كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن واشنطن تعمل في الخفاء لمنع وصول ما تقول إنها شحنات من النفط والأسلحة متجهة من إيران إلى سورية، وذلك بالاعتماد على قدراتها الاستخبارية والديبلوماسية.

ولفت هؤلاء المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم، أن الجهود الأميركية تتركّز على الدفع بالعراق لإغلاق مجاله الجوي أمام الرحلات المتوجهة من إيران إلى سوريا حيث تشتبه أجهزة الاستخبارات الأميركية في أنها تحمل أسلحة إلى النظام السوري، وليس زهوراً كما يُقال. في الوقت ذاته، تجهد واشنطن في منع السفن، التي تشتبه كذلك في أنها تحمل أسلحة ونفطاً لسوريا، من عبور قناة السويس.

وتؤكد الجهود، التي تشارك فيها وكالة الاستخبارات المركزية ووزارتا الخارجية والخزانة والجيش من وراء الكواليس، إلى اضطلاع الولايات المتحدة بدور أوسع مما اعترفت به واشنطن سابقاً في الحملة ضد الرئيس بشار الأسد. وتصاعدت هذه الجهود مؤخراً إثر تحسن العلاقات مع فصائل سورية معارضة وازدياد حاجة النظام إلى الإمدادات.

وأوضحت الصحيفة أن الضغط الأميركي على العراق، والذي بدأ مطلع العام، تكثف في الآونة الأخيرة، مذكرة أن الخط الإيراني الجوي قد فتح بعد استكمال الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية العام الماضي.

ونقلت عن المسؤولين قولهم إن "جهاز الاستخبارات الأميركي حصل على معلومات مؤكدة بعد الشهر الثاني على بدء الرحلات مفادها أن إيران تمدّ سوريا بالأسلحة عبر العراق، مستخدمة شركة "ياس" الخاصة بالشحن الجوي". وأردف هؤلاء "مع فقدان الأميركيين نفوذهم الجوي على السماء العراقية، لم يعد بوسعهم مواجهة الأمر سوى بالضغط على المسؤولين العراقيين للتحرك. وفي شكوى رسمية إلى بغداد، طلب الأميركيون وضع حدّ للرحلات المسيّرة بشكل حازم"، حسبما يؤكد أحد المسؤولين البارزين.

وقال المسؤولون إن الشكوى الأميركية أقنعت العراقيين بالتحرك على ما يبدو، منوّهين بتوقف الرحلات الجوية. ولكن في أواخر كانون الثاني وأوائل شباط الماضيين، بدأ جهاز الاستخبارات يرصد رحلات جوية تقوم بها طائرات شحن سورية من طراز "إي أن ـ 76" بين سوريا وإيران، في تكتيك جديد.

وبحسب المسؤولين، فإن كلاً من سوريا وإيران حاولتا تمويه الرحلات التي تغادر إيران، أحيانًا بوثائق تقول إن حمولة الطائرات تتكون من زهور ومعدات زراعية. وقد خلص محللو جهاز الاستخبارات إلى أن الوثائق مزوّرة، لافتين إلى ضلوع الحرس الثوري الإيراني في هذه الرحلات، كما قالت مصادر مطلعة.

وعادت "وول ستريت جورنال" إلى سلسلة من المذكرات كانت أرسلتها واشنطن في شباط وآذار الماضيين، حذرت فيها حكومة نوري المالكي من أن تخاذلها في منع الرحلات الجوية يتعارض مع التزاماتها بقرارات مجلس الأمن الدولي. وفيما نفى العراقيون بداية الاتهامات، وعدوا بعد ذلك بفتح تحقيق بهذا الشأن.

وتضيف الصحيفة "في غمرة انهماك العراق بالتحضير لاستضافة القمة العربية، وفي وقت كانت بغداد تحاول استغلال الفرصة لتأكيد عودتها إلى الصف العربي، استغل الأميركيون الفرصة لتهديدها بكشف معلومات عن الرحلات وإحراجها أمام الدول العربية المعارضة للأسد، فرضخ القادة الإيرانيون واعدين بتفتيش الطائرات المريبة. وقبل أسبوعين على انعقاد القمة توقفت رحلات طائرات الشحن السورية بصورة مفاجئة"، كما يقول مسؤولون أميركيون.

من جهة ثانية، لفت المسؤولون إلى أن واشنطن عادت للتركيز مجدداً على حركة النقل البحري عن طريق قناة السويس. وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى السفن، التي تدعى "الأمين" وهي ملك لشركة شحن إيرانية، تنتظر حالياً إذناً لعبور القناة، بحجة أنها لا تحظى بتأمين دولي معترف به.

وكانت السفينة عبرت قناة السويس من قبل، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة، وأبحرت الشهر الماضي إلى ميناء بانياس السوري حيث تعتقد واشنطن أنها أفرغت حمولة من البنزين للنظام السوري وأخذت نفطًا خامًا سورياً إلى إيران. ويجري مسؤولون أميركيون، بحسب الصحيفة، محادثات مع الحكومة المصرية سعياً لمنع عبور السفينة.

وعلى الرغم مما سبق، يبقى هناك مشككون في مدى نجاح المساعي الأميركية. ويقول هؤلاء إن هذا الضغط قد يخطئ، كما أنه قد يأتي متأخراً بحيث تخسر أميركا نفوذها في سوريا ما بعد الأسد. وقد اعترف مسؤولون أميركيون بالتحديات المترتبة على امتناع إدارة أوباما عن الانخراط بدور أكبر في النزاع. وفي حين أن بعض الرحلات الجوية إلى سوريا أوقف، فإن مسؤولين يقولون إنه من الصعب جمع معلومات في هذا الشأن، وإن بعض الحكومات قد لا تبدي تعاونا، لافتين إلى نجاح بعض شحنات السلاح والوقود بالتسلل والوصول إلى وجهتها.

وفي وقت يؤكد قياديون في المعارضة السورية تكثيف الاتصالات مؤخراً مع مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية و"السي آي إيه"، لا سيما في جنوب تركيا، يرى قادة ميدانيون في المعارضة المسلحة أن أميركا كانت تستطيع العمل في وقت أبكر من أجل غلق الطرق الجوية والبحرية التي تمدّ القوات النظامية بالدعم.

وهذا الأمر تؤكده مقابلة أجراها الكاتب في مجلة "نيوزويك" إيلي لايك مع اثنين من قادة المقاتلين السوريين، الذين أكدوا أن مساعدة أميركا ضرورية لجهة مدّ المقاتلين بالأسلحة الثقيلة، ولا يفهمون لماذا تتلكأ حتى الآن في مجال الدعم العسكري. وفيما يصرّ هذان المسؤولان على قدرة القيادات حالياً على ضمان استخدام الأسلحة الثقيلة لتحقيق الغاية المرجوة منها، يجزمان أنه، بمساعدة أميركا، بالإمكان إسقاط الأسد في غضون شهر.

 

السفير

 

  • فريق ماسة
  • 2012-07-23
  • 10452
  • من الأرشيف

واشنطن تنشط سراً لمحاصرة سورية : ضغوط على العراق لمنع شحنات إيرانية

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن واشنطن تعمل في الخفاء لمنع وصول ما تقول إنها شحنات من النفط والأسلحة متجهة من إيران إلى سورية، وذلك بالاعتماد على قدراتها الاستخبارية والديبلوماسية. ولفت هؤلاء المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم، أن الجهود الأميركية تتركّز على الدفع بالعراق لإغلاق مجاله الجوي أمام الرحلات المتوجهة من إيران إلى سوريا حيث تشتبه أجهزة الاستخبارات الأميركية في أنها تحمل أسلحة إلى النظام السوري، وليس زهوراً كما يُقال. في الوقت ذاته، تجهد واشنطن في منع السفن، التي تشتبه كذلك في أنها تحمل أسلحة ونفطاً لسوريا، من عبور قناة السويس. وتؤكد الجهود، التي تشارك فيها وكالة الاستخبارات المركزية ووزارتا الخارجية والخزانة والجيش من وراء الكواليس، إلى اضطلاع الولايات المتحدة بدور أوسع مما اعترفت به واشنطن سابقاً في الحملة ضد الرئيس بشار الأسد. وتصاعدت هذه الجهود مؤخراً إثر تحسن العلاقات مع فصائل سورية معارضة وازدياد حاجة النظام إلى الإمدادات. وأوضحت الصحيفة أن الضغط الأميركي على العراق، والذي بدأ مطلع العام، تكثف في الآونة الأخيرة، مذكرة أن الخط الإيراني الجوي قد فتح بعد استكمال الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية العام الماضي. ونقلت عن المسؤولين قولهم إن "جهاز الاستخبارات الأميركي حصل على معلومات مؤكدة بعد الشهر الثاني على بدء الرحلات مفادها أن إيران تمدّ سوريا بالأسلحة عبر العراق، مستخدمة شركة "ياس" الخاصة بالشحن الجوي". وأردف هؤلاء "مع فقدان الأميركيين نفوذهم الجوي على السماء العراقية، لم يعد بوسعهم مواجهة الأمر سوى بالضغط على المسؤولين العراقيين للتحرك. وفي شكوى رسمية إلى بغداد، طلب الأميركيون وضع حدّ للرحلات المسيّرة بشكل حازم"، حسبما يؤكد أحد المسؤولين البارزين. وقال المسؤولون إن الشكوى الأميركية أقنعت العراقيين بالتحرك على ما يبدو، منوّهين بتوقف الرحلات الجوية. ولكن في أواخر كانون الثاني وأوائل شباط الماضيين، بدأ جهاز الاستخبارات يرصد رحلات جوية تقوم بها طائرات شحن سورية من طراز "إي أن ـ 76" بين سوريا وإيران، في تكتيك جديد. وبحسب المسؤولين، فإن كلاً من سوريا وإيران حاولتا تمويه الرحلات التي تغادر إيران، أحيانًا بوثائق تقول إن حمولة الطائرات تتكون من زهور ومعدات زراعية. وقد خلص محللو جهاز الاستخبارات إلى أن الوثائق مزوّرة، لافتين إلى ضلوع الحرس الثوري الإيراني في هذه الرحلات، كما قالت مصادر مطلعة. وعادت "وول ستريت جورنال" إلى سلسلة من المذكرات كانت أرسلتها واشنطن في شباط وآذار الماضيين، حذرت فيها حكومة نوري المالكي من أن تخاذلها في منع الرحلات الجوية يتعارض مع التزاماتها بقرارات مجلس الأمن الدولي. وفيما نفى العراقيون بداية الاتهامات، وعدوا بعد ذلك بفتح تحقيق بهذا الشأن. وتضيف الصحيفة "في غمرة انهماك العراق بالتحضير لاستضافة القمة العربية، وفي وقت كانت بغداد تحاول استغلال الفرصة لتأكيد عودتها إلى الصف العربي، استغل الأميركيون الفرصة لتهديدها بكشف معلومات عن الرحلات وإحراجها أمام الدول العربية المعارضة للأسد، فرضخ القادة الإيرانيون واعدين بتفتيش الطائرات المريبة. وقبل أسبوعين على انعقاد القمة توقفت رحلات طائرات الشحن السورية بصورة مفاجئة"، كما يقول مسؤولون أميركيون. من جهة ثانية، لفت المسؤولون إلى أن واشنطن عادت للتركيز مجدداً على حركة النقل البحري عن طريق قناة السويس. وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى السفن، التي تدعى "الأمين" وهي ملك لشركة شحن إيرانية، تنتظر حالياً إذناً لعبور القناة، بحجة أنها لا تحظى بتأمين دولي معترف به. وكانت السفينة عبرت قناة السويس من قبل، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة، وأبحرت الشهر الماضي إلى ميناء بانياس السوري حيث تعتقد واشنطن أنها أفرغت حمولة من البنزين للنظام السوري وأخذت نفطًا خامًا سورياً إلى إيران. ويجري مسؤولون أميركيون، بحسب الصحيفة، محادثات مع الحكومة المصرية سعياً لمنع عبور السفينة. وعلى الرغم مما سبق، يبقى هناك مشككون في مدى نجاح المساعي الأميركية. ويقول هؤلاء إن هذا الضغط قد يخطئ، كما أنه قد يأتي متأخراً بحيث تخسر أميركا نفوذها في سوريا ما بعد الأسد. وقد اعترف مسؤولون أميركيون بالتحديات المترتبة على امتناع إدارة أوباما عن الانخراط بدور أكبر في النزاع. وفي حين أن بعض الرحلات الجوية إلى سوريا أوقف، فإن مسؤولين يقولون إنه من الصعب جمع معلومات في هذا الشأن، وإن بعض الحكومات قد لا تبدي تعاونا، لافتين إلى نجاح بعض شحنات السلاح والوقود بالتسلل والوصول إلى وجهتها. وفي وقت يؤكد قياديون في المعارضة السورية تكثيف الاتصالات مؤخراً مع مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية و"السي آي إيه"، لا سيما في جنوب تركيا، يرى قادة ميدانيون في المعارضة المسلحة أن أميركا كانت تستطيع العمل في وقت أبكر من أجل غلق الطرق الجوية والبحرية التي تمدّ القوات النظامية بالدعم. وهذا الأمر تؤكده مقابلة أجراها الكاتب في مجلة "نيوزويك" إيلي لايك مع اثنين من قادة المقاتلين السوريين، الذين أكدوا أن مساعدة أميركا ضرورية لجهة مدّ المقاتلين بالأسلحة الثقيلة، ولا يفهمون لماذا تتلكأ حتى الآن في مجال الدعم العسكري. وفيما يصرّ هذان المسؤولان على قدرة القيادات حالياً على ضمان استخدام الأسلحة الثقيلة لتحقيق الغاية المرجوة منها، يجزمان أنه، بمساعدة أميركا، بالإمكان إسقاط الأسد في غضون شهر.   السفير  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة