ترك «إعلان بعبدا» صدى إيجابياً بلغ إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي أجرى، في هذا الحوار مع «الأخبار»، تقويماً لجلسة طاولة الحوار الوطني ونتائجها، والإنفراج الذي أشاعته في استعادة التواصل المباشر بين الأفرقاء. تحدّث الرئيس، أيضاً، عن ربيع عربي لم يُزهر، وعن قلقه على ما يجري في سوريا، وعن قواعد لم يعد في وسع أحد تجاهلها في علاقة لبنان بالنزاعات الإقليمية. سوريا كإيران، كسواهما، اختار لبنان الحياد حيالهما، وأكد في المقابل فصل لبنان عمّا يجري هناك وتجنيبه التداعيات. وفي ما يأتي نص المقابلة

 

 

■ دار جدل مستفيض حول الجلسة الأخيرة لطاولة الحوار. البعض ارتاح إلى نتائجها، والبعض الآخر قلّل من أهميتها ولم يرها طموحة. كيف تقوّم ما حصل؟

طبيعي أن تختلف الآراء في التقييم، لأن لأي عمل من هذا النوع جذوراً سياسية. كل فريق ينظر إليه من موقعه وأهدافه السياسية. أنا راض عن جلسة الإثنين، وكنت أتمنى بالتأكيد حضور سمير جعجع وسعد الحريري، مع أنهما ممثلان بين الحاضرين. لا تتوخى طاولة الحوار التصويت بل التوافق. لكن ما تمخّض عن الجلسة الأولى كنت أنتظره وهو نتيجة إيجابية.

 

■ أين ترى النتائج التي أرضتك؟

المشكلة الأم التي نواجهها اليوم هي الأزمة السورية. كنا باستمرار متردّدين حيال الموقف الذي ينبغي اتخاذه. حياد أو لا حياد، أو النأي بالنفس أو الإعتراض على النأي بالنفس. في طاولة الحوار قلنا بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية على نحو علني. منذ الأمس، لم يعد لدى الحكومة أي حرج في اتخاذ موقف من الأزمة السورية بعدما قرّرنا الحياد. ليس في سوريا فحسب، بل أيضاً في أي قضية إقليمية أو دولية مماثلة.

 

■ لكن قوى 14 آذار حاولت تفسير الحياد على أنه حياد عن إيران وليس عن سوريا فقط؟

أكيد، مئة في المئة. الحياد الذي قرّرناه هو عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية وتجنيب لبنان الإنعكاسات السلبية للتوترات الإقليمية. هذه مسألة واضحة تماماً. عندما دُعينا إلى مؤتمر أصدقاء سوريا في تركيا وفرنسا لم نذهب، وقلنا إننا أصدقاء السوريين جميعاً، ولا ندعم فئة معينة ضد أخرى كما يريد المؤتمر، ولذا لا نشارك. وعندما دعت إيران إلى مؤتمر رباعي لدعم سوريا قلنا لن نشارك أيضاً. موقفنا هو الحياد ويشمل المحاور كلها.

 

■ وماذا عن المنطقة العازلة؟

هذه أيضاً مسألة مهمة. كان البعض، كفريق 14 آذار، يوحي بأنه يريد إقامة منطقة آمنة. في طاولة الحوار قلنا لا للمنطقة الآمنة أو المنطقة العازلة.

 

■ لكن هناك فريقاً آخر لم يحضر طاولة الحوار وينادي بالمنطقة العازلة كالتيّارات السلفية في الشمال؟

هل تعتقد بأن كل مَن يريد افتعال مشكلة في لبنان يجب أن يجلس إلى طاولة الحوار ويدلي برأيه عليها. لا، ما يتقرّر يُفرض على مَن لا يريد إذا أجمع أطراف الحوار الذين يمثلون كل الطوائف والإتجاهات. عندما قلنا لا للمنطقة العازلة فذلك موقف وافق عليه جميع الجالسين إلى طاولة الحوار. أما الباقي فمنوط بالدولة وإجراءاتها. كذلك الأمر بالنسبة إلى تهريب السلاح والمسلحين.

 

اتفاق الطائف

 

■ هل شعرت بأن قوى 14 آذار أرغمت على هذا الموقف في البيان الختامي الذي أعددته؟

لا، لم تُرغم أبداً. أنتَ تعرف أن في وسع صوت واحد يقول لا على طاولة الحوار تعطيل القرار إذا لم يقتنع وتمسّك بتحفظه. كانت هناك مناقشة صريحة دامت أربع ساعات وأجريت قراءة متأنية للبيان الختامي وأدخلت عليه تعديلات طفيفة لم تمسّ الجوهر، والحوار كان منفتحاً تماماً. لو أصرّ طرف على الرفض لما صدر البيان.

 

■ هل التأكيد في «إعلان بعبدا» على اتفاق الطائف وتنفيذ بنوده كاملة كان بمثابة تعويض لقوى 14 آذار، في مقابل ما وافقت عليه في الموضوع السوري وخصوصاً بعد دعوة السيّد حسن نصرالله إلى مؤتمر وطني تأسيسي؟

حزب الله أعاد تفسير الموقف. هو لا ينادي بمؤتمر تأسيسي بل بسبل إعادة الدولة. فُسّر هذا الموقف خطأ. هناك آخرون تحدّثوا في مواقف مشابهة كالمؤتمر الوطني الذي دعا إليه حزب الكتائب والعقد الاجتماعي الجديد الذي تكلم عنه البطريرك بشارة الراعي. كلها أوصاف تتوخى إعادة تقوية الدولة وتعزيزها وتطبيق الدستور. لذلك قلت دائماً باتفاق الطائف وينبغي عدم الإبتعاد عن روحيته نهائياً، والعمل على تصحيح الإشكالات التي ترافق بعض الصلاحيات الدستورية. وهذا لا يعني تعديل اتفاق الطائف، بل تحصينه وتجاوز الإشكالات التي تقف حجر عثرة في طريق تطبيقه. منذ متى نطبّق الطائف كما ينبغي؟

منذ عام 2008 بدأنا، كلبنانيين، تطبيقه وبأيدينا، وكذلك تطبيق الدستور . منذ ذلك الحين تظهر لنا مشكلات وصعوبات. لنستكمل التنفيذ أولاً كي نتأكد هل يحتاج تطبيقه إلى مؤتمر تأسيسي أو وطني أم يحتاج إلى ممارسة صحيحة وراقية من السياسيين. الإحتمال الثاني هو ما أعتقد أننا في حاجة إليه. لا يزال دستور الطائف صالحاً وضرورياً للبنان، ويصلح لدول أخرى موصوفة بالتعدّدية والعولمة. ستحتاج دول كثيرة إلى دستور شبيه بدستور الطائف من أجل إشراك كل مكوّنات المجتمعات في إدارة الشأن السياسي وتنظيم الحياة تحت سقف نظام ديموقراطي. ما ينبغي القيام به هو تطبيقه على نحو راق. أصبح الاتفاق في يد مرجعية لبنانية، وهي تجربة جديدة اعترتها ثغر نظراً إلى الأزمات المستجدة التي طرأت عليها، كالأزمة المالية والمحكمة الدولية وسواها من الملفات الثقيلة، ناهيك بالربيع العربي والوضع في سوريا. منذ الإستقلال لم نشهد وضعاً مربكاً كالذي تعرفه سوريا اليوم.

 

الجيش

 

■ عندما وافق أطراف الحوار بالإجماع على البيان الختامي أعطوا الجيش الغطاء الكامل في تنفيذ مهماته رغم أنهم يستعدون لانتخابات 2013؟

كان هناك إجماع من الأفرقاء جميعاً. لم ألمس ذلك في اجتماع هيئة الحوار فحسب، بل أيضاً عندما وقعت بعض الإضطرابات سابقاً، أطلق الرئيسان الحريري والسنيورة موقفاً مؤيداً للجيش. وهذا أمر لا جدال فيه؟

 

■ هل يُترجم ذلك بخطة أمنية وإطلاق يد المؤسسة العسكرية؟

طبعاً هناك خطة أمنية يجري إنضاجها بمرور الوقت، وهي تترافق ــــ كما دائماً ــــ مع عمل سياسي. نحن نقول دائماً إن المرجعيات والسياسيين ــــ لا الجيش ــــ هم الذين يصنعون السلم الأهلي، ويكلف الجيش والقوى الأمنية حفظ الأمن. الجيش لا يصنع السلم الأهلي بل يحفظ الأمن. لذلك فإن اتفاقنا على طاولة الحوار كما ورد في «إعلان بعبدا»، وليس في التصريحات المتفرقة، شكّل الغطاء المهم لعمل الجيش وانتشاره على كل الأراضي اللبنانية، والتعامل مع الحالات الأمنية الطارئة وفرض سلطة الدولة والأمن والإستقرار.

 

سوريا

 

■ هل فصلت طاولة الحوار بين الأزمة السورية وتداعياتها في لبنان، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة في الشمال والبقاع التي أوحت بأن الوضع اللبناني ارتبط بالأزمة السورية وانتقال عدواها إليه؟

عدوى الربيع العربي.

 

■ هل تسميه الربيع العربي؟

هذا متعارف عليه.

 

■ هل هو فعلاً ربيع عربي؟

أتمنى أن يُزهر التحوّل الديموقراطي ربيعاً. لكن إلى الآن لم أرَ فعلاً أنه ربيع إلى أن تستقر الدول وتدخل إليها الديموقراطية واحترام المكوّنات الاجتماعية التي تتألف منها على نحو عادل. عندئذ يثمر. حتى الآن لا، لم يثمر. كل الدول العربية التي شهدت هذا الربيع لم تستقر بعد. مصر وتونس واليمن وليبيا، مع أن الربيع انتهى في هذه الدول ولكنه لم يُزهر. في سوريا لم تنته الأزمة.

 

■ هل فصلت طاولة الحوار الوطني ما يجري في سوريا عن لبنان للحؤول دون انتقال الفتنة إليه بسبب تدخّل الفريقين في الموضوع السوري؟

لو لم يفصلوا لما وافقوا على البيان الختامي. هل هذا يكفي؟ طبعاً لا، لأن الباقي على السلطة والدولة. بالتأكيد يمثل المتحاورون نحو 97 أو 98 في المئة من اللبنانيين إذا استثنيت المستقلين، وهؤلاء بدورهم يريدون الدولة قبل سواهم. لا أعرف كم يساوي رافضي البيان. واحد أو اثنين في المئة؟ بالكاد. نعم يجب أن نؤسس لفصل الحالة في سوريا عن لبنان. هل يؤثر اللبنانيون من هذا الفريق أو ذاك عندما يتدخلون في الأحداث هناك؟ طبعاً لا يؤثرون سلباً ولا إيجاباً.

 

النأي بالنفس

 

■ أكدت مراراً اتباع سياسة النأي بالنفس، وكذلك الحكومة. لكن «إعلان بعبدا» الذي صدر عن المتحاورين، المؤيدين لسوريا والمعارضين، اعتمد هذه السياسة بطريقة أخرى هي الحياد ورفض المنطقة العازلة وتهريب السلاح والمسلحين. من أجل ماذا ترسلون هذا الإعلان إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية؟

عندما صدر القرار 1701 ورد عن السلاح في عدد من بنوده وخصوصاً تهريب السلاح إلى لبنان وانتشاره بين الناس. وبما أن حوارنا يتعلق في معظمه بالسلاح، فمن الضروري القول إننا نجري حواراً ومتوافقون على وقف انتشار الفوضى والسلاح وتهريبه أو استقباله. وهو كلام يعني الأمم المتحدة، خصوصاً أن التقرير الدوري عن القرار 1701 سيصدر الشهر المقبل. ما نريد قوله هنا أننا نمضي في هذا الهدف أيضاً. بعد صدور القرار صدرت مواقف دولية عدة تحدثت عن أن السلاح موضوع على طاولة الحوار ويناقش من خلال الدولة اللبنانية. بذلك ارتبط موضوعنا بالقرار 1701 والأمم المتحدة. طبعاً يثير ذلك اهتمام العالم. في الفترة الأخيرة صرنا نسمع دولاً تبدي خشيتها من انتقال الفتنة إلى لبنان، وكأن وضعه غير سليم ومهدّد. بعض ما ورد من ذلك في تقرير المندوب السوري في الأمم المتحدة بشّار الجعفري وقد رددت عليه كما هو معروف. قلت أيضاً إن لبنان يجري حواراً وطنياً ويحارب كل مظاهر التسليح والسلاح. لكن الأهم في «إعلان بعبدا» بعد إرساله إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية أن لبنان يقول للعالم لا تطلبوا مني منطقة عازلة. كنت أقول ذلك كرئيس للدولة وقالته الحكومة ولا تزال. الآن نقوله جميعاً. وهو أمر مهم للجامعة العربية لأن اللبنانيين قرّروا في الدوحة متابعة الحوار الوطني في إشراف الجامعة العربية، وحضر عمرو موسى الجلسة الأولى من الحوار.

 

السلاح

 

■ بعد جلسة الإثنين ستذهبون إلى جلسة 25 حزيران. البعض يقول إنه ينتظر ترجمة الحكومة البيان الختامي، والبعض الآخر يقول إن السلاح لن يُطرح. ماذا يقول رئيس الدولة؟

عندما دعوت إلى طاولة الحوار حدّدت جدول الأعمال ببحث الاستراتيجيا الدفاعية ومناقشة موضوع السلاح من الزوايا الثلاث، سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني وسلاح المدن. هذا هو جدول الأعمال في الدعوة التي وجهتها إلى أقطاب الحوار. دعوتهم إلى هذه البنود. بالتأكيد بعد جلسة الثوابت الوطنية والإطار العام لمتابعة الحوار الوطني سننتقل في الجلسات التالية إلى مقاربة مواضيع جدول الأعمال. طبعاً سأبدأ بجدول الأعمال المتعلق بالسلاح.

 

■ لم تعطِ قوى 14 آذار بسهولة في الموضوع السوري، فهل تتوقع من قوى 8 آذار، وحزب الله خصوصاً، أن يعطوا في موضوع السلاح؟

الجميع يذكر ما أوردته في جدول الأعمال، وهو سلاح المقاومة وكيفية الإستفادة منه إيجاباً للدفاع عن لبنان والإجابة عن الأسئلة التالية: لماذا يُستعمل ومتى وكيف وأين؟ حزب الله المعني الأول بسلاح المقاومة لم يصدر أي تعليق على هذه الدعوة، وقبل المشاركة في الحوار على هذا الأساس. إذاً حزب الله يريد مناقشة هذا الموضوع، بل من مصلحته مناقشته ووضع الإطار اللازم لاستعمال سلاح المقاومة وضبط انتشاره. ذلك من مصلحة الحزب قبل سواه. في كل حال لم يعترض على الدعوة.

 

■ هل سيسهل عليكم وضع اليد على سلاح المدن؟

سهل! لا، ليس سهلاً. اعتاد اللبنانيون الإحتفاظ بالسلاح، لكن علينا البحث عن الوسائل إذا كنا فعلاً ممثلي هذا الشعب. هل يمكن أن لا يسع أحد منهم إيجاد الطريقة الممكنة لمقاربة نزع سلاح المدن. أتى إليّ نواب طرابلس وجمعيات طرابلسية وطلبوا مني نزع السلاح من المدينة. حصل ذلك قبل الأحداث الأخيرة. كذلك طلب نواب بيروت بجعل العاصمة مدينة منزوعة السلاح. إذاً هناك قابلية لإيجاد حلّ لهذا الموضوع.

 

■ هل هو قرار سياسي في يد الأقطاب أم قرار أمني في يد الجيش؟

القرار سياسي، لأن الجيش ينفذ القرار السياسي.

 

■ وسلاح المعسكرات الفلسطينية المتخذ منذ عام 2006 بلا تنفيذ؟

هذا القرار يجب تنفيذه ومن الضروري تنفيذه، وسنخوض فيه في الجلسات المقبلة. ربما يكون في الجلسة المقبلة بنداً أول أو ثانياً، أو في جلسات لاحقة. لكن لا بد من مقاربته على نحو جدّي كي يكون صالحاً للتنفيذ.

 

الثلث الثالث

 

■ في الثلث الثالث من الولاية، إلى أي مدى تبدو مرتاحاً إلى ما أنجزت؟

لم أكن مرتاحاً إلى ما أنجزت، لكنني مرتاح إلى ما فعلت. نعم مرتاح إلى ما فعلت، ولست مرتاحاً إلى الإنجازات التي كان يقتضي أن تكون أكثر من ذلك. كنت متحسباً لتجربتنا الجديدة بتطبيق اتفاق الطائف بلا وصاية ولا جيش احتلال إسرائيلي، وكنت أكثر تفاؤلاً رغم معرفتي بحجم الصعوبات ووطأتها ووتيرتها التي رغبت في أن تكون سريعة، لكنها كانت أبطأ بسبب الظروف التي أحاطت ربما بالموضوع اللبناني. إلا أنني آمل في تحقيق ما لم يتحقق في الثلث الثالث من الولاية. لِمَ لا. ما تبقى لا يحتاج إلى أكثر من الثلث الثالث إذا نضجت ظروف التنفيذ. لكن المهم هو الإستمرار. هناك مواضيع نضعها اليوم على السكة. هل بات في وسع أحد بعد اليوم تجاهل تحييد لبنان الذي ثبّته «إعلان بعبدا»؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى الملفات الأخرى. عندما بدأنا الحوار كنا نتحدّث عن الاستراتيجيا الدفاعية وليس سلاح المقاومة. اليوم هناك بند واحد اسمه سلاح المقاومة على الطاولة مع تحديد ظروف استعماله. وهذا تطور جوهري. كذلك بالنسبة إلى المنطقة العازلة. وضعنا القواعد كي نكملها. سنتابع في قانون الانتخاب في مجلس الوزراء ومشروع اللامركزية الإدارية وبعض الإصلاحات الدستورية التي تشكّل مخارج لتحصين اتفاق الطائف. سنطرحها أمام مجلس الوزراء ومجلس النواب. وإن تأخرت إلا أنها ستسلك طريقها.

 

■ هل أنتَ خائف على سوريا؟

الحريق قرب بيتي، يعني أنه قد يصل إليّ. أكيد أنا خائف عليها. لذلك آمل من السوريين حزم أمرهم والاتفاق على طريقة إدارة أمورهم. طبعاً هذا كلام سهل وتطبيقه صعب، وقد خبرنا تجربة مماثلة. عليهم التحاور من أجل الوصول إلى انتقال ديموقراطي هادىء. في العنف الجميع خاسر، بينما الإنتقال الهادىء يحفظ كرامة الجميع. هناك تدخّلات أجنبية كثيرة، وأنا ضدها. لكن الموقف صعب أيضاً. صعب للغاية. الله ينجينا.

 

انقلاب جنبلاط على الحكومة

 

■ هل لا تزال تمحض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة؟

طبعاً أمحضها الثقة. كان في ودّي أن تكون حكومة تجمع الأطراف جميعاً، وأجريت استشارات واسعة مع الأفرقاء وكذلك رئيس الحكومة لإشراك الفريق الغائب عنها بممثلين مباشرين منه أو آخرين حياديين، وأوشكت العملية على التحقق، لكن القرار النهائي لهذا الفريق كان عدم المشاركة.

 

■ في طاولة الحوار اتهم الرئيس فؤاد السنيورة الحكومة بالعجز والإنقلاب، وردّ النائب وليد جنبلاط مؤكداً اقتناعه بما فعل وعدم ندمه. لماذا استمرار هذا الجدل في موضوع تجاوزه الزمن؟

اهتممت كثيراً حينذاك بتأليف حكومة وحدة وطنية، وأجريت استشارات بغية استكمال المصالحة الوطنية، وتحدّث إليّ القطريون وأبلغوني أنهم ذاهبون مع الأتراك إلى سوريا ولبنان لإيجاد تسوية. كان من واجبي حينذاك تأجيل الإستشارات لفسح المجال أمام المصالحة في حكومة وحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري وفق ورقة قطرية ــــ تركية تحظى بدعم دولي. كان من الطبيعي تأجيل الإستشارات لأن معادلة «سين سين» كانت لا تزال نافذة. قيل إنني ضغطت على جنبلاط. من أين أتوا بهذا الإستنتاج. أرجأت في سبيل مصلحة وطنية ومسعى دولي. أمس اعترف جنبلاط في طاولة الحوار بأنه وراء الإنقلاب وغير نادم عليه لإنقاذ البلد. أشكره على شجاعته في الإدلاء بموقفه عندما عزا إلى نفسه تغيير موازين القوى. هو مَن فعل ذلك وليس رئيس الجمهورية كما أشاعوا.

  • فريق ماسة
  • 2012-06-12
  • 13165
  • من الأرشيف

سليمان: الحوار فصل لبـنان عن أزمة سورية

ترك «إعلان بعبدا» صدى إيجابياً بلغ إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي أجرى، في هذا الحوار مع «الأخبار»، تقويماً لجلسة طاولة الحوار الوطني ونتائجها، والإنفراج الذي أشاعته في استعادة التواصل المباشر بين الأفرقاء. تحدّث الرئيس، أيضاً، عن ربيع عربي لم يُزهر، وعن قلقه على ما يجري في سوريا، وعن قواعد لم يعد في وسع أحد تجاهلها في علاقة لبنان بالنزاعات الإقليمية. سوريا كإيران، كسواهما، اختار لبنان الحياد حيالهما، وأكد في المقابل فصل لبنان عمّا يجري هناك وتجنيبه التداعيات. وفي ما يأتي نص المقابلة     ■ دار جدل مستفيض حول الجلسة الأخيرة لطاولة الحوار. البعض ارتاح إلى نتائجها، والبعض الآخر قلّل من أهميتها ولم يرها طموحة. كيف تقوّم ما حصل؟ طبيعي أن تختلف الآراء في التقييم، لأن لأي عمل من هذا النوع جذوراً سياسية. كل فريق ينظر إليه من موقعه وأهدافه السياسية. أنا راض عن جلسة الإثنين، وكنت أتمنى بالتأكيد حضور سمير جعجع وسعد الحريري، مع أنهما ممثلان بين الحاضرين. لا تتوخى طاولة الحوار التصويت بل التوافق. لكن ما تمخّض عن الجلسة الأولى كنت أنتظره وهو نتيجة إيجابية.   ■ أين ترى النتائج التي أرضتك؟ المشكلة الأم التي نواجهها اليوم هي الأزمة السورية. كنا باستمرار متردّدين حيال الموقف الذي ينبغي اتخاذه. حياد أو لا حياد، أو النأي بالنفس أو الإعتراض على النأي بالنفس. في طاولة الحوار قلنا بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية على نحو علني. منذ الأمس، لم يعد لدى الحكومة أي حرج في اتخاذ موقف من الأزمة السورية بعدما قرّرنا الحياد. ليس في سوريا فحسب، بل أيضاً في أي قضية إقليمية أو دولية مماثلة.   ■ لكن قوى 14 آذار حاولت تفسير الحياد على أنه حياد عن إيران وليس عن سوريا فقط؟ أكيد، مئة في المئة. الحياد الذي قرّرناه هو عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية وتجنيب لبنان الإنعكاسات السلبية للتوترات الإقليمية. هذه مسألة واضحة تماماً. عندما دُعينا إلى مؤتمر أصدقاء سوريا في تركيا وفرنسا لم نذهب، وقلنا إننا أصدقاء السوريين جميعاً، ولا ندعم فئة معينة ضد أخرى كما يريد المؤتمر، ولذا لا نشارك. وعندما دعت إيران إلى مؤتمر رباعي لدعم سوريا قلنا لن نشارك أيضاً. موقفنا هو الحياد ويشمل المحاور كلها.   ■ وماذا عن المنطقة العازلة؟ هذه أيضاً مسألة مهمة. كان البعض، كفريق 14 آذار، يوحي بأنه يريد إقامة منطقة آمنة. في طاولة الحوار قلنا لا للمنطقة الآمنة أو المنطقة العازلة.   ■ لكن هناك فريقاً آخر لم يحضر طاولة الحوار وينادي بالمنطقة العازلة كالتيّارات السلفية في الشمال؟ هل تعتقد بأن كل مَن يريد افتعال مشكلة في لبنان يجب أن يجلس إلى طاولة الحوار ويدلي برأيه عليها. لا، ما يتقرّر يُفرض على مَن لا يريد إذا أجمع أطراف الحوار الذين يمثلون كل الطوائف والإتجاهات. عندما قلنا لا للمنطقة العازلة فذلك موقف وافق عليه جميع الجالسين إلى طاولة الحوار. أما الباقي فمنوط بالدولة وإجراءاتها. كذلك الأمر بالنسبة إلى تهريب السلاح والمسلحين.   اتفاق الطائف   ■ هل شعرت بأن قوى 14 آذار أرغمت على هذا الموقف في البيان الختامي الذي أعددته؟ لا، لم تُرغم أبداً. أنتَ تعرف أن في وسع صوت واحد يقول لا على طاولة الحوار تعطيل القرار إذا لم يقتنع وتمسّك بتحفظه. كانت هناك مناقشة صريحة دامت أربع ساعات وأجريت قراءة متأنية للبيان الختامي وأدخلت عليه تعديلات طفيفة لم تمسّ الجوهر، والحوار كان منفتحاً تماماً. لو أصرّ طرف على الرفض لما صدر البيان.   ■ هل التأكيد في «إعلان بعبدا» على اتفاق الطائف وتنفيذ بنوده كاملة كان بمثابة تعويض لقوى 14 آذار، في مقابل ما وافقت عليه في الموضوع السوري وخصوصاً بعد دعوة السيّد حسن نصرالله إلى مؤتمر وطني تأسيسي؟ حزب الله أعاد تفسير الموقف. هو لا ينادي بمؤتمر تأسيسي بل بسبل إعادة الدولة. فُسّر هذا الموقف خطأ. هناك آخرون تحدّثوا في مواقف مشابهة كالمؤتمر الوطني الذي دعا إليه حزب الكتائب والعقد الاجتماعي الجديد الذي تكلم عنه البطريرك بشارة الراعي. كلها أوصاف تتوخى إعادة تقوية الدولة وتعزيزها وتطبيق الدستور. لذلك قلت دائماً باتفاق الطائف وينبغي عدم الإبتعاد عن روحيته نهائياً، والعمل على تصحيح الإشكالات التي ترافق بعض الصلاحيات الدستورية. وهذا لا يعني تعديل اتفاق الطائف، بل تحصينه وتجاوز الإشكالات التي تقف حجر عثرة في طريق تطبيقه. منذ متى نطبّق الطائف كما ينبغي؟ منذ عام 2008 بدأنا، كلبنانيين، تطبيقه وبأيدينا، وكذلك تطبيق الدستور . منذ ذلك الحين تظهر لنا مشكلات وصعوبات. لنستكمل التنفيذ أولاً كي نتأكد هل يحتاج تطبيقه إلى مؤتمر تأسيسي أو وطني أم يحتاج إلى ممارسة صحيحة وراقية من السياسيين. الإحتمال الثاني هو ما أعتقد أننا في حاجة إليه. لا يزال دستور الطائف صالحاً وضرورياً للبنان، ويصلح لدول أخرى موصوفة بالتعدّدية والعولمة. ستحتاج دول كثيرة إلى دستور شبيه بدستور الطائف من أجل إشراك كل مكوّنات المجتمعات في إدارة الشأن السياسي وتنظيم الحياة تحت سقف نظام ديموقراطي. ما ينبغي القيام به هو تطبيقه على نحو راق. أصبح الاتفاق في يد مرجعية لبنانية، وهي تجربة جديدة اعترتها ثغر نظراً إلى الأزمات المستجدة التي طرأت عليها، كالأزمة المالية والمحكمة الدولية وسواها من الملفات الثقيلة، ناهيك بالربيع العربي والوضع في سوريا. منذ الإستقلال لم نشهد وضعاً مربكاً كالذي تعرفه سوريا اليوم.   الجيش   ■ عندما وافق أطراف الحوار بالإجماع على البيان الختامي أعطوا الجيش الغطاء الكامل في تنفيذ مهماته رغم أنهم يستعدون لانتخابات 2013؟ كان هناك إجماع من الأفرقاء جميعاً. لم ألمس ذلك في اجتماع هيئة الحوار فحسب، بل أيضاً عندما وقعت بعض الإضطرابات سابقاً، أطلق الرئيسان الحريري والسنيورة موقفاً مؤيداً للجيش. وهذا أمر لا جدال فيه؟   ■ هل يُترجم ذلك بخطة أمنية وإطلاق يد المؤسسة العسكرية؟ طبعاً هناك خطة أمنية يجري إنضاجها بمرور الوقت، وهي تترافق ــــ كما دائماً ــــ مع عمل سياسي. نحن نقول دائماً إن المرجعيات والسياسيين ــــ لا الجيش ــــ هم الذين يصنعون السلم الأهلي، ويكلف الجيش والقوى الأمنية حفظ الأمن. الجيش لا يصنع السلم الأهلي بل يحفظ الأمن. لذلك فإن اتفاقنا على طاولة الحوار كما ورد في «إعلان بعبدا»، وليس في التصريحات المتفرقة، شكّل الغطاء المهم لعمل الجيش وانتشاره على كل الأراضي اللبنانية، والتعامل مع الحالات الأمنية الطارئة وفرض سلطة الدولة والأمن والإستقرار.   سوريا   ■ هل فصلت طاولة الحوار بين الأزمة السورية وتداعياتها في لبنان، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة في الشمال والبقاع التي أوحت بأن الوضع اللبناني ارتبط بالأزمة السورية وانتقال عدواها إليه؟ عدوى الربيع العربي.   ■ هل تسميه الربيع العربي؟ هذا متعارف عليه.   ■ هل هو فعلاً ربيع عربي؟ أتمنى أن يُزهر التحوّل الديموقراطي ربيعاً. لكن إلى الآن لم أرَ فعلاً أنه ربيع إلى أن تستقر الدول وتدخل إليها الديموقراطية واحترام المكوّنات الاجتماعية التي تتألف منها على نحو عادل. عندئذ يثمر. حتى الآن لا، لم يثمر. كل الدول العربية التي شهدت هذا الربيع لم تستقر بعد. مصر وتونس واليمن وليبيا، مع أن الربيع انتهى في هذه الدول ولكنه لم يُزهر. في سوريا لم تنته الأزمة.   ■ هل فصلت طاولة الحوار الوطني ما يجري في سوريا عن لبنان للحؤول دون انتقال الفتنة إليه بسبب تدخّل الفريقين في الموضوع السوري؟ لو لم يفصلوا لما وافقوا على البيان الختامي. هل هذا يكفي؟ طبعاً لا، لأن الباقي على السلطة والدولة. بالتأكيد يمثل المتحاورون نحو 97 أو 98 في المئة من اللبنانيين إذا استثنيت المستقلين، وهؤلاء بدورهم يريدون الدولة قبل سواهم. لا أعرف كم يساوي رافضي البيان. واحد أو اثنين في المئة؟ بالكاد. نعم يجب أن نؤسس لفصل الحالة في سوريا عن لبنان. هل يؤثر اللبنانيون من هذا الفريق أو ذاك عندما يتدخلون في الأحداث هناك؟ طبعاً لا يؤثرون سلباً ولا إيجاباً.   النأي بالنفس   ■ أكدت مراراً اتباع سياسة النأي بالنفس، وكذلك الحكومة. لكن «إعلان بعبدا» الذي صدر عن المتحاورين، المؤيدين لسوريا والمعارضين، اعتمد هذه السياسة بطريقة أخرى هي الحياد ورفض المنطقة العازلة وتهريب السلاح والمسلحين. من أجل ماذا ترسلون هذا الإعلان إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية؟ عندما صدر القرار 1701 ورد عن السلاح في عدد من بنوده وخصوصاً تهريب السلاح إلى لبنان وانتشاره بين الناس. وبما أن حوارنا يتعلق في معظمه بالسلاح، فمن الضروري القول إننا نجري حواراً ومتوافقون على وقف انتشار الفوضى والسلاح وتهريبه أو استقباله. وهو كلام يعني الأمم المتحدة، خصوصاً أن التقرير الدوري عن القرار 1701 سيصدر الشهر المقبل. ما نريد قوله هنا أننا نمضي في هذا الهدف أيضاً. بعد صدور القرار صدرت مواقف دولية عدة تحدثت عن أن السلاح موضوع على طاولة الحوار ويناقش من خلال الدولة اللبنانية. بذلك ارتبط موضوعنا بالقرار 1701 والأمم المتحدة. طبعاً يثير ذلك اهتمام العالم. في الفترة الأخيرة صرنا نسمع دولاً تبدي خشيتها من انتقال الفتنة إلى لبنان، وكأن وضعه غير سليم ومهدّد. بعض ما ورد من ذلك في تقرير المندوب السوري في الأمم المتحدة بشّار الجعفري وقد رددت عليه كما هو معروف. قلت أيضاً إن لبنان يجري حواراً وطنياً ويحارب كل مظاهر التسليح والسلاح. لكن الأهم في «إعلان بعبدا» بعد إرساله إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية أن لبنان يقول للعالم لا تطلبوا مني منطقة عازلة. كنت أقول ذلك كرئيس للدولة وقالته الحكومة ولا تزال. الآن نقوله جميعاً. وهو أمر مهم للجامعة العربية لأن اللبنانيين قرّروا في الدوحة متابعة الحوار الوطني في إشراف الجامعة العربية، وحضر عمرو موسى الجلسة الأولى من الحوار.   السلاح   ■ بعد جلسة الإثنين ستذهبون إلى جلسة 25 حزيران. البعض يقول إنه ينتظر ترجمة الحكومة البيان الختامي، والبعض الآخر يقول إن السلاح لن يُطرح. ماذا يقول رئيس الدولة؟ عندما دعوت إلى طاولة الحوار حدّدت جدول الأعمال ببحث الاستراتيجيا الدفاعية ومناقشة موضوع السلاح من الزوايا الثلاث، سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني وسلاح المدن. هذا هو جدول الأعمال في الدعوة التي وجهتها إلى أقطاب الحوار. دعوتهم إلى هذه البنود. بالتأكيد بعد جلسة الثوابت الوطنية والإطار العام لمتابعة الحوار الوطني سننتقل في الجلسات التالية إلى مقاربة مواضيع جدول الأعمال. طبعاً سأبدأ بجدول الأعمال المتعلق بالسلاح.   ■ لم تعطِ قوى 14 آذار بسهولة في الموضوع السوري، فهل تتوقع من قوى 8 آذار، وحزب الله خصوصاً، أن يعطوا في موضوع السلاح؟ الجميع يذكر ما أوردته في جدول الأعمال، وهو سلاح المقاومة وكيفية الإستفادة منه إيجاباً للدفاع عن لبنان والإجابة عن الأسئلة التالية: لماذا يُستعمل ومتى وكيف وأين؟ حزب الله المعني الأول بسلاح المقاومة لم يصدر أي تعليق على هذه الدعوة، وقبل المشاركة في الحوار على هذا الأساس. إذاً حزب الله يريد مناقشة هذا الموضوع، بل من مصلحته مناقشته ووضع الإطار اللازم لاستعمال سلاح المقاومة وضبط انتشاره. ذلك من مصلحة الحزب قبل سواه. في كل حال لم يعترض على الدعوة.   ■ هل سيسهل عليكم وضع اليد على سلاح المدن؟ سهل! لا، ليس سهلاً. اعتاد اللبنانيون الإحتفاظ بالسلاح، لكن علينا البحث عن الوسائل إذا كنا فعلاً ممثلي هذا الشعب. هل يمكن أن لا يسع أحد منهم إيجاد الطريقة الممكنة لمقاربة نزع سلاح المدن. أتى إليّ نواب طرابلس وجمعيات طرابلسية وطلبوا مني نزع السلاح من المدينة. حصل ذلك قبل الأحداث الأخيرة. كذلك طلب نواب بيروت بجعل العاصمة مدينة منزوعة السلاح. إذاً هناك قابلية لإيجاد حلّ لهذا الموضوع.   ■ هل هو قرار سياسي في يد الأقطاب أم قرار أمني في يد الجيش؟ القرار سياسي، لأن الجيش ينفذ القرار السياسي.   ■ وسلاح المعسكرات الفلسطينية المتخذ منذ عام 2006 بلا تنفيذ؟ هذا القرار يجب تنفيذه ومن الضروري تنفيذه، وسنخوض فيه في الجلسات المقبلة. ربما يكون في الجلسة المقبلة بنداً أول أو ثانياً، أو في جلسات لاحقة. لكن لا بد من مقاربته على نحو جدّي كي يكون صالحاً للتنفيذ.   الثلث الثالث   ■ في الثلث الثالث من الولاية، إلى أي مدى تبدو مرتاحاً إلى ما أنجزت؟ لم أكن مرتاحاً إلى ما أنجزت، لكنني مرتاح إلى ما فعلت. نعم مرتاح إلى ما فعلت، ولست مرتاحاً إلى الإنجازات التي كان يقتضي أن تكون أكثر من ذلك. كنت متحسباً لتجربتنا الجديدة بتطبيق اتفاق الطائف بلا وصاية ولا جيش احتلال إسرائيلي، وكنت أكثر تفاؤلاً رغم معرفتي بحجم الصعوبات ووطأتها ووتيرتها التي رغبت في أن تكون سريعة، لكنها كانت أبطأ بسبب الظروف التي أحاطت ربما بالموضوع اللبناني. إلا أنني آمل في تحقيق ما لم يتحقق في الثلث الثالث من الولاية. لِمَ لا. ما تبقى لا يحتاج إلى أكثر من الثلث الثالث إذا نضجت ظروف التنفيذ. لكن المهم هو الإستمرار. هناك مواضيع نضعها اليوم على السكة. هل بات في وسع أحد بعد اليوم تجاهل تحييد لبنان الذي ثبّته «إعلان بعبدا»؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى الملفات الأخرى. عندما بدأنا الحوار كنا نتحدّث عن الاستراتيجيا الدفاعية وليس سلاح المقاومة. اليوم هناك بند واحد اسمه سلاح المقاومة على الطاولة مع تحديد ظروف استعماله. وهذا تطور جوهري. كذلك بالنسبة إلى المنطقة العازلة. وضعنا القواعد كي نكملها. سنتابع في قانون الانتخاب في مجلس الوزراء ومشروع اللامركزية الإدارية وبعض الإصلاحات الدستورية التي تشكّل مخارج لتحصين اتفاق الطائف. سنطرحها أمام مجلس الوزراء ومجلس النواب. وإن تأخرت إلا أنها ستسلك طريقها.   ■ هل أنتَ خائف على سوريا؟ الحريق قرب بيتي، يعني أنه قد يصل إليّ. أكيد أنا خائف عليها. لذلك آمل من السوريين حزم أمرهم والاتفاق على طريقة إدارة أمورهم. طبعاً هذا كلام سهل وتطبيقه صعب، وقد خبرنا تجربة مماثلة. عليهم التحاور من أجل الوصول إلى انتقال ديموقراطي هادىء. في العنف الجميع خاسر، بينما الإنتقال الهادىء يحفظ كرامة الجميع. هناك تدخّلات أجنبية كثيرة، وأنا ضدها. لكن الموقف صعب أيضاً. صعب للغاية. الله ينجينا.   انقلاب جنبلاط على الحكومة   ■ هل لا تزال تمحض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة؟ طبعاً أمحضها الثقة. كان في ودّي أن تكون حكومة تجمع الأطراف جميعاً، وأجريت استشارات واسعة مع الأفرقاء وكذلك رئيس الحكومة لإشراك الفريق الغائب عنها بممثلين مباشرين منه أو آخرين حياديين، وأوشكت العملية على التحقق، لكن القرار النهائي لهذا الفريق كان عدم المشاركة.   ■ في طاولة الحوار اتهم الرئيس فؤاد السنيورة الحكومة بالعجز والإنقلاب، وردّ النائب وليد جنبلاط مؤكداً اقتناعه بما فعل وعدم ندمه. لماذا استمرار هذا الجدل في موضوع تجاوزه الزمن؟ اهتممت كثيراً حينذاك بتأليف حكومة وحدة وطنية، وأجريت استشارات بغية استكمال المصالحة الوطنية، وتحدّث إليّ القطريون وأبلغوني أنهم ذاهبون مع الأتراك إلى سوريا ولبنان لإيجاد تسوية. كان من واجبي حينذاك تأجيل الإستشارات لفسح المجال أمام المصالحة في حكومة وحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري وفق ورقة قطرية ــــ تركية تحظى بدعم دولي. كان من الطبيعي تأجيل الإستشارات لأن معادلة «سين سين» كانت لا تزال نافذة. قيل إنني ضغطت على جنبلاط. من أين أتوا بهذا الإستنتاج. أرجأت في سبيل مصلحة وطنية ومسعى دولي. أمس اعترف جنبلاط في طاولة الحوار بأنه وراء الإنقلاب وغير نادم عليه لإنقاذ البلد. أشكره على شجاعته في الإدلاء بموقفه عندما عزا إلى نفسه تغيير موازين القوى. هو مَن فعل ذلك وليس رئيس الجمهورية كما أشاعوا.

المصدر : الأخبار: نقولا ناصيف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة