دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أشارت المعطيات الأولى عن قتل ثلاثة أطفال يهود وحاخام اسرائيلي أمام مدرسة يهودية دينية في مدينة تولوز الفرنسية، إلى تشابه كبير مع جريمتين شهدتهما المدينة ومحيطها في الأسبوعين الماضيين، ذهب ضحيتهما ثلاثة جنود فرنسيين من أصول مغاربية وكاريبية، ما عزّز فرضية وقوف «سفاح» وراء سلسلة الجرائم، علما أن تقارير إعلامية ربطت الجرائم بعسكريين سابقين سُرّحوا من الجيش بسبب انتماءاتهم الـ«نيو ـ نازية».
لكن جهات عديدة، على رأسها الحكومية الاسرائيلية واليهودية الفرنسية، أصرّت على ربط الجريمة بـ«معاداة السامية»، بل بلغت حدّ اتهام «حزب الله» والحديث عن «موجة إرهاب عالمي» ضد اليهود.
خيوط «نيو نازية»
وقتل حاخام كان مستوطنا في القدس المحتلة ويحمل الجنسيتين الاسرائيلية والفرنسية مع ثلاثة أطفال أمام مدرسة «اوزار هاتوراه» اليهودية في تولوز جنوبي غربي فرنسا، وسيدفن القتلى الأربعة في اسرائيل حسبما أكدت الحكومة الاسرائيلية. وأعلن مدعي الجمهورية في تولوز ان الحاخام (30 عاما) وولديه (3 و6 سنوات) وطفلة ثالثة في العاشرة هي ابنة مدير المدرسة قتلوا برصاص مسلح على متن دراجة نارية لاذ بالفرار بعد الهجوم الذي أوقع ايضا جريحا إصابته بالغة. وقال المدعي ميشال فاليه أمام صحافيين ان منفذ الهجوم «أطلق النار على كل من كانوا أمامه من أطفال وبالغين ولاحق الاطفال حتى داخل المدرسة».
ترجح الشهادات وفرضيات المحققين ان تكون تلك ثالث جريمة يرتكبها رجل يتنقل على متن دراجة نارية وذلك بعد استهداف عسكريين في تولوز ومونتوبان المجاورة، أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى، هم ثلاثة جنود من أصل مغاربي وإصابة رابع بجروح خطيرة. وكان مطلق النار في تولوز مزودا بسلاحين، أحدهما من العيار نفسه (11,43) المستخدم في الهجوم ضد المظليين بحسب مصادر من الشرطة، كما أن الدراجة النارية التي كان يركبها، مسروقة قبل أسبوع من الهجوم الأول على الجنود في 11 آذار الحالي، وتشبه مواصفاتها تلك التي نقلت عن شهود عيان في الجريمتين السابقتين.
وأفادت مصادر من الشرطة بأن الرجل وصل على متن دراجة نارية واستخدم سلاحا (ربما من طراز 9 مم) خارج المدرسة وأطلق النار على رجل قبل أن يتعطل سلاحه ثم دخل الى المبنى حيث استخدم سلاحا آخر من عيار (11,43) وأطلق النار على أطفال.
إلا أن المعلومات الأبرز عن الرابط المحتمل بين الاعتداءات الثلاثة، كان ما نشره موقع مجلة «لو بوان» الفرنسية، التي أكدت أن الدراجة النارية التي استخدمت في جريمة أمس هي نفسها التي استخدمت في الجريمتين السابقين، وكذلك الامر بالنسبة للسلاح الناري. وأفادت معلومات المجلة بأن ثلاثة أشخاص يُلاحقون حاليا على خلفية الجرائم وهم عسكريون سابقون في كتيبة المظليين نفسها التي خسرت جنودها في الجريمتين. وهؤلاء الجنود الثلاثة كانوا قد سرّحوا من الكتيبة نتيجة انتماءاتهم الـ«نيو- نازية»، بحسب المجلة.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعيد وصوله الى تولوز بصحبة رئيس مظلة المنظمات اليهودية في فرنسا ريشار براسكييه ان الاعتداء يشكل «مأساة وطنية». وأعلن ساركوزي عن دقيقة صمت اليوم في كل المدارس وقال «سيبذل كل جهد من أجل العثور» على منفذ الاعتداء، مضيفا ان وزير الداخلية كلود غيان «سيبقى في تولوز ما لزم الامر» لمتابعة هذه القضية. وتابع الرئيس الفرنسي قائلا «انهم أطفالنا، ليسوا أطفالكم فقط، انهم أطفالنا... وعلى أراضي الجمهورية لا يمكن اغتيال أطفال دون محاسبة» مضيفا «اليوم هو يوم مأساة وطنية».
وأعلن ساركوزي تعليق حملته الانتخابية «على الأقل حتى الأربعاء». وأكد أن «الشخص نفسه» أطلق النار على مدرسة يهودية وعسكريين في مدينتين في جنوب غرب فرنسا، معلناً أعلى مستوى إنذار ضد الإرهاب في المنطقة.
وقال ساركوزي، في ختام اجتماع في الإليزيه حضره خصوصاً رئيس الوزراء فرنسوا فييون، «نعلم أن الشخص نفسه والسلاح نفسه قتل عسكريين وأطفالاً ومدرّساً». وأضاف «لا نعلم دوافع هذا المجرم»، لكن «بمهاجمته أطفالاً ومدرّساً يهودياً يبدو دافع معاداة السامية مؤكداً». وتابع «إنه عمل شنيع لا يمكن أن يبقى من دون عقاب. ستستخدم جميع الوسائل، جميع الوسائل المتوافرة على الإطلاق للقضاء على هذا المجرم».
أما رئيس بلدية تولوز بيار كوهن فاعتبر أنها «جريمة بشعة معادية للسامية».
ووصف رئيس منظمة «اس او اس» لمكافحة العنصرية دومينيك سوبو الهجوم على المدرسة بأنه «مروع». وقال «كيف يمكننا ان لا نفكر في التشابه بين حادث اليوم وجرائم قتل جنود الاسبوع الماضي في المنطقة الجنوبية الغربية». إلا ان مرشحة الرئاسة الفرنسية اليمينية المتشددة من الجبهة الوطنية مارين لوبان كانت الوحيدة التي أشارت الى ان سفاحا هو وراء عمليات القتل، وقالت «نحن ننتظر، والبلاد كلها تنتظر بفارغ الصبر العثور على هذا السفاح حتى نستطيع جميعا ان نتنفس الصعداء».
وصرح مدعي باريس فرانسوا مولان ان دائرته ستتولى التحقيق في عمليات القتل الثلاثة. وأوضح «نظرا لان المدعين في باريس هم المسؤولون عن مكافحة الارهاب، فقد تولوا التحقيقات الثلاثة في جريمة القتل ومحاولة القتل التي جرت في اطار مخطط ارهابي». وقال ان عمليات إطلاق النار هي عمليات «إرهابية» لأنها «تخلق جواً من الترهيب والارهاب». وأضاف «لقد نُفّذت كل جريمة عن سبق إصرار وتصميم ضد أشخاص يستهدفون لأنهم عناصر في الجيش أو بسبب انتمائهم الديني».
إسرائيل
وقال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد ساعات من الحادث «اليوم في فرنسا وقعت جريمة قتل دنيئة استهدفت يهودا من بينهم أطفال صغار». وأضاف «الوقت ما زال مبكرا جدا لتحديد سبب هذا التصرف ولكننا بالتأكيد لا نستطيع استبعاد خيار ان الدافع كان معاداة السامية العنيفة والقاتلة». وأعرب نتنياهو عن ثقته في ان الرئيس ساركوزي وحكومته سيقومان «بكل ما بوسعهما للعثور على القاتل» عارضا مساعدة اسرائيلية على فرنسا.
من جهته قدم الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز تعازيه لعائلات ضحايا حادث إطلاق النار. وقال «من بين كل الاشياء الفظيعة لا أعرف خطيئة اكبر من قتل طفل بريء لم يؤذ أحدا». وعبر بيريز عن «تقديره العميق» للحكومة الفرنسية التي «ستبذل كل ما بوسعها للتصدي لهذا الحادث الخطير».
وندد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في بيان «بالعمل غير المفهوم» معرباً عن ثقته في قدرة السلطات الفرنسية على إحالة المسؤول عن هذه الجرائم الى العدالة. من جهته قال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان انه يشعر «بصدمة عميقة» من الحادث بحسب بيان صادر عن مكتبه. ونقل البيان عن ليبرمان قوله «فقط من يمتلك شرا شيطانيا يستطيع ان يقوم بقتل أطفال صغار في مدرسة».
وقال رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين ان الاعتداء «كان ضد اليهود واسرائيل» ويجب أن يؤدي هذا الاعتداء الى تنبيه المجتمع الدولي. وقال ريفيلين في تصريحات نقلتها إذاعة الجيش الاسرائيلي «قتل أطفال يهود وأستاذ هذا الصباح لأنهم يهود وهذا دليل على أهوال معاداة السامية والذي يتمثل ايضا بمعاداة اسرائيل، حيث يرى أعداء اسرائيل ان الشعب اليهودي وسيلة لتحقيق المكاسب وهذا يجب ان يكون اشارة تحذير للعالم».
أما رئيس جهاز الموساد السابق داني ياتون فقال إنه «إذا تبين أنها جريمة إرهابية أكثر منها جريمة حقد عرقي، فيعني أن ايران أو «حزب الله» هما المشتبه بهما»، وأضاف «نحن (اليهود) اليوم في بداية موجة من الإرهاب ضدنا، إذا لم نكن أصلا في وسطها».
ردود الفعل
وعبر رئيس المجلس الاسلامي الفرنسي محمد موسوي عن «ذهوله لهذا العمل الاجرامي الذي لا يوصف». وعبر عن «تضامنه وتضامن مسلمي فرنسا».
وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الأميركي توني فيتور «لقد أحزننا بشدة نبأ الهجوم المروع صباح اليوم على مدرسين وطلاب مدرسة يهودية في مدينة تولوز الفرنسية». وأضاف «نتوجه بأفكارنا وصلواتنا الى عائلات الضحايا وأصدقائهم ونقف مع المجتمع في أحزانه». وتابع قائلا «وننضم إلى حكومة فرنسا في إدانة عمل العنف هذا المشين وغير المبرر بأشد العبارات».
وقال المتحدث باسم الفاتيكان الاب فديريكو لومباردي «ان اعتداء تولوز على مدرس وثلاثة اطفال يهود هو عمل مريع ودنيء يضاف الى أعمال عنف عبثية اخرى جرحت فرنسا». وأضاف ردا على اسئلة الصحافيين ان الهجوم «يثير استنكارنا الشديد وروعنا وإدانتنا الاكثر حزما»، لافتا الى «سن الضحايا الصغار وبراءتهم وكون الاعتداء وقع قرب مؤسسة تعليمية يهودية مسالمة».
وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «ندين بشدة كل أعمال الارهاب وخاصة حادث اليوم الارهابي في تولوز في فرنسا والذي راح ضحيته... أطفال يهود». وأضاف انه «عمل إرهابي بكل المقاييس ونحن على الدوام ضد الارهاب الذي يستهدف المدنيين الابرياء». وتابع قائلا «نتقدم لذوي الضحايا وللشعب الفرنسي بأشد عبارات الادانة ضد هذا الحادث ونتقدم لهم ولعائلاتهم بالعزاء».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة