انعكست التطورات الميدانية في سورية  على المشاورات في مجلس الأمن، بما قد يؤدي إلى تراجع المواقف الغربية المتصلبة حيال إدراج الفصل السابع في مشروع القرار الغربي المطروح.

بقيت روسيا متمسكة بمشروع قرارها، قبل أربع وعشرين ساعة من موعد التصويت في مجلس الأمن، فيما يدرس الأميركيون خيارات أخرى تتعلق بمهمة كوفي أنان، وبعثة المراقبين على الأرض مع عدم استبعاد الوصول إلى حل وسط في اليومين المقبلين، مع احتمال إرجاء التصويت اليوم.

ونقلت  «الأخبار» من مصادر دبلوماسية مطلعة، في نيويورك، أن المبادرة الغربية اصطدمت بجدارين صلبين، الأول ميداني على الأرض في سورية. والثاني دبلوماسي بموقف روسي ـــ صيني غير مهادن. على الصعيد الميداني، أصيبت مراكز المعارضة السورية المسلحة في المناطق الحدودية الثلاثة قرب تركيا ولبنان والأردن بجملة انتكاسات عسكرية متلاحقة، أضعفت قدراتها على إيجاد مناطق وملاذات آمنة لاستخدامها كمنطلقات للتوسع في الأراضي السورية. أما خطة الهجوم على العاصمة دمشق، فقد علمت بها القوى الأمنية السورية قبل حدوثها، واستعدت لها وتصدت لها بطرق ناجحة. وكانت نقطة الضعف الرئيسية في توجّه المعارضة المسلحة للسيطرة على مجموعة من الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان والانطلاق منها لإرباك الجيش. إذ إن سكان الأحياء، خشية منهم من أن يستخدموا كدروع للمجموعات المسلحة، أظهروا تعاوناً مع القوى الأمنية، وكانوا يرشدون قوات الجيش إلى أماكن المسلحين. وتحدثت المعلومات الواردة من سوريا عن أن بعض الدول الإقليمية والدولية قلّصت دعمها للمعارضة بشكل كبير، سواء على صعيد السلاح أو التمويل. وأوقفت السعودية، تحديداً، جمع التبرعات بأوامر ملكية، بعد الشعور بأن الأمور لم تعد تجري كما تشتهي الرياض، وأن الأزمة قد ترتد عليها على نحو يفوق قدرتها على المواجهة، ولا سيما في ضوء التصعيد الدموي الجاري في منطقة القطيف والعوامية. وشعرت المملكة تحديداً بأن الموقف الروسي ينطوي على تهديد ضمني بأخذ الأمور إلى الردّ على التحرش الميداني بسوريا وعدم الاكتفاء بالدعم السياسي لدمشق.

إزاء هذه المعطيات وغيرها، ورغم الموقف الأميركي المعلن إما أن يكون هناك قرار تحت الفصل السابع أو يتم إلغاء بعثة المراقبين من أساسها في سوريا، بدأت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تعيد الحسابات بهدف تقليص الخسائر وحصر نتائج نيران الانتكاسة العسكرية في سوريا، والعمل على تغيير الخطط الموضوعة. ومن ظواهر هذا التراجع إلغاء مندوب كولومبيا، نستور أوزوريو، رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، أول من أمس، البيان الصحافي الذي كان مطروحاً منذ الأسبوع الماضي للتنديد بما سمي مجرزة التريمسة. ويعود السبب إلى أن الوفد الروسي طلب الاستماع إلى رئيس بعثة المراقبين روبرت مود قبل إصدار أي بيانات وأحكام مسبقة. وبينما كانت المعلومات، من الأمانة العامة للأمم المتحدة، تشير الى أن روبرت مود، نفسه، لم يعد مقبولاً بسبب حياديته، وتعمل الولايات المتحدة على تعيين مدني أميركي مكانه واستبعاد مساعده مارتن غريفيث من البعثة، أعلنت الأمم المتحدة في سوريا، عن اقامة حفل لرئيس بعثة المراقبين الدوليين الميجر جنرال روبرت مود بمناسبة إنتهاء ولايته. وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، إن «الجنرال مود سيغادر سوريا بسبب إنتهاء عمل مهمته في العشرين من الشهر الجاري، وأثبت الجنرال مود أنه شخص مهني وموضوعي».

وكانت أوساط دبلوماسية عربية أعربت لـ«الأخبار» عن خشيتها من أن يتمّ تصعيد الصراع في سورية إلى مستوى جديد مخيف وغير مسبوق، يتمثل بارتكاب جرائم إبادة جماعية على أيد مرتبطة بجماعات استخبارية إقليمية ودولية، إذ رأت المصادر في الإخفاق العسكري من جانب المعارضة مقدمة لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية داخل سوريا. وضمن ذلك، منح مجموعات مسلحة أسلحة محظورة دولياً، كالأسلحة الكيميائية لاستخدامها ضد تجمعات سكانية وإيقاع خسائر فادحة بالمدنيين، أو اللجوء إلى استهداف مستودع للأسلحة الكيميائية وتفجيره
  • فريق ماسة
  • 2012-07-17
  • 10461
  • من الأرشيف

واشنطن تراجع موقفها بعد «نكسة» المعارضة

انعكست التطورات الميدانية في سورية  على المشاورات في مجلس الأمن، بما قد يؤدي إلى تراجع المواقف الغربية المتصلبة حيال إدراج الفصل السابع في مشروع القرار الغربي المطروح. بقيت روسيا متمسكة بمشروع قرارها، قبل أربع وعشرين ساعة من موعد التصويت في مجلس الأمن، فيما يدرس الأميركيون خيارات أخرى تتعلق بمهمة كوفي أنان، وبعثة المراقبين على الأرض مع عدم استبعاد الوصول إلى حل وسط في اليومين المقبلين، مع احتمال إرجاء التصويت اليوم. ونقلت  «الأخبار» من مصادر دبلوماسية مطلعة، في نيويورك، أن المبادرة الغربية اصطدمت بجدارين صلبين، الأول ميداني على الأرض في سورية. والثاني دبلوماسي بموقف روسي ـــ صيني غير مهادن. على الصعيد الميداني، أصيبت مراكز المعارضة السورية المسلحة في المناطق الحدودية الثلاثة قرب تركيا ولبنان والأردن بجملة انتكاسات عسكرية متلاحقة، أضعفت قدراتها على إيجاد مناطق وملاذات آمنة لاستخدامها كمنطلقات للتوسع في الأراضي السورية. أما خطة الهجوم على العاصمة دمشق، فقد علمت بها القوى الأمنية السورية قبل حدوثها، واستعدت لها وتصدت لها بطرق ناجحة. وكانت نقطة الضعف الرئيسية في توجّه المعارضة المسلحة للسيطرة على مجموعة من الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان والانطلاق منها لإرباك الجيش. إذ إن سكان الأحياء، خشية منهم من أن يستخدموا كدروع للمجموعات المسلحة، أظهروا تعاوناً مع القوى الأمنية، وكانوا يرشدون قوات الجيش إلى أماكن المسلحين. وتحدثت المعلومات الواردة من سوريا عن أن بعض الدول الإقليمية والدولية قلّصت دعمها للمعارضة بشكل كبير، سواء على صعيد السلاح أو التمويل. وأوقفت السعودية، تحديداً، جمع التبرعات بأوامر ملكية، بعد الشعور بأن الأمور لم تعد تجري كما تشتهي الرياض، وأن الأزمة قد ترتد عليها على نحو يفوق قدرتها على المواجهة، ولا سيما في ضوء التصعيد الدموي الجاري في منطقة القطيف والعوامية. وشعرت المملكة تحديداً بأن الموقف الروسي ينطوي على تهديد ضمني بأخذ الأمور إلى الردّ على التحرش الميداني بسوريا وعدم الاكتفاء بالدعم السياسي لدمشق. إزاء هذه المعطيات وغيرها، ورغم الموقف الأميركي المعلن إما أن يكون هناك قرار تحت الفصل السابع أو يتم إلغاء بعثة المراقبين من أساسها في سوريا، بدأت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تعيد الحسابات بهدف تقليص الخسائر وحصر نتائج نيران الانتكاسة العسكرية في سوريا، والعمل على تغيير الخطط الموضوعة. ومن ظواهر هذا التراجع إلغاء مندوب كولومبيا، نستور أوزوريو، رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، أول من أمس، البيان الصحافي الذي كان مطروحاً منذ الأسبوع الماضي للتنديد بما سمي مجرزة التريمسة. ويعود السبب إلى أن الوفد الروسي طلب الاستماع إلى رئيس بعثة المراقبين روبرت مود قبل إصدار أي بيانات وأحكام مسبقة. وبينما كانت المعلومات، من الأمانة العامة للأمم المتحدة، تشير الى أن روبرت مود، نفسه، لم يعد مقبولاً بسبب حياديته، وتعمل الولايات المتحدة على تعيين مدني أميركي مكانه واستبعاد مساعده مارتن غريفيث من البعثة، أعلنت الأمم المتحدة في سوريا، عن اقامة حفل لرئيس بعثة المراقبين الدوليين الميجر جنرال روبرت مود بمناسبة إنتهاء ولايته. وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، إن «الجنرال مود سيغادر سوريا بسبب إنتهاء عمل مهمته في العشرين من الشهر الجاري، وأثبت الجنرال مود أنه شخص مهني وموضوعي». وكانت أوساط دبلوماسية عربية أعربت لـ«الأخبار» عن خشيتها من أن يتمّ تصعيد الصراع في سورية إلى مستوى جديد مخيف وغير مسبوق، يتمثل بارتكاب جرائم إبادة جماعية على أيد مرتبطة بجماعات استخبارية إقليمية ودولية، إذ رأت المصادر في الإخفاق العسكري من جانب المعارضة مقدمة لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية داخل سوريا. وضمن ذلك، منح مجموعات مسلحة أسلحة محظورة دولياً، كالأسلحة الكيميائية لاستخدامها ضد تجمعات سكانية وإيقاع خسائر فادحة بالمدنيين، أو اللجوء إلى استهداف مستودع للأسلحة الكيميائية وتفجيره

المصدر : نزار عبود -الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة