منذ وصوله إلى قصر بعبدا، لم تصل العلاقة بين الرئيس ميشال سليمان ونظيره السوري بشار الأسد إلى هذا المستوى من التوتر. الأسباب عديدة، لكن السفيرة الأميركية حاضرة أيضاً.

للمرة الأولى منذ عام 2008، لم يتصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان بنظيره السوري بشار الأسد لتهنئته بحلول العيد. آخر اتصال بين الرئيسين حصل بعد الانفجار الذي وقع في مبنى الأمن القومي في دمشق، وذهب ضحيته عدد من المسؤولين السوريين، بينهم صهر الرئيس السوري، العماد آصف شوكت. يومئذ، تفيد مصادر مطلعة على العلاقة بين الطرفين، سأل الأسد سليمان عمّا إذا كان يمانع إعلان خبر الاتصال، فرد سليمان قائلاً: أبداً، أنا سأطلب تعميم الخبر. عمّمت دوائر القصر الجمهوري الخبر، فبدأت بوادر حملة خفية على سليمان.

 لم يبق سفير دولة فاعلة في الشأن السوري إلا بعث برسالة عتب إلى رئيس الجمهورية. أول هؤلاء كان السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي، التي باتت، على حد أكثر من سياسي، تستخدم أدوات سلفيها، ميشيل سيسون وجيفري فيلتمان، في التدخل بكل شاردة وواردة في لبنان. ومنذ توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، قالت كونيللي، مباشرة أو بشكل غير مباشر، لمعظم من تلتقيهم من السياسيين اللبنانيين، إن الوقت قد حان لتصعيد الموقف ضد النظام السوري، وصولاً إلى طرد السفير السوري علي عبد الكريم علي من بيروت. قالتها بوضوح لا لبس فيه، في أكثر من مجلس. وإلى كونيللي، انضمت السفارتان البريطانية والفرنسية، وعدد من المسؤولين العرب الذين وصل صراخهم إلى أعتاب بعبدا.

 وجد رئيس الجمهورية، بحسب بعض زواره، نفسه في موقف حرج. هو لم يندم على اتصاله بالأسد وموقفه، لكن الهجمة عليه كانت شديدة. وعندما استقبل وفداً إعلامياً الأسبوع الماضي، سئل عمّا إذا كان قد اتصل بالأسد، فردّ قائلاً إنه ينتظر اتصالاً من قصر المهاجرين لتوضيح ما كشفته قضية سماحة. نُشِر الخبر، فبدا الرئيس، بحسب سياسيين من فريق 8 آذار، أسير موقفه. كرره أكثر من مرة، فأتى الرد السوري على شكل الإعلان عن استنابات قضائية سورية ستصدر قريباً بحق مسؤولين سياسيين لبنانيين، بتهمة دعم الإرهاب في سورية. بدا كأن دمشق تقول لسليمان «إن فضلكم سبق».

 قوى 8 آذار متفاجئة من أداء الرئيس. هي تدرك أن قضية سماحة لا يمكن تجاوزها، لكنها رأت في موقف سليمان قفزاً فوق خط أحمر لاستهداف الرئيس السوري، بهدف قطع العلاقة معه، «إذ كان الرئيس قادراً على الاكتفاء بموقفه عندما استقبل اللواء أشرف ريفي والعميد وسام الحسن». ويردد مسؤولون في قوى الأكثرية الوزارية أن سليمان مطالب، وفق القواعد التي رسمها، بعشرات الاتصالات التوضيحية بالرئيس السوري، بعدما تحول لبنان إلى بؤرة للمعارضة السورية المسلحة. ويسأل بعض سياسيي هذا الفريق سؤالاً «بريئاً» عمّا إذا كان سليمان قد اتصل بالأسد لتوضيح ملابسات قضية الباخرة «لطف الله 2». في المحصلة، يرون في كلام سليمان تعبيراً عن انتقال العلاقة الرسمية بين الرئيس اللبناني وبين دمشق إلى مستوى غير مسبوق من التصعيد منذ وصول سليمان إلى بعبدا.

 أما قوى 14 آذار، فتلقّفت كلام سليمان بكثير من الحبور. لم تكن تحلم بوقوفه إلى جانبها في مواجهة النظام السوري. وبين رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري، ثمة جفاء سببه نشر الأخير، بطريقة مخالفة للأعراف، جزءاً من مضمون اتصاله بسليمان بعدما أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون الانتخابات على أساس النسبية. لكن الحريري عاد واتصل بسليمان أول من أمس، مهنئاً بالأعياد. اتصال هو أشبه بـ«بدل من ضائع» بين بعبدا وبين قصر المهاجرين.

  • فريق ماسة
  • 2012-08-20
  • 8279
  • من الأرشيف

كونيللي تحرّض سليمان على الأسد..وسليمان مطالب باتصال مع الأسد لتوضيح ملابسات باخرة الأسلحة "لطف الله2"

منذ وصوله إلى قصر بعبدا، لم تصل العلاقة بين الرئيس ميشال سليمان ونظيره السوري بشار الأسد إلى هذا المستوى من التوتر. الأسباب عديدة، لكن السفيرة الأميركية حاضرة أيضاً. للمرة الأولى منذ عام 2008، لم يتصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان بنظيره السوري بشار الأسد لتهنئته بحلول العيد. آخر اتصال بين الرئيسين حصل بعد الانفجار الذي وقع في مبنى الأمن القومي في دمشق، وذهب ضحيته عدد من المسؤولين السوريين، بينهم صهر الرئيس السوري، العماد آصف شوكت. يومئذ، تفيد مصادر مطلعة على العلاقة بين الطرفين، سأل الأسد سليمان عمّا إذا كان يمانع إعلان خبر الاتصال، فرد سليمان قائلاً: أبداً، أنا سأطلب تعميم الخبر. عمّمت دوائر القصر الجمهوري الخبر، فبدأت بوادر حملة خفية على سليمان.  لم يبق سفير دولة فاعلة في الشأن السوري إلا بعث برسالة عتب إلى رئيس الجمهورية. أول هؤلاء كان السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي، التي باتت، على حد أكثر من سياسي، تستخدم أدوات سلفيها، ميشيل سيسون وجيفري فيلتمان، في التدخل بكل شاردة وواردة في لبنان. ومنذ توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، قالت كونيللي، مباشرة أو بشكل غير مباشر، لمعظم من تلتقيهم من السياسيين اللبنانيين، إن الوقت قد حان لتصعيد الموقف ضد النظام السوري، وصولاً إلى طرد السفير السوري علي عبد الكريم علي من بيروت. قالتها بوضوح لا لبس فيه، في أكثر من مجلس. وإلى كونيللي، انضمت السفارتان البريطانية والفرنسية، وعدد من المسؤولين العرب الذين وصل صراخهم إلى أعتاب بعبدا.  وجد رئيس الجمهورية، بحسب بعض زواره، نفسه في موقف حرج. هو لم يندم على اتصاله بالأسد وموقفه، لكن الهجمة عليه كانت شديدة. وعندما استقبل وفداً إعلامياً الأسبوع الماضي، سئل عمّا إذا كان قد اتصل بالأسد، فردّ قائلاً إنه ينتظر اتصالاً من قصر المهاجرين لتوضيح ما كشفته قضية سماحة. نُشِر الخبر، فبدا الرئيس، بحسب سياسيين من فريق 8 آذار، أسير موقفه. كرره أكثر من مرة، فأتى الرد السوري على شكل الإعلان عن استنابات قضائية سورية ستصدر قريباً بحق مسؤولين سياسيين لبنانيين، بتهمة دعم الإرهاب في سورية. بدا كأن دمشق تقول لسليمان «إن فضلكم سبق».  قوى 8 آذار متفاجئة من أداء الرئيس. هي تدرك أن قضية سماحة لا يمكن تجاوزها، لكنها رأت في موقف سليمان قفزاً فوق خط أحمر لاستهداف الرئيس السوري، بهدف قطع العلاقة معه، «إذ كان الرئيس قادراً على الاكتفاء بموقفه عندما استقبل اللواء أشرف ريفي والعميد وسام الحسن». ويردد مسؤولون في قوى الأكثرية الوزارية أن سليمان مطالب، وفق القواعد التي رسمها، بعشرات الاتصالات التوضيحية بالرئيس السوري، بعدما تحول لبنان إلى بؤرة للمعارضة السورية المسلحة. ويسأل بعض سياسيي هذا الفريق سؤالاً «بريئاً» عمّا إذا كان سليمان قد اتصل بالأسد لتوضيح ملابسات قضية الباخرة «لطف الله 2». في المحصلة، يرون في كلام سليمان تعبيراً عن انتقال العلاقة الرسمية بين الرئيس اللبناني وبين دمشق إلى مستوى غير مسبوق من التصعيد منذ وصول سليمان إلى بعبدا.  أما قوى 14 آذار، فتلقّفت كلام سليمان بكثير من الحبور. لم تكن تحلم بوقوفه إلى جانبها في مواجهة النظام السوري. وبين رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري، ثمة جفاء سببه نشر الأخير، بطريقة مخالفة للأعراف، جزءاً من مضمون اتصاله بسليمان بعدما أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون الانتخابات على أساس النسبية. لكن الحريري عاد واتصل بسليمان أول من أمس، مهنئاً بالأعياد. اتصال هو أشبه بـ«بدل من ضائع» بين بعبدا وبين قصر المهاجرين.

المصدر : الأخبار / حسن عليق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة