في خضم التحذيرات التي يطلقها الديبلوماسيون الغربيون حول احتمال اندلاع حرب أهلية في سورية تمتد إلى المنطقة بأكملها، تلوح في الأفق مخاوف مما ستخلفه الأزمة السورية من عواقب اقتصادية جسيمة تمتد لتتفاعل مع أزمة منطقة اليورو المتفاقمة. 

وتهدّد الأزمة السورية بالامتداد أو التأثير على دول عديدة، إما مباشرة أو عن طريق وكيل، بداية من إيران، مروراً بلبنان والأردن والعراق وتركيا وإسرائيل.. وصولاً إلى روسيا. وهذا الواقع يثير مخاوف متزايدة نتيجة تقاطع اقتصادات هذه الدول بشكل أو بآخر مع الاقتصاد الأوروبي. 

هذا التهديد ستكون له آثار اقتصادية واضحة، لا سيما إذا تعرضت المنشآت الإيرانية النووية لأي هجوم من قبل إسرائيل، بالتزامن مع الصراع السوري، فضلاً عن احتمال تأثير هذا الأخير على معدلات إنتاج النفط العراقي والإيراني. 

ولا يتوقف الأمر عند من تمّ ذكرهم من جيران سوريا، فهناك قبرص القريبة جغرافياً من سوريا، والتي سبق أن عبرت عن قلقها من انتقال الأزمة السورية إليها بعد وصول سيل من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، ومرور عدد من شحنات الأسلحة الروسية التي وصلت إلى سوريا عبر الشواطئ القبرصية. 

علاوة على ذلك، يبرز موضوع الغاز الطبيعي بين اسرائيل وتركيا وقبرص، الذي قد يتأثر بالأزمتين: السورية والأوروبية. بما أن إسرائيل وتركيا منخرطتان في الصراع، فإن أشكالا مختلفة من الضغوط المحلية والإقليمية قد تنشأ، علماً أنّ إسرائيل وقبرص واليونان حلفاء في ما يخص إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة لاستغلال ثروات الغاز الطبيعي في المياه القبرصية، وهو ما يرفضه الأتراك بشكل قاطع. 

وقد بقي الصراع القبرصي هادئاً بفضل عضوية قبرص واليونان في الاتحاد الأوروبي، ولكن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو قد يفضي إلى خروج قبرص بدورها، نتيجة لحجم انفتاح المصارف القبرصية على جارتها اليونانية. مع العلم بأن الأثر الجيوسياسي لخروج اليونان من منطقة اليورو، إضافة إلى الضغط الأميركي والبريطاني، يجعلان بريطانيا تتمسك ببقاء اليونان وكذلك قبرص في المنطقة. ومع ذلك، تبقى هذه الأزمة مفتوحة على احتمالات واسعة لن تكون خواتيمها قريبة أو معروفة. 

(عن «ديلي تلغراف»)

  • فريق ماسة
  • 2012-06-04
  • 11020
  • من الأرشيف

ازمة الاقتصاد من سورية.. إلى منطقة اليورو

في خضم التحذيرات التي يطلقها الديبلوماسيون الغربيون حول احتمال اندلاع حرب أهلية في سورية تمتد إلى المنطقة بأكملها، تلوح في الأفق مخاوف مما ستخلفه الأزمة السورية من عواقب اقتصادية جسيمة تمتد لتتفاعل مع أزمة منطقة اليورو المتفاقمة.  وتهدّد الأزمة السورية بالامتداد أو التأثير على دول عديدة، إما مباشرة أو عن طريق وكيل، بداية من إيران، مروراً بلبنان والأردن والعراق وتركيا وإسرائيل.. وصولاً إلى روسيا. وهذا الواقع يثير مخاوف متزايدة نتيجة تقاطع اقتصادات هذه الدول بشكل أو بآخر مع الاقتصاد الأوروبي.  هذا التهديد ستكون له آثار اقتصادية واضحة، لا سيما إذا تعرضت المنشآت الإيرانية النووية لأي هجوم من قبل إسرائيل، بالتزامن مع الصراع السوري، فضلاً عن احتمال تأثير هذا الأخير على معدلات إنتاج النفط العراقي والإيراني.  ولا يتوقف الأمر عند من تمّ ذكرهم من جيران سوريا، فهناك قبرص القريبة جغرافياً من سوريا، والتي سبق أن عبرت عن قلقها من انتقال الأزمة السورية إليها بعد وصول سيل من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، ومرور عدد من شحنات الأسلحة الروسية التي وصلت إلى سوريا عبر الشواطئ القبرصية.  علاوة على ذلك، يبرز موضوع الغاز الطبيعي بين اسرائيل وتركيا وقبرص، الذي قد يتأثر بالأزمتين: السورية والأوروبية. بما أن إسرائيل وتركيا منخرطتان في الصراع، فإن أشكالا مختلفة من الضغوط المحلية والإقليمية قد تنشأ، علماً أنّ إسرائيل وقبرص واليونان حلفاء في ما يخص إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة لاستغلال ثروات الغاز الطبيعي في المياه القبرصية، وهو ما يرفضه الأتراك بشكل قاطع.  وقد بقي الصراع القبرصي هادئاً بفضل عضوية قبرص واليونان في الاتحاد الأوروبي، ولكن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو قد يفضي إلى خروج قبرص بدورها، نتيجة لحجم انفتاح المصارف القبرصية على جارتها اليونانية. مع العلم بأن الأثر الجيوسياسي لخروج اليونان من منطقة اليورو، إضافة إلى الضغط الأميركي والبريطاني، يجعلان بريطانيا تتمسك ببقاء اليونان وكذلك قبرص في المنطقة. ومع ذلك، تبقى هذه الأزمة مفتوحة على احتمالات واسعة لن تكون خواتيمها قريبة أو معروفة.  (عن «ديلي تلغراف»)

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة