قررت لجنة البؤر الاستيطانية، برئاسة القاضي المتقاعد أدموند ليفي، التي تشكلت لفحص مكانة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، أن الاستيطان شرعي وأن إسرائيل ليست دولة احتلال من وجهة نظر القانون الدولي. وأوصت اللجنة بتغيير النظام القضائي الإسرائيلي المعمول به في الضفة الغربية وإلغاء سلسلة من القوانين والتعليمات، بالإضافة إلى قرارات المحكمة العليا لتسهيل تجسيد «حق اليهود في الاستيطان في كل أرجاء يهودا والسامرة».

ويتعارض هذا التقرير تماماً ليس فقط مع القانون الدولي وإنما أيضاً مع تقرير البؤر الاستيطانية الذي وضعته المسؤولة السابقة في مكتب المدعي العام الإسرائيلي طاليا ساسون في العام 2005 والذي أكد أن أكثر من مئة بؤرة استيطانية ليست شرعية.

واحتفل المستوطنون وأنصار اليمين بالتقرير الذي كانت توصياته معروفة سلفاً، وأعلنوا أن صدوره «يشكل عيداً للاستيطان». كما طالبوا الحكومة الإسرائيلية بتبني توصياته.

من جهته، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عند تسلمه التقرير أمس، أنه سيعمد إلى دراسته بإمعان في أقرب وقت. غير أن الفارق كبير بين قبول نتنياهو الضمني له وتبنيه العلني الذي قد يورط إسرائيل في الساحة الدولية على اعتبار أن الجميع سينظر إليه كضم زاحف وكعرقلة للتسوية مع الفلسطينيين.

وكانت لجنة ليفي قد تشكلت إثر رفض المستوطنين توصيات تقرير ساسون، واعتبر المستشار القضائي للحكومة قرار نتنياهو بتشكيلها التفافاً على صلاحياته. وهكذا مُنحت اللجنة، التي ضمت إلى جانب القاضي ليفي، القاضية تحيا شابيرا والمحامي ألان بيكر، طابعاً استشارياً لكن توصياتها ستدخل من الآن في دائرة ذخائر المستوطنين وأنصارهم من أجل تعزيز الاستيطان.

والمعنى العملي لتوصيات لجنة ليفي هو تشريع كافة المستوطنات حتى تلك التي توصف بأنها غير شرعية من دون الحاجة إلى قرار حكومي بأثر رجعي، وإلغاء الحاجة إلى تصاريح سياسية لأي من مراحل تخطيط أو إقرار البناء في المستوطنات. وطالبت اللجنة، كما أعلن سابقاً بإنشاء سجل طابو إسرائيلي موازٍ يمنح حقوق ملكية للمستوطنين، ودعت إلى تغيير القانون الأردني المعمول به بشأن الأراضي. كما أوصت اللجنة بإلغاء قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر في العام 1979 الذي يحظر مصادرة أراض لأغراض عسكرية وبهدف بناء المستوطنات عليها. وطالبت بتمكين البناء الاستيطاني الحر على الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية.

وتقرر لجنة ليفي بوضوح أنه «من ناحية القانون الدولي، ليس غير قانوني لليهودي الاستيطان في يهودا والسامرة». وأشار عضو اللجنة إيلان بيكر، الذي خدم سابقاً كمستشار قضائي لوزارة الخارجية، أن «القرار اتخذ في ضوء الفوضى القائمة في كل مجال البناء في يهودا والسامرة. رأينا ذلك في أولبانا وميغرون والآن تقرر بشكل نهائي فحص الأمر من الأساس، من الناحية القانونية». وشدد بيكر على أن الجديد في التقرير هو أنه يعلن صراحة عما كان يقال بالغمز في قرارات المحاكم والحكومات المتعاقبة، وهو أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة «لأنه لم تكن هناك أبداً أي سيادة على هذه الأرض، وإن كانت، فإنهم في العام 1948 تخلوا عنها».

ومن المؤكد أن اليمين استقبل التقرير بالترحاب خصوصاً أنه يسهل المطالبة بفرض القانون الإسرائيلي من ناحية وإعلان ضم الأراضي المحتلة من ناحية أخرى. ومن المؤكد أيضاً أن التقرير يورط إسرائيل إزاء العالم بأسره الذي يؤمن ويتعامل على أساس أن الضفة الغربية محتلة وهو ما تبدى في قرار المحكمة الدولية في قضية الجدار الفاصل العام 2005، ومؤخراً في تشكيل لجنة دولية للتحقيق في المستوطنات بوصفها جريمة حرب.

وأشارت ساسون، التي سبق وأعدت تقريراً باسم الدولة عن البؤر الاستيطانية، إلى أنه «إذا دفعت لجنة ليفي الحكومة لتحديد أن القانون الدولي لا يسري أبداً على المناطق فإنها تضع إسرائيل في مجابهة خطرة مع العالم بأسره»، موضحة أنه لا يمكن للحكومة قبول التقرير من دون مصادقة مستشارها القضائي، وهو لا يستطيع فعل ذلك لأنه ملزم بقرارات المحكمة العليا. واعتبرت أنه «طوال 45 عاماً والمحكمة العليا، بتشكيلات مختلفة، تكرر أن القانون الدولي يسري على المناطق، خلافاً لما تقرر لجنة ليفي. هذا انقلاب كبير، لا أرى أن من صلاحياته فعله»، مضيفة أنه بوسع اللجنة «فقط أن تقترح على الحكومة تغيير الوضع القضائي وليس أكثر من ذلك».

بدوره، قال الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي البروفيسور دافيد كارتسمر إنه «إذا لم تكن إسرائيل دولة احتلال فإن عليها فوراً أن تعيد لأصحابها الأراضي التي سيطرت عليها على مر السنين لأغراض عسكرية، بفضل صلاحياتها كقوة احتلال في أراض محتلة»، مضيفاًَ «أنا لا يسعني فهم كيف أن أحداً يزعم أن إسرائيل ليست قوة احتلال في المناطق، بعدما وقفت الدولة طوال أكثر من أربعين عاماً أمام المحكمة العليا وفي إطار آلاف الالتماسات مستندة إلى أنها تستخدم صلاحياتها كقوة احتلال في أرض محتلة». واعتبر أن «تبني هذا التقرير يمكن أن يشجع الفلسطينيين على فحص هذا الموضوع في المحكمة الدولية في لاهاي، وهو ما أشك أن إسرائيل معنية به».

إلى ذلك، أوضح المستشار القضائي لمنظمة «هناك قانون» لحقوق الإنسان المحامي ميخائيل سفراد أن «لجنة ليفي ولدت في الخطيئة من أجل تسويغ جريمة، ونفذت المهمة التي أوكلت لها بالتمام والكمال. فالتقرير ليس قضائياً وإنما أيديولوجي، وهو يتجاهل المبادئ الأساسية لسلطة القانون». وتابع «على ما يبدو فإن أعضاء اللجنة وقعوا في كم الساحر، وتقريرهم كتب في أرض العجائب التي يسيطر فيها قانون السخافة، فلا وجود لاحتلال، ولا لبؤر استيطانية غير شرعية وعلى ما يبدو لا وجود لشعب فلسطيني. ويمكن القول بلغة السخرية: هذه حفلة الشاي الأشد حماقة التي أشهدها في حياتي».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-07-09
  • 6841
  • من الأرشيف

لجنة إسرائيلية: المستوطنات شرعية والقانون الدولي لا يسري عليها

قررت لجنة البؤر الاستيطانية، برئاسة القاضي المتقاعد أدموند ليفي، التي تشكلت لفحص مكانة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، أن الاستيطان شرعي وأن إسرائيل ليست دولة احتلال من وجهة نظر القانون الدولي. وأوصت اللجنة بتغيير النظام القضائي الإسرائيلي المعمول به في الضفة الغربية وإلغاء سلسلة من القوانين والتعليمات، بالإضافة إلى قرارات المحكمة العليا لتسهيل تجسيد «حق اليهود في الاستيطان في كل أرجاء يهودا والسامرة». ويتعارض هذا التقرير تماماً ليس فقط مع القانون الدولي وإنما أيضاً مع تقرير البؤر الاستيطانية الذي وضعته المسؤولة السابقة في مكتب المدعي العام الإسرائيلي طاليا ساسون في العام 2005 والذي أكد أن أكثر من مئة بؤرة استيطانية ليست شرعية. واحتفل المستوطنون وأنصار اليمين بالتقرير الذي كانت توصياته معروفة سلفاً، وأعلنوا أن صدوره «يشكل عيداً للاستيطان». كما طالبوا الحكومة الإسرائيلية بتبني توصياته. من جهته، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عند تسلمه التقرير أمس، أنه سيعمد إلى دراسته بإمعان في أقرب وقت. غير أن الفارق كبير بين قبول نتنياهو الضمني له وتبنيه العلني الذي قد يورط إسرائيل في الساحة الدولية على اعتبار أن الجميع سينظر إليه كضم زاحف وكعرقلة للتسوية مع الفلسطينيين. وكانت لجنة ليفي قد تشكلت إثر رفض المستوطنين توصيات تقرير ساسون، واعتبر المستشار القضائي للحكومة قرار نتنياهو بتشكيلها التفافاً على صلاحياته. وهكذا مُنحت اللجنة، التي ضمت إلى جانب القاضي ليفي، القاضية تحيا شابيرا والمحامي ألان بيكر، طابعاً استشارياً لكن توصياتها ستدخل من الآن في دائرة ذخائر المستوطنين وأنصارهم من أجل تعزيز الاستيطان. والمعنى العملي لتوصيات لجنة ليفي هو تشريع كافة المستوطنات حتى تلك التي توصف بأنها غير شرعية من دون الحاجة إلى قرار حكومي بأثر رجعي، وإلغاء الحاجة إلى تصاريح سياسية لأي من مراحل تخطيط أو إقرار البناء في المستوطنات. وطالبت اللجنة، كما أعلن سابقاً بإنشاء سجل طابو إسرائيلي موازٍ يمنح حقوق ملكية للمستوطنين، ودعت إلى تغيير القانون الأردني المعمول به بشأن الأراضي. كما أوصت اللجنة بإلغاء قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر في العام 1979 الذي يحظر مصادرة أراض لأغراض عسكرية وبهدف بناء المستوطنات عليها. وطالبت بتمكين البناء الاستيطاني الحر على الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية. وتقرر لجنة ليفي بوضوح أنه «من ناحية القانون الدولي، ليس غير قانوني لليهودي الاستيطان في يهودا والسامرة». وأشار عضو اللجنة إيلان بيكر، الذي خدم سابقاً كمستشار قضائي لوزارة الخارجية، أن «القرار اتخذ في ضوء الفوضى القائمة في كل مجال البناء في يهودا والسامرة. رأينا ذلك في أولبانا وميغرون والآن تقرر بشكل نهائي فحص الأمر من الأساس، من الناحية القانونية». وشدد بيكر على أن الجديد في التقرير هو أنه يعلن صراحة عما كان يقال بالغمز في قرارات المحاكم والحكومات المتعاقبة، وهو أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة «لأنه لم تكن هناك أبداً أي سيادة على هذه الأرض، وإن كانت، فإنهم في العام 1948 تخلوا عنها». ومن المؤكد أن اليمين استقبل التقرير بالترحاب خصوصاً أنه يسهل المطالبة بفرض القانون الإسرائيلي من ناحية وإعلان ضم الأراضي المحتلة من ناحية أخرى. ومن المؤكد أيضاً أن التقرير يورط إسرائيل إزاء العالم بأسره الذي يؤمن ويتعامل على أساس أن الضفة الغربية محتلة وهو ما تبدى في قرار المحكمة الدولية في قضية الجدار الفاصل العام 2005، ومؤخراً في تشكيل لجنة دولية للتحقيق في المستوطنات بوصفها جريمة حرب. وأشارت ساسون، التي سبق وأعدت تقريراً باسم الدولة عن البؤر الاستيطانية، إلى أنه «إذا دفعت لجنة ليفي الحكومة لتحديد أن القانون الدولي لا يسري أبداً على المناطق فإنها تضع إسرائيل في مجابهة خطرة مع العالم بأسره»، موضحة أنه لا يمكن للحكومة قبول التقرير من دون مصادقة مستشارها القضائي، وهو لا يستطيع فعل ذلك لأنه ملزم بقرارات المحكمة العليا. واعتبرت أنه «طوال 45 عاماً والمحكمة العليا، بتشكيلات مختلفة، تكرر أن القانون الدولي يسري على المناطق، خلافاً لما تقرر لجنة ليفي. هذا انقلاب كبير، لا أرى أن من صلاحياته فعله»، مضيفة أنه بوسع اللجنة «فقط أن تقترح على الحكومة تغيير الوضع القضائي وليس أكثر من ذلك». بدوره، قال الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي البروفيسور دافيد كارتسمر إنه «إذا لم تكن إسرائيل دولة احتلال فإن عليها فوراً أن تعيد لأصحابها الأراضي التي سيطرت عليها على مر السنين لأغراض عسكرية، بفضل صلاحياتها كقوة احتلال في أراض محتلة»، مضيفاًَ «أنا لا يسعني فهم كيف أن أحداً يزعم أن إسرائيل ليست قوة احتلال في المناطق، بعدما وقفت الدولة طوال أكثر من أربعين عاماً أمام المحكمة العليا وفي إطار آلاف الالتماسات مستندة إلى أنها تستخدم صلاحياتها كقوة احتلال في أرض محتلة». واعتبر أن «تبني هذا التقرير يمكن أن يشجع الفلسطينيين على فحص هذا الموضوع في المحكمة الدولية في لاهاي، وهو ما أشك أن إسرائيل معنية به». إلى ذلك، أوضح المستشار القضائي لمنظمة «هناك قانون» لحقوق الإنسان المحامي ميخائيل سفراد أن «لجنة ليفي ولدت في الخطيئة من أجل تسويغ جريمة، ونفذت المهمة التي أوكلت لها بالتمام والكمال. فالتقرير ليس قضائياً وإنما أيديولوجي، وهو يتجاهل المبادئ الأساسية لسلطة القانون». وتابع «على ما يبدو فإن أعضاء اللجنة وقعوا في كم الساحر، وتقريرهم كتب في أرض العجائب التي يسيطر فيها قانون السخافة، فلا وجود لاحتلال، ولا لبؤر استيطانية غير شرعية وعلى ما يبدو لا وجود لشعب فلسطيني. ويمكن القول بلغة السخرية: هذه حفلة الشاي الأشد حماقة التي أشهدها في حياتي».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة