دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
جدد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس تأكيده أمام المبعوث الدولي كوفي أنان على أن نجاح خطة السلام يعتمد على وقف «الأعمال الارهابية»، في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية عن شرطين حملتهما الدول الغربية لأنان لطرحهما على الأسد
أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس أن نجاح خطة المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي أنان يعتمد على «وقف الأعمال الإرهابية ومن يدعمها ووقف تهريب السلاح». وذكر بيان رئاسي سوري أن الأسد أوضح للمبعوث الدولي أن «المجموعات الإرهابية المسلّحة صعّدت من أعمالها الإرهابية في الآونة الأخيرة بنحو ملحوظ في مختلف المناطق السورية، ومارست أعمال القتل والخطف بحق المواطنين السوريين، بالإضافة إلى عمليات السلب والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة عبر حرقها أو تخريبها». في المقابل، قال انان، خلال مؤتمر صحافي في دمشق، انه طالب الرئيس السوري بأن يقوم بخطوات جريئة الآن وليس غداً، لخلق بيئة آنية لتطبيق خطته السداسية النقاط. وقال «عبرت خلال لقائي مع الرئيس بشار الاسد بأوضح العبارات عن القلق البالغ للمجتمع الدولي حيال العنف في سوريا ومن ضمنه الأحداث المؤسفة الأخيرة في منطقة الحولة بريف حمص».
وأضاف «لقد لمست ان الحكومة السورية هي الآن بصدد إجراء تحقيقاتها الخاصة، ما يمكن اعتباره أمراً مشجعاً». وشدد «نحن الآن في مرحلة حرجة، الشعب السوري لا يريد مستقبلا فيه فرقة وسفك دم، لا يزال القتل مستمرا والانتهاكات ما زالت حاضرة معنا اليوم».
وأكد انان أن «المطلوب هو الرغبة والإصرار والقلق حيال الشعب السوري. ايضا طلبت من المعارضة المسلحة أن تتوقف عن أعمال العنف، كذلك أطلب من جميع البلدان ذات النفوذ لتذكر الحكومة وجميع الأطراف بضرورة وقف العنف بكافة أشكاله، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، كما طلبت من الاسد أن يمارس سلطته في موضوع الإفراج عن المعتقلين، ومن الضروري أيضاً أن السماح بالوصول إلى المعتقلين في أماكن اعتقالهم».
وكان المبعوث الدولي قد وصل إلى دمشق هذه المرة مكبلاً بشروط فرنسية - بريطانية - أميركية، حددت له مسبقاً نقاط جدول نقاشات اجتماعه مع الرئيس السوري. وتم تقديم هذه الشروط غير المعلنة لأنان، خلال جلسة الاستماع المغلقة لمجلس الأمن الأحد. ويكشف مصدر دبلوماسي لـ«الأخبار» وقائع هذه الجلسة التي شهدت نقاشاً مشحوناً حول المسؤولية عن المجزرة، بالإضافة إلى ما يجب على أنان أن يطرحه على الأسد خلال لقائه به في زيارته التي كانت على وشك الحصول.
وقاد فشل واشنطن ولندن وباريس في أخذ جلسة الاستماع إلى إدانة سريعة وكاملة للنظام السوري عن مجزرة الحولة، هذه الدول إلى وضع شروط مسبقة لأنان قبل منحه ما يشبه التفويض للقائه بالأسد. ويكشف المصدر الدبلوماسي المذكور عن شرطين تقدمت بهما الدول:
أولاً: يتحتم على أنان خلال لقائه الأسد مطالبة الأخير بضرورة تقديم التوضيحات اللازمة عبر الحكومة السورية بخصوص «الجرائم المرتكبة في مجزرة الحولة». ثانياً: يتحتم على أنان أن «يطالب الرئيس الأسد بالبدء الفوري بتنفيذ خطوات العملية السياسية الانتقالية».
وتم التوافق بين هذه الدول على دعم مطالب أنان هذه في دمشق، عن طريق توقيت موعد لقائه بالرئيس الاسد مع حملة طرد للدبلوماسيين السوريين من دول غربية، وذلك للتأثير على معنوياته خلال تفاوضه مع المبعوث الأممي.
ويؤكد المصدر أنه لم يتم التحقق من مدى التزام أنان بهذه الشروط ومما اذا كان سيعرضها كمفاهيم داخل رؤيته لحل الأزمة السورية، أم أنها مفاتيح لاستمرار مهمته، علماً أن أنان بحسب محادثة دبلوماسية، ولا سيما لمساعده ناصر القدوة، يرى أن أساس نجاح محادثاته في سوريا يعتمد في هذه المرحلة على نجاح نشر المزيد من المراقبين وبسرعة قصوى، وتضمين مهامهم في المناطق الساخنة صفة تخولهم الاشراف الاداري والسياسي والمدني عليها، من خلال ايجاد ثلاث لجان اختصاص تواكب كل فريق مراقبين في المنطقة التي ينتشر فيها. وتنقسم هذه اللجان إلى لجنة سياسية ولجنة مدنية ولجنة حقوق إنسان (ما يعني انتداباً ادارياً دولياً على هذه المناطق). والمفتاح الثاني هو موافقة النظام على أن يفوض منذ الآن شخصية بصلاحيات للتفاوض مع المعارضة ضمن العملية السياسية. لكن أنان يدرك أن الوقت لبدء هذه المفاوضات لم ينضج نتيجة عجز المعارضة عن توحيد صفوفها. غير أن واشنطن لديها وجهة نظر أخرى بهذا الخصوص، فهي تعتقد «بخطأ مقولة شائعة عن أن توحيد المعارضة يعني انضمام كل أطرافها إلى داخل المجلس السوري الوطني، بل المهم - كما يقول السفير الأميركي في سوريا (روبرت فورد) المعني بالأزمة السورية في ندوة خاصة حول مستقبل سوريا عقدت قبل أيام - إيجاد برنامج عمل مشترك بين كل أطياف المعارضة، وهو الأمر الذي كان يفترض أن يحصل في لقاء القاهرة في السادس عشر من هذا الشهر، لكن تم تأجيله لتغيب قوى من المعارضة عنه». وكشف فورد أن الخارجية الاميركية تعمل لمعاودة عقده خلال الشهر المقبل.
من جهةٍ ثانية، تطرق الدبلوماسي المذكور إلى البيان الصحافي الذي اعتمده مجلس الأمن الأحد. ولفت إلى أن البيان لم يعكس حقيقة ما دار في هذه الجلسة من مقترحات ومداولات وحتى توصيات أحادية الجانب من دول غربية لإلزام أنان، تحت التهويل، بضرب مهمته.
في المقابل، عكس البيان إلى حدٍ بعيد مدى الاقتدار الصيني والروسي بخصوص «فرملة» سياق كان موجوداً لدى مندوبي دول الغرب في المجلس للبناء على المجزرة اتجاهاً تصعيدياً ضد النظام السوري يشتمل على فرض حزمة عقوبات فورية جديدة تتسم بالقسوة. ويضيف الدبلوماسي عينه أن الجلسة استمعت عبر «الفيديو - كونفرنس» من دمشق إلى إحاطة قدمها رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود حول ما لديه من معلومات عن مجزرة الحولة. وأعلن مود أن القتل الذي حدث في الحولة جاء نتيجة اطلاق نار اشتمل على قصف بالمدفعية والدبابات وغير ذلك. المندوبان الروسي والصيني في الجلسة، علقا على الإحاطة بطرح مجموعة أسئلة من دون الحصول على اجابات حولها ليبقى التحقيق في ما جرى من وجهة نظرهما غير كاف، ولا يساعد على الخروج باستنتاجات سياسية بخصوص تحديد مسؤولية الارتكاب.
السؤال الرئيسي الذي طرحه المندوبان هو الاستفسار عن نسبة أعداد القتلى في مجزرة الحولة التي نتجت من أعمال القصف والصواريخ، في مقابل الأخرى التي نتجت من عمليات اطلاق نار من أسلحة فردية.
السؤال الثاني الأهم، والذي اضطر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لقوات حفظ السلام، هارفي لادسون، بختام الجلسة للاعتراف بمشروعيته، هو عن الظروف التي أدت إلى حصول المجزرة، بمعنى آخر طالب المندوبان بتقديم توصيف دقيق للظروف التي أحاطت بما حدث في الحولة، ولا سيما أن الحكومة السورية لا تملك السيطرة على المنطقة التي شهدت المجزرة. وخلص المندوبان من هذه الأسئلة إلى اعتبار أن إحاطة مود غير كافية والمطلوب منه اجراء المزيد من التحقيقات، وإطلاع مجلس الأمن على نتائجها بالتتابع.
وبنهاية استماع الجلسة لكافة النقاشات ذات الصلة بواقعة مجزرة الحولة، أعلن لادسون استنتاجه الاستخلاصي التالي: «المعلومات التي قدمها المراقبون (عبر إحاطة مود) دقيقة وتستند إلى وقائع ملموسة وثابتة، أما العنصر الغامض الباقي والهام، فهو حول الظروف التي أدت إلى وقوع المجزرة».
المصدر :
الاخبار /ناصر شرارة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة