دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لفت انتباه المراقبين بعد تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق، والاعلان عن مقتل عدد من الأركان الأمنيين والعسكريين في القيادة السورية، مسارعة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين للبحث في الوضع السوري، ولتخرج وكالة الانباء الروسية "انترفاكس" بخبر مقتضب عن عدم الاتفاق حول مقاربة الحل للأزمة في سوريا، الأمر الذي طرح اسئلة عدة تتصل بحقيقة التصلّب الروسي حيال الملف الســوري.
يكشف مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع لـ"السفير" أنه خلال اجتماع جنيف الاخير حول سوريا تم التوصل الى تسوية روسية ـ اميركية ـ صينية وتم الاتفاق على بدء العمل بتنفيذها وفق صيغة توازن بين مطالب المعارضة من جهة وسلطة الدولة ممثلة بالقيادة السورية الحالية من جهة ثانية، وبعد انتهاء الاجتماع، حصل الخلل الأول من الجانب الاميركي حيث اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الفرنسي لوران فابيوس أنه تم التوصل الى تسوية حول سوريا وأن الرئيس بشار الأسد خارجها.
وقد سارع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الى الرد على كلينتون بالقول، "إن ما قيل عن تسوية سيكون الأسد خارجها هي بمثابة دعابة، إذ أن الحقيقة التي لم يلفظ بها لافروف هي أن التسوية مع الأسد".
والمفارقة أن ما حصل غداة جنيف، تكرر ولو بصيغة مختلفة من خلال تعامل الوكالات الغربية مع موقف السفير الروسي في فرنسا.
ما هي قصة التسوية في جنيف وماذا تتضمن ومن شارك في صياغتها؟
يوضح المصدر الديبلوماسي أنه أثناء انعقاد مؤتمر جنيف للبحث في الأزمة السورية بحضور وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وممثلين عن الاتحاد الأوروبي وبعض العواصم العربية والإقليمية، كان يعقد اجتماع آخر في قاعة مغلقة بين قادة استخبارات كل من روسيا والصين واميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا فقط، وتبلّغ الجانبان الروسي والصيني من نظرائهم الاخرين الآتي:
1 ـ إن واشنطن ومعها دول الاتحاد الأوروبي أصبحت تتفهم القلق والخشية الروسية ـ الصينية من وصول حكم إسلامي الى السلطة في سوريا، وهي على ضوء ذلك تتفهم أيضا خشية وقلق روسيا والصين من امتداد الإسلام السياسي الى دول البلقان وآسيا.
2 - على ضوء ذلك، إن واشنطن والاتحاد الأوروبي يؤكدان التزامهما إقامة نظام مدني في سوريا، بعد تنحّي الرئيس الاسد، يعطي تطمينات لمكوّنات المجتمع السوري كافة لا سيما الطائفة العلوية.
3 - تتعهد واشنطن ومعها أوروبا بالضغط على حلفائهم في المنطقة لوقف تدفق المسلّحين المتطرفين الى الداخل السوري لا سيما عبر تركيا والأردن ولبنان، كما تتعهد بالضغط على قطر والسعودية لوقف مدّ المسلّحين السوريين المعارضين بالمال والسلاح.
4 - تتفهم واشنطن ومعها أوروبا المصالح الإستراتيجية الحيوية العسكرية والاقتصادية لروسيا وعلاقتها التاريخية مع سوريا.
5 - تعهد اميركي ـ أوروبي بعدم القيام بتدخل عسكري في سوريا.
6 - وبناء عليه تترك واشنطن وأوروبا لروسيا تقدير المخرج لإنهاء الوضع في سوريا على قاعدة تحضير مرحلة انتقالية تؤسس لنظام جديد".
في المقابل ماذا طرح الجانب الروسي ـ الصيني خلال الاجتماع المذكور؟
يقول المصدر، إن روسيا والصين اكدتا على التالي:
1 - "حرصهما على الحفاظ على كرامة الرئيس الاسد وعائلته من خلال اتمام عملية التغيير المتوقعة معه وعبر اشراك الخط السياسي الذي يمثّله الاسد في العملية التغييرية المتوقعة استنادا لما يحدده الشعب في الانتخابات بحيث يكون الجزء الرئيسي والفاعل فيها.
2 - إصرار روسيا والصين على إنضاج التسوية في موسكو وهي على استعداد لاستضافة ممثلين عن النظام والمعارضة السورية لعقد اجتماعات متواصلة حتى التوصل الى تسوية ترضي الطرفين تكون برعاية روسية ـ صينية وتحوز على مباركة اميركية ـ أوروبية ـ عربية.
3 - تأكيد روسيا ومعها الصين على دورهما المحوري غير القابل للبحث في مستقبل وديمومة العملية السياسية في سوريا أيا كان شكل النظام فيها مع اصرارهما على إبقاء مظلتيهما الدولية على سوريا وحلفائها في المنطقة من دون استثناء.
ويشير المصدر الى أن "هذه التسوية كان مقررا لها أن تبصر النور بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف المقبل، بعد إخضاع أطرافها الى مرحلة اختبار نوايا متبادل، ولذلك فتحت روسيا أبوابها للمعارضة السورية وكان منتظرا أن يلمس الافرقاء تراجعا في حجم التمويل للمعارضة السورية المسلّحة من قبل واشنطن وحلفائها العرب، الا أن ذلك لم يحصل إنما على العكس تم تجهيز آلاف المقاتلين والدفع بهم لخوض ما أسميت "معركة تحرير دمشق" كما جرى تنفيذ عملية أمنية خطيرة أودت بحياة قادة أمنيين وعسكريين، ما دفع موسكو وبكين الى رفع منسوب تصلبهما في الموضوع السوري بعدما لمستا عدم جديّة الولايات المتحدة وأوروبا في السعي لإيجاد تسوية سلمية للأزمة الســورية".
واذ يشير المصدر الى أن "الأمور في سوريا ذاهبة الى مزيد من الصدام المسلّح في ضوء الاستهدافات الأخيرة لأركان النظام وتركيز العمليات المسلّحة على العاصمة دمشق"، فإنه يلفت الانتباه الى "المخاوف من تمدد أي حرب أهلية قد تنشب في سوريا الى كل من لبنان والأردن وتركيا، مع مخاطر الدخول في حرب إقليمية مدمّرة
المصدر :
السفير/ داود رمال
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة