قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن معركة زعامة حركة حماس التي كانت دائرة تحت السطح، تكاد تكون قد حسمت لصالح خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، على الرغم من إعلانه في اجتماع مجلس شورى الحركة الذي عقد في الخرطوم في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عدم رغبته في الترشح مجددا إلى هذا المنصب، لكن المصادر لفتت الانتباه إلى الصيغة التي نشرها المركز الفلسطيني للإعلام وهو المقرب من مشعل، على شكل بيان للحركة مفاده أن مشعل أعلن رغبته في عدم الترشح في الانتخابات المقبلة لرئاسة المكتب السياسي المتوقعة في يونيو (حزيران) المقبل، وهناك من يقول أبريل (نيسان) المقبل، ولكن ليس معروفا بعد مكان انعقاد المؤتمر، وإذا ما كان سيكون في الخرطوم أو الدوحة حسب المصادر. وأضافت المصادر أن هذه الصيغة تؤكد أن مشعل لم يحسم الأمر بشكل قاطع بالقول إنه لن يقبل الترشح، بل ترك الباب مواربا كما ترك الحسم في هذا القرار لمجلس الشورى وهو الجهة الوحيدة المخولة لترشيح الأسماء لهذا المنصب، الذي رفض قبول «تمنيات» مشعل، على حد قول هذه المصادر.

ولفتت المصادر إلى أن هذا البيان نشره مؤيدوا مشعل استباقا لبيان آخر كان سيصدره مؤيدو نائبه موسى أبو مرزوق الأكثر حظا لخلافته، وهو الذي شغل هذا المنصب منذ عام 1992 وحتى عام 1996، واضطر إلى تركه بُعيد اعتقاله من قبل سلطات الهجرة الأميركية في مطار جون كيندي في نيويورك عام 1995، بينما كان عائدا إلى أسرته التي كانت يعيش معها هناك، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وسويت القضية التي دخلت فيها إسرائيل على الخط وتقدمت بطلب لتسليمه إليها، بالإفراج عن أبو مرزوق مقابل تنازله عن جنسيته الأميركية، وموافقة الأردن على استقباله، وظل أبو مرزوق يمارس نشاطه السياسي في الأردن كنائب لمشعل، إلى أن جرى ترحيلهما مع عدد آخر من قادة حماس إلى قطر، قبل أن يستقر بهم الحال في دمشق. وأوضحت هذه المصادر رغبة مشعل في البقاء في هذا المنصب لمدة أربع سنوات أخرى، تكون فيها الأمور قد اتضحت، وسيكون بإمكانه الاختيار بين منصب المرشد العام لفرع «الإخوان» في فلسطين الذي أقر إعادة إنشائه في اجتماع مجلس الشورى، أو أن يشغل، إذا ما سويت المشكلات ودخلت حماس الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، منصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في إطار تقسيم الأدوار مع حركة فتح، حسبما ذكرت مصادر إعلامية في الشهر الماضي. وحسب هذه المصادر فقد أراد مشعل الذي وصفته بالذكي والمناور، أن يبدو كأنه يحظى بالإجماع في حماس.

 وعلى الرغم من أن المرشح الأوفر حظا لخلافة مشعل هو أبو مرزوق الذي طال انتظاره، فإن الإعلان عن عدم رغبة مشعل في الترشح فتح شهية عدد آخر من قادة حماس في قطاع غزة، لا سيما رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية الذي لم يصبح بعد عضوا في المكتب السياسي، وكذلك محمود الزهار، عضو المكتب السياسي والمعارض لسياسات مشعل التي بدت واضحة في انتقاده لمواقفه التي وردت في خطابه في حفل توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في 4 مايو (أيار) الماضي، لا سيما في ما يخص إعطاء المفاوضات فرصة وكذلك القبول بدولة فلسطينية في حدود 1967. ووصل الخلاف حتى تطبيق عقوبات على الزهار وصلت إلى حد التهديد بتجميده، وقد كان، لأشهر عدة، شبه مجمد إلى أن طلبت منه المشاركة في اجتماعات المصالحة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في القاهرة.

وفي ما بدا بداية حملة انتخابية، خرج هنية في قطاع غزة وبعد عودته من رحلته الخارجية الأولى التي استقبل فيها استقبالا شعبيا ورسميا في بلدان مثل السودان وتونس وتركيا، بعدد من التصريحات المتشددة خاصة بالنسبة لقضايا أيدها مشعل، مثل المقاومة الشعبية وغيرها. وأما الزهار فقد واصل على نحو أخف، معارضته وتصريحاته المتشددة التي فهم منها أنها محاولات لعرقلة المصالحة التي يضع مشعل ثقله وراءها، خاصة في ظل التطورات في سوريا التي يحاول هو وغيره من قيادات الحركة إيجاد بدائل لها على الرغم من نفيهم المتكرر.

غير أن هنية والزهار وكذلك أبو مرزوق الذي يتحرك بحذر شديد ولم يعرب عن رغباته بأي شكل من الأشكال، أدركوا أن إعلان مشعل عدم رغبته في الترشح، لم يكن سوى وسيلة لتحقيق الإجماع، وفقا للمصادر. وجاء تراجع هنية في الدوحة التي حسب هذه المصادر مارست الضغوط عليه وكذلك تركيا، من أجل الانضواء تحت راية مشعل الذي بدا واضحا أنه يحظى بدعم من قطر التي بعثت بولي عهدها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الأردن كي يرافقه مشعل في طائرته الخاصة، في أول زيارة رسمية لعمان منذ خروجه منها قبل 13 عاما تقريبا. ويشاع أن قطر وعدت الأردن بمساعدات مالية كبيرة في المقابل. وأشارت المصادر إلى إعلان هنية في الدوحة التي كان يزورها في إطار جولته الخارجية الثانية منذ توليه رئاسة الوزراء عام 2006، عن وقوفه، وكذلك قادة عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، وراء مشعل.

أما الزهار فقد نقل عنه القول وهو في القاهرة إن هناك قناعة لدى الجميع في حماس باختيار مشعل لفترة 4 سنوات أخرى غير قابلة للتجديد.
  • فريق ماسة
  • 2012-02-04
  • 6113
  • من الأرشيف

قطر تحسم معركة زعامة حماس لصالح "خالد مشعل"

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن معركة زعامة حركة حماس التي كانت دائرة تحت السطح، تكاد تكون قد حسمت لصالح خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، على الرغم من إعلانه في اجتماع مجلس شورى الحركة الذي عقد في الخرطوم في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عدم رغبته في الترشح مجددا إلى هذا المنصب، لكن المصادر لفتت الانتباه إلى الصيغة التي نشرها المركز الفلسطيني للإعلام وهو المقرب من مشعل، على شكل بيان للحركة مفاده أن مشعل أعلن رغبته في عدم الترشح في الانتخابات المقبلة لرئاسة المكتب السياسي المتوقعة في يونيو (حزيران) المقبل، وهناك من يقول أبريل (نيسان) المقبل، ولكن ليس معروفا بعد مكان انعقاد المؤتمر، وإذا ما كان سيكون في الخرطوم أو الدوحة حسب المصادر. وأضافت المصادر أن هذه الصيغة تؤكد أن مشعل لم يحسم الأمر بشكل قاطع بالقول إنه لن يقبل الترشح، بل ترك الباب مواربا كما ترك الحسم في هذا القرار لمجلس الشورى وهو الجهة الوحيدة المخولة لترشيح الأسماء لهذا المنصب، الذي رفض قبول «تمنيات» مشعل، على حد قول هذه المصادر. ولفتت المصادر إلى أن هذا البيان نشره مؤيدوا مشعل استباقا لبيان آخر كان سيصدره مؤيدو نائبه موسى أبو مرزوق الأكثر حظا لخلافته، وهو الذي شغل هذا المنصب منذ عام 1992 وحتى عام 1996، واضطر إلى تركه بُعيد اعتقاله من قبل سلطات الهجرة الأميركية في مطار جون كيندي في نيويورك عام 1995، بينما كان عائدا إلى أسرته التي كانت يعيش معها هناك، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وسويت القضية التي دخلت فيها إسرائيل على الخط وتقدمت بطلب لتسليمه إليها، بالإفراج عن أبو مرزوق مقابل تنازله عن جنسيته الأميركية، وموافقة الأردن على استقباله، وظل أبو مرزوق يمارس نشاطه السياسي في الأردن كنائب لمشعل، إلى أن جرى ترحيلهما مع عدد آخر من قادة حماس إلى قطر، قبل أن يستقر بهم الحال في دمشق. وأوضحت هذه المصادر رغبة مشعل في البقاء في هذا المنصب لمدة أربع سنوات أخرى، تكون فيها الأمور قد اتضحت، وسيكون بإمكانه الاختيار بين منصب المرشد العام لفرع «الإخوان» في فلسطين الذي أقر إعادة إنشائه في اجتماع مجلس الشورى، أو أن يشغل، إذا ما سويت المشكلات ودخلت حماس الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، منصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في إطار تقسيم الأدوار مع حركة فتح، حسبما ذكرت مصادر إعلامية في الشهر الماضي. وحسب هذه المصادر فقد أراد مشعل الذي وصفته بالذكي والمناور، أن يبدو كأنه يحظى بالإجماع في حماس.  وعلى الرغم من أن المرشح الأوفر حظا لخلافة مشعل هو أبو مرزوق الذي طال انتظاره، فإن الإعلان عن عدم رغبة مشعل في الترشح فتح شهية عدد آخر من قادة حماس في قطاع غزة، لا سيما رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية الذي لم يصبح بعد عضوا في المكتب السياسي، وكذلك محمود الزهار، عضو المكتب السياسي والمعارض لسياسات مشعل التي بدت واضحة في انتقاده لمواقفه التي وردت في خطابه في حفل توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في 4 مايو (أيار) الماضي، لا سيما في ما يخص إعطاء المفاوضات فرصة وكذلك القبول بدولة فلسطينية في حدود 1967. ووصل الخلاف حتى تطبيق عقوبات على الزهار وصلت إلى حد التهديد بتجميده، وقد كان، لأشهر عدة، شبه مجمد إلى أن طلبت منه المشاركة في اجتماعات المصالحة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في القاهرة. وفي ما بدا بداية حملة انتخابية، خرج هنية في قطاع غزة وبعد عودته من رحلته الخارجية الأولى التي استقبل فيها استقبالا شعبيا ورسميا في بلدان مثل السودان وتونس وتركيا، بعدد من التصريحات المتشددة خاصة بالنسبة لقضايا أيدها مشعل، مثل المقاومة الشعبية وغيرها. وأما الزهار فقد واصل على نحو أخف، معارضته وتصريحاته المتشددة التي فهم منها أنها محاولات لعرقلة المصالحة التي يضع مشعل ثقله وراءها، خاصة في ظل التطورات في سوريا التي يحاول هو وغيره من قيادات الحركة إيجاد بدائل لها على الرغم من نفيهم المتكرر. غير أن هنية والزهار وكذلك أبو مرزوق الذي يتحرك بحذر شديد ولم يعرب عن رغباته بأي شكل من الأشكال، أدركوا أن إعلان مشعل عدم رغبته في الترشح، لم يكن سوى وسيلة لتحقيق الإجماع، وفقا للمصادر. وجاء تراجع هنية في الدوحة التي حسب هذه المصادر مارست الضغوط عليه وكذلك تركيا، من أجل الانضواء تحت راية مشعل الذي بدا واضحا أنه يحظى بدعم من قطر التي بعثت بولي عهدها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الأردن كي يرافقه مشعل في طائرته الخاصة، في أول زيارة رسمية لعمان منذ خروجه منها قبل 13 عاما تقريبا. ويشاع أن قطر وعدت الأردن بمساعدات مالية كبيرة في المقابل. وأشارت المصادر إلى إعلان هنية في الدوحة التي كان يزورها في إطار جولته الخارجية الثانية منذ توليه رئاسة الوزراء عام 2006، عن وقوفه، وكذلك قادة عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، وراء مشعل. أما الزهار فقد نقل عنه القول وهو في القاهرة إن هناك قناعة لدى الجميع في حماس باختيار مشعل لفترة 4 سنوات أخرى غير قابلة للتجديد.

المصدر : محطة أخبار سورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة