أثارت صفقة الأسلحة الأميركية – السعودية، التي بلغت قيمتها حوالى 30 مليار دولار، زوبعة من التساؤلات والتحليلات، التي وإن اختلفت بشأن تفسيرها واستشراف ما تخبئه من تداعيات، فقد أجمعت على أنها صفقة «الرسائل السياسية والأمنية» بامتياز.. الرسائل الموجهة إلى جبهات مختلفة، تبقى أولاها بلا منازع «العدو الإيراني المشترك».

وفيما أكد المسؤولون الأميركيون على أن الصفقة تهدف إلى «تعزيز القدرات الدفاعية للسعودية» وحذا بذلك حذوهم مسؤولو الرياض، فإن تزامن إتمامها مع تصاعد التوتر بين أميركا وإيران التي هدّدت بإغلاق مضيق هرمز إذا تمّ فرض الحظر النفطي عليها، جعل لتوقيتها وحجمها تفسيراً وحيداً: أميركا ملتزمة بأمن الخليج إلى أقصى حدّ، ولن تسمح للتهديد الإيراني بسلبها نفوذها في المنطقة.

ولم تتوقف رسائل الصفقة، وفقاً للمحللين، عند إيران فحسب، بل أعادت التأكيد على أن التحالف الاستراتيجي بين البلدين أقوى من أن تكسره رياح «الربيع العربي»، علما أن هذا التحالف يتخطى حدود المملكة إلى الخليج بأكمله: صفقات مع الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين...

من هنا، اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن «واشنطن تسعى لتحصين أمن واحدة من حلفائها الرئيسيين في الخليج»، موضحة أن «الصفقة السعودية، التي تزامنت مع أخرى عراقية بلغت 11 مليار دولار، تهدف جوهرياً إلى توسيع نفوذها في منطقة غنية بالنفط وسط تصاعد التهديدات الإيرانية».

وأضافت الصحيفة «على الرغم مما أعلنه البيت الأبيض عن أن الاتفاقية لم يتم التعجيل بها للرد على تهديدات المسؤولين الإيرانيين خلال الأيام الماضية، إلا أن توقيتها يحمل دلالات غاية في الأهمية، بالتزامن مع زيادة حدة التوتر بين واشنطن وطهران من جهة، وقيام الولايات المتحدة بسحب آخر جنودها من العراق من جهة ثانية».

وأعادت الصحيفة الأميركية التذكير بما قاله مساعد وزيرة الخارجية للشؤون العسكرية والسياسية أندرو شابيرو، عند الإعلان عن الصفقة أول أمس، «إن هذه الصفقة ستبعث برسالة قوية لدول المنطقة مفادها أن الولايات المتحدة ملتزمة بإرساء الاستقرار في الخليج والشرق الأوسط الأكثر اتساعا»، مؤكدا أن «الاتفاقية ستعزز من قدرات المملكة العربية السعودية للدفاع عن نفسها ضد أي تهديد خارجي يمسّ سيادة أراضيها».

من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى رسالة ثانية حملتها الصفقة مفادها أن «العلاقة على خط واشنطن – الرياض متينة إلى درجة استطاعت من خلالها تخطي أزمة «الاختلاف في التعاطي» مع الثورات العربية، فصحيح أن البلدين واجها أزمة في التعامل مع الثورات العربية، إلا أن ذلك لم يدفع باتجاه كسر التحالف الاستراتيجي القائم على أساس المصالح المشتركة ضدّ إيران».

وفي السياق، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول سعودي، رفض الكشف عن اسمه، قوله «إن حجم الصفقة هو خير دليل على أن الخلافات التي حاول البعض تضخيمها لم تؤثر على العلاقة الجوهرية».

وذكّرت الصحيفة بأن «الصفقة تشمل إنتاج 84 طائرة جديدة، وتطوير 70 أخرى، إضافة إلى الذخيرة، قطع الغيار، التدريب، الصيانة والأعمال اللوجستية»، مشيرة إلى أن «هذه الطائرات المصنوعة من شركة «بوينغ» هي الأكثر تعقيداً وقدرة في العالم».

وفي إطار أوسع، قالت «واشنطن بوست»: يبدو أن أميركا تسعى بكل ثقلها لتأكيد نفوذها في المنطقة، بدءاً من صفقة الأسلحة مع العراق على الرغم من المخاوف من سعي المالكي للسيطرة على السلطة أو أن يتحول إلى الحليف الإيراني، وصولاً إلى توسيع العلاقات العسكرية مع دول الخليج الأخرى من قطر إلى سلطنة عمان والإمارات العربيّة المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، أول أمس، عن إبرام صفقة بقيمة 29.4 مليار دولار لبيع السعودية 84 مقاتلة من طراز «أف - 15»، تعدّ من «أهم صفقات السلاح الأميركية مع دولة أجنبية، علماً أن السعودية ظلت لسنوات طويلة أكبر مشتر للسلاح الأميركي»، بحسب «نيويورك تايمز».

كما كشف المسؤول العسكري في وزارة الدفاع الاميركية جيمس ميلر ان طائرات «اف - 15» الجديدة «ستزود بآخر جيل من القدرات المعلوماتية وتقنيات الرادار واللواقط تحت الحمراء وأنظمة حربية الكترونية». وقد أثار هذا الأمر»غضباً» اسرائيلياً، تلقفته أميركا بالطمأنة بأن «الصفقة لن تمس التفوق النوعي لسلاح الجو الإسرائيلي».

أما السعودية فقد أكدت أنها أقدمت على شراء الطائرات لتوفير «أفضل القدرات الدفاعية لقواتها المسلحة، وذلك من أجل حماية شعبها وأراضيها»، حسب ما قال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع السعودية.

وأضاف موضحاً أن هذا العقد جاء «حرصا» من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على «توفير أفضل القدرات الدفاعية للقوات المسلحة السعودية بكل قطاعاتها». («السفير»)

 

  • فريق ماسة
  • 2011-12-30
  • 13351
  • من الأرشيف

السلاح الأميركي إلى السعودية.. صفقة مالية ورسائل

          أثارت صفقة الأسلحة الأميركية – السعودية، التي بلغت قيمتها حوالى 30 مليار دولار، زوبعة من التساؤلات والتحليلات، التي وإن اختلفت بشأن تفسيرها واستشراف ما تخبئه من تداعيات، فقد أجمعت على أنها صفقة «الرسائل السياسية والأمنية» بامتياز.. الرسائل الموجهة إلى جبهات مختلفة، تبقى أولاها بلا منازع «العدو الإيراني المشترك». وفيما أكد المسؤولون الأميركيون على أن الصفقة تهدف إلى «تعزيز القدرات الدفاعية للسعودية» وحذا بذلك حذوهم مسؤولو الرياض، فإن تزامن إتمامها مع تصاعد التوتر بين أميركا وإيران التي هدّدت بإغلاق مضيق هرمز إذا تمّ فرض الحظر النفطي عليها، جعل لتوقيتها وحجمها تفسيراً وحيداً: أميركا ملتزمة بأمن الخليج إلى أقصى حدّ، ولن تسمح للتهديد الإيراني بسلبها نفوذها في المنطقة. ولم تتوقف رسائل الصفقة، وفقاً للمحللين، عند إيران فحسب، بل أعادت التأكيد على أن التحالف الاستراتيجي بين البلدين أقوى من أن تكسره رياح «الربيع العربي»، علما أن هذا التحالف يتخطى حدود المملكة إلى الخليج بأكمله: صفقات مع الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين... من هنا، اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن «واشنطن تسعى لتحصين أمن واحدة من حلفائها الرئيسيين في الخليج»، موضحة أن «الصفقة السعودية، التي تزامنت مع أخرى عراقية بلغت 11 مليار دولار، تهدف جوهرياً إلى توسيع نفوذها في منطقة غنية بالنفط وسط تصاعد التهديدات الإيرانية». وأضافت الصحيفة «على الرغم مما أعلنه البيت الأبيض عن أن الاتفاقية لم يتم التعجيل بها للرد على تهديدات المسؤولين الإيرانيين خلال الأيام الماضية، إلا أن توقيتها يحمل دلالات غاية في الأهمية، بالتزامن مع زيادة حدة التوتر بين واشنطن وطهران من جهة، وقيام الولايات المتحدة بسحب آخر جنودها من العراق من جهة ثانية». وأعادت الصحيفة الأميركية التذكير بما قاله مساعد وزيرة الخارجية للشؤون العسكرية والسياسية أندرو شابيرو، عند الإعلان عن الصفقة أول أمس، «إن هذه الصفقة ستبعث برسالة قوية لدول المنطقة مفادها أن الولايات المتحدة ملتزمة بإرساء الاستقرار في الخليج والشرق الأوسط الأكثر اتساعا»، مؤكدا أن «الاتفاقية ستعزز من قدرات المملكة العربية السعودية للدفاع عن نفسها ضد أي تهديد خارجي يمسّ سيادة أراضيها». من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى رسالة ثانية حملتها الصفقة مفادها أن «العلاقة على خط واشنطن – الرياض متينة إلى درجة استطاعت من خلالها تخطي أزمة «الاختلاف في التعاطي» مع الثورات العربية، فصحيح أن البلدين واجها أزمة في التعامل مع الثورات العربية، إلا أن ذلك لم يدفع باتجاه كسر التحالف الاستراتيجي القائم على أساس المصالح المشتركة ضدّ إيران». وفي السياق، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول سعودي، رفض الكشف عن اسمه، قوله «إن حجم الصفقة هو خير دليل على أن الخلافات التي حاول البعض تضخيمها لم تؤثر على العلاقة الجوهرية». وذكّرت الصحيفة بأن «الصفقة تشمل إنتاج 84 طائرة جديدة، وتطوير 70 أخرى، إضافة إلى الذخيرة، قطع الغيار، التدريب، الصيانة والأعمال اللوجستية»، مشيرة إلى أن «هذه الطائرات المصنوعة من شركة «بوينغ» هي الأكثر تعقيداً وقدرة في العالم». وفي إطار أوسع، قالت «واشنطن بوست»: يبدو أن أميركا تسعى بكل ثقلها لتأكيد نفوذها في المنطقة، بدءاً من صفقة الأسلحة مع العراق على الرغم من المخاوف من سعي المالكي للسيطرة على السلطة أو أن يتحول إلى الحليف الإيراني، وصولاً إلى توسيع العلاقات العسكرية مع دول الخليج الأخرى من قطر إلى سلطنة عمان والإمارات العربيّة المتحدة. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، أول أمس، عن إبرام صفقة بقيمة 29.4 مليار دولار لبيع السعودية 84 مقاتلة من طراز «أف - 15»، تعدّ من «أهم صفقات السلاح الأميركية مع دولة أجنبية، علماً أن السعودية ظلت لسنوات طويلة أكبر مشتر للسلاح الأميركي»، بحسب «نيويورك تايمز». كما كشف المسؤول العسكري في وزارة الدفاع الاميركية جيمس ميلر ان طائرات «اف - 15» الجديدة «ستزود بآخر جيل من القدرات المعلوماتية وتقنيات الرادار واللواقط تحت الحمراء وأنظمة حربية الكترونية». وقد أثار هذا الأمر»غضباً» اسرائيلياً، تلقفته أميركا بالطمأنة بأن «الصفقة لن تمس التفوق النوعي لسلاح الجو الإسرائيلي». أما السعودية فقد أكدت أنها أقدمت على شراء الطائرات لتوفير «أفضل القدرات الدفاعية لقواتها المسلحة، وذلك من أجل حماية شعبها وأراضيها»، حسب ما قال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع السعودية. وأضاف موضحاً أن هذا العقد جاء «حرصا» من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على «توفير أفضل القدرات الدفاعية للقوات المسلحة السعودية بكل قطاعاتها». («السفير»)  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة