دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تؤدي أنفاق التهريب بين قطاع غزة والحدود البرية المصرية دور المعابر التجارية التي تسمح للفلسطينيين في القطاع المحاصر باقتناء بعض ما يمنعه الاحتلال على الغزيين. اليوم، يواجه عمال الأنفاق وأصحابها سياسات مالية وضريبية قاسية
غزة | نجح مالكو أنفاق التهريب ومئات العاملين فيها بالصمود في وجه القصف الإسرائيلي والإجراءات الأمنية المصرية الهادفة إلى القضاء على هذه الظاهرة التي «انتعشت» مع فرض الحصار على قطاع غزة قبل خمسة أعوام، ودفعوا من دمائهم ثمناً للحفاظ على مصدر رزقهم «المثير للجدل في شرعيته». لكنّ مالكي الأنفاق والعاملين فيها يواجهون اليوم صعوبات شديدة في مواجهة الإجراءات الأمنية المشددة والضرائب التي تفرضها عليهم الحكومة الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة «حماس»، وتضعها في إطار «الحفاظ على الأمن ومنع تهريب مواد ممنوعة».
ولليوم الثاني على التوالي، علّق مالكو أنفاق التهريب المنتشرة أسفل الحدود الفلسطينية ـــــ المصرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، العمل احتجاجاً على زيادة حكومة «حماس» الضرائب عليهم. وقال مالكو أنفاق وعمال فيها لـ«الأخبار» إن عدداً كبيراً من الأنفاق توقف عن العمل منذ صباح الثلاثاء (أول من أمس)، وامتنع أصحابها عن استقبال أي سلع أو مواد من الجانب المصري، في محاولة لثني حكومة «حماس» عن زيادة الضرائب. ويشتكي هؤلاء من ضرائب كبيرة تفرضها هيئة الحدود والمعابر التابعة لحكومة «حماس» على السلع والمواد التي تورّد للقطاع من الأراضي المصرية عبر الأنفاق، بما يلحق ضرراً كبيراً بالعائد المادي الذي تراجع بنحو حاد خلال العامين الماضيين.
وذكر مالكو أنفاق أن هيئة الحدود والمعابر تفرض ضرائب مرتفعة على مواد البناء التي تمثّل المصدر الأساسي لعملهم حالياً، فضلاً عن حظر جلب سلع أخرى ذات طلب مرتفع في قطاع غزة المحاصر، أبرزها قطع غيار السيارات والدراجات النارية. وأوضحوا أن هيئة الحدود والمعابر تفرض 10 شيكل (الدولار يساوي 3.81 شيكل) على الطن الواحد للحصى، و20 شيكل لطن الإسمنت، فيما تفرض على طن الحديد مبلغ 50 شيكل. وتوقع مالكو الأنفاق والعمال فيها أن تشمل الحركة الاحتجاجية جميع الأنفاق خلال اليومين المقبلين، إن أصرت حكومة «حماس» على فرض هذه الضرائب والتمسك بها. وأكدوا أنهم لا يرفضون من حيث المبدأ أن تحصّل الحكومة في غزة ضرائب عن السلع الواردة للقطاع عبر الأنفاق، شرط أن تكون بمبالغ معقولة وألا تضر بمصالحهم.
وقد تراجع العمل في أنفاق التهريب بحدّة خلال العامين الماضيين، إثر إدخال إسرائيل تسهيلات على المعابر التجارية استجابةً لضغوط دولية عقب مجزرة «أسطول الحرية» أواخر أيار 2010. وبعدما كان سكان القطاع يعتمدون على هذه الأنفاق للتزود بكثير من السلع والمواد التي منعت دولة الاحتلال توريدها للقطاع إثر فرض الحصار عقب فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، بات الاعتماد على الأنفاق يقتصر على توريد مواد البناء والسيارات والوقود. ويشير مراقبون إلى أن حكومة «حماس» تتعامل مع أنفاق التهريب كمعابر تجارية رسمية، سواء من جهة تعيين هيئة لبتّ خلافات مالكي هذه الأنفاق والعاملين فيها، أو لجهة فرض الضرائب على السلع والبضائع الواردة منها. ويضرب هؤلاء مثلاً بإجراءات مرور الأفراد عبر الأنفاق، وهم غالباً من الممنوعين من السفر عبر معبر رفح البري مع مصر، إذ يستوجب مرورهم عبر الأنفاق تسجيل أسمائهم لدى هيئة المعابر والحدود قبل السفر بيوم واحد على الأقل. ولا تتقاضى حكومة «حماس» أي رسوم من المسافر عبر النفق، لكنه يدفع نظير ذلك مبلغ 50 دولاراً لصاحب النفق للانتقال لمرة واحدة من غزة إلى مصر أو العكس.
كذلك يشتكي سكان القطاع من ضرائب كبيرة تفرضها حكومة «حماس» على السيارات المهربة والوقود؛ ففيما رفعت الضرائب على الوقود المصري المهرب مرات كثيرة في العامين الماضيين، تجبي من وراء السيارات المهربة رسوم جمارك بالقدر الذي ينص عليه القانون بخصوص السيارات المستوردة. وعن هذا الموضوع، كشف تجار سيارات ومالكو أنفاق أن هيئة الحدود والمعابر تتقاضى ألف دولار عن كل سيارة مهربة عبر الأنفاق، إضافة إلى مبلغ لا يقل عن 6 آلاف دولار، ويتجاوز ذلك بكثير، كجمرك وفقاً لقوة محرك السيارة وسنة صنعها.
ويحمّل مواطنون في غزة حكومة «حماس» جزءاً من المسؤولية عن استمرار ارتفاع أسعار السيارات بسبب الضرائب الكبيرة المفروضة على السيارات المهرَّبة، وعلى خلفية قرار الحكومة فرض ضريبة بقيمة 25 في المئة على السيارات المستوردة عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية. وكانت حكومة «حماس» قد اتخذت قبل بضعة أشهر إجراءات أمنية إضافية، وأقامت بوابات رئيسية تؤدي إلى منطقة الأنفاق، وذلك لضمان مراقبة هذه الأنفاق ومنع أي محاولة لتهريب مواد ممنوعة عبرها.
وعلق مصدر في حكومة «حماس» على هذه الإجراءات، مشيراً إلى أن الهدف منها وقف محاولات تهريب المواد الممنوعة والسيارات المسروقة، أو الإخلال بالأمن، سواء في قطاع غزة أو في الجانب المصري. وشدد على أن الحكومة لم تفرض ضرائب جديدة على العمل في أنفاق التهريب، ولكنها تبدي حرصاً على تنظيم هذه الظاهرة الاستثنائية التي فرضها الحصار الظالم على القطاع.
المصدر :
الاخبار /قيس صفدي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة