أثار إعلان رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان أن بلاده تدرس إمكانية منطقة عازلة على الحدود مع سورية ردود فعل سلبية، ولا سيما من جانب زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار اوغلو.

وقال كيليتشدار اوغلو «أين سيقيم رئيس الحكومة المنطقة العازلة؟ داخل الأراضي السورية أم داخل الأراضي التركية؟ نحن لماذا ندخل الأراضي السورية؟ غدا عندما تأتي دولة وتريد أن تقيم منطقة عازلة داخل تركيا قائلة: لقد أقمتم سابقا منطقة عازلة في سوريا، وها جاء اليوم دورنا، فبماذا سنجيبها؟».

ووجه كيليتشدار اوغلو انتقادا لاذعا إلى اردوغان داعيا إياه إلى ألا يكون قناعا وأداة بيد قوى الهيمنة الغربية. وقال «في موضوع سوريا يجب ألا تكون تركيا أداة وقناعا لقوى الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط. تركيا دولة مستقلة. وقد تأسست نتيجة حرب تحرير وطنية. وان تصدي الحكومة لتكون أداة بيد الغرب أمر لا يليق بالجمهورية التركية، وعلى الحكومة أن توضح هذا الموضوع بكل شفافية للرأي العام».

وفي صحيفة «ميللييت» كتب الكاتب البارز فكرت بيلا تحت عنوان «هذه ليست حرب تركيا»، محذرا الحكومة التركية من الدخول في مغامرة في سوريا ستكون لها عواقبها الوخيمة.

ويقول بيلا، في مقالة أمس، إن «الوضع في سوريا مختلف عنه في الدول العربية الأخرى. في مصر وقف الجيش إلى جانب خلع حسني مبارك، وفي ليبيا لم يكن هناك في الأساس جيش بالمعنى الحقيقي ولم يذهب إلا بقوة حلف شمال الأطلسي. أما في سوريا فقد تبين، باستثناء بعض الانشقاقات الطفيفة ومنهم من لجأ إلى تركيا، أن الجيش لا يزال متماسكا، وان النظام وإن تلقى ضربات موجعة غير أنه باق بقوة الدعم الإيراني والروسي والصيني».

وإذ أشار إلى أن سوريا مهددة بالدخول في حرب أهلية، قال بيلا إن على تركيا ألا تتدخل عسكريا في سوريا، مضيفا إن على أنقرة أن تساعد إنسانيا وهذا من واجبها «لكن التدخل العسكري في بلد جار سيجلب العداوة لتركيا على امتداد الأجيال المقبلة». وأشار إلى انه لا توجد أي مصلحة وطنية لتركيا في مثل هذا التدخل، وعليها أن تقف بعيدة عنها إلا في إطار القرارات الدولية.

وقال بيلا إن «تركيا يجب أن تنظر فقط بعين المساعدة الإنسانية وفي إطار الجيرة الحسنة والأخوة، لأنه في الحال المعاكسة على أنقرة أن تنتبه إلى جهود نقل الحرب الأهلية إلى تركيا لتكون حربا مذهبية وإثنية داخلية. إذ ان هناك دوائر مختلفة تسعى لذلك في ظل تشابه البنية السورية مع البنية التركية. حتى لو لم يفكر احد في دفع تركيا الى خيار التدخل العسكري كأولوية فعلى انقرة ان تبذل جهودا لمنع امتداد الحرب الأهلية في سوريا إلى داخلها، وعلى تركيا ألا تنحرف عن مبدأ أتاتورك الأساسي: سلام في الوطن سلام في العالم».

وفي الصحيفة نفسها كتب أحد أبرز المعلقين في الشأن الخارجي سامي كوهين إن على تركيا أن تعترف بأن سياستها تجاه سوريا قد فشلت وأن الرئيس السوري بشار الأسد خرج رابحا. وقال انه مهما كانت الأسباب فإن العلاقات بين تركيا وسوريا تحولت من صفر مشاكل إلى صفر علاقات. حيث لم تحسب الحكومة حساباتها جيدا عندما عملت على «سوريا من دون بشار الأسد» الذي لا يزال موجودا مع تفسخ المعارضة السياسية والعسكرية.

وأضاف كوهين إن تركيا بدت جزءا من التحالف الغربي في مقابل روسيا وإيران وهذا يجعل وضع تركيا أكثر صعوبة في الساحة الدولية، كما ستشكل الدعوة إلى إقامة منطقة عازلة مشكلة لتركيا. ويتابع إن المشكلة الأساسية لتركيا كيف يمكن أن تصل إلى هدفها الرئيسي وهو «سوريا من دون الأسد».

  • فريق ماسة
  • 2012-03-18
  • 10810
  • من الأرشيف

المعارضة التركية تحذّر أردوغان من «المنطقة العازلة»

  أثار إعلان رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان أن بلاده تدرس إمكانية منطقة عازلة على الحدود مع سورية ردود فعل سلبية، ولا سيما من جانب زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار اوغلو. وقال كيليتشدار اوغلو «أين سيقيم رئيس الحكومة المنطقة العازلة؟ داخل الأراضي السورية أم داخل الأراضي التركية؟ نحن لماذا ندخل الأراضي السورية؟ غدا عندما تأتي دولة وتريد أن تقيم منطقة عازلة داخل تركيا قائلة: لقد أقمتم سابقا منطقة عازلة في سوريا، وها جاء اليوم دورنا، فبماذا سنجيبها؟». ووجه كيليتشدار اوغلو انتقادا لاذعا إلى اردوغان داعيا إياه إلى ألا يكون قناعا وأداة بيد قوى الهيمنة الغربية. وقال «في موضوع سوريا يجب ألا تكون تركيا أداة وقناعا لقوى الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط. تركيا دولة مستقلة. وقد تأسست نتيجة حرب تحرير وطنية. وان تصدي الحكومة لتكون أداة بيد الغرب أمر لا يليق بالجمهورية التركية، وعلى الحكومة أن توضح هذا الموضوع بكل شفافية للرأي العام». وفي صحيفة «ميللييت» كتب الكاتب البارز فكرت بيلا تحت عنوان «هذه ليست حرب تركيا»، محذرا الحكومة التركية من الدخول في مغامرة في سوريا ستكون لها عواقبها الوخيمة. ويقول بيلا، في مقالة أمس، إن «الوضع في سوريا مختلف عنه في الدول العربية الأخرى. في مصر وقف الجيش إلى جانب خلع حسني مبارك، وفي ليبيا لم يكن هناك في الأساس جيش بالمعنى الحقيقي ولم يذهب إلا بقوة حلف شمال الأطلسي. أما في سوريا فقد تبين، باستثناء بعض الانشقاقات الطفيفة ومنهم من لجأ إلى تركيا، أن الجيش لا يزال متماسكا، وان النظام وإن تلقى ضربات موجعة غير أنه باق بقوة الدعم الإيراني والروسي والصيني». وإذ أشار إلى أن سوريا مهددة بالدخول في حرب أهلية، قال بيلا إن على تركيا ألا تتدخل عسكريا في سوريا، مضيفا إن على أنقرة أن تساعد إنسانيا وهذا من واجبها «لكن التدخل العسكري في بلد جار سيجلب العداوة لتركيا على امتداد الأجيال المقبلة». وأشار إلى انه لا توجد أي مصلحة وطنية لتركيا في مثل هذا التدخل، وعليها أن تقف بعيدة عنها إلا في إطار القرارات الدولية. وقال بيلا إن «تركيا يجب أن تنظر فقط بعين المساعدة الإنسانية وفي إطار الجيرة الحسنة والأخوة، لأنه في الحال المعاكسة على أنقرة أن تنتبه إلى جهود نقل الحرب الأهلية إلى تركيا لتكون حربا مذهبية وإثنية داخلية. إذ ان هناك دوائر مختلفة تسعى لذلك في ظل تشابه البنية السورية مع البنية التركية. حتى لو لم يفكر احد في دفع تركيا الى خيار التدخل العسكري كأولوية فعلى انقرة ان تبذل جهودا لمنع امتداد الحرب الأهلية في سوريا إلى داخلها، وعلى تركيا ألا تنحرف عن مبدأ أتاتورك الأساسي: سلام في الوطن سلام في العالم». وفي الصحيفة نفسها كتب أحد أبرز المعلقين في الشأن الخارجي سامي كوهين إن على تركيا أن تعترف بأن سياستها تجاه سوريا قد فشلت وأن الرئيس السوري بشار الأسد خرج رابحا. وقال انه مهما كانت الأسباب فإن العلاقات بين تركيا وسوريا تحولت من صفر مشاكل إلى صفر علاقات. حيث لم تحسب الحكومة حساباتها جيدا عندما عملت على «سوريا من دون بشار الأسد» الذي لا يزال موجودا مع تفسخ المعارضة السياسية والعسكرية. وأضاف كوهين إن تركيا بدت جزءا من التحالف الغربي في مقابل روسيا وإيران وهذا يجعل وضع تركيا أكثر صعوبة في الساحة الدولية، كما ستشكل الدعوة إلى إقامة منطقة عازلة مشكلة لتركيا. ويتابع إن المشكلة الأساسية لتركيا كيف يمكن أن تصل إلى هدفها الرئيسي وهو «سوريا من دون الأسد».

المصدر : السفير / محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة