دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
طوت الأزمة السورية سنتها الأولى، من دون أن تؤدي إلى تغيير النظام، وفي المقابل، بدأ سلم الأولويات العربية والدولية يتبدل، لا بل إن المعارضة السورية نفسها، بدأت بتقديم مقاربات من نوع المطالبة بمقايضة بقاء النظام بتطيير رأسه، في مشهد مكمّل للإرباكات التي أصابت وما تزال تصيب المعارضات السورية، سياسة وتنظيماً، منذ سنة حتى يومنا هذا.
وبينما تدخل سوريا عتبة عملية سياسية جديدة في ظل الدستور الجديد "القابل للتطوير"، يتحدث زوار العاصمة السورية عن "تقييم إيجابي من قبل أهل النظام لمسار تطور العملية الإصلاحية، في موازاة مواصلة الجهد الأمني للقضاء على المجموعات التخريبية المسلحة"، و"هو جهد ليس مرشحاً لأن يستمر شهوراً، بل يحتاج إلى فاصل زمني محدد تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية في السابع من أيار المقبل، في ظل مناخ سياسي وأمني جديد على معظم الأراضي السورية".
من الواضح أن الرهان السوري يكبر على روسيا التي باتت "تعي أهمية الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وهي لا تتردد في الربط بين الوضع في سوريا وبين الأمن القومي الروسي". أما "التصعيد السعودي والقطري"، عبر وزيري خارجية البلدين سعود الفيصل وحمد بن جاسم، و"خاصة الدفع باتجاه الدعم بالمال والسلاح، فله علاقة بما يجري في البحرين والمنطقة الشرقية" على حد تعبير زوار دمشق، ويشير هؤلاء إلى أن السعودية وقطر، و"بعد فشلهما في سوريا، يسعيان إلى مقايضة وقف دعمهما للمعارضة السورية مقابل تجميد ما يسميانه "الدعم الإيراني للمعارضتين البحرينية والسعودية"، وإذا لم يتوقف ذلك، فإنهما سيردان "بالمزيد من التمويل والتسليح في سوريا"، غير أن هذه المقايضة غير قابلة للتحقق "لأن موقف سوريا مبدئي برفضها التدخل، في شؤون أية دولة عربية شقيقة، ناهيك عن أن الأوضاع في سوريا ليست في حالة تسمح للطرف الآخر فرض مقايضات ليس لها أي مكان على أرض الواقع".
يقود هذا الكلام إلى الاستنتاج أن الرياض والدوحة صار مطلوباً منهما فتح قنوات الحوار مع طهران بدلاً من المضي في توجيه الاتهامات إليها، علماً أن المعارضة البحرينية، بدأت تجد الكثير من الأصداء لحركتها المتنامية، في واشنطن ودوائر غربية عدة، بسبب أحقية المطالب،"«صار لسان حال المعارضة البحرينية أن ما بعد تظاهرة التاسع من آذار ليس كما قبله". كما أن منطقة القطيف "تشهد اعتراضات محلية يومية لها طابعها الاجتماعي البحت ولا امتدادات خارجية لها، وهناك من عاد في الآونة الأخيرة من المنطقة الشرقية بانطباعات سلبية، في ظل تعاظم المخاوف من اتخاذ الأمور منحى عنفياً أكبر".
واذ يذكّر دبلوماسيون يقيمون في دمشق بالموقف التراجعي للوزير سعود الفيصل الذي أعلن فيه ان بلاده ليست ضد النظام في سوريا إنما ضد قتل المواطنين، يشيرون الى انه «بدل سعي الدول الخليجية الى مقايضات من هذا النوع، لتبادر الى تشجيع النظام السوري على المضي في الشعارات والمبادرات التي سبق لهم أن طالبوه بتنفيذها ضمن مهل زمنية ولتبادر هذه الدول الى منح شعوبها حرية التعبير والمعتقد وانتهاج الديموقراطية كأسلوب حكم واعتماد دساتير في بلادهم التي تحكم الى الآن وفق مشيئة الحاكم المطلق وبلا أي دستور".
وينقل دبلوماسيون زاروا العاصمة السورية "انه بعد اعتماد الدستور الجديد وإلغاء المادة الثامنة، اضحت كل القوى والاحزاب سواسية، وبالتالي على المعارضة ان تمارس العمل السياسي في سوريا في اطار الدستور الجديد وسيكون مرحباً بها، اما موضوع المسلحين فيجري التعامل معه على قاعدة ان الدولة تلاحق ارهابيين خارجين عن القانون".
ويؤكد زوار دمشق "ان الكلام عن تسوية بين النظام والمعارضة يراد منه الالتفاف على الخطوات الاصلاحية الكبرى التي قامت بها القيادة السورية، وهذا الكلام ليس واقعياً، لان المعارضة سقطت على مستوى الشعارات والبرنامج كما سقطت في الميدان، هناك من يطالب بالإصلاحات والرئيس الاسد عقد جلسات حوار مطوّلة ومثمرة مع معارضة الداخل أثمرت دستوراً جديداً مفتوحاً على التجديد والتطوير، وهناك اصلاحات يقوم بها النظام وهي متواصلة وبوتيرة سريعة ومن يريد ان يعمل ضمن مسار الاصلاح سيجد له مكاناً طبيعياً".
ويشدد الزوار على "ان الاصلاحات التي باشرتها القيادة السورية اساسية ومهمة ولا تراجع عنها، ومن يريد ان يمارس الحياة السياسية من ضمنها أهلاً وسهلاً به وبإمكانه ان يحصل على مقاعد نيابية ووزارية ويشكل أحزاباً ويترشح للرئاسة ويشارك في القرار الوطني.. كل شيء مفتوح للإصلاحيين تحت سقف الدستور الجديد والاستقرار العام وهم ليسوا بحاجة الى اذن من أحد".
السفير
المصدر :
داود رمال\ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة