هل سأل أحد لماذا نجح الرئيس بشار الأسد في خيارَيه الإصلاحي والأمني على حد سواء برغم الضجيج الصاخب حول قبضته المُحكَمَة على أوكار المسلّحين حيث تبيّن أن بينهم غرباء عن حمص وإدلب.

وإذا كان من أحد سأل هذا السؤال، أفلا تساءل عن سرّ ثبات النظام السوري القائم على مثلّث الدولة والجيش والشعب طيلة سنة كاملة برغم الاستهداف الخارجي الغربي والعربي بكل إمكاناته اللوجستية في دعم المعارضة، ناهيك بالضخ الإعلامي المتواصل شحنًا وتشنيعًا بالسلوك الأمني الذي خالطه عبث متطرّف لإلقاء التبعات على السلطة؟!

فلو لم يكن الرئيس الأسد واثقًا من التأييد الشعبي، لَما أقدم على إجراء استفتاء حول الدستور الجديد والذي نال على أساسه 87 في المئة من أصوات المقترعين، ولَما حدّد 7 أيار المقبل موعدًا للانتخابات التشريعية التي سوف تنبثق منها حكومة جديدة تعبّر عن كل التطلّعات التي يرنو إليها الشعب السوري وليتسنّى لها تحقيق الإصلاحات التي وُضعت على سكّة الحركة الإصلاحية المتواصلة!

وفي الوقت الذي بقيت فيه السلطة متماسكة مع رئيسها، كانت المعارضة معارضات، وكلٌّ يغنّي على ليلاه وسط مناداة أوروبية وتركية وعربية للتوحّد ومن خلال الخليجيين في الجامعة العربية. بل على العكس من ذلك، صُدِمَت معارضة «المجلس الوطني السوري» هذا الأسبوع بانسحاب وجه بارز من أركانها هو هيثم المالح، والذي كان يُعتَبَر الخليفة التالية لبرهان غليون. فماذا يعني هذا الانقسام في صفوف المعارضة غير فشل أي خيار صالح عن السلطة الحالية. وحتى الأقطاب الدوليون وجدوا أن أفضل الحلول للأزمة السورية هو الرجوع إلى المنطق الدبلوماسي الذي اقترحته روسيا الاتحادية، ومعها الصين، والذي عبّر عنه سيرغي لافروف في اجتماع القاهرة مع لجنة الجامعة العربية المكلّفة متابعة ملف سورية.

وعلى خطٍ موازٍ، كان أنان موفدًا دوليًا يزور الرئيس الأسد في دمشق السبت الماضي ليطرح مبادرة من ست نقاط، سرعان ما ردّ عليها الرئيس السوري بإيجابية لفتح الطريق أمام أفق سياسي بعدما أشرفت الإجراءات الأمنية على الانتهاء في حمص وإدلب، تبيّن أن روسيا رصدت خمسة عشر ألفًا منهم جاؤوا من ليبيا، ناهيك بمن تسلّل عبر الحدود التركية وحدود مجاورة.

وحتى 7 أيار، موعد إجراء الانتخابات التشريعية التي ستعزّز فرص إخراج القوانين الجديدة من قانون الأحزاب والإعلام، يكون الوضع الأمني قد وصل إلى نهاية المطاف ولن يقف عائقًا في وجه انتخاب 250 نائبًا، بعد تجربَتَيْ الانتخابات البلدية نهاية العام الماضي والاستفتاء على الدستور الجديد في 26 شباط الذي أصبح بحكم النافذ بموجب المرسوم الرئاسي اعتبارًا من 27 شباط، علمًا أن إرجاء الانتخابات النيابية، التي كانت مقرّرة في أيلول 2011، إنما تأخّرت بسبب الخطوات الإصلاحية التي أعلن عنها الرئيس الأسد.

إن دعوة موسكو المؤيّدة لإرسال مراقبين دوليّين مستقلّين لوقف متزامن في المواجهة الأمنية التي تعيق الحل الدبلوماسي، هي موضع ترحيب من سورية باعتبار الساحة أصبحت خالية من الخلايا المسلّحة بعدما فرغت السلطة من تأمين الطريق أمام أي حل سياسي يفسح في المجال أمام المعارضة البنّاءة أن تلعب دورًا في الحياة العامة وتشارك في تشكيل أية حكومة مقبلة لتحمل مسؤوليات المرحلة الجديدة في البلاد نظرًا للأعباء الثقيلة التي نشأت عن التخريب الحاصل على أيدي المسلّحين المتطرّفين!

المهم الآن أن يتوقّف هذا النزف المتواصل في سورية، لأن ذلك يضع البلاد ضحيةً لمشاريع خارجية لا تمت إلى المصلحة القومية بأية صلة.

لقد نجح الرئيس بشار الأسد في الحؤول دون أي تدخّل خارجي، محافظًا في ثباته هذا على نظرته السيادية والقومية التي لا تقبل التجزئة ولا المساومة.

ويبقى أن تنجح الوساطة الدولية في وقف التدخّلات الخارجية بكل أشكالها حتى تعود سورية إلى ممارسة دورها الطليعي في المنطقة.

 

 

البناء

  • فريق ماسة
  • 2012-03-16
  • 9471
  • من الأرشيف

7 أيار: الموعد مع طلقة إصلاحات الرئيس الأسد

هل سأل أحد لماذا نجح الرئيس بشار الأسد في خيارَيه الإصلاحي والأمني على حد سواء برغم الضجيج الصاخب حول قبضته المُحكَمَة على أوكار المسلّحين حيث تبيّن أن بينهم غرباء عن حمص وإدلب. وإذا كان من أحد سأل هذا السؤال، أفلا تساءل عن سرّ ثبات النظام السوري القائم على مثلّث الدولة والجيش والشعب طيلة سنة كاملة برغم الاستهداف الخارجي الغربي والعربي بكل إمكاناته اللوجستية في دعم المعارضة، ناهيك بالضخ الإعلامي المتواصل شحنًا وتشنيعًا بالسلوك الأمني الذي خالطه عبث متطرّف لإلقاء التبعات على السلطة؟! فلو لم يكن الرئيس الأسد واثقًا من التأييد الشعبي، لَما أقدم على إجراء استفتاء حول الدستور الجديد والذي نال على أساسه 87 في المئة من أصوات المقترعين، ولَما حدّد 7 أيار المقبل موعدًا للانتخابات التشريعية التي سوف تنبثق منها حكومة جديدة تعبّر عن كل التطلّعات التي يرنو إليها الشعب السوري وليتسنّى لها تحقيق الإصلاحات التي وُضعت على سكّة الحركة الإصلاحية المتواصلة! وفي الوقت الذي بقيت فيه السلطة متماسكة مع رئيسها، كانت المعارضة معارضات، وكلٌّ يغنّي على ليلاه وسط مناداة أوروبية وتركية وعربية للتوحّد ومن خلال الخليجيين في الجامعة العربية. بل على العكس من ذلك، صُدِمَت معارضة «المجلس الوطني السوري» هذا الأسبوع بانسحاب وجه بارز من أركانها هو هيثم المالح، والذي كان يُعتَبَر الخليفة التالية لبرهان غليون. فماذا يعني هذا الانقسام في صفوف المعارضة غير فشل أي خيار صالح عن السلطة الحالية. وحتى الأقطاب الدوليون وجدوا أن أفضل الحلول للأزمة السورية هو الرجوع إلى المنطق الدبلوماسي الذي اقترحته روسيا الاتحادية، ومعها الصين، والذي عبّر عنه سيرغي لافروف في اجتماع القاهرة مع لجنة الجامعة العربية المكلّفة متابعة ملف سورية. وعلى خطٍ موازٍ، كان أنان موفدًا دوليًا يزور الرئيس الأسد في دمشق السبت الماضي ليطرح مبادرة من ست نقاط، سرعان ما ردّ عليها الرئيس السوري بإيجابية لفتح الطريق أمام أفق سياسي بعدما أشرفت الإجراءات الأمنية على الانتهاء في حمص وإدلب، تبيّن أن روسيا رصدت خمسة عشر ألفًا منهم جاؤوا من ليبيا، ناهيك بمن تسلّل عبر الحدود التركية وحدود مجاورة. وحتى 7 أيار، موعد إجراء الانتخابات التشريعية التي ستعزّز فرص إخراج القوانين الجديدة من قانون الأحزاب والإعلام، يكون الوضع الأمني قد وصل إلى نهاية المطاف ولن يقف عائقًا في وجه انتخاب 250 نائبًا، بعد تجربَتَيْ الانتخابات البلدية نهاية العام الماضي والاستفتاء على الدستور الجديد في 26 شباط الذي أصبح بحكم النافذ بموجب المرسوم الرئاسي اعتبارًا من 27 شباط، علمًا أن إرجاء الانتخابات النيابية، التي كانت مقرّرة في أيلول 2011، إنما تأخّرت بسبب الخطوات الإصلاحية التي أعلن عنها الرئيس الأسد. إن دعوة موسكو المؤيّدة لإرسال مراقبين دوليّين مستقلّين لوقف متزامن في المواجهة الأمنية التي تعيق الحل الدبلوماسي، هي موضع ترحيب من سورية باعتبار الساحة أصبحت خالية من الخلايا المسلّحة بعدما فرغت السلطة من تأمين الطريق أمام أي حل سياسي يفسح في المجال أمام المعارضة البنّاءة أن تلعب دورًا في الحياة العامة وتشارك في تشكيل أية حكومة مقبلة لتحمل مسؤوليات المرحلة الجديدة في البلاد نظرًا للأعباء الثقيلة التي نشأت عن التخريب الحاصل على أيدي المسلّحين المتطرّفين! المهم الآن أن يتوقّف هذا النزف المتواصل في سورية، لأن ذلك يضع البلاد ضحيةً لمشاريع خارجية لا تمت إلى المصلحة القومية بأية صلة. لقد نجح الرئيس بشار الأسد في الحؤول دون أي تدخّل خارجي، محافظًا في ثباته هذا على نظرته السيادية والقومية التي لا تقبل التجزئة ولا المساومة. ويبقى أن تنجح الوساطة الدولية في وقف التدخّلات الخارجية بكل أشكالها حتى تعود سورية إلى ممارسة دورها الطليعي في المنطقة.     البناء

المصدر : وديع الخازن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة