دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
إذا ما أحسن اللبنانيون إجراء عملية حسابية دقيقة لتبيّن لهم أنّ لبنان هو من أكثر المتضررين من تداعيات الربيع العربي عموما، ومن ارتدادات الازمة السورية على الساحة الداخلية بشكل خاص. ففضلا عن الانقسام السياسي العامودي الحاد بين مكونات مجتمعها السياسي والطائفي وحتى المذهبي، تسجل بورصة الداخل مزيدا من الارتفاع في حدة المحاذير والاخطار المحيطة بالوضع الامني، لاسيما بعد تنامي الاصولية والسلفية نتيجة تصديرها من ساحات الربيع العربي من جهة وبفعل الحدود اللبنانية – السورية المفتوحة مع ما يعنيه ذلك من انتقال المقاتلين بحرية بين البلدين من جهة ثانية.
وفي هذا السياق، يعرب مصدر مخضرم عن خشيته من دفع لبنان إلى الانزلاق في متاهات لا يمكن الحد من اضرارها على المدى الطويل. ويوضح أنّ تسلل عناصر الجيش السوري الحر وبعض المقاتلين السلفيين وافراد من الجماعات الاسلامية من شأنه ان يربك الاوضاع إلى ما لا نهاية، خصوصا أنّ عدد النازحين وإن كان معظمهم غير مسلح يقدر بأكثر مما يتم الاعلان عنه، ويشير إلى أنّ المأزق يتراوح بين حدي انتصار النظام السوري او سقوطه على حد سواء. فسقوط النظام يعني حكما انتقال الثورة بزخمها الاصولي المدعوم خليجيا واقليميا وحتى دوليا إلى الداخل اللبناني، وذلك بعد التعديلات التي قد تكون قد طرأت في مثل هذا الاحتمال الضعيف. وانتصاره لا يقلل الاخطار عن لبنان إذ إنّ المعارضين أو بالأحرى النازحين وهم بمعظمهم من مؤيدي سقوط النظام لن يجدوا سبيلا للعودة إلى بلادهم خوفا من الملاحقات والعقوبات، والكل ادرى بذهنية تعاطي النظام مع المسلحين، مع الاشارة إلى ان الاسد اصدر قانونا يجيز فيه الاعدام لكل من تثبت ادانته بجرم اطلاق النار على مدنيين او عسكريين في الداخل السوري او خارجه.
ويلفت المصدر المذكور إلى أنّ الخشية تكمن في أن تتحول مخيمات النازحين إلى بؤر امنية مدعومة من فريق سياسي لبناني، كما هو الحال في طرابلس وصيدا وعكار. وتاليا فان الوصول إلى مأزق توطين جديد يصبح من الاحتمالات القوية والراجحة في ظل اتفاقيات رسمية بين لبنان وسوريا وهي تنص بشكل او بآخر على ضرورة تجاوب القضاء اللبناني مع نظيره السوري والعكس بالعكس. وهذه الاعتبارات تبقى قائمة ما لم يصدر الرئيس السوري عفوا عاما وجديا عن جرائم الحرب، وهذا ما لا يبدو في حسابات النظام اقله في الوقت الراهن.
وما يعزز هذه الخشية هو الاستقتال الاميركي اذا ما جاز التعبير لحماية المسلحين الذين تمكنوا من التسلل إلى لبنان، وذلك من خلال حملة "الترهيب ووالترغيب" التي تقودها السفيرة الاميركية في لبنان مورا كونيللي، على حدّ تعبير المصدر، وذلك بالرغم من محاولتها تلطيف الاجواء من خلال توضيحات لم يقتنع بها الكثير من اصحاب الشأن وعلى رأسهم قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي اكد المعلومات السابقة ورد عليها بوضوح معتبرا ان المطالبين بتسهيل عبور المسلحين إلى سوريا اخطأوا بالطلب وبالعنوان، وهذا يعني بشكل او بآخر أنّ كل ما أشيع حول حراك السفيرة كونيللي واهداف بلادها هو اقرب إلى الحقيقة وإلى الواقع.
وبالرغم من التوضيحات يعود المصدر للتحذير من الايام والاسابيع القليلة المقبلة، خصوصا ان الجيش السوري، وعلى ما يبدو، يستكمل خطة حسمه العسكري إلى النهاية، وهو لن يوفر اي حي او مدينة يعتبرها خارج السيطرة وهذا يعني المزيد من النزوح، والاكثار من تعميق الهوة الفاصلة بين المكونات اللبنانية.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة