية في جبل لبنان، وكذلك في جبل الدروز مع أنني أفضل تسميته جبل العرب. لا بد من احترام هذه الأقلية واحترام نضالاتها عروبياً وإسلامياً. في النهاية كل واحد يخطئ. هل يريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سوريا وحيداً أم مع طائفته؟ إذا كانوا يريدونه مع طائفته، فعندئذ لا بد من احترام كرامتها. لا أوجّه كلامي إلى السيّد حسن نصر الله، بل إلى مصدر مجهول. سمعت من السيّد حسن أنه يريد كرامة الدروز. أنا أعرف أنه لن يستفيد من ذهابي إلى هناك وحدي، ولا السوريون يستفيدون من ذهابي وحدي إليهم».

ليس في مفكرته موعد قريب مع الأمين العام لحزب الله، ويحرص على أن يكون ذهابه إلى دمشق في سياق تعزيز التهدئة والارتياح في الداخل.

يقول أيضاً: «سأنتظر 20 يوماً (حتى موعد 16 آذار) وأتكلم».

مع الأسد الأب

تُعيده علاقته القديمة بسوريا إلى تحالف طويل معها منذ أول زيارة له لدمشق في 19 أيار 1977، بعد أربعين والده كمال جنبلاط. كانت المرة الأولى التي يغادر فيها بيروت، وقد لبس عباءة الزعامة. قرّر بدء جولة عربية من سوريا للتعرّف إلى الزعماء العرب، وهو على رأس حزب والده. زار سوريا ثم عاد إلى بيروت، ثم قصد الدول الأخرى كمصر والعراق والسعودية والجزائر وليبيا، كي يميّز مكانة دمشق عن سائر تلك العواصم.

عندما التقاه للمرة الأولى، وكان يرافقه وفد من الحزب التقدّمي الاشتراكي، أجلسه الرئيس حافظ الأسد إلى كرسي قريب من كرسيه، وقال له: «سبحان الله كم تشبه والدك!».

على مرّ لقاء التعارف، كلاهما لم يأت على ذكر اغتيال جنبلاط الأب، وبدوا أنهما يبدآن مرحلة تتجاوز ما كان قد حصل. الأسد الأب راح يسرد بعض وقائع آخر اجتماع له بالزعيم الراحل في 27 آذار 1976، وجنبلاط الابن لم يشأ الخوض في موضوع مؤلم كان قد قرّر ختمه.

من عام 1977 إلى عام 2010: سبحان الله كم تشبه والدك!

يقول الآن: «طبعاً لم أنسَ. لكنني بعد 40 يوماً قرّرت أن أسامح من أجل مواجهة تلك المرحلة التي شكّل فيها الانعزال اللبناني خطراً على عروبة لبنان».

في حواره الأول معه، فاجأه الرئيس السوري ـــــ العارف بالصداقة الشخصية والعميقة بين بيتيهما ـــــ بالتعليق على تصريح للعميد ريمون إده واتهامه رئيس منظمة الصاعقة زهير محسن بأنه نهب السجاد في بيروت، وسرق سرير والده الرئيس إميل إده في صوفر عام 1976.

ردّ جنبلاط الابن بأن العميد، المنفي آنذاك، رجل شريف وآدمي.

بعد ذلك توسّع الحوار. قال جنبلاط للأسد، في معرض انتقاده تحالف سوريا مع مَن سمّاهم انعزاليين، إنهم لن يصدقوا معه، ويكذبون في علاقتهم به.

أسهب الرئيس السوري في الكلام على اجتماعه الأخير بالزعيم الراحل، وأنه كان منفعلاً. كان قد أبلغ إليه ضرورة وقف الحرب في لبنان تفادياً لتدخّل إسرائيلي. في السنوات التالية سمع جنبلاط الابن العبارة نفسها أكثر من مرة من الرئيس السوري الذي قال عن لقائه بأبيه إنه كان يراهن على اجتماعه طوال 6 ساعات ونصف ساعة على الاتفاق ومباشرة تسوية سياسية مع الفريق الآخر. لكن الزعيم الراحل ذهب إلى المقابلة يرافقه عباس خلف ومحسن دلول، طالباً السلاح والذخيرة فقط، رافضاً تسوية سياسية قبل حسم عسكري على الجبهة اللبنانية في المناطق المسيحية.

استخلص جنبلاط الابن أمام الرئيس السوري من عرض وقائع اجتماع 27 آذار، أن والده لم يكن ربما ملمّاً بالمعطيات الكبرى في الحرب اللبنانية عندما قرّر المضي في المعركة العسكرية.

  • فريق ماسة
  • 2010-02-22
  • 13195
  • من الأرشيف

جنبلاط : في 16 آذار سأقول آخر الكلام

قيل إن زيارة النائب وليد جنبلاط لدمشق بعد زيارة الرئيس سعد الحريري، ثم بعد ذكرى 14 شباط. لكنها لم تحصل. هل يكون 16 آذار، ذكرى اغتيال كمال جنبلاط، موعد موقف ما؟ نقولا ناصيف لا يزال رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي ينتظر تحديد موعد زيارته دمشق. بعض الأصداء التي تصل إليه تعزو التأخير إلى مزيد من انتزاع تنازلات منه في الخيار الذي أعلنه في 2 آب 2009، بالتخلي عن قوى 14 آذار ومصالحة سوريا. لا يعرف الزعيم الدرزي هل ثمّة عرقلة في تحديد الموعد وأين؟ يخشى وجود دفتر شروط لتحقيق المصالحة، ويقرن خشيته باستنتاج ما يصل إلى مسامعه. لكنه يقول: «في 16 آذار، في الذكرى الـ33 لاغتيال كمال جنبلاط، سأقول كلاماً أختم به جرحاً كبيراً، وسيكون آخر الكلام، لن يكون بعده أي كلام». يرفض الإفصاح عن الموقف الذي سيخاطب به دمشق: «لن أضيف شيئاً الآن. سنرى». يقول أيضاً: «إذا كان المطلوب مني أن أنتقل من الوسطية إلى مكان آخر، فلن أفعل ذلك. أسمع أنهم يذكرونني بأنني قلت مرة إنني كذبت على السوريين 25 عاماً. طلعت معي بفورة أعصاب. أخطأت. الجميع يخطئ ولكل أخطاؤه... كنت ضد جماعة البريستول عندما أيّدوا القرار1559، وكنت ضدهم عندما ذهب وقتذاك وفد منهم إلى لوس أنجلس. رفضت ذلك أنا ومروان حمادة بعدما اتفقنا مع الرئيس رفيق الحريري على أن اتفاق الطائف هو الأساس، وهو الأصل». هل يريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سوريا وحيداً أم مع طائفته؟ عندئذ لا بد من احترام كرامتها يضيف الزعيم الدرزي: «عندما وُضع اتفاق الطائف قلت للرئيس الأسد في حضور العماد حكمت (الشهابي) أبقوا قواتكم في منطقة جبل لبنان، في المثلث الذي عرّفه اتفاق الطائف بمثلث ضهر البيدر ـــــ حمانا ـــــ عين دارة، واسحبوا الجيش السوري من المناطق الأخرى. اشترطت مع سوريا ربط الانسحاب الشامل بإلغاء الطائفية السياسية، وأبرَزنا ذلك في اتفاق الطائف. لا ينسحب الجيش السوري من كل لبنان إلا بعد إلغاء الطائفية السياسية. بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ذهبت إلى الرئيس الأسد في دمشق في ذروة الهزيمة، وقلت له إنني معك. كان قد خسر الكثير، لكنه استمات في الدفاع والتضحية. قاوم في السلطان يعقوب وعين زحلتا، ومنع الجيش الإسرائيلي من التقدّم للسيطرة على المصنع، فحمى دمشق. وضع سلاح الجو للدفاع عن سوريا ولبنان. خسر في يوم واحد 70 طائرة وآلاف الجنود و2000 دبابة». كل ذلك لا يُشعره أبداً بالخيبة. معرفته بالرئيس بشّار الأسد تختلف عن معرفته بالرئيس حافظ الأسد الذي يصفه بأنه «قائد استثنائي ومحنك». طبع اجتماعاته بالرئيس الأب التفاهم، لأن كليهما وقف إلى جانب الآخر في أصعب تحدياته السياسية. أما الرئيس الابن فلم يتسنّ له التعرّف إليه عن قرب. التقى به بين عامي 2000 و2004 ثلاث مرات أو ربما أربع مرات. قبل انتخابه رئيساً اجتمع به عام 1998 بدعوة من العميد غازي كنعان الذي رغب إليه في التعرّف به إلى غداء خاص، سأله بشّار عن الدروز وجبل لبنان. ثم تغدّيا معاً في منزل اللواء محمد ناصيف في مرحلة مرض الرئيس الأب بعدما منع الأطباء في الأشهر الأخيرة من حياته المقابلات عنه. لكن وصول الأسد الابن إلى الحكم تزامن مع بيان مجلس الأساقفة الموارنة في أيلول 2000، ثم مع أول خلاف مع جنبلاط في تشرين الثاني من السنة نفسها عندما طالب الزعيم الدرزي بإعادة انتشار الجيش السوري في لبنان. لم يرق الموقف الرئيس الجديد الواصل إلى السلطة قبل أقل من أربعة أشهر، فوقع أول اشتباك بينهما، نجح كنعان في تذليله بعد أسابيع من القطيعة. ما خلا اللواء محمد ناصيف، لا يعرف جنبلاط الآن ـــــ يقول ـــــ من المحيطين بالرئيس السوري أحداً. ذهب رعيل أصدقائه في النظام في طرق شتى. عندما يُسأل جنبلاط مجدّداً عن تأخير موعد الزيارة، يجيب بأنه يجهل الأسباب، ويعقّب: «إذا كانت للرئيس الحريري واسطة أكبر مني في الذهاب إلى هناك، فهذا شأن آخر. ليست عندي واسطة مثله. أنا أمثّل أقلية، لكن لها حيثية. صحيح أن طائفتي، وكذلك المسيحيون على أبواب الانقراض، لكنها تبقى ذات حيثية في جبل لبنان، وكذلك في جبل الدروز مع أنني أفضل تسميته جبل العرب. لا بد من احترام هذه الأقلية واحترام نضالاتها عروبياً وإسلامياً. في النهاية كل واحد يخطئ. هل يريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سوريا وحيداً أم مع طائفته؟ إذا كانوا يريدونه مع طائفته، فعندئذ لا بد من احترام كرامتها. لا أوجّه كلامي إلى السيّد حسن نصر الله، بل إلى مصدر مجهول. سمعت من السيّد حسن أنه يريد كرامة الدروز. أنا أعرف أنه لن يستفيد من ذهابي إلى هناك وحدي، ولا السوريون يستفيدون من ذهابي وحدي إليهم». ليس في مفكرته موعد قريب مع الأمين العام لحزب الله، ويحرص على أن يكون ذهابه إلى دمشق في سياق تعزيز التهدئة والارتياح في الداخل. يقول أيضاً: «سأنتظر 20 يوماً (حتى موعد 16 آذار) وأتكلم». مع الأسد الأب تُعيده علاقته القديمة بسوريا إلى تحالف طويل معها منذ أول زيارة له لدمشق في 19 أيار 1977، بعد أربعين والده كمال جنبلاط. كانت المرة الأولى التي يغادر فيها بيروت، وقد لبس عباءة الزعامة. قرّر بدء جولة عربية من سوريا للتعرّف إلى الزعماء العرب، وهو على رأس حزب والده. زار سوريا ثم عاد إلى بيروت، ثم قصد الدول الأخرى كمصر والعراق والسعودية والجزائر وليبيا، كي يميّز مكانة دمشق عن سائر تلك العواصم. عندما التقاه للمرة الأولى، وكان يرافقه وفد من الحزب التقدّمي الاشتراكي، أجلسه الرئيس حافظ الأسد إلى كرسي قريب من كرسيه، وقال له: «سبحان الله كم تشبه والدك!». على مرّ لقاء التعارف، كلاهما لم يأت على ذكر اغتيال جنبلاط الأب، وبدوا أنهما يبدآن مرحلة تتجاوز ما كان قد حصل. الأسد الأب راح يسرد بعض وقائع آخر اجتماع له بالزعيم الراحل في 27 آذار 1976، وجنبلاط الابن لم يشأ الخوض في موضوع مؤلم كان قد قرّر ختمه. من عام 1977 إلى عام 2010: سبحان الله كم تشبه والدك! يقول الآن: «طبعاً لم أنسَ. لكنني بعد 40 يوماً قرّرت أن أسامح من أجل مواجهة تلك المرحلة التي شكّل فيها الانعزال اللبناني خطراً على عروبة لبنان». في حواره الأول معه، فاجأه الرئيس السوري ـــــ العارف بالصداقة الشخصية والعميقة بين بيتيهما ـــــ بالتعليق على تصريح للعميد ريمون إده واتهامه رئيس منظمة الصاعقة زهير محسن بأنه نهب السجاد في بيروت، وسرق سرير والده الرئيس إميل إده في صوفر عام 1976. ردّ جنبلاط الابن بأن العميد، المنفي آنذاك، رجل شريف وآدمي. بعد ذلك توسّع الحوار. قال جنبلاط للأسد، في معرض انتقاده تحالف سوريا مع مَن سمّاهم انعزاليين، إنهم لن يصدقوا معه، ويكذبون في علاقتهم به. أسهب الرئيس السوري في الكلام على اجتماعه الأخير بالزعيم الراحل، وأنه كان منفعلاً. كان قد أبلغ إليه ضرورة وقف الحرب في لبنان تفادياً لتدخّل إسرائيلي. في السنوات التالية سمع جنبلاط الابن العبارة نفسها أكثر من مرة من الرئيس السوري الذي قال عن لقائه بأبيه إنه كان يراهن على اجتماعه طوال 6 ساعات ونصف ساعة على الاتفاق ومباشرة تسوية سياسية مع الفريق الآخر. لكن الزعيم الراحل ذهب إلى المقابلة يرافقه عباس خلف ومحسن دلول، طالباً السلاح والذخيرة فقط، رافضاً تسوية سياسية قبل حسم عسكري على الجبهة اللبنانية في المناطق المسيحية. استخلص جنبلاط الابن أمام الرئيس السوري من عرض وقائع اجتماع 27 آذار، أن والده لم يكن ربما ملمّاً بالمعطيات الكبرى في الحرب اللبنانية عندما قرّر المضي في المعركة العسكرية.

المصدر : الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة