أظهر تحقيق شامل نشرته وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية للأنباء حول حقول الغاز المكتشفة قبالة إسرائيل أنها تعادل في قيمتها السوقية اليوم، ومن دون حساب اكتشافات جديدة متوقعة، ما لا يقل عن 240 مليار دولار. وقالت إن هذا الغاز يكفي احتياجات إسرائيل 150 عاماً مقبلة على الأقل. ونقلت عن خبراء تقديرهم انه لن يكون بامكان إسرائيل تسويق هذه الكميات من الغاز الأمر الذي سوف يضطرها للتخلي عن جزء منها.

وأشار التحقيق إلى أن شركتي «نوبل إنرجي» و«ديلك» وشركات أخرى اكتشفت تحت مياه البحر المتوسط ما يلبي احتياجات إسرائيل من الطاقة لـ150 عاماً، ويبلغ 760 مليون متر مكعب من الغاز (28 تريليون قدم مكعب). ولكن من أجل الاستفادة السريعة من هذه الاكتشافات تسعى الشركات لتصدير الغاز سواء عبر أنبوب أو عبر السفن. غير أن وزارة الطاقة الإسرائيلية تستعد في نهاية الشهر الحالي إلى نشر ترتيبات تطوير الحقول عبر التركيز على مصلحة إسرائيل الاقتصادية والأمنية وتفضيلها على التصدير.

واعتبر التحقيق أن اكتشاف الغاز خلق مشكلة وتحديات في إسرائيل بسبب نقص الأراضي والاعتراضات البيئية. ولا زالت هناك تعقيدات تعترض إنشاء مشروع لتسييل الغاز من أجل تصديره، كما أن مشاريع مد أنبوب للغاز في البحر تتسم بالخطر ويصعب توفير الحماية لها. وأشار التحقيق إلى أن كميات الغاز المكتشفة في إسرائيل هائلة، ولكنها قد تغدو عديمة القيمة اقتصاديا إذا لم يكن من السهل تصديرها.

ونقلت الوكالة عن نيك مادان، وهو نائب رئيس شركة «ستات أويل» للاكتشافات الدولية (STL)، التي تفحص الإمكانيات الاقتصادية في المنطقة، قوله «سوف أتفاجأ إذا لم يتم التخلي عن بعض الغاز في إسرائيل». وأضاف أن هذه «هي اللعبة التي سوف تحاول معظم الشركات انتهاجها»، بسبب أن هناك «غازا مكتشفا أكثر مما يمكنك أن تتاجر به».

وكانت العقبات أمام تطوير حقول الغاز الإسرائيلية قد استدعت عقد اجتماع بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين في الشركات خلال الشهر الماضي. وأبلغ نتنياهو الحضور بأنه سيتخذ خطوات لتعزيز القدرات على تصدير الغاز. وأوضح أن هناك حاجة لإدخال العديد من الإصلاحات للحفاظ على إطار مسؤول للدولة في سوق الطاقة.

وقد اكتشفت شركة «نوبل أنرجي» حقل «لفيتان» في البحر في العام 2010، وهو الحقل الذي اعتبر حين اكتشافه أضخم اكتشاف في العالم في العقد الأخير. وسعت شركة «نوبل أنرجي» لإيجاد شريك لتطوير مشروع لتسييل الغاز بتكلفة تصل إلى خمسة مليارات دولار. كما تخطط الشركة لحفر أعمق في العام المقبل على أمل العثور على أول حقل نفطي إسرائيلي في البحر. وقال المدير التنفيذي للشركة، تشارلز دافيدسون «إننا وجدنا غازا طبيعيا أكثر مما يمكن لإسرائيل أن تستخدم. وهناك مصادر غاز طبيعي أخرى ينبغي اكتشافها في إسرائيل التي يجب عليها أن تكون قادرة على عرض أسواق لتبرير البحث عن اكتشافات».

وقد شكلت إسرائيل لجنة لترتيب أمر التعامل مع الغاز بعدما كثر الحديث عن تحولها إلى «إمارة نفطية». ونشرت اللجنة تقريرا يهدف إلى تشجيع الاستثمار في عمليات التنقيب بهدف ضمان الطاقة لإسرائيل حتى العام 2040، والسماح بتصدير بعض الفائض. ولكن توصيات اللجنة قوبلت بالكثير من التحفظ من جانب الشركات المستثمرة. وأشار خبراء إلى أن هذه الترتيبات تحول دون وصول مستثمرين أجانب. ومع ذلك فهناك اتصالات مع شركات كورية جنوبية وروسية لبناء منشأة تسييل غاز عائمة في عرض البحر.

تجدر الإشارة إلى أن شركة «غازبروم» الروسية وقعت اتفاقيات مبدئية لشراء كميات كبيرة من غاز حقل «لفيتان». وهناك اقتراحات بإنشاء أنبوب غاز مشترك إلى قبرص واليونان فضلا عن اقتراح بإنشاء محطة تسييل في الأردن لتصدير الغاز عبر البحر الأحمر إلى آسيا. ولكن أنبوب الغاز إلى أوروبا عبر اليونان مكلف وغير مجد اقتصاديا.

وهنا يعرض تحقيق «بلومبرغ» للمخاطر الأمنية التي تشكل هي الأخرى عقبة أمام الاستثمار. ونقلت الوكالة عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق غيورا آيلاند قوله أن «الخطر الأمني لحقول الغاز جدي. كما أن حماية كل نشاطات البنى التحتية لتسييل الغاز سوف تكون باهظة التكلفة، وإذا كانت محطة التسييل العائمة تكلف مليارات الدولارت، فمن المحتمل جدا أنها ستكون هدفا أكثر تعرضا للخطر». وهذا ما يجعل شركات طاقة كبرى مثل «رويال دوتش شيل» و«شيفرون» و«إكسون موبايل» تتجنب الاستثمار في إسرائيل أيضا خشية على مصالحها في بقية أرجاء الشرق الأوسط. ويرى محللون أن لا شأن للاقتصاد في هذه العقبة، ولكنها فضلا عن الوضع الجيو سياسي تجعل من تصدير الغاز الإسرائيلي أمرا صعبا.

وإضافة إلى ما سبق يعرض تحقيق «بلومبرغ» إلى الخلافات الحدودية لإسرائيل سواء مع لبنان في الشمال أو قطاع غزة في الجنوب. والعديد من الاكتشافات الإسرائيلية الغازية تقع على مقربة من هذه الحدود. كما أن إسرائيل من جهة أخرى منعت تطوير حقل غاز تابع لقطاع غزة خشية أن تصل عائداته إلى من تعتبرهم جهات متطرفة.

  • فريق ماسة
  • 2012-08-05
  • 5651
  • من الأرشيف

«بلومبرغ»: اكتشافات الغاز تكفي إسرائيل 150 عاماً

أظهر تحقيق شامل نشرته وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية للأنباء حول حقول الغاز المكتشفة قبالة إسرائيل أنها تعادل في قيمتها السوقية اليوم، ومن دون حساب اكتشافات جديدة متوقعة، ما لا يقل عن 240 مليار دولار. وقالت إن هذا الغاز يكفي احتياجات إسرائيل 150 عاماً مقبلة على الأقل. ونقلت عن خبراء تقديرهم انه لن يكون بامكان إسرائيل تسويق هذه الكميات من الغاز الأمر الذي سوف يضطرها للتخلي عن جزء منها. وأشار التحقيق إلى أن شركتي «نوبل إنرجي» و«ديلك» وشركات أخرى اكتشفت تحت مياه البحر المتوسط ما يلبي احتياجات إسرائيل من الطاقة لـ150 عاماً، ويبلغ 760 مليون متر مكعب من الغاز (28 تريليون قدم مكعب). ولكن من أجل الاستفادة السريعة من هذه الاكتشافات تسعى الشركات لتصدير الغاز سواء عبر أنبوب أو عبر السفن. غير أن وزارة الطاقة الإسرائيلية تستعد في نهاية الشهر الحالي إلى نشر ترتيبات تطوير الحقول عبر التركيز على مصلحة إسرائيل الاقتصادية والأمنية وتفضيلها على التصدير. واعتبر التحقيق أن اكتشاف الغاز خلق مشكلة وتحديات في إسرائيل بسبب نقص الأراضي والاعتراضات البيئية. ولا زالت هناك تعقيدات تعترض إنشاء مشروع لتسييل الغاز من أجل تصديره، كما أن مشاريع مد أنبوب للغاز في البحر تتسم بالخطر ويصعب توفير الحماية لها. وأشار التحقيق إلى أن كميات الغاز المكتشفة في إسرائيل هائلة، ولكنها قد تغدو عديمة القيمة اقتصاديا إذا لم يكن من السهل تصديرها. ونقلت الوكالة عن نيك مادان، وهو نائب رئيس شركة «ستات أويل» للاكتشافات الدولية (STL)، التي تفحص الإمكانيات الاقتصادية في المنطقة، قوله «سوف أتفاجأ إذا لم يتم التخلي عن بعض الغاز في إسرائيل». وأضاف أن هذه «هي اللعبة التي سوف تحاول معظم الشركات انتهاجها»، بسبب أن هناك «غازا مكتشفا أكثر مما يمكنك أن تتاجر به». وكانت العقبات أمام تطوير حقول الغاز الإسرائيلية قد استدعت عقد اجتماع بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين في الشركات خلال الشهر الماضي. وأبلغ نتنياهو الحضور بأنه سيتخذ خطوات لتعزيز القدرات على تصدير الغاز. وأوضح أن هناك حاجة لإدخال العديد من الإصلاحات للحفاظ على إطار مسؤول للدولة في سوق الطاقة. وقد اكتشفت شركة «نوبل أنرجي» حقل «لفيتان» في البحر في العام 2010، وهو الحقل الذي اعتبر حين اكتشافه أضخم اكتشاف في العالم في العقد الأخير. وسعت شركة «نوبل أنرجي» لإيجاد شريك لتطوير مشروع لتسييل الغاز بتكلفة تصل إلى خمسة مليارات دولار. كما تخطط الشركة لحفر أعمق في العام المقبل على أمل العثور على أول حقل نفطي إسرائيلي في البحر. وقال المدير التنفيذي للشركة، تشارلز دافيدسون «إننا وجدنا غازا طبيعيا أكثر مما يمكن لإسرائيل أن تستخدم. وهناك مصادر غاز طبيعي أخرى ينبغي اكتشافها في إسرائيل التي يجب عليها أن تكون قادرة على عرض أسواق لتبرير البحث عن اكتشافات». وقد شكلت إسرائيل لجنة لترتيب أمر التعامل مع الغاز بعدما كثر الحديث عن تحولها إلى «إمارة نفطية». ونشرت اللجنة تقريرا يهدف إلى تشجيع الاستثمار في عمليات التنقيب بهدف ضمان الطاقة لإسرائيل حتى العام 2040، والسماح بتصدير بعض الفائض. ولكن توصيات اللجنة قوبلت بالكثير من التحفظ من جانب الشركات المستثمرة. وأشار خبراء إلى أن هذه الترتيبات تحول دون وصول مستثمرين أجانب. ومع ذلك فهناك اتصالات مع شركات كورية جنوبية وروسية لبناء منشأة تسييل غاز عائمة في عرض البحر. تجدر الإشارة إلى أن شركة «غازبروم» الروسية وقعت اتفاقيات مبدئية لشراء كميات كبيرة من غاز حقل «لفيتان». وهناك اقتراحات بإنشاء أنبوب غاز مشترك إلى قبرص واليونان فضلا عن اقتراح بإنشاء محطة تسييل في الأردن لتصدير الغاز عبر البحر الأحمر إلى آسيا. ولكن أنبوب الغاز إلى أوروبا عبر اليونان مكلف وغير مجد اقتصاديا. وهنا يعرض تحقيق «بلومبرغ» للمخاطر الأمنية التي تشكل هي الأخرى عقبة أمام الاستثمار. ونقلت الوكالة عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق غيورا آيلاند قوله أن «الخطر الأمني لحقول الغاز جدي. كما أن حماية كل نشاطات البنى التحتية لتسييل الغاز سوف تكون باهظة التكلفة، وإذا كانت محطة التسييل العائمة تكلف مليارات الدولارت، فمن المحتمل جدا أنها ستكون هدفا أكثر تعرضا للخطر». وهذا ما يجعل شركات طاقة كبرى مثل «رويال دوتش شيل» و«شيفرون» و«إكسون موبايل» تتجنب الاستثمار في إسرائيل أيضا خشية على مصالحها في بقية أرجاء الشرق الأوسط. ويرى محللون أن لا شأن للاقتصاد في هذه العقبة، ولكنها فضلا عن الوضع الجيو سياسي تجعل من تصدير الغاز الإسرائيلي أمرا صعبا. وإضافة إلى ما سبق يعرض تحقيق «بلومبرغ» إلى الخلافات الحدودية لإسرائيل سواء مع لبنان في الشمال أو قطاع غزة في الجنوب. والعديد من الاكتشافات الإسرائيلية الغازية تقع على مقربة من هذه الحدود. كما أن إسرائيل من جهة أخرى منعت تطوير حقل غاز تابع لقطاع غزة خشية أن تصل عائداته إلى من تعتبرهم جهات متطرفة.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة