أثار منع نائبين من حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا دخول معسكر «آبايدين» للاجئين السوريين في منطقة الاسكندرون لغطا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية، التي باتت تظهر تركيا، ولا سيما إقليم الاسكندرون والمناطق المحاذية لسوريا، على أنها ساحة تحتشد فيها فلول المسلحين والجهاديين وحتى أتباع تنظيم «القاعدة» من كل العالم.

وتحولت صورة تركيا، حتى في الإعلام الغربي، إلى مركز لتدريب المسلحين، حتى داخل اسطنبول، ومقر لهم في الطريق لتغيير الأنظمة في دول الجوار، وخصوصا في سوريا.

وكانت أولى علامات الاستفهام صدرت من رئيس الحزب كمال كيليتشدار اوغلو الذي تساءل عما إذا كان المخيم قاعدة أميركية، وما إذا كانوا يدربون فيه عناصر المعارضة السورية المسلحة.

ويروي النائبان عن «الشعب الجمهوري» المعارض خورشيد غونيش وسليمان شلبي كيف منعا من دخول المعسكر، فقالا إن الناس في منطقة الاسكندرون قد نقلوا إليهما شكاوى من معسكر «آبايدين» وما يجري فيه. ومن ذلك خوف الأهالي من أن يأتي الموجودون في المعسكر ويهاجموا السكان العلويين في المنطقة. وما كان من النائبين إلا أن قررا أن يذهبا إلى المعسكر، لكن المسؤولين عنه رفضوا دخول النائبين بناء لتعليمات وزارة الخارجية والاستخبارات التركية.

 

ويقول النائبان إن مسؤولا في المعسكر، وهو في الوقت ذاته ضابط في «الجيش الحر»، قال لهما «انه يقوم بالتدريب في المعسكر». وأضافا ان هذا فاقم من قلقهما، خصوصا أن اللاجئين السوريين في مستشفيات المحافظة يرفضون أن يعالجهم أطباء أتراك من المذهب ....

وتذكر صحيفة «ميللييت» أن في المعسكر حوالي 500 فرد من مايسمى  «الجيش  الحر» بينهم 30 جنرالا مع عائلاتهم، ليصبح المجموع حوالي خمسة آلاف شخص. وكان هؤلاء بداية في معسكر «قار بياض» ثم نقلوا إلى هنا.

وتقول الصحيفة إن مراسليها حاولوا دخول المعسكر من دون نتيجــة، مع إصرار المســؤولين على القول بوجود تعليــمات قاطعة بمنع دخــول أي أحــد إليه، مع عدم إعطاء أي تفسير.

لكن وزير الخارجية احمد داود اوغلو، وأمام الضجة التي أثيرت، اضطر إلى التوضيح بأنه لأسباب تتعلق بالحساسية الأمنية فإنه يمنع الدخول إلى المعسكر، فيما يمكن أياً كان أن يدخل إلى المعسكرات المدنية. وقال انه «من الطبيعي» أن يتلقى البعض نظرا لظروفهم معاملة خاصة تتصل بأمنهم وحمايتهم.

كذلك اضطرت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التابعة لرئاسة الحكومة أن تصدر بيانا تعلن فيه أن معسكر «آبايدين» هو تحت سلطة الدولة ورقابتها، ولا شيء يدعو للقلق، وتطبق فيه كل معايير المساعدة الإنسانية في مثل هذه الظروف. ونفت أن يكون المعسكر للتدريب، بل للعسكريين السوريين وعائلاتهم.

وتقول «ميللييت» إن فصل العسكريين السوريين عن المدنيين هو نتيجة الخوف من الحساسية ضد هؤلاء العسكريين، ومنع نشوب نزاع بين المدنيين والعسكريين من اللاجئين.

ويكتب محمد تزكان، في «ميللييت»، قائلا «انه ليس مخيم لاجئين بل قاعدة للتدريب وربما للتخريب. من يعلم؟». ويتساءل «لماذا هناك سلاح في معسكر آبايدين؟ أليس هناك سلاح في المخيمات الأخرى؟ ومن هم داخل المخيم؟ هل فقط سوريون ام هناك صوماليون وافغان وتونسيون وشيشان؟».

ووصفت صحيفة «جمهورييت»، في عنوانها الرئيسي امس، الوضع في اقليم هاتاي، قائلة «جيش الاحتلال في هاتاي».

وكان عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي محمد علي اديب اوغلو قد قال ان هناك ثلاثة معسكرات لتدريب المسلحين السوريين والأجانب في تركيا، في «آبايدين» وإصلاحية قرب غازي عينتاب ومنطقة كيليس. وأوضح ان هناك العديد من المعسكرات السرية على الحدود التركية مع سوريا. وقال انه يعتقد ان المخطوفين اللبنانيين موجودون في أحد هذه المعسكرات.ونقلت صحيفة «راديكال»، في تحقيق ميداني، عن توافد المئات من المسلحين من ليبيا وأفغانستان الى تركيا، ولا سيما انطاكية. ومن ذلك وصول طائرة محملة بالمسلحين من ليبيا وسفينة أيضا قادمة من ليبيا، وانه كان في استقبالهم عناصر من الاستخبارات التركية. وتقول ان المسلحين من أصحاب اللحى الطويلة والشوارب المحلوقة يملأون منطقة هاتاي.

وتعكس الصحيفة الحساسيات المذهبية التي يثيرها تدفق اللاجئين السوريين إلى إقليم الاسكندرون، ومن ذلك انهم يملأون المستشفيات، فيما لا يجد السكان المحليون دورا للعلاج. وتنقل عن أطباء في المستشفيات ان الجرحى من المسلحين عندما ينقلون الى المستشفى يطلبون ألا يكون الطبيب المعالج من المذهب(....)خصوصا ان 70 في المئة من الجسم الطبي في المنطقة من أطباء وممرضات وممرضين هم من هذه الطائفة الموجودة بكثافة في اقليم هاتاي (الاسكندرون).

وكان الصحافي التركي ادم اوزكوسيه، الذي كان معتقلا في سوريا وأفرج عنه سابقا، قد تحدث الى «حرييت» حول وجود المئات من المسلحين الأجانب والأصوليين في حلب، والذين دخلوا الى هناك عبر الأراضي التركية، من بينهم 50 تركياً، وقد قتل منهم حتى الآن اربعة.

في هذا الوقت بعث زعيم المعارضة كيليتشدار اوغلو برسالة الى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان دعاه فيها إلى اتباع سياسة محايدة وسلمية تجاه سوريا، وان تقوم أنقرة بدور إيجابي في مساعي الحل ووقف العنف.

ودعا كيليتشدار اوغلو الى ان تنظم تركيا مؤتمرا دوليا حول سوريا، مشيرا الى الانعكاسات السلبية الكبيرة على أنقرة، سياسيا وأمنيا واقتصاديا، في حال استمرار تدهور الوضع في سوريا، الذي يمكن أن يؤدي الى التقسيم.

وانتقد كيليتشدار اوغلو، في حوار مع قناة «سي ان ان تورك»، سياسة الحكومة تجاه سوريا، موضحا ان تركيا تقوم بدور الأداة للسياسات الغربية. وقال انه اذا دخلت تركيا في حرب مع الجيران فستخرج خاسرة.

ووصف وزير الخارجية التركية بأنه «الشخص الأقل اتزانا في تاريخ الجمهورية. وهو أضعف نقد يمكن ان يوجه اليه. لقد بدأ بصفر مشكلات واليوم أي بلد علاقاتنا معه جيدة؟ لا يمكن ان يكون وزيرا للخارجية من لا تطأ أقدامه الارض. انه أداة بيد القوى المهيمنة، والولايات المتحدة تريد إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وبعد اسرائيل تريد تأسيس دولة ثانية لا تخرج عن إرادتها، والذي لا يعرف ذلك يكون أحمقَ. ونحن نذهب الى المكان الذي يريدونه لنا، وليس الذي نريده نحن».

  • فريق ماسة
  • 2012-08-28
  • 9088
  • من الأرشيف

هل تغرق تركيا في المستنقع السوري ؟

أثار منع نائبين من حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا دخول معسكر «آبايدين» للاجئين السوريين في منطقة الاسكندرون لغطا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية، التي باتت تظهر تركيا، ولا سيما إقليم الاسكندرون والمناطق المحاذية لسوريا، على أنها ساحة تحتشد فيها فلول المسلحين والجهاديين وحتى أتباع تنظيم «القاعدة» من كل العالم. وتحولت صورة تركيا، حتى في الإعلام الغربي، إلى مركز لتدريب المسلحين، حتى داخل اسطنبول، ومقر لهم في الطريق لتغيير الأنظمة في دول الجوار، وخصوصا في سوريا. وكانت أولى علامات الاستفهام صدرت من رئيس الحزب كمال كيليتشدار اوغلو الذي تساءل عما إذا كان المخيم قاعدة أميركية، وما إذا كانوا يدربون فيه عناصر المعارضة السورية المسلحة. ويروي النائبان عن «الشعب الجمهوري» المعارض خورشيد غونيش وسليمان شلبي كيف منعا من دخول المعسكر، فقالا إن الناس في منطقة الاسكندرون قد نقلوا إليهما شكاوى من معسكر «آبايدين» وما يجري فيه. ومن ذلك خوف الأهالي من أن يأتي الموجودون في المعسكر ويهاجموا السكان العلويين في المنطقة. وما كان من النائبين إلا أن قررا أن يذهبا إلى المعسكر، لكن المسؤولين عنه رفضوا دخول النائبين بناء لتعليمات وزارة الخارجية والاستخبارات التركية.   ويقول النائبان إن مسؤولا في المعسكر، وهو في الوقت ذاته ضابط في «الجيش الحر»، قال لهما «انه يقوم بالتدريب في المعسكر». وأضافا ان هذا فاقم من قلقهما، خصوصا أن اللاجئين السوريين في مستشفيات المحافظة يرفضون أن يعالجهم أطباء أتراك من المذهب .... وتذكر صحيفة «ميللييت» أن في المعسكر حوالي 500 فرد من مايسمى  «الجيش  الحر» بينهم 30 جنرالا مع عائلاتهم، ليصبح المجموع حوالي خمسة آلاف شخص. وكان هؤلاء بداية في معسكر «قار بياض» ثم نقلوا إلى هنا. وتقول الصحيفة إن مراسليها حاولوا دخول المعسكر من دون نتيجــة، مع إصرار المســؤولين على القول بوجود تعليــمات قاطعة بمنع دخــول أي أحــد إليه، مع عدم إعطاء أي تفسير. لكن وزير الخارجية احمد داود اوغلو، وأمام الضجة التي أثيرت، اضطر إلى التوضيح بأنه لأسباب تتعلق بالحساسية الأمنية فإنه يمنع الدخول إلى المعسكر، فيما يمكن أياً كان أن يدخل إلى المعسكرات المدنية. وقال انه «من الطبيعي» أن يتلقى البعض نظرا لظروفهم معاملة خاصة تتصل بأمنهم وحمايتهم. كذلك اضطرت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التابعة لرئاسة الحكومة أن تصدر بيانا تعلن فيه أن معسكر «آبايدين» هو تحت سلطة الدولة ورقابتها، ولا شيء يدعو للقلق، وتطبق فيه كل معايير المساعدة الإنسانية في مثل هذه الظروف. ونفت أن يكون المعسكر للتدريب، بل للعسكريين السوريين وعائلاتهم. وتقول «ميللييت» إن فصل العسكريين السوريين عن المدنيين هو نتيجة الخوف من الحساسية ضد هؤلاء العسكريين، ومنع نشوب نزاع بين المدنيين والعسكريين من اللاجئين. ويكتب محمد تزكان، في «ميللييت»، قائلا «انه ليس مخيم لاجئين بل قاعدة للتدريب وربما للتخريب. من يعلم؟». ويتساءل «لماذا هناك سلاح في معسكر آبايدين؟ أليس هناك سلاح في المخيمات الأخرى؟ ومن هم داخل المخيم؟ هل فقط سوريون ام هناك صوماليون وافغان وتونسيون وشيشان؟». ووصفت صحيفة «جمهورييت»، في عنوانها الرئيسي امس، الوضع في اقليم هاتاي، قائلة «جيش الاحتلال في هاتاي». وكان عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي محمد علي اديب اوغلو قد قال ان هناك ثلاثة معسكرات لتدريب المسلحين السوريين والأجانب في تركيا، في «آبايدين» وإصلاحية قرب غازي عينتاب ومنطقة كيليس. وأوضح ان هناك العديد من المعسكرات السرية على الحدود التركية مع سوريا. وقال انه يعتقد ان المخطوفين اللبنانيين موجودون في أحد هذه المعسكرات.ونقلت صحيفة «راديكال»، في تحقيق ميداني، عن توافد المئات من المسلحين من ليبيا وأفغانستان الى تركيا، ولا سيما انطاكية. ومن ذلك وصول طائرة محملة بالمسلحين من ليبيا وسفينة أيضا قادمة من ليبيا، وانه كان في استقبالهم عناصر من الاستخبارات التركية. وتقول ان المسلحين من أصحاب اللحى الطويلة والشوارب المحلوقة يملأون منطقة هاتاي. وتعكس الصحيفة الحساسيات المذهبية التي يثيرها تدفق اللاجئين السوريين إلى إقليم الاسكندرون، ومن ذلك انهم يملأون المستشفيات، فيما لا يجد السكان المحليون دورا للعلاج. وتنقل عن أطباء في المستشفيات ان الجرحى من المسلحين عندما ينقلون الى المستشفى يطلبون ألا يكون الطبيب المعالج من المذهب(....)خصوصا ان 70 في المئة من الجسم الطبي في المنطقة من أطباء وممرضات وممرضين هم من هذه الطائفة الموجودة بكثافة في اقليم هاتاي (الاسكندرون). وكان الصحافي التركي ادم اوزكوسيه، الذي كان معتقلا في سوريا وأفرج عنه سابقا، قد تحدث الى «حرييت» حول وجود المئات من المسلحين الأجانب والأصوليين في حلب، والذين دخلوا الى هناك عبر الأراضي التركية، من بينهم 50 تركياً، وقد قتل منهم حتى الآن اربعة. في هذا الوقت بعث زعيم المعارضة كيليتشدار اوغلو برسالة الى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان دعاه فيها إلى اتباع سياسة محايدة وسلمية تجاه سوريا، وان تقوم أنقرة بدور إيجابي في مساعي الحل ووقف العنف. ودعا كيليتشدار اوغلو الى ان تنظم تركيا مؤتمرا دوليا حول سوريا، مشيرا الى الانعكاسات السلبية الكبيرة على أنقرة، سياسيا وأمنيا واقتصاديا، في حال استمرار تدهور الوضع في سوريا، الذي يمكن أن يؤدي الى التقسيم. وانتقد كيليتشدار اوغلو، في حوار مع قناة «سي ان ان تورك»، سياسة الحكومة تجاه سوريا، موضحا ان تركيا تقوم بدور الأداة للسياسات الغربية. وقال انه اذا دخلت تركيا في حرب مع الجيران فستخرج خاسرة. ووصف وزير الخارجية التركية بأنه «الشخص الأقل اتزانا في تاريخ الجمهورية. وهو أضعف نقد يمكن ان يوجه اليه. لقد بدأ بصفر مشكلات واليوم أي بلد علاقاتنا معه جيدة؟ لا يمكن ان يكون وزيرا للخارجية من لا تطأ أقدامه الارض. انه أداة بيد القوى المهيمنة، والولايات المتحدة تريد إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وبعد اسرائيل تريد تأسيس دولة ثانية لا تخرج عن إرادتها، والذي لا يعرف ذلك يكون أحمقَ. ونحن نذهب الى المكان الذي يريدونه لنا، وليس الذي نريده نحن».

المصدر : محمد نور الدين\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة