كان ثمن تركيز خليل الوزير على العمليات الفدائية، التي تهدف إلى تحرير الأسرى في السجون الإسرائيلية، توقيت اغتياله في يوم الأسير الفلسطيني. نعرض بعضاً من أبرز محطات الشهيد وتوجيهاته إلى الفدائيين

ولد خليل إبراهيم محمود الوزير عام 1935 في بلدة الرملة، وهجّرت أسرته منها عام 1948. ودرس في جامعة الإسكندرية ثم انتقل إلى السعودية وتوجه بعدها إلى الكويت، حيث تعرف إلى ياسر عرفات (أبو عمار) وشارك معه في تأسيس حركة فتح. غادر الكويت عام 1963 إلى الجزائر حيث فتح أول مكتب لحركة فتح، وتمكن من استحصال إذن من السلطات الجزائرية آنذاك بالسماح بإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين. وفي عام 1965 غادر أبو جهاد الجزائر متوجهاً إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين. وشارك في حرب 1967 مخططاً ومنفذاً لعمليات عسكرية في الجليل الأعلى. وتولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في فتح حتى عام 1982.

خلال مسيرته النضالية، سعى أبو جهاد إلى تطوير القدرات القتالية، وكان له دور بارز في قيادة معركة الدفاع عن بيروت عام 1982. كان من قيادات انتفاضة الحجارة، وقبل اغتياله بأيام (1988) أكّد لجريدة «الأنباء» الكويتية أن «الانتفاضة الوطنية الكبرى في الأراضي المحتلة هي انتفاضة كل الشعب الفلسطيني بكل فئاته العمرية وبكل شرائحه (...) أما التيار الديني فهو بالتأكيد اتجاه أصيل في شعبنا الذي حفظ له التاريخ عدم سقوطه في التعصب أو المذهبية».

توجيهات إلى الفدائيين

«إذا تعطلت وسائل الاتصالات فسنتواصل معك بواسطة الإذاعة» (...) وإذا تعذر الاتصال من خلال الإذاعة «يجب أن تتحوّل إلى جزيرة مقاتلة. كأنك تقاتل وحدك. (...) أنت سيّد نفسك في الميدان، أنت الجندي والقائد في آن. فكّر بعقل القائد الذي يرى بانوراما المعركة»، قال أبو جهاد لمجموعة من الفدائيين خلال اجتماعه التوجيهي الأول مطلع عام 1985 للتخطيط لعملية اقتحام وزارة الدفاع الإسرائيلية. وفي نيسان 1985، انطلقت المجموعة إلى فلسطين من الجزائر بواسطة سفينة ترفع علم هندوراس بهدف خطف حافلة والتوجه بها إلى مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية وأخذ رهائن لمبادلتهم بالأسرى في السجون الإسرائيلية.

لكن على الرغم من تحذير أبو جهاد الفدائيين خلال الاجتماع الأول قائلاً: «كلّو ولا الخديعة. عدوّنا أكبر مخادع في الدنيا»، فشلت العملية إثر انكشافها واستهداف الجيش الإسرائيلي السفينة وإصابتها قبل وصولها إلى الشواطئ الفلسطينية. فقرّر القائد الفدائي تضييق دائرة الأشخاص المعنيين بالاستعدادات لتنفيذ العمليات المستقبلية. وفي 8 آذار 1988، قبل شهر واحد من موعد اغتيال أبو جهاد، نجحت مجموعة فدائية بتجاوز الأمن الاسرائيلي ونفذت هجوماً استهدف مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي حيث تمكن الفدائيون من قتل نحو 50 من الفنيين العاملين فيه.

كان أبو جهاد يركّز على أمور تكتيكية من جهة وأخلاقية من جهة ثانية خلال اجتماعاته بالفدائيين. فيشدّد على الحفاظ على الذخيرة والقنابل وتجنّب الحماسة، قائلاً: «لما تضرب قنبلة بدّك تكون حاسب كم قنبلة باقي معك. هيك لازم يكون تفكيرنا بالنسبة إلي. أن نحافظ على كلّ رصاصة على أن تكون بالفعل في موقع العملية وفي موقع الإصابة وفي موقع التأثير وفي موقع الخسارة للعدو». أما بالأخلاقيات، فكان يقول: «شغلتهم الغنائم عن أنفسهم... أن ندخل إلى محلّ فيه فلوس. نحن الحمد لله مش من هذه النوعية. أنا أتحدث عن كلّ الاحتمالات. يجب أن تكون قلوبكم من ذهب لا من حديد».

ولدى أمره الفدائيين بتجنّب قتل الأطفال، قال أحد الفدائيين: «أطفالنا في شاتيلا وصبرا أول ناس ماتوا... نحن من عائلتنا استشهد اثنا عشر»، ردّ أبو جهاد قائلاً: «على الرغم من ذلك نحن لسنا من هؤلاء الفاشيست. نحن لسنا فاشيست عمر بن الخطاب يوصي بأن لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً».

وفي خطاب الوداع في اليرموك قال أبو عمار: «العهد هو العهد والقسم هو القسم، ستستمرّ المسيرة وستستمرّ الثورة حتى يرتفع علم فلسطين فوق القدس».

  • فريق ماسة
  • 2012-04-16
  • 7028
  • من الأرشيف

«أمير الشهداء» من الرملة إلى اليرموك

كان ثمن تركيز خليل الوزير على العمليات الفدائية، التي تهدف إلى تحرير الأسرى في السجون الإسرائيلية، توقيت اغتياله في يوم الأسير الفلسطيني. نعرض بعضاً من أبرز محطات الشهيد وتوجيهاته إلى الفدائيين ولد خليل إبراهيم محمود الوزير عام 1935 في بلدة الرملة، وهجّرت أسرته منها عام 1948. ودرس في جامعة الإسكندرية ثم انتقل إلى السعودية وتوجه بعدها إلى الكويت، حيث تعرف إلى ياسر عرفات (أبو عمار) وشارك معه في تأسيس حركة فتح. غادر الكويت عام 1963 إلى الجزائر حيث فتح أول مكتب لحركة فتح، وتمكن من استحصال إذن من السلطات الجزائرية آنذاك بالسماح بإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين. وفي عام 1965 غادر أبو جهاد الجزائر متوجهاً إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين. وشارك في حرب 1967 مخططاً ومنفذاً لعمليات عسكرية في الجليل الأعلى. وتولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في فتح حتى عام 1982. خلال مسيرته النضالية، سعى أبو جهاد إلى تطوير القدرات القتالية، وكان له دور بارز في قيادة معركة الدفاع عن بيروت عام 1982. كان من قيادات انتفاضة الحجارة، وقبل اغتياله بأيام (1988) أكّد لجريدة «الأنباء» الكويتية أن «الانتفاضة الوطنية الكبرى في الأراضي المحتلة هي انتفاضة كل الشعب الفلسطيني بكل فئاته العمرية وبكل شرائحه (...) أما التيار الديني فهو بالتأكيد اتجاه أصيل في شعبنا الذي حفظ له التاريخ عدم سقوطه في التعصب أو المذهبية». توجيهات إلى الفدائيين «إذا تعطلت وسائل الاتصالات فسنتواصل معك بواسطة الإذاعة» (...) وإذا تعذر الاتصال من خلال الإذاعة «يجب أن تتحوّل إلى جزيرة مقاتلة. كأنك تقاتل وحدك. (...) أنت سيّد نفسك في الميدان، أنت الجندي والقائد في آن. فكّر بعقل القائد الذي يرى بانوراما المعركة»، قال أبو جهاد لمجموعة من الفدائيين خلال اجتماعه التوجيهي الأول مطلع عام 1985 للتخطيط لعملية اقتحام وزارة الدفاع الإسرائيلية. وفي نيسان 1985، انطلقت المجموعة إلى فلسطين من الجزائر بواسطة سفينة ترفع علم هندوراس بهدف خطف حافلة والتوجه بها إلى مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية وأخذ رهائن لمبادلتهم بالأسرى في السجون الإسرائيلية. لكن على الرغم من تحذير أبو جهاد الفدائيين خلال الاجتماع الأول قائلاً: «كلّو ولا الخديعة. عدوّنا أكبر مخادع في الدنيا»، فشلت العملية إثر انكشافها واستهداف الجيش الإسرائيلي السفينة وإصابتها قبل وصولها إلى الشواطئ الفلسطينية. فقرّر القائد الفدائي تضييق دائرة الأشخاص المعنيين بالاستعدادات لتنفيذ العمليات المستقبلية. وفي 8 آذار 1988، قبل شهر واحد من موعد اغتيال أبو جهاد، نجحت مجموعة فدائية بتجاوز الأمن الاسرائيلي ونفذت هجوماً استهدف مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي حيث تمكن الفدائيون من قتل نحو 50 من الفنيين العاملين فيه. كان أبو جهاد يركّز على أمور تكتيكية من جهة وأخلاقية من جهة ثانية خلال اجتماعاته بالفدائيين. فيشدّد على الحفاظ على الذخيرة والقنابل وتجنّب الحماسة، قائلاً: «لما تضرب قنبلة بدّك تكون حاسب كم قنبلة باقي معك. هيك لازم يكون تفكيرنا بالنسبة إلي. أن نحافظ على كلّ رصاصة على أن تكون بالفعل في موقع العملية وفي موقع الإصابة وفي موقع التأثير وفي موقع الخسارة للعدو». أما بالأخلاقيات، فكان يقول: «شغلتهم الغنائم عن أنفسهم... أن ندخل إلى محلّ فيه فلوس. نحن الحمد لله مش من هذه النوعية. أنا أتحدث عن كلّ الاحتمالات. يجب أن تكون قلوبكم من ذهب لا من حديد». ولدى أمره الفدائيين بتجنّب قتل الأطفال، قال أحد الفدائيين: «أطفالنا في شاتيلا وصبرا أول ناس ماتوا... نحن من عائلتنا استشهد اثنا عشر»، ردّ أبو جهاد قائلاً: «على الرغم من ذلك نحن لسنا من هؤلاء الفاشيست. نحن لسنا فاشيست عمر بن الخطاب يوصي بأن لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً». وفي خطاب الوداع في اليرموك قال أبو عمار: «العهد هو العهد والقسم هو القسم، ستستمرّ المسيرة وستستمرّ الثورة حتى يرتفع علم فلسطين فوق القدس».

المصدر : الماسة السورية /عمر نشابة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة