أفاد البنك الدولي في تقرير نشره أمس الأول، بأن النمو في اقتصاد السلطة الفلسطينية ليس مستقراً لاعتماده على المساعدات الخارجية، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية ليست جاهزة للتحول إلى دولة مستقلة. ويشكل هذا التقرير النقيض التام لما حاولت أوساط فلسطينية إشاعته في العامين الأخيرين حول الجاهزية الاقتصادية لإنشاء الدولة، كما أنه يعبر عن تراجع جوهري في موقف البنك الدولي من هذه المسألة.

وتعترف أوساط فلسطينية متزايدة بعمق الأزمة الاقتصادية، خصوصاً في ظل عجز السلطة عن توفير الرواتب لموظفيها، ومناشدتها الدائمة للمانحين لتقديم العون خوفاً من انهيار السلطة.

وبحسب التقرير، فإن المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية أدت بين العامين 2007 و2011 إلى زيادة بنسبة 7,7 في المئة في الناتج القومي، ولكن فقط في قطاعات خدمات الدولة، العقارات والقطاعات غير المنتجة. ويشدد في المقابل على أن قطاعي الزراعة والصناعة شهدا تراجعاً ملموساً خلال الفترة ذاتها. ولكنه يتناقض مع تقرير البنك الدولي الصادر في نيسان العام 2011، الذي أشاد بجهود السلطة الاقتصادية، وقرر أنها "جاهزة جداً لإقامة الدولة الفلسطينية في أي نقطة زمنية في المستقبل القريب". وجرى التركيز في حينه على أن هذا الإنجاز الفلسطيني تم بالرغم من "القيود الشديدة التي تفرضها إسرائيل".

ويُبين التقرير الجديد أن النمو المستقر يمكن أن يتحقق فقط عبر تعزيز الإنتاج، وإنشاء قطاع خاص فعّال. وأظهر المفارقة بين الجهد السياسي لإنشاء دولة و"الاقتصاد الذي ليس قوياً بما يكفي لإسناد هكذا دولة".

وبالرغم من ذلك يتحدث التقرير عن نقاط قوة في مناطق السلطة الفلسطينية، أساسها مستوى التعليم، وأخلاقيات العمل، وموقع فلسطين بين الوطن العربي وأوروبا. ويدعو السلطة إلى محاكاة النموذج الشرق آسيوي، مشيراً إلى العوائق التي تضعها إسرائيل أمام أي تطوير للاقتصاد أو توجه نحو الأسواق، وهما أساس أي نمو اقتصادي محتمل.

ومن المؤكد أن الوضع الاقتصادي الفلسطيني بات شديد السوء في شهر رمضان تحديداً، حيث تزداد الأعباء على المواطن عموماً، وعلى الموظفين خصوصاً. فهناك ما لا يقل عن 160 ألف موظف فلسطيني لم يتقاضوا رواتبهم إلا جزئياً، فضلاً عن إغلاق الكثير من المصانع والمشاغل. وكان وزير الاقتصاد الفلسطيني الدكتور نبيل قسيس قد أعلن أن السلطة تأمل في تجنيد مليار دولار لتقليص العجز في الميزانية البالغ حوالي مليار وربع مليار دولار. ومعروف أن حوالي نصف ميزانية السلطة تذهب إلى الرواتب.

ويرى معلقون أن تقرير البنك الدولي والتقارير الصحافية عن سوء الأوضاع الاقتصادية تتناقض مع التصريحات الإسرائيلية والفلسطينية الرسمية التي كانت تتحدث عن ازدهار اقتصادي ونسب نمو مرتفعة. فالازدهار لا يقاس بالمباني المرتفعة، ولا بالمطاعم الفاخرة التي تُفتح، ولا حتى بحجم رؤوس الأموال لعدد من الأفراد وإنما بحجم الإنتاج العام.

وفضلاً عن ذلك لا معنى للحديث عن اقتصاد فلسطيني فعلي في الوقت الذي تحدد فيه إسرائيل ليس فقط وتيرة حركة البضائع في الأراضي الفلسطينية وإنما أيضاً حركة الاقتصاد بأسره. فأكثر من 65 في المئة من الواردات الفلسطينية تأتي عبر إسرائيل ومنها، وتخضع لقوانينها وحوالي 90 في المئة من صادراتها تذهب إلى إسرائيل وعبرها.

وأقر الدكتور محمد اشتية وهو خبير اقتصادي وعضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، أن نتائج تقرير البنك الدولي واقعية، وأن هناك تراجعاً في النمو والأداء الاقتصادي في مناطق السلطة وزيادة في نسب البطالة والفقر. وأشار إلى أنه لم يعد بوسع السلطة الفلسطينية توفير فرص عمل جديدة، كما أن القطاع الخاص لا يشهد استثمارات جديدة.

ونقل موقع "يديعوت" الالكتروني عن اشتية قوله إن "تقرير البنك الدولي هذه المرة واقعي في تشخيصه للاقتصاد الفلسطيني. فكل الإشارات تدل على أنه من غير المتوقع حدوث انتعاش في الاقتصاد الفلسطيني هذا العام، لأنه يعيش أزمة عميقة ليست ناجمة فقط عن خطوات تمت في العام الحالي أو العام الفائت".

واعتبر اشتية أن إسرائيل هي أحد العوامل أمام تراجع الاقتصاد الفلسطيني ولكنها ليست كل العوامل. وفي نظره "نشأت الأزمة نتيجة سيطرة إسرائيل على المعابر ومنعها الفلسطينيين من الاستثمار في المنطقة ج، لكن نشأت أيضاً جراء اعتماد السلطة على أموال المساعدات".

  • فريق ماسة
  • 2012-07-26
  • 8230
  • من الأرشيف

البنك الدولي: السلطة الفلسطينية ليست جاهزة للتحول إلى دولة

أفاد البنك الدولي في تقرير نشره أمس الأول، بأن النمو في اقتصاد السلطة الفلسطينية ليس مستقراً لاعتماده على المساعدات الخارجية، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية ليست جاهزة للتحول إلى دولة مستقلة. ويشكل هذا التقرير النقيض التام لما حاولت أوساط فلسطينية إشاعته في العامين الأخيرين حول الجاهزية الاقتصادية لإنشاء الدولة، كما أنه يعبر عن تراجع جوهري في موقف البنك الدولي من هذه المسألة. وتعترف أوساط فلسطينية متزايدة بعمق الأزمة الاقتصادية، خصوصاً في ظل عجز السلطة عن توفير الرواتب لموظفيها، ومناشدتها الدائمة للمانحين لتقديم العون خوفاً من انهيار السلطة. وبحسب التقرير، فإن المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية أدت بين العامين 2007 و2011 إلى زيادة بنسبة 7,7 في المئة في الناتج القومي، ولكن فقط في قطاعات خدمات الدولة، العقارات والقطاعات غير المنتجة. ويشدد في المقابل على أن قطاعي الزراعة والصناعة شهدا تراجعاً ملموساً خلال الفترة ذاتها. ولكنه يتناقض مع تقرير البنك الدولي الصادر في نيسان العام 2011، الذي أشاد بجهود السلطة الاقتصادية، وقرر أنها "جاهزة جداً لإقامة الدولة الفلسطينية في أي نقطة زمنية في المستقبل القريب". وجرى التركيز في حينه على أن هذا الإنجاز الفلسطيني تم بالرغم من "القيود الشديدة التي تفرضها إسرائيل". ويُبين التقرير الجديد أن النمو المستقر يمكن أن يتحقق فقط عبر تعزيز الإنتاج، وإنشاء قطاع خاص فعّال. وأظهر المفارقة بين الجهد السياسي لإنشاء دولة و"الاقتصاد الذي ليس قوياً بما يكفي لإسناد هكذا دولة". وبالرغم من ذلك يتحدث التقرير عن نقاط قوة في مناطق السلطة الفلسطينية، أساسها مستوى التعليم، وأخلاقيات العمل، وموقع فلسطين بين الوطن العربي وأوروبا. ويدعو السلطة إلى محاكاة النموذج الشرق آسيوي، مشيراً إلى العوائق التي تضعها إسرائيل أمام أي تطوير للاقتصاد أو توجه نحو الأسواق، وهما أساس أي نمو اقتصادي محتمل. ومن المؤكد أن الوضع الاقتصادي الفلسطيني بات شديد السوء في شهر رمضان تحديداً، حيث تزداد الأعباء على المواطن عموماً، وعلى الموظفين خصوصاً. فهناك ما لا يقل عن 160 ألف موظف فلسطيني لم يتقاضوا رواتبهم إلا جزئياً، فضلاً عن إغلاق الكثير من المصانع والمشاغل. وكان وزير الاقتصاد الفلسطيني الدكتور نبيل قسيس قد أعلن أن السلطة تأمل في تجنيد مليار دولار لتقليص العجز في الميزانية البالغ حوالي مليار وربع مليار دولار. ومعروف أن حوالي نصف ميزانية السلطة تذهب إلى الرواتب. ويرى معلقون أن تقرير البنك الدولي والتقارير الصحافية عن سوء الأوضاع الاقتصادية تتناقض مع التصريحات الإسرائيلية والفلسطينية الرسمية التي كانت تتحدث عن ازدهار اقتصادي ونسب نمو مرتفعة. فالازدهار لا يقاس بالمباني المرتفعة، ولا بالمطاعم الفاخرة التي تُفتح، ولا حتى بحجم رؤوس الأموال لعدد من الأفراد وإنما بحجم الإنتاج العام. وفضلاً عن ذلك لا معنى للحديث عن اقتصاد فلسطيني فعلي في الوقت الذي تحدد فيه إسرائيل ليس فقط وتيرة حركة البضائع في الأراضي الفلسطينية وإنما أيضاً حركة الاقتصاد بأسره. فأكثر من 65 في المئة من الواردات الفلسطينية تأتي عبر إسرائيل ومنها، وتخضع لقوانينها وحوالي 90 في المئة من صادراتها تذهب إلى إسرائيل وعبرها. وأقر الدكتور محمد اشتية وهو خبير اقتصادي وعضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، أن نتائج تقرير البنك الدولي واقعية، وأن هناك تراجعاً في النمو والأداء الاقتصادي في مناطق السلطة وزيادة في نسب البطالة والفقر. وأشار إلى أنه لم يعد بوسع السلطة الفلسطينية توفير فرص عمل جديدة، كما أن القطاع الخاص لا يشهد استثمارات جديدة. ونقل موقع "يديعوت" الالكتروني عن اشتية قوله إن "تقرير البنك الدولي هذه المرة واقعي في تشخيصه للاقتصاد الفلسطيني. فكل الإشارات تدل على أنه من غير المتوقع حدوث انتعاش في الاقتصاد الفلسطيني هذا العام، لأنه يعيش أزمة عميقة ليست ناجمة فقط عن خطوات تمت في العام الحالي أو العام الفائت". واعتبر اشتية أن إسرائيل هي أحد العوامل أمام تراجع الاقتصاد الفلسطيني ولكنها ليست كل العوامل. وفي نظره "نشأت الأزمة نتيجة سيطرة إسرائيل على المعابر ومنعها الفلسطينيين من الاستثمار في المنطقة ج، لكن نشأت أيضاً جراء اعتماد السلطة على أموال المساعدات".

المصدر : السفير /حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة