دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قصد عضو البرلمان الأردني خالد فناطسه قول الحقيقة لكنه أخطأ في التعبير عندما قال على الهواء مباشرة وعبر محطة جو سات المحلية بأن الأسباب التي تدفع المؤسسة الرسمية للتمسك بقانون الصوت الواحد الإنتخابي (دينية وعرقية) -لاحظوا كلمة عرقية -.
.. عندما إستفسر القوم شرح صاحبنا مقاصده : النواب لا يريدون الصوت الواحد لأنه يعني الصعود بالإسلاميين كتيار ديني إلى واجهة القرار السياسي كما يعني بأن يتقدم الأردنيون من أصل فلسطيني الصفوف.
بصراحة ومباشرة وبدون لف ودوران يقولها على الشاشة نائب برلماني يعتبر من الشخصيات النقابية ويفترض أنه مثقف وإن كان قد إستخدم مفردة لا علاقة لها بالواقع أو حتى بمقاصده ورسالة الرجل كانت: لا نريد إلا قانون الصوت الواحد لأنه ببساطة الحل الوحيد لإبعاد أردنيي الأصل الفلسطيني عن التمثيل السياسي والديمقراطي.
نشكر الرجل على صراحته فهذه العبارة المباشرة مستقرة في وجدان جميع فقهاء السياسة في بلادي وإن كان قد تميز بترديدها بصراحة وبدون مذوقات لغوية فداخل مؤسسة القصر الملكي يعلم الجميع بأن نادي الباشوات المحنطين الذين يستمع النظام لهم بين الحين والأخر قالوا للملك عدة مرات: سيدي الإصلاح السياسي يعني سقوط البلد بيد الفلسطينيين والحكم بيد الأخوان المسلمين.
بين هؤلاء رؤساء وزارات نعرفهم جيدا ويخطبون علينا دوما في الوحدة الوطنية وأدبيات الديمقراطية والتغيير والإصلاح ووصفات هؤلاء المفتتة والمغذية للإنقسام في الغرف المغلقة هي التي دفعت النظام لمواجهة أزمة المصداقية التي يعترف بها علنا اليوم .
ولسبب أو للآخر يحلو لي أن لا أعتبر ترديد النائب الفناطسة لكلمة (عرقية) مجرد خطأ لغوي فالرجل يلفت نظرنا ضمنيا للمدرسة التي تحكم إعتبارات المؤسسة البيروقراطية والأمنية الأردنية في التعامل مع الضغط على الصعب الحيوي لمؤسسة القرار.
وهي مدرسة لا تنظر للأردنيين من أصل فلسطيني الذين كانوا شركاء بالتأسيس وليس بالتجنيس إلا بإعتبارهم (الآخر) الذي ينبغي الحذر منه وإبعاده قدر الإمكان.. هنا حصريا مكمن العلة والداء فالدجالون في النخبة الأردنية يتشدقون بالوحدة الوطنية لكن وراء الكواليس يبتكرون يوميا وصفات تخيف الحكم ونصف المجتمع من النصف الأخر وقانون الصوت الواحد خير دليل.
كذب صريح وفي كامبردج
نفهم من العربية بأن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياتي إلتقى مؤخرا بنحو 500 عالما وخبيرا جمعتهم له جامعة كامبيردج في إطار حلقة نقاشية علمية تتحدث عن منظومة النادي الخليجي وأثرها على الإستقرار في المنطقة .
شخصيا إستمعت للزياتي وهو يتحدث أمام مايكروفون العربية عن الدور العام للنادي الخليجي في إنتاج وثيقة المبادرة لحل الأزمة في اليمن والرجل تحدث لجمهور كامبردج عن الدور الخليجي في إستقرار اليمن بعد الأزمة الأخيرة وقد إستمعت لذلك بعد ساعات فقط من عودتي من صنعاء وتسجيلي بعض الإنطباعات عن ذلك الإستقرار الموهوم الذي يخدع الزياتي جامعات عريقة وهو يتحدث عنه.
مقابل هذا المشهد لا بد من ذكر الحقائق التي ذكرها وزير الصناعة اليمني الدكتور سعد بن طالب خلال ورشة عمل تدريبية أشرفت شخصيا عليها وأمام مايكروفونات محطات يمنية من بينها سبأ .
الوزير اليمني تحدث علنا عن كميات هائلة من التمور السعودية التي وصلت كمساعدات للشعب اليمني في أزمته وتبين أنها (فاسدة) وغير صالحة للإستهلاك البشري وعن خمسة الاف طن من القمح أرسلتها هيئة الغذاء الأمريكي تبين أن (السوس) يستوطنها ويجلس فيها بإسترخاء.
لا ماء ولا كهرباء ولا مواصلات ولا نقل بين المحافظات والقمامة تتكوم بالأطنان في شوارع صنعاء وصاحبنا بتاع مجلس التعاون يتحدث في كامبردج عن الإستقرار والتنمية في اليمن بدعم خليجي، ورئيس الجمهورية الجديد الذي كان محصلة للمبادرة الخليجية لا يستطيع الذهاب إلى مكتبه الرئاسي، وبعض وزراء المصالحة الوطنية غادروا البلاد في مهام رسمية ثم إمتنعوا عن العودة أو الإستقالة.
الوزير اليمني عندما سئل عن مشكلة المبيدات الزراعية تحدث عن مبيدات حكمت اليمن لعقود وفي لحظة ضمير إنفعالية ردا على سؤال لأحد المتدربين عن تفجير مولدات الطاقة وخزانات الوقود وعمليات النهب وقطع الطريق سأل الوزير اليمن: أين هو النظام أصلا؟.. ما هو النظام؟.. ثم خرجت عبارة درامية من الرجل على شكل سؤال لاحظته شخصيا على وجه كل يمني: إيش يشتهون بالزبط ؟... طبعا الرجل يقصد الكبار الذين يراقبون اليمن وهو يحترق.
صديق يمني قال لي: لا يوجد شيء يعمل وفي كل القطاعات اليمنية .. كنت أفضل أن يتحدث وزير الصناعة اليمني عن تأثير المبادرة الخليجية على إستقرار اليمن الذي كان سعيدا في كامبردج بدلا من إظهار قدرتنا على نقل مهارتنا كعرب في التضليل والدجل والخداع في عقر دورهم الجامعية العريقة - أقصد الغرب -.
إقتحام الجامعات
إقتحم القوم الغاضبون بإسم القبيلة مقر جامعة مؤتة الأردنية الأسبوع الماضي فأحرقوا كل أغصانها الخضراء وتركوها عصفا مأكولا .
وبعد ساعات إخترق قوم مثلهم في مشهد كاوبوي على طريقة مسلسل (24) الأمريكي الذي بثته عشرات المرات محطة إم بي سي مقر جامعة العلوم التكنولجيا فتوزع الهم والغم والتخلف بين الشمال والجنوب وتميز الشعب الأردني بأنه الوحيد في الكون الذي يبدأ بإحراق مؤسساته التعليمة عندما تغضب القبيلة .
راقبت جيدا تلفزيون الحكومة بعد الحادثتين ولم أر وجه الناطق الرسمي أو أي مسؤول حكومي يهدد مجرد تهديد بمحاسبة من أحرقوا قلوب الأردنيين في مؤتة والرمثا ولم أرصد ولو عبارة واحدة تقول الكلاشيه المعتاد : شكلنا لجنة تحقيق لمعرفة أبطال حرق الأخضر واليابس.
كل ما رصدته مذيعة حصلت للتو على لقب من تلك الألقاب المعتادة تستقبل في ساحة واسعة وسط الشمس الحارقة وتتحدث أمام كاميرا الفضائية الأردنية مع النجم المصري نور الشريف .
بعد نور الشريف نقلتنا الكاميرا لموظف درجة خامسة بتسريحة تشبه تسريحة الرئيس التونسي المخلوع بن علي أطلق تهديدا معتادا باللغة الخشبية المألوفة ملوحا بالويل والثبور وعظائم الأمور بوجه الحراك السلمي الذي يتظاهر في ساحة النخيل وسط المدينة مطالبا بالإصلاح .
والهدف من التهديد على الهواء مباشرة كان تذكير الشعب بأن ساحة النخيل مخصصة للإبداع والفن والثقافة وكأن البلاد غارقة في الفن والثقافة وكل ما ينقصها ساحات لإطلاق الإبداع بدل المساحات الخضراء التي عصفت بأعشابها بساطير التخلف وعصبية القبيلة في أرجل الملثمين الذين يهاجمون الجامعات ويحرقون مقتنياتها.
وأهل الفن أنفسهم في شارع الإعتصام منذ ثلاثة أسابيع بعدما هجر عمان كل مبدعيها ومناراتها مرة لدول الخليج ومرة لصالح الدراما السورية بحجة (أردنة) لغة وهوية الفنان الأردني وحتى يحتفل بعض المستوزرين وصغار الكتابة ومدعي الفن ومنتحلي شخصية المثقف بالفتات التي تفرده السلطة بين أقدامها لكي يلتقطه كل معتد آثم لا يرعى إلا ولا ذمة ولا يؤمن لا بالفن ولا بالإبداع ولا بالأخر .
المصدر :
'القدس العربي'
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة