يصل اليوم إلى موسكو رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، في زيارة ليوم واحد، يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط خلاف مستحكم بين البلدين بسبب الوضع في سورية.

ومع أن الصحف التركية رأت أن اردوغان سيحاول أن «يقنع» بوتين بالسير في حل في سورية من دون الرئيس بشار الأسد، فإن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول التمسك بوجود الأسد وعدم تنحيه، وجّهت ضربة استباقية إلى آمال اردوغان من الزيارة بحيث لا يتوقع احد أن تنتهي الزيارة إلى أية مفاجأة.

وتطورت العلاقات بين أنقرة وموسكو إلى شراكة إستراتيجية في الأعوام القليلة الماضية، إذ تحولت روسيا حتى العام 2009 إلى الشريك التجاري الأول لتركيا، ولا تزال حتى الآن بين الأوائل. ورفعت أنقرة تأشيرات الدخول للروس للبقاء شهرا في تركيا، بحيث احتل السياح الروس مراتب متقدمة في عدد الداخلين إلى تركيا. وبلغت العلاقات الذروة مع منح تركيا لروسيا مناقصة لبناء أول مفاعل نووي تركي، لكن مواضيع الخلاف بين البلدين كانت في المقابل كثيرة، من بينها الوضع في جنوب القوقاز، حيث تقف روسيا إلى جانب أرمينيا في الخلاف مع أذربيجان التي تحولت إلى قاعدة أميركية - إسرائيلية، وهي مدعومة من جانب تركيا.

كذلك، تسود منافسة عميقة بن أنقرة وموسكو بتشجيع غربي وعربي لتهميش دور روسيا على صعيد الطاقة وخطوط النفط والغاز الطبيعي، عبر مد خطوط نقل عبر تركيا ومنها إلى أوروبا.

لكن «كعب أخيل» الخلاف بين موسكو وأنقرة كان الموقف من الأزمة السورية. ولم تكن تركيا تتوقع أن يستمر الموقف الروسي صلبا في الوقوف إلى جانب الأسد، بل إن وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو توقع في نهاية العام الماضي تحولا في الموقف الروسي، كما الصيني، من سوريا. لكن توقعات الوزير التركي لم تحصل، بل ازداد الموقف الروسي ومعه الصيني تشبثا بالأسد.

ويقع جانب مهم من الموقف الروسي والصيني من سوريا، ومعارضة أي حل تقترحه تركيا من دون الأسد، إلى التخوف من أن أي بديل أصولي في سوريا سيفاقم من تنامي التيارات الدينية، كما داخل روسيا كذلك داخل الصين، خصوصا أن تركيا تظهر من وقت إلى آخر كحامية للمسلمين، وخصوصا من أصل تركي، وتندد بالقمع الذي يتعرضون له.

غير أن ذروة الخلاف الروسي - التركي تمثلت في موافقة تركيا على نصب شبكة رادارات الدرع الصاروخي الأميركي الأطلسي على أراضيها، وهو موجه في الأساس ضد روسيا وإيران. وقد تسبب ذلك في حملة انتقادات بل تهديدات روسية إلى تركيا، من أن أول صاروخ روسي سيستهدف قاعدة ملاطية للدرع الصاروخي.

إلى ذلك فإن واحدا من أهداف زيارة اردوغان إلى موسكو هو الاطلاع على ما يملكه الروس من معلومات حول ظروف إسقاط الطائرة التركية من قبل المدفعية السورية، في ظل اتهام تركي ضمني بدور روسي في إسقاط الطائرة، سواء بقذيفة مدفعية أو بصاروخ.

لم تعد الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وروسيا قائمة. ولا يتوقع من زيارة اردوغان لروسيا نتائج إيجابية. لكن قدرة موسكو على التواصل مع جميع أفرقاء الأزمة السورية من نظام ومعارضات تبقي دورا لتركيا كونها تحتضن «المجلس الوطني السوري» و«الجيش السوري الحر» وفي أن يكون الطرفان مظلة مشتركة لحل مستقبلي في حال تغيرت الظروف والمواقف.

السفير

  • فريق ماسة
  • 2012-07-17
  • 8220
  • من الأرشيف

مهمـة مسـتحيلة لأردوغـان فـي موسـكو اليـوم

يصل اليوم إلى موسكو رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، في زيارة ليوم واحد، يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط خلاف مستحكم بين البلدين بسبب الوضع في سورية. ومع أن الصحف التركية رأت أن اردوغان سيحاول أن «يقنع» بوتين بالسير في حل في سورية من دون الرئيس بشار الأسد، فإن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول التمسك بوجود الأسد وعدم تنحيه، وجّهت ضربة استباقية إلى آمال اردوغان من الزيارة بحيث لا يتوقع احد أن تنتهي الزيارة إلى أية مفاجأة. وتطورت العلاقات بين أنقرة وموسكو إلى شراكة إستراتيجية في الأعوام القليلة الماضية، إذ تحولت روسيا حتى العام 2009 إلى الشريك التجاري الأول لتركيا، ولا تزال حتى الآن بين الأوائل. ورفعت أنقرة تأشيرات الدخول للروس للبقاء شهرا في تركيا، بحيث احتل السياح الروس مراتب متقدمة في عدد الداخلين إلى تركيا. وبلغت العلاقات الذروة مع منح تركيا لروسيا مناقصة لبناء أول مفاعل نووي تركي، لكن مواضيع الخلاف بين البلدين كانت في المقابل كثيرة، من بينها الوضع في جنوب القوقاز، حيث تقف روسيا إلى جانب أرمينيا في الخلاف مع أذربيجان التي تحولت إلى قاعدة أميركية - إسرائيلية، وهي مدعومة من جانب تركيا. كذلك، تسود منافسة عميقة بن أنقرة وموسكو بتشجيع غربي وعربي لتهميش دور روسيا على صعيد الطاقة وخطوط النفط والغاز الطبيعي، عبر مد خطوط نقل عبر تركيا ومنها إلى أوروبا. لكن «كعب أخيل» الخلاف بين موسكو وأنقرة كان الموقف من الأزمة السورية. ولم تكن تركيا تتوقع أن يستمر الموقف الروسي صلبا في الوقوف إلى جانب الأسد، بل إن وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو توقع في نهاية العام الماضي تحولا في الموقف الروسي، كما الصيني، من سوريا. لكن توقعات الوزير التركي لم تحصل، بل ازداد الموقف الروسي ومعه الصيني تشبثا بالأسد. ويقع جانب مهم من الموقف الروسي والصيني من سوريا، ومعارضة أي حل تقترحه تركيا من دون الأسد، إلى التخوف من أن أي بديل أصولي في سوريا سيفاقم من تنامي التيارات الدينية، كما داخل روسيا كذلك داخل الصين، خصوصا أن تركيا تظهر من وقت إلى آخر كحامية للمسلمين، وخصوصا من أصل تركي، وتندد بالقمع الذي يتعرضون له. غير أن ذروة الخلاف الروسي - التركي تمثلت في موافقة تركيا على نصب شبكة رادارات الدرع الصاروخي الأميركي الأطلسي على أراضيها، وهو موجه في الأساس ضد روسيا وإيران. وقد تسبب ذلك في حملة انتقادات بل تهديدات روسية إلى تركيا، من أن أول صاروخ روسي سيستهدف قاعدة ملاطية للدرع الصاروخي. إلى ذلك فإن واحدا من أهداف زيارة اردوغان إلى موسكو هو الاطلاع على ما يملكه الروس من معلومات حول ظروف إسقاط الطائرة التركية من قبل المدفعية السورية، في ظل اتهام تركي ضمني بدور روسي في إسقاط الطائرة، سواء بقذيفة مدفعية أو بصاروخ. لم تعد الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وروسيا قائمة. ولا يتوقع من زيارة اردوغان لروسيا نتائج إيجابية. لكن قدرة موسكو على التواصل مع جميع أفرقاء الأزمة السورية من نظام ومعارضات تبقي دورا لتركيا كونها تحتضن «المجلس الوطني السوري» و«الجيش السوري الحر» وفي أن يكون الطرفان مظلة مشتركة لحل مستقبلي في حال تغيرت الظروف والمواقف. السفير

المصدر : السفير /محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة