دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من غير المتوقع أن تستقبل موسكو في المدى القريب المنظور وفدا سورية معارضا يمثل «المجلس الوطني السوري» برئاسة برهان غليون، يقول دبلوماسي روسي كان عمل طويلا في سورية والعراق ولبنان.
ووفقا للدبلوماسي المتقاعد، فإن موسكو دعت وفدا من «هيئة التنسيق» برئاسة حسن عبد العظيم لمباحثات في وزارة الخارجية الروسية، الأمر الذي أكده وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال مقابلة مع القناة التلفزيونية الروسية الأولى (ار تي) أمس الأول حين قال «نتوقع وصول وفد من المعارضة الى موسكو قريبا». لكن الوزير لم يحدد الوفد بالاسم، وسط انطباع سائد في الدوائر الروسية بان الانشقاقات في «المجلس الوطني» المتلاحقة، تصب ليس في مصلحة نظام الرئيس بشار الأسد، فحسب، بل تعزز القناعة الروسية بان الحلول العسكرية والأمنية، في سورية أضعفت كثيرا مواقع المعارضة في الخارج.
تحذيرات لغليون
لافروف قال في المقابلة التلفزيونية إن موسكو دعت غليون إلى «الابتعاد عن أولئك الذين يريدون إضفاء البعد العسكري على النزاع». وأضاف «كما دعوناه إلى الابتعاد عن عصابات مسلحة تقوم بأعمال استفزازية ترد عليها الحكومة السورية بقوة مفرطة».
ويفهم الدبلوماسي الروسي، الذي تحدث إلى «السفير»، عبارة لافروف بان موسكو تشعر بالرضا لان القوى الغربية والولايات المتحدة باتت هي الأخرى تحذر من «عسكرة» النزاع في سورية، وان الكرملين على قناعة بان شركاء روسيا في مجلس الأمن الدولي لن يصدعوا رأسها قريبا بالحديث عن مشروع قرار جديد باستثناء البيانات بشأن دعم مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان المحكوم عليها بالفشل لان المبعوث «الاممي ـ العربي» لن يتمكن من جمع القيادة السورية مع معارضيها، باستثناء، ربما، جماعة «هيئة التنسيق» التي يسعى الروس إلى تعظيم موقعها على حساب «المجلس الوطني».
ويرى الدبلوماسي أن حديث لافروف المتواتر في الفترة الأخيرة بان موسكو «لا تدعم أيا من أطراف النزاع» يهدف إلى إفهام اركان التحالف الخليجي المناهض للأسد ان موسكو تتصرف مثلما يتصرف حلفاؤهم في الغرب والولايات المتحدة الرافضون بشكل قاطع لتسليح «الجيش الحر» وان الحل السياسي للازمة يمثل أجندة مشتركة بين الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن «بغض النظر عن قعقعة التصريحات الغربية والأميركية» كما يقول الدبلوماسي المستعرب ويصفها «بقعقعة ولا طحن». ويضيف «لا يعني ذلك أن البنتاغون لا يدرس الخيار العسكري لجهة إجراء عملية حساب لكل الاحتمالات».
المخاوف الروسية «مذهبية»
ويلفت الدبلوماسي إلى تحذير لافروف من أن «انهيار البنيان الحالي للدولة السورية» سيفضي إلى تغيير الوضع، ليس حول إيران فقط، بل أيضا في العراق. فقد شدد الوزير على أن السنة في العراق «يشعرون بالاضطهاد». ويقول «يمكن أن تسفر القرارات المختلفة بشأن سوريا عن انطلاق عمليات خطيرة للغاية».
ويشير الدبلوماسي المتقاعد إلى أن المصلحة الروسية تلتقي مع المصلحة الأميركية في الحفاظ على الوضع في العراق بيد التحالف الشيعي. ويقول «استعادت الشركات الروسية عقودا نفطية مجزية وتنتظر زيارة لرئيس الحكومة نوري المالكي، وتتوقع إبرام صفقات سلاح، لان الحكومة الشيعية في بغداد تريد أن تحافظ موسكو على موقفها المعارض بشدة للعمل العسكري ضد حليف ائتلاف المالكي الإيراني، وان طهران تعهدت بدور الضامن للمصالح الروسية في العراق».
ويعتبر الدبلوماسي أن موسكو لا تخشى من الإسلام الشيعي، قدر قلقها من الحركات الأصولية في شمال القوقاز الذي تقطنه غالبية سنية تنتشر بينها الأفكار الوهابية.
يشار إلى أن موسكو، كانت اتهمت دوائر سعودية وخليجية عربية بتمويل ودعم الحركات الانفصالية في شمال القوقاز، الذي لا يزال يشكل «الخاصرة الرخوة» لروسيا. ومن المبكر الحديث عن تصفية بؤر الانفصاليين رغم مرور عقدين تقريبا على انطلاق ما يعرف بحملة «مكافحة الإرهاب» في جمهورية الشيشان وجاراتها المسلمة. وكان لافروف قال بوضوح، في حديثه المتلفز، إن «بنيان الدولة السورية لم يكن ناجحا ويمكن في هذه المرحلة بالذات اندلاع أزمة متنامية داخل العالم الإسلامي بين السنة والشيعة».
ويشير الدبلوماسي إلى أن موسكو كانت ترفض التعامل مع «حزب الله» اثر خطف دبلوماسيين روس في بيروت مطلع ثمانينيات القرن الماضي. واتهمت الاستخبارات السوفياتية حينها عماد مغنية، الذي اغتيل في دمشق، بأنه كان وراء العملية. لكنها قبل اقل من عام عادت للتواصل مع الحزب، ومنحت نهاية العام الماضي قناة «المنار» اعتمادا صحافيا في الخارجية الروسية، بعد سنوات من المماطلة والتأخير بشتى الذرائع.
قمة نووية وقودها سورية
ويتوقع الدبلوماسي المستعرب أن تتصاعد انتقادات موسكو لأداء القيادة السورية في تسوية الأزمة عشية لقاء متوقع بين الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ونظرائه الغربيين والرئيس الأميركي باراك أوباما في «القمة النووية» المزمع عقدها في العاصمة الكورية الجنوبية سيول في 26 و27 آذار الحالي. ومن المتوقع أن تشهد جدلا ساخنا حول وفاء أعضاء النادي النووي الكبار لالتزاماتهم بمعاهدات خفض الترسانات النووية. ويحتل الملفان النوويان لإيران وكوريا الشمالية موقع الصدارة في مناقشات القمة، وسيكون الملف السوري وقودا لمناقشات ساخنة بين المشاركين. وإذ تسعى موسكو للدفاع عن التسوية السلمية للمعضلة النووية في كل من إيران وكوريا الشمالية، فانه يتعين على الدبلوماسية الروسية إبداء قدر اكبر من الليونة في الملف السوري.
ويضيف الدبلوماسي إلى أن أفق حل الأزمة السورية يبتعد أكثر بتناسب طردي مع وصول إمدادات السلاح إلى «الجيش الحر». ويؤكد أن «الطابع الفئوي» للنظام في دمشق لن يسمح للرئيس بشار الأسد «لا بالتنحي عن المنصب ولا بتكليف نائبه قيادة مرحلة انتقالية». ويؤكد أن لافروف لم يبحث مسالة «البديل» مع الأسد، لان موسكو تعرف سلفا رد الفعل. ويشير إلى أن تصريحات لافروف الأخيرة أكدت أن مهمة انان «لا تتمثل في إجبار الأسد على التنحي». ويقول الوزير الروسي في حديثه المتلفز «هذه قراءة غير دقيقة للمهام التي أوكلت لانان».
ويقول الدبلوماسي «بالطبع تأمل موسكو في أن يتنحى الأسد طوعا، لعل في ذلك بداية النهاية للازمة»، لكنه يضيف «لكن الكرملين لا يبني سياسته مع دمشق على الأمنيات».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة