دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يتهم النظام السوري المعارضة المسلحة بالإرهاب وبضمّ مقاتلين أجانب دخلوا البلاد بهدف خلق المزيد من الفوضى. صحت الاتهامات أو خابت، يبقى أكيداً دخول مجموعات من المقاتلين الإسلاميين إلى سورية لقتال قوات حفظ النظام. أما الأكثر خطورة، فهي الدعوات التي يطلقها المتطرفون الإسلاميون للجهاد في سورية.
ولعل ما يسهل دخول المقاتلين «الجهاديين» إلى الأراضي السورية اليوم هو شبكة العلاقات التي نسجها هؤلاء خلال الحرب الأخيرة على العراق، حيث دخل عدد كبير منهم عبر الحدود السورية إلى الأراضي العراقية لمقاتلة الاحتلال الأميركي. ويبدو أن الأزمة السورية أعادت إنعاش تلك الشبكة، فهؤلاء «الجهاديون» لا يبدأون حراكهم من الصفر، بل يستخدمون اتصالاتهم القديمة لجلب المزيد من المقاتلين من العراق وشمال أفريقيا وأوروبا.
تخوف الكثيرون من أن يسمح التدخل العسكري لحلف الأطلسي في ليبيا بدخول «الجهاديين» إلى البلاد، الأمر الذي لم يحصل على مستوى ملحوظ، فيما شهدت سورية خلال الأشهر الستة الماضية تحديداً دخول عدد كبير من المقاتلين الأجانب، وربما الفارق بين الحالتين هو دعوة تنظيم «القاعدة» ومنظري الإسلام المتطرف إلى الجهاد في سورية، ومن بينهم دعوة الشيخ الموريتاني أبو المنذر الشنقيطي لتشكيل «جبهة النصرة» للجهاد.
وبالرغم من عدم توافر بيانات موّثقة عن عدد المقاتلين الأجانب في سورية، فإن مصادر عدة أكدت وجودهم، وقد أورد ما لا يقل عن 33 تقريراً إعلامياً بريطانياً وفرنسياً وعربياً تصريحات لعدد منهم أو للذين ينسقون دخولهم إلى البلاد، والتي تؤكد مقتل البعض أو اعتقال آخرين على الحدود.
وتشير الأدلة إلى أن بين 700 و1400 من المقاتلين الأجانب دخلوا أو حاولوا الدخول إلى الأراضي السورية خلال العام الحالي. وبحسب التقديرات الأخيرة، يقاتل في صفوف المعارضة حوالي 18000 مقاتل، يشكل الأجانب منهم نسبة تتراوح بين أربعة وسبعة في المئة. يُذكر أن النظام السوري لم يذكر سوى 40 جهادياً في اللائحة التي سلمتها دمشق إلى الأمم المتحدة في شهر أيار الماضي.
ومقارنة بين المشهد السوري ودول أخرى، فقد قاتل بين 10 و15 في المئة من «الجهاديين» الأجانب في أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي ضد الاتحاد السوفياتي، وبين واحد وثلاثة في المئة في البوسنة، وثلاثة في المئة في الشيشان، وبين أربعة وعشرة في المئة في حرب العراق الأخيرة.
وبحسب التقارير، تضمّ صفوف المقاتلين الأجانب في سورية مواطنين عرباً (لبنانيين، عراقيين، أردنيين، فلسطينيين، كويتيين، تونسيين، ليبيين، جزائريين، مصريين، سعوديين، سودانيين ويمنيين)، بالإضافة إلى إسلاميي جنوب ووسط آسيا (أفغان، وبنغاليين، وباكستانيين)، ومقاتلين غربيين (بلجيكيين، بريطانيين، فرنسيين وأميركيين). ويبدو أن الجزء الأكبر منهم، بين 500 و900 مقاتل، ينتمي إلى الدول المجاورة لسوريا (لبنان، العراق، فلسطين والأردن) وقاتل عدد كبير منهم في وقت سابق قوات الاحتلال الأميركية في العراق، ويلي هؤلاء المقاتلون القادمون من دول شمال أفريقيا ويتراوح عددهم بين 75 و300 مقاتل.
ويدخل معظم هؤلاء عبر الحدود اللبنانية والتركية، وسجلت التقارير الإعلامية دخول عدد صغير عبر الحدود العراقية والأردنية.
وبالرغم من أن بعض هؤلاء المقاتلين يفتقد إلى التدريب أو الخبرات العسكرية، فإن عدداً آخر شارك في معسكرات تدريبية، أو لديه خبرات «جهادية». وتشير بعض التقارير إلى وجود معسكرات في لبنان وليبيا، ويستخدم المقاتلون مخيمات عسكرية في البقاع اللبناني، فيما يجري تدريب المقاتلين من شمال افريقيا والأوروبيين في ليبيا في الصحراء قرب بلدة هون (وسط) وفي منطقة الجبل الأخضر شرقي البلاد.
ليس هناك حتى الآن صورة عامة عن انتماءات هؤلاء «الجهاديين»، ولكن معظمهم يقاتل إلى جانب «الجيش السوري الحر»، فيما قام آخرون، خصوصاً اللبنانيين، بتأسيس ميليشيات خاصة، كما دخلت إلى سوريا عناصر من تنظيم «فتح الإسلام» وكتائب «عبد الله عزام»، ولكنهم لا يقاتلون باسم تنظيماتهم بل بصفتهم «جهاديين».
كذلك، ذكرت وسائل الإعلام الفرنسية في شهر كانون الثاني الماضي أن مجموعة يقودها عبد المهدي الحاراتي، المقرب من الزعيم السابق لـ«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» عبد الحكيم بلحاج، انضمت إلى القتال في سورية.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة