دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في إطار الموجة المتصاعدة للضغط على إيران عبر تكثيف حملة العقوبات عليها، برز مؤخراً «السلاح الأفريقي» ضمن الهجوم الغربي، الأميركي تحديداً، وذلك من خلال مساع تبذلها مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين وجماعات الضغط للحدّ من العلاقات التجارية الأفريقية مع إيران، لا سيّما أن الأخيرة شهدت تحسّناً ملحوظاً خلال السنوات الماضية.
ويشير هؤلاء المسؤولون إلى أن جهودهم دفعت عدة شركات أفريقية إلى التفكير في الخروج من إيران، ومن بين النتائج التي يؤكدون تحقيقها حتى الساعة ما أشيع عن أن شركة «سونانغول» الحكومية الأنغولية للطاقة تفكر في الانسحاب من صفقة غاز إيرانية، فضلاً عن شركة «ساسول» الجنوب أفريقية التي تدرس بيع حصتها البالغة 50 في المئة في مشروع بتروكيميائي إيراني تصل قيمته إلى حدود 900 مليون دولار.
ويأتي هذا التحرك في وقت تواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توسيع عقوباتهما من خلال إقناع مستهلكي النفط الإيراني بإيجاد مصادر إمداد بديلة لوقف تدفق العائدات على طهران. وخير مثال، الزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون مؤخراً إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية ليطلبوا الحدّ من استيراد النفط الإيراني.
في الواقع، وصل التعاون الأفريقي – الإيراني إلى ذروته مع بدء مغادرة الشركات الغربيّة العملاقة لإيران، حيث كانت الشركات الأفريقية من بين أخرى أخذت تتوسع في إيران في ذلك الوقت. وعليه، ازدادت صادرات الأخيرة، النفطية في الأساس، إلى جنوب الصحراء الكبرى لتبلغ 3،60 مليارات دولار في العام 2010 مقارنة مع 1،36 مليار دولار في العام 2003، بحسب الأرقام التي نشرها صندوق النقد الدولي. وتعهدت إيران حينها، بالإضافة إلى علاقاتها مع أنغولا وجنوب أفريقيا، بضخّ استثمارات في أوغندا وغانا والسنــغال رغم أن هذه العهود لم تبصر جميعها النور.
والآن يجد العديد من الدول الأفريقية، التي كانت تُعتبر لوقت غير بعيد خارج النزاع الغربي – الإيراني، نفسها تنخرط في حملة العقوبات الموسّعة. يُذكر أن وزير الطاقة الأميركي دانيال بونمان بحث الأسبوع الماضي مع نظيره الجنوب أفريقي سبل إيجاد بدائل للنفط الذي تستورده بريتوريا من طهران، كما اجتمع ممثلون عن الحكومة الأميركية مع شركات أفريقية خاصة لبحث العقوبات ضد إيران، علماً أن جنوب أفريقيا تستورد نحو ربع نفطها من إيران.
وفي الإطار نفسه، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماريسا بوليــنز أن حكــومة بلادها أثارت قضـــية العقوبات الإيرانية مع الحكومــة الأنغــولية.
وبالعودة إلى تفاصيل الاتفاق بين «سونانغول» وإيران، فقد أعلن مسؤولان نفطيان انغوليان أن «سونانغول» تفكر في الانسحاب من اتفاق أولي على امتلاك 20 في المئة، تُقدر قيمتها بنحو 1،5 مليار دولار، من مشروع إيراني لتطوير حقل جنوب بارس الغازي في إيران.
وقال أحد المسؤولَين الأنغوليين إن خيار الانسحاب مرتبط بمخاوف من عقوبات أميركية ضد الشركة إذا مضت قدماً في المشروع، كما تخشى «سونانغول» من أن استثمارها في المشروع الإيراني قد يخلق لها عداوات مع شركات معادية أساساً لإيران في الولايات المتحدة، حيث للشركة الأنغولية هناك مصالح نفطية.
وفي هذا الإطار، تُعدّ الولايات المتحدة، التي تستفيد من مروحة استثمارات واسعة في أنغولا، تمتد من النفط إلى الزراعة، شريكاً تنموياً أفضل من إيران.
أما شركة «ساسول»، وهي واحدة من أهم شركات جنوب أفريقيا من ناحية الاستثمارات في الأسواق، فتفكر في الانسحاب من مشروعها البتروكيميائي في إيران خوفاً من أن تستهدفها العقوبات الأميركية والأوروبية، فضلاً عن عقوبات الأمم المتحدة، علماً أن الشركة لم تعلن عن توقيت الانسحاب بشكل محدّد. ولكن «ساسول»، مثلها مثل «سونانغول»، ترتبط بمصالح تجارية في الولايات المتحدة حيث إنها في صدد تنفيذ مشروع قيمته 10 مليارات دولار في لويزيانا لتحويل الفحـم إلى وقـود محركات.
وفي وقت موازٍ، أعلنت جماعة ضغط أميركية، تدعو نفسها «الاتحاد ضدّ إيران نووية»، أنها تستعدّ لشن حملة هدفها إقناع شركة الاتصالات الرئيسية في جنوب أفريقيا والمعروفة بمجموعة «أم تي أن»، بالتخلي عن حصتها في ثاني أكبر شركة إيرانية للهواتف المحمولة. يُذكر أن 21 في المئة من مشتركي الشركة هم في إيران، حسب بيانات أصدرتها «أم تي أن» في أيلول الماضي.
ويوضح المتحدث باسم «الاتحاد ضدّ إيران نووية» ناثان كارلتون أن الأخير يخشى أن يساعد الاستثمار في الاتصالات الإيرانية النظام في تشديد الرقابة على المواطنين وتتبّع أثر مستخدمي الهواتف المحمولة.
(عن «وول ستريت جورنال»)
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة