كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن أن مسودة الاتفاق الاقتصادي بين إسرائيل والفاتيكان لا تميز بين إسرائيل السيادية داخل الخط الأخضر والأراضي المحتلة في العام 1967. وأشارت إلى أن عدم التمييز هذا أثار اعتراضات فلسطينية ودولية مهمة لأنه ينطوي على نوع من الاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقية وسريان القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية. ويقف على رأس المعترضين على مسودة الاتفاق المسيحيون الفلسطينيون بمؤسساتهم الدينية والمدنية وقد أوصلوا اعتراضاتهم هذه إلى أعلى المناصب في الفاتيكان محذرين من عواقبها الخطيرة.

وكان مقررا أن يلتقي أمس واليوم أعضاء اللجنة الثنائية الدائمة من إسرائيل والفاتيكان في روما للتباحث في أمور مختلف فيها. ويبدو انه لا يُتوقع توقيع، لكن الطرفين أبلغا عن وجود تقدم.

وأشارت «هآرتس» إلى أن فرنسا التي تعتبر أيضا حامية الاماكن المسيحية المقدسة بعثت مؤخرا اعتراضا مشابها الى الفاتيكان. وتخشى فرنسا الاعتراف الضمني بالضم وتخشى الآثار الاقتصادية على الطوائف المسيحية وعلى مؤسساتها المسيحية في البلاد والطوائف المتصلة بها. ولكن «هآرتس» نقلت عن مصدر إسرائيلي مطلع انه لا يوجد في المسودة شيء قد يضر بالفلسطينيين وأن الاتفاق هو مع اسرائيل السيادية في هويتها المعروفة من جهة دولية، ولهذا لا حاجة الى أي مادة توضيح سابقة.

ومعروف أن إسرائيل والفاتيكان أبرمتا اتفاقا سياسيا بالاعتراف المتبادل في العام 1993 على أن تحل الخلافات بين الدولتين بمفاوضات تنتهي خلال أحد عشر عاما. غير أن المفاوضات هذه لم تنته حتى الآن بعد 13 عاما برغم إنشاء علاقات ديبلوماسية بين الدولتين وقبل توضيح جميع القضايا القانونية والمالية المتعلقة بمكانة الكنيسة الكاثوليكية في البلاد ومؤسساتها. ويبدو أن إسرائيل استخدمت مع الفاتيكان أسلوب التفاوض نفسه المستخدم مع الفلسطينيين وهو المماطلة وتحويل قضايا الخلاف إلى لجان فرعية تدفن فيها القضايا.

وقد توافق الطرفان على فصل طائفة من المؤسسات والمواقع عن جانبي الخط الأخضر يتوقعان ألا يستطيعا حل الاختلافات فيها قريبا، عن صيغة الاتفاق. وتشتمل هذه القائمة المستقلة في جملة ما تشتمل عليه على مبان وأراض ثارت عليها صراعات ملكية وسيطرة صادرتها اسرائيل أو أعلنت أنها أملاك غائبين، وتريد الكنيسة ان تعيدها اليها، أو مواقع أعلنت اسرائيل أنها ارض عامة وترى الكنيسة أنه ينبغي الاعتراف بأنها ارض خاصة.

وفي الاشهر الاخيرة بدأت تصل الى منظمات غير حكومية وإلى الطوائف المسيحية في البلاد تفصيلات تتعلق بمضمون الاتفاق أشارت إلى فشل الفاتيكان. وعلمت «هآرتس» ان الأطراف التي أشركت في مخاوفها الطائفة المسيحية الفلسطينية ومنظمات غير حكومية فضلت عدم الاتجاه فورا الى السلطة

الفلسطينية جراء عدم ثقة بقدرتها على العمل وحدها في هذا الصعيد الديبلوماسي والقانوني.

ومن مسودة الاتفاق التي وصلت الى «هآرتس» صيغتها في الخامس والعشرين من كانون الثاني هذا العام يبدو ان التوجيه في الوثيقة هو الى التشريع الاسرائيلي على نحو عام، ولا يشتمل على تناول لمكانتها باعتبارها قوة محتلة بحسب القانون الدولي. وبحسب ما يقول قانوني فلسطيني يعبر عن موقف الطوائف المسيحية الفلسطينية من الاتفاق المتبلور انه يوجد في الاتفاقات الثنائية في مرات كثيرة مادة تُعرف كلمة «اسرائيل» وتُفرق بين جانبي الخط الاخضر. وقال ان عبارة «قانون اسرائيلي» من غير أي توضيح وتحفظ هو سابقة خطيرة وفيه شيء من الاعتراف الضمني بضم شرقي القدس وبالسلطة المدنية الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية، حيث يوجد عدد كبير من المواقع الواردة في القائمة المستقلة.

مع ذلك رفض مصدر مطلع هذا التحليل وقال لصحيفة «هآرتس» انه لا يوجد في الاتفاق أي إشارة جغرافية لأية مؤسسة مذكورة، وإنه ليس تفاوضا في مكانة المؤسسات في شرقي القدس. وقال ان الاتفاق يعترف بأن للكنيسة التزاما لكن لها حصانة بسبب خصوصية الكنيسة والدين. وأضاف هذا المصدر ان الاتفاق تم مع اسرائيل في هويتها التي يُعترف بها دوليا. وقال مصدر في وزارة الخارجية لا يعرف مسودة الاتفاق ان موقف الفاتيكان واضح ومعروف للوزارة ولم يتغير، فالفاتيكان لا يعترف بسيادة اسرائيل وراء الخط الاخضر.

وقالت «هآرتس» إن عددا من معارضي الاتفاق أشركوا في مخاوفهم منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم 57 دولة. وفي نهاية شباط 2012 أرسل كمال الدين احسان اوغلو، الامين العام للمنظمة، رسالة الى المسؤول عن العلاقات بالدول في الفاتيكان دومينيك ممبراتي. وكتب احسان اوغلو في هذا التراسل يقول ان منظمته تأمل ان ينسجم التفاوض مع مواقف الفاتيكان المعروفة وألا يُفهم منه اعتراف بضم شرقي القدس وبسياسة غير قانونية اخرى بحسب القانون الدولي. ويقول فلسطينيون مسيحيون انه كان ينبغي للفاتيكان باعتباره كنيسة وسلطة روحية ان يأخذ في حسابه وضع المسيحيين الخاص تحت الاحتلال الاسرائيلي.

عموما رأى الحاخام دافيد روزان الذي عمل في انشاء العلاقات الدبلوماسية وهو المدير الدولي لقسم الشؤون الدينية في اللجنة الاميركية اليهودية، في مسودة الاتفاق إنجازا لإسرائيل. وقال «لا تؤكد الكنيسة الكاثوليكية فقط من جديد اعترافها بسيادة الشعب اليهودي في وطنه التاريخي بل سجلت ايضا مؤسساتها تحت الصلاحية القانونية الاسرائيلية ومنها مؤسسات في شرقي القدس».

  • فريق ماسة
  • 2012-06-11
  • 12257
  • من الأرشيف

القدس الشرقية المحتلة إسرائيلية بعُرف الفاتيكان؟

كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن أن مسودة الاتفاق الاقتصادي بين إسرائيل والفاتيكان لا تميز بين إسرائيل السيادية داخل الخط الأخضر والأراضي المحتلة في العام 1967. وأشارت إلى أن عدم التمييز هذا أثار اعتراضات فلسطينية ودولية مهمة لأنه ينطوي على نوع من الاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقية وسريان القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية. ويقف على رأس المعترضين على مسودة الاتفاق المسيحيون الفلسطينيون بمؤسساتهم الدينية والمدنية وقد أوصلوا اعتراضاتهم هذه إلى أعلى المناصب في الفاتيكان محذرين من عواقبها الخطيرة. وكان مقررا أن يلتقي أمس واليوم أعضاء اللجنة الثنائية الدائمة من إسرائيل والفاتيكان في روما للتباحث في أمور مختلف فيها. ويبدو انه لا يُتوقع توقيع، لكن الطرفين أبلغا عن وجود تقدم. وأشارت «هآرتس» إلى أن فرنسا التي تعتبر أيضا حامية الاماكن المسيحية المقدسة بعثت مؤخرا اعتراضا مشابها الى الفاتيكان. وتخشى فرنسا الاعتراف الضمني بالضم وتخشى الآثار الاقتصادية على الطوائف المسيحية وعلى مؤسساتها المسيحية في البلاد والطوائف المتصلة بها. ولكن «هآرتس» نقلت عن مصدر إسرائيلي مطلع انه لا يوجد في المسودة شيء قد يضر بالفلسطينيين وأن الاتفاق هو مع اسرائيل السيادية في هويتها المعروفة من جهة دولية، ولهذا لا حاجة الى أي مادة توضيح سابقة. ومعروف أن إسرائيل والفاتيكان أبرمتا اتفاقا سياسيا بالاعتراف المتبادل في العام 1993 على أن تحل الخلافات بين الدولتين بمفاوضات تنتهي خلال أحد عشر عاما. غير أن المفاوضات هذه لم تنته حتى الآن بعد 13 عاما برغم إنشاء علاقات ديبلوماسية بين الدولتين وقبل توضيح جميع القضايا القانونية والمالية المتعلقة بمكانة الكنيسة الكاثوليكية في البلاد ومؤسساتها. ويبدو أن إسرائيل استخدمت مع الفاتيكان أسلوب التفاوض نفسه المستخدم مع الفلسطينيين وهو المماطلة وتحويل قضايا الخلاف إلى لجان فرعية تدفن فيها القضايا. وقد توافق الطرفان على فصل طائفة من المؤسسات والمواقع عن جانبي الخط الأخضر يتوقعان ألا يستطيعا حل الاختلافات فيها قريبا، عن صيغة الاتفاق. وتشتمل هذه القائمة المستقلة في جملة ما تشتمل عليه على مبان وأراض ثارت عليها صراعات ملكية وسيطرة صادرتها اسرائيل أو أعلنت أنها أملاك غائبين، وتريد الكنيسة ان تعيدها اليها، أو مواقع أعلنت اسرائيل أنها ارض عامة وترى الكنيسة أنه ينبغي الاعتراف بأنها ارض خاصة. وفي الاشهر الاخيرة بدأت تصل الى منظمات غير حكومية وإلى الطوائف المسيحية في البلاد تفصيلات تتعلق بمضمون الاتفاق أشارت إلى فشل الفاتيكان. وعلمت «هآرتس» ان الأطراف التي أشركت في مخاوفها الطائفة المسيحية الفلسطينية ومنظمات غير حكومية فضلت عدم الاتجاه فورا الى السلطة الفلسطينية جراء عدم ثقة بقدرتها على العمل وحدها في هذا الصعيد الديبلوماسي والقانوني. ومن مسودة الاتفاق التي وصلت الى «هآرتس» صيغتها في الخامس والعشرين من كانون الثاني هذا العام يبدو ان التوجيه في الوثيقة هو الى التشريع الاسرائيلي على نحو عام، ولا يشتمل على تناول لمكانتها باعتبارها قوة محتلة بحسب القانون الدولي. وبحسب ما يقول قانوني فلسطيني يعبر عن موقف الطوائف المسيحية الفلسطينية من الاتفاق المتبلور انه يوجد في الاتفاقات الثنائية في مرات كثيرة مادة تُعرف كلمة «اسرائيل» وتُفرق بين جانبي الخط الاخضر. وقال ان عبارة «قانون اسرائيلي» من غير أي توضيح وتحفظ هو سابقة خطيرة وفيه شيء من الاعتراف الضمني بضم شرقي القدس وبالسلطة المدنية الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية، حيث يوجد عدد كبير من المواقع الواردة في القائمة المستقلة. مع ذلك رفض مصدر مطلع هذا التحليل وقال لصحيفة «هآرتس» انه لا يوجد في الاتفاق أي إشارة جغرافية لأية مؤسسة مذكورة، وإنه ليس تفاوضا في مكانة المؤسسات في شرقي القدس. وقال ان الاتفاق يعترف بأن للكنيسة التزاما لكن لها حصانة بسبب خصوصية الكنيسة والدين. وأضاف هذا المصدر ان الاتفاق تم مع اسرائيل في هويتها التي يُعترف بها دوليا. وقال مصدر في وزارة الخارجية لا يعرف مسودة الاتفاق ان موقف الفاتيكان واضح ومعروف للوزارة ولم يتغير، فالفاتيكان لا يعترف بسيادة اسرائيل وراء الخط الاخضر. وقالت «هآرتس» إن عددا من معارضي الاتفاق أشركوا في مخاوفهم منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم 57 دولة. وفي نهاية شباط 2012 أرسل كمال الدين احسان اوغلو، الامين العام للمنظمة، رسالة الى المسؤول عن العلاقات بالدول في الفاتيكان دومينيك ممبراتي. وكتب احسان اوغلو في هذا التراسل يقول ان منظمته تأمل ان ينسجم التفاوض مع مواقف الفاتيكان المعروفة وألا يُفهم منه اعتراف بضم شرقي القدس وبسياسة غير قانونية اخرى بحسب القانون الدولي. ويقول فلسطينيون مسيحيون انه كان ينبغي للفاتيكان باعتباره كنيسة وسلطة روحية ان يأخذ في حسابه وضع المسيحيين الخاص تحت الاحتلال الاسرائيلي. عموما رأى الحاخام دافيد روزان الذي عمل في انشاء العلاقات الدبلوماسية وهو المدير الدولي لقسم الشؤون الدينية في اللجنة الاميركية اليهودية، في مسودة الاتفاق إنجازا لإسرائيل. وقال «لا تؤكد الكنيسة الكاثوليكية فقط من جديد اعترافها بسيادة الشعب اليهودي في وطنه التاريخي بل سجلت ايضا مؤسساتها تحت الصلاحية القانونية الاسرائيلية ومنها مؤسسات في شرقي القدس».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة