دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تصاعدت حدة التوتر بين مصر والولايات المتحدة، بعدما اتهم القضاء الإداري، أمس، جمعيات أهلية، بعضها أميركي، بممارسة نشاطات سياسية بطرق غير مشروعة، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ما بات يعرف بـ«قضية التمويل الأجنبي»، والتي أثارت غضب العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين هددوا بقطع المساعدات الأميركية عن مصر، وهو ما رد عليه رئيس الحكومة المصري كمال الجنزوري بالقول إن التلويح بالمعونة لن يجعل مصر تتراجع عن موقفها.
وقال القاضي سامح أبو زيد، وهو أحد القضاة المنتدبين من قبل وزارة العدل للتحقيق في قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية، إن «أول ما أثبتته التحقيقات أن المنظمات الأجنبية محل الاتهام في أمر الإحالة ليست جمعيات أهلية، وما قامت به هذه المنظمات من خلال الفروع التي قامت بفتحها وإدارتها على ارض مصر من دون ترخيص من الحكومة، هو نشاط سياسي بحت لا صلة له بالعمل الأهلي».
وأضاف «أكدت معلومات وتحريات الأمن الوطني والقومي أن التمويل الأجنبي لهذه المنظمات اتخذ بعدا جديدا عقب أحداث ثورة 25 يناير، وتهدف من خلاله بعض الجهات الأجنبية إلى محاولة التأثير (على الوضع الداخلي) من خلال توجيه العملية السياسية في مصر».
وشدد على أن «هذه المنظمات قامت بنشاطات لا علاقة لها بخدمة المجتمع المدني، وكثفت نشاطها بعد ثورة 25 يناير، وعملها كان سياسيا في الأساس، والموضوعات تتعلق بتدريب الأحزاب السياسية على العملية الانتخابية، وحشد الناخبين وتأييدهم لمرشح أو آخر».
وكان محققون تابعون لوزارة العدل داهموا في التاسع عشر من كانون الأول الماضي مقرات 17 منظمة أهلية محلية ودولية. وفي الثالث من شباط الحالي قال مصدر قضائي إنه تمت إحالة 44 شخصاً، من بينهم 19 أميركيا وأجانب آخرين، للمحاكمة في قضية التمويل غير المشروع لجمعيات أهلية ناشطة في مصر. ومن بين المنظمات الأميركية «المعهد الديموقراطي الوطني» و«المعهد الجمهوري الدولي» و«فريدوم هاوس» ومنظمة «كونراد اديناور» الألمانية.
ويخضع عمل المنظمات الأجنبية في مصر أو التمويل الأجنبي لمنظمات محلية لشروط صارمة بموجب تشريعات من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وغالبا ما تنسب السلطات المصرية ووسائل الإعلام الرسمية حركة الاحتجاجات والتظاهرات ضد حكم العسكر في البلاد إلى «مؤامرات» حيكت خارج البلاد، والى «أياد أجنبية».
وفيما اكتفت وزارة الخارجية الأميركية بالإعلان عن تسلمها نتائج التحقيقات من السلطات المصرية، حذر أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي السلطات المصرية من حصول قطيعة «كارثية» بين البلدين على خلفية هذه القضية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن الإدارة الأميركية تسلمت «قرار اتهام رسميا» من مئة صفحة يتعلق بالتحقيقات مع بعض المنظمات غير الحكومية العاملة في مصر، موضحة «لدينا الآن قرار اتهام رسمي ... نحن الآن في عملية تسلمه».
وفي تعبير عن مشاعر الغضب التي عمت مجلس الشيوخ
بأعضائه الجمهوريين والديموقراطيين، حذر الجمهوريان جون ماكين وكيلي ايوت والمستقل جو ليبرمان، من أن «دعم الكونغرس لمصر خصوصا لجهة المساعدة المالية بات في خطر».
كذلك، انتقد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري الملاحقات، معتبرا انها تشكل «صفعة للأميركيين الذي يدعمون مصر منذ عقود، وللمصريين والمنظمات غير الحكومية الذين يخاطرون بحياتهم من اجل تحقيق ديموقراطية اكبر في مصر».
ويبلغ حجم المساعدة السنوية التي تدفعها واشنطن لحليفتها القاهرة 1.3 مليار دولار وتعتبر من اكبر المساعدات الأميركية.
وبرغم ذلك، تبدو مصر حازمة في قرارها، فقد اتهم أبو زيد العاملين بهذه المنظمات بـ«عدم احترام القوانين المصرية المنظمة للإقامة والعمل في مصر، وذلك لأنهم كانوا يعملون في مصر لسنوات بتأشيرات سياحية، حيث صدرت لهم تعليمات من الخارج أن يعملوا بهذا الشكل، وألا يحصلوا على تصاريح ولا إقامة عمل».
وزاد على ذلك أيضا أن هذه المنظمات «خالفت القوانين المصرية المتعلقة بالضرائب، فلم تفصح أو تسجل نشاطها في (مصلحة) الضرائب».
وأكد أن إحالة هؤلاء «المتهمين إلى المحكمة ستكون بتهمة تلقي تمويل أجنبي من الخارج، وهو نشاط غير مشروع ويخل بالسيادة المصرية، وعقوبة هذه الجريمة تصل إلى السجن 5 سنوات». ولفت إلى أن «جهاز الأمن القومي والوطني في مصر رفض مرارا قبل ذلك الموافقة على تسجيل وترخيص فروع هذه المنظمات للعمل في مصر، ومع ذلك فقد قامت هذه المنظمات بفتح فروع لها وكثفت نشاطها».
كذلك، قال رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري إن المساعدات التي تتلقاها مصر من الولايات المتحدة لن تجعلها تغير موقفها بشأن التحقيق في قضية التمويل الأجنبي.
وأكد الجنزوري، خلال مؤتمر صحافي، أن «مصر ستلتزم بالقانون، فهي بلد الحضارة، ولا يمكن أن تتراجع بالتلويح بالمعونة».
لكن مسؤولين مصريين أشارا، في تصريحات لوكالة «رويترز» أمس الأول، إلى أن الحكومة المصرية ستتراجع عن موقفها، لأن السماح بطول أمد النزاع يمكن أن يضر بالمساعدات من واشنطن التي بدأت في التدفق بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.
الإخوان
من جهة ثانية، قال المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع، في مقابلة مع «رويترز»، إن الجماعة لم تحدد حتى الآن من ستؤيده من بين المرشحين المحتملين حاليا لرئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنها ستقرر ذلك بعد انتهاء فترة الترشح التي ستبدأ في العاشر من آذار المقبل.
وقال بديع إن «الإخوان»، التي شغل حزبها «الحرية والعدالة» نحو ثلث مقاعد مجلس الشعب، تفضل نظاما سياسيا يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني. وأوضح أن «المرحلة الحالية تقتضي نسبة من المسؤولية المشتركة بنظام مختلط بين البرلمان والرئاسة. هذا أفضل نظام لنا الآن»، معتبراً أن النظام المختلط يسهم في «عدم استئثار بالسلطة لا للرئيس ولا للبرلمان».
لكنه شدد على أن «الأصل في الأمر التوافق. نحن قلنا إن هناك مثلثا متساوي الأضلاع: رئاسة، برلمان، ووزارة (حكومة).. ولن تسير الدولة إلا بتوافق هذه الأضلاع».
وفي ما يتعلق بانتخابات الرئاسة، قال بديع إن «كل (المرشحين المحتملين) الموجودين ليس لنا فيهم مرشح واحد من الإخوان المسلمين. وننتظر حتى تنتهي مرحلة الترشح لنعلم من هو المعروض على شعب مصر... ومازال هناك من يفكر أن يترشح».
وردا على سؤال عمن ستفضله الجماعة من بين المرشحين، قال بديع «هذا سنبحثه بعدما يستوفي المرشح الشروط، وأهمها أن يكون من غير المنتمين إلى تيار إسلامي ولكنه يحترم التيار الإسلامي وفكره وثقافته... وأن يكون توافقيا في أغلب تركيبته السياسية وسلطاته منضبطة برقابة شعبية».
وفي ما يتعلق بالموقف من المجلس العسكري، قال بديع «نقول لهم (المجلس العسكري) نحن حريصون على أن توفوا بوعدكم لشعبكم، ونرفض أي تغيير في الجدول الذي التزمتم به» لتسليم السلطة. وأضاف «قلت لهم بالتحديد: لكم عندنا ثلاثة مواقف.. إن أحسنتم في أخذ قرار أو موقف سنشكركم عليه ونؤيدكم فيه ولكننا لا نعطي توقيعا على ورقة بيضاء».
من جهة ثانية، أشار بديع إلى أن «إخواننا السلفيين ليسوا تكتلا واحداً، فهم تجمعات ذات قيادات مختلفة»، لافتاً إلى أن «الاختلاف بيننا وبينهم يكمن في الآليات، أي في الوسائل وفي طريقة العرض للناس، والتعامل مع بعض الأحداث». وتابع «إنهم حديثو عهد بالسياسة أما نحن فصار لنا في هذه الممارسة السياسية (فترة) طويلة وعريقة»، مشدداً على أن «التنسيق مع الإخوة السلفيين وبقية الأحزاب أمر مستمر وليس معناه التحالف».
من جهته، أعرب رئيس «حزب الحرية والعدالة» محمد مرسي عن استعداد الحزب لتشكيل حكومة ائتلافية تمثل كافة الأطراف بشكل نسبي، طبقا للغالبية البرلمانية التي حصل عليها.
وشدد مرسي، خلال استقباله مبعوث الاتحاد الأوربي لجنوب المتوسط برناردينو ليو، على أنه لابد من إعادة ترتيب الوضع الداخلي بصورة فاعلة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى تتمكن مصر من نفض آثار الماضي والمضي نحو آفاق المستقبل.
البرادعي
في هذا الوقت، اعتبر المعارض المصري البارز محمد البرادعي أن على المصريين إنهاء خلافاتهم الاقتصادية والسياسية، وتوحيد صفوفهم لوضع البلاد على المسار الديموقراطي بعيدا عن الحكم العسكري.
وكتب البرادعي في صحيفة «فاينانشال تايمز»: «لقد حان الوقت لوضع خلافاتنا جانبا. نحتاج قوة مصر الموحدة: ضمان استقلال القضاء وحماية حرية الإعلام والمجتمع المدني وشحذ إمكانات مصر كسوق ناشئ».
وأعرب البرادعي عن اعتقاده بأن جماعة «الإخوان المسلمين» التي حققت الغالبية في البرلمان «ستحتضن الفصائل السياسية الأخرى وتدعم السوق الحرة وتنتهج منهجا عمليا».
وأشار البرادعي إلى أن قراره الشهر الماضي بالانسحاب من سباق الرئاسة يرجع إلى «غياب الإطار الديموقراطي»، وانه سيركز بدلا من ذلك على دعم التجانس الاجتماعي في البلاد.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة