دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اتهم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد بالكذب، مؤكداً أنه لا يثق بموافقته على خطة المبعوث الأممي كوفي أنان لحلّ الأزمة السورية.
وقال أردوغان من ألماتا في كازاخستان إن الأسد قد كذب عليه وعلى الرئيس عبد الله غول ووزير الخارجية احمد داود اوغلو مرات عدة في السابق، في حين تمنى رئيس وزراء تركيا أن تأخذ خطة أنان طريقها للتنفيذ وان تتوقف إراقة الدماء.
من جهته، قال داود أوغلو إن الأسد يطلق مثل هذه الوعود قبل أي اجتماع حساس مثل مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني.
وأرخى الانقسام داخل المعارضة السورية بثقله على مؤتمر ما يسمى بـ«أصدقاء سوريا» الذي سيعقد في اسطنبول الأحد المقبل. وتوقعت أوساط صحافية أن يكون ذلك امتحانا لتركيا، التي سيضعف فشلها في توحيد صفوف المعارضة يدها في الموضوع السوري.
وكتب سميح ايديز في صحيفة «ميللييت» التركية قائلا إن «الدبلوماسية التركية تدخل مرحلة صعبة وقلقة». ومن مؤشرات ذلك، حسب إيديز، عدم دعوة العراق لتركيا إلى مؤتمر القمة العربية في بغداد، حتى لو اقترن ذلك بعدم دعوة إيران أيضا. وهذا التجاهل لبلد فاعل وله هذا التأثير في الوضع السوري منذ أشهر عدة لا يصبّ في مصلحة الدبلوماسية التركية، ويعتبر تراجعاً لها خصوصاً أن تركيا قد شاركت في معظم مؤتمرات القمة العربية التي عقدت في السنوات الأخيرة. ولأول مرة يشار إلى سبب عدم الدعوة بأن تركيا بلد «غير عربي»، ولهذا دلالات متعــددة، تحديداً أنها جاءت من وزير الخارجية العــراقية هوشيار زيباري بالذات. وما يزيد في انزعاج أحــمد داود اوغلو في المقابل هو دعوة ممثل للاتحاد الأوروبي إلى القمة.
كذلك يشير ايديز إلى أن كلام زيباري إلى صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أثار استياء تركيا إذ قال إن «مؤتمر القمة العربية يظهر قدرة العراق على الوقوف على قدميه في مواجهة التدخلات الإقليمية»، والمقصود بها هنا تدخلات إيران وتركيا. وكان زيباري قد استدعى السفيرين الإيراني والتركي للاحتجاج على تدخلهما في الشأن العراقي.
ويقول إيديز إن هذه المؤشرات تثير عدم رضى أنقرة عشية انعقاد مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول، مضيفاً إن «العلاقات التركية - الإيرانية لا تمرّ بمرحلة إيجابية في ضوء اتهام أردوغان الصين وروسيا وإيران بأنها تدعم نظام الأسد، وهو ما ينبئ بأن محادثات اردوغان في طهران ستكون ساخنة».
يُضاف إلى عوامل التوتر التركية ـ الإيرانية، حسب ايديز، «اتهامات العديد من الكتّاب الإيرانيين، وآخرهم كاويه افراسياب في صحيفة «آسيا تايمز»، لداود اوغلو بأنه ينتهج «سياسة عثمانية جديدة عدوانية» وبـ«أن تركيا أداة لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط». وهو ما أزعج داود اوغلو والمسؤولين الأتراك.
وفي الموضوع السوري أيضا يذكّر الكاتب محمد علي بيراند في صحيفة «حرييت» التركية بأن اردوغان كان قال له في مقابلة في بداية الأحداث السورية بأن بقاء الأسد في السلطة مسألة أشهر. ويكتب بيراند قائلا «في العام الفائت قال لي اردوغان إن الأسد لن يصمد أشهراً قليلة. لكن حسابات المنزل لم تطابق حسابات السوق». ويقول بيراند إن السبب الأهم أن المعارضة السورية مفككة، ولكل منها تصوره المختلف لسوريا التي يريد، كما أن الأكراد والمسيحيين لا يعرفون أي بديل سيكون ما بعد الأسد. وما الذي قد يحصل إذا جاء نظام راديكالي وماذا سيحصل إذا فقدت المكتسبات التي جاء بها النظام العلماني. ويردف «إن توقعات الخبراء أن الأسد قد يبقى سنة أو سنتين، في حال توحدت المعارضة»، معلقاً «للمرة الأولى نسمع مثل هذا الكلام».
بدوره، يحذّر قدري غورسيل في «ميللييت» من جديد تركيا من أي تدخل عسكري في سوريا بمفردها. ويشرح موقفه بعشر نقاط «أولاً لا وضوح في الوضع، ثانياً لا معارضة مقنعة بديلة، ثالثاً إن إقامة منطقة عازلة بهدف حماية السنة لا يعني سوى حرب أهلية و«لبننة» سوريا، رابعاً لا ضمانة في أن تواصل روسيا وإيران، حليفتا الأسد، مد تركيا بالطاقة التي تعتمد عليهما، خامساً إن حزب العمال الكردستاني سيتحرك بالتعاون مع سوريا كما مع إيران، سادساً إن دخول تركيا إلى سوريا سيدوّل المشكلة الكردية، سابعاً إن أي تدخل عسكري يتطلب التمويل ونهاية موسم السياحة قبل بدئه، ثامناً سيكون من السذاجة ألا ينعكس مثل هذا التدخل على تركيا المنقسمة على نفسها بين أكراد وأتراك وعلويين وسنّة وعلمانيين وإسلاميين، تاسعاً سيضاعف هذا من احتمال ضربة إسرائيلية لإيران، حيث سيبدو، كما لو أن هناك تحالفاً تركياً - إسرائيلياً ضد سوريا وإيران، وعاشراً سيعتبر دخول الجنود الأتراك إلى سوريا على انه دخول عثماني إلى أرض عربية وستستيقظ من جديد الحساسيات التركية - العربية ويضاعف هذه الشكوك والاتهامات واقع أن تركيا تنتهج سياسة عثمانية جديدة.
المصدر :
السفير /محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة