دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
«نباح تركيا أشد من عضّتها»... هي مقولة شائعة قد يوافق عليها السوريون بعدما أسقطوا طائرة استطلاع تركية في 22 حزيران الماضي، من دون أن يواجهوا أي رد فعل جدّي من جانب أنقرة، بالرغم من تصاعد نبرة الزعماء الأتراك في تهديداتهم، وإرسالهم صواريخ مضادة للطائرات ومقاتلات «أف - 16» إلى الحدود.
والمقولة ذاتها، قد يوافق عليها الإسرائيليون بعدما نجوا من فعلتهم إثر مقتل تسعة ناشطين أتراك على متن سفينة «مافي مرمرة» المتجهة إلى قطاع غزة لتقديم المساعدات للفلسطينيين في العام 2010.
وتكمن الخطورة من خلال هاتين الحادثتين، في أن تركيا تظهر ضراوة في موقفها سطحياً، فيما تبدو قوة بلا أنياب على أرض الواقع.
وتعتبر تركيا ذات قوة إقليمية قوية تفوق قدرة أي بلد آخر في الشرق الأوسط، ما جعل رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان يتقرب من الدول المجاورة التي تعاني من الأزمات والحروب بهدف تطبيق سياسة «صفر مشاكل».
ونجحت السياسة التركية خلال العقد الماضي، إذ أبقت تركيا على تحالفها القوي مع إسرائيل، وتجنبت الصدام مع إيران، وعمدت إلى تنمية الصداقات مع دول أعداء من بينها سوريا والأكراد في العراق.
لكن الموقف التركي بدأ بالانهيار بعد حرب إسرائيل على قطاع غزة في كانون الأول العام 2008، وفشل الأتراك في التوسط في اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا حول هضبة الجولان المحتلة.
وبعد انتشار ثورات «الربيع العربي»، ووصولها إلى سوريا في آذار العام الماضي، حثت تركيا الرئيس السوري بشار الأسد على نزع فتيل الاحتجاجات من خلال إجراء إصلاحات حقيقية، لكن الأسد تجاهل «النصيحة» وما زال متمسكاً بالسلطة في تحدٍّ لتوقعات المسؤولين في تركيا.
وبالرغم من أن أنقرة احتضنت المعارضة السورية، ووفرت الملاذ لمقاتلي «الجيش السوري الحر» واللاجئين السوريين، إلا أنها أكدت أنها لن تقدم على أي عمل عسكري من دون دعم حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو مجلس الأمن الدولي، ما يشير إلى تقلص الخيارات التركية.
وداخلياً، تواجه تركيا تمرداً للأكراد في جنوبها الشرقي، وهو مستمر منذ حوالي 30 عاماً، وأسفر عن سقوط 40 ألف قتيل بينهم نحو 500 خلال العام الماضي.
وقالت رئيسة تحرير مكتب صحيفة «طرف» في أنقرة لالي كمال، إنه يجب على أنقرة اتباع سياسة أكثر حذراً تجاه الأزمة السورية، مشيرة إلى أن «السياسة التركية الصريحة استفزت نظام الأسد».
من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي الأسبق إيلتر تركمان أن بلاده «لم تتبع سياسة حكيمة، بعدما تحوّلت سريعاً من صديقة للأسد إلى أشد منتقديه»، رافضاً دعم أنقرة لمقاتلي المعارضة السورية.
وقال «لا أعتقد أن سوريا تشعر بالامتنان»، متوقعاً أن تحيي أي حكومة جديدة في حال إسقاط النظام السوري مشاكل قديمة مع تركيا، ومن بينها النزاع على إقليم هاتاي.
وأضاف تركمان «نحن أسرى خطابنا»، موضحاً أن أي تدخل عسكري تركي من جانب واحد في سوريا «يعتبر حماقة».
بالرغم من ذلك، تحافظ أنقرة على احترامها في الشرق الأوسط، لكن حماسة أردوغان ضد إسرائيل لم تعد تحظى بشعبية جارفة في العالم العربي. وفي المقابل، تشعر تركيا بأنها لا تملك أي نفوذ في دمشق.
وقال الخبير في «مجموعة الأزمات الدولية» هيو بوب إن «بإمكان تركيا أن تبيع سلعاً اقتصادية إلى سكان الشرق الأوسط، لكن قدرتها على بسط النفوذ في تلك الدول محدودة للغاية»
. (رويترز)
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة