يدرس جيش الاحتلال الإسرائيلي خطة للردّ مباشرة وتلقائياً على سيناريوات مختلفة قد تحصل في هضبة الجولان المحتلة نتيجة تطورات الأزمة السورية الحالية

 

رغم حالة الاطمئنان التي يحاول وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الإيحاء بها بشأن مآلات الوضع السوري، تعكس الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال في هضبة الجولان اتجاهاً مخالفاً يشي بقلق واضح من احتمالات التدهور التي يمكن أن تسلكها تطورات الوضع السوري. وفي وقت يبشر فيه باراك بقرب سقوط النظام السوري، معلّقاً آمالاً كبيرة على «الضربة القاسية التي سيمثّلها هذا الحدث للمحور الراديكالي في المنطقة»، يعمد جيشه إلى إدخال تعديلات على التدابير العملانية التي تضبط أداء قواته في الشمال استباقاً «لسيناريوات مختلفة» يمكن أن تشهدها الجبهة السورية.

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام عبرية، بلورت قيادة المنطقة الشمالية وفرقة «غاعش» المنتشرة في هضبة الجولان المحتلة خلال الفترة الماضية «خطة عمل تتضمن سلسلة جديدة من الأوامر والتعليمات توضح سبل التعامل مع مروحة متنوعة من الأحداث» التي يمكن أن تشهدها جبهة الجولان في ضوء الأزمة الداخلية في سوريا. وقالت صحيفة «معاريف» إن «الخطة التي ستدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع تحدد صلاحيات القيادات العسكرية على كافة المستويات، بما في ذلك الأهداف المعادية التي تُخوَّل هذه القيادات استهدافها ردّاً على حدث ما من دون الرجوع إلى القيادة العليا لتحصيل الإذن». ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع المستوى قوله إن «هذا الترتيب يرمي إلى منع الغموض في الوقت الحقيقي حتى نتمكن من الردّ فوراً من دون إجراءات تصديق معقدة». وتابع قائلاً: «على سبيل المثال، في حالة وجود سيناريو يشمل وقوع حدث على الحدود، سيعرف قائد اللواء أي أهداف يُسمح له بالعمل ضدّها». وشدّد الضابط على أن «كل حدث يخرج من الأراضي السورية، سيكون تفسيرنا له واضحاً: الحكم السوري، وسيكون ردّنا واضحاً جداً وحاداً ويحمل رسالة واضحة: أنّ من غير المجدي العبث مع إسرائيل».

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع بدء الاضطرابات في سورية  وعلى خلفية الأحداث التي حصلت في القنيطرة ومجدل شمس في ذكرى النكبة والنكسة، توصّلت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استنتاج أنّ التعريفات القائمة التي تحكم عمل القوّات الميدانية، والتي تتلخص بحالتي «الأمن الجاري والحرب» لم تعد كافية لمقاربة التطورات التي يمكن أن تنشأ على الجبهة في هذه الفترة، إضافة إلى أنها لا تقدّم جواباً مناسباً لجملة من السيناريوات المحتملة. سيناريوات تتضمّن، على سبيل المثال، محاولة قيام ضبّاط سوريين «بالتنفيس عن إحباطهم ضدّ إسرائيل»، أو أن تستغل «خلية إرهابية» الفراغ في الجبهة، فتعمد إلى إطلاق صواريخ نحو مستوطنات الهضبة. ورأى الضابط أنّ «الوضع في سورية مركَّب، ويخلق تشويشاً، وعلينا أن نكون جاهزين لإمكان نشوء أحداث ضدنا في ظل الفوضى، وليس معنى ذلك وقوع معركة شاملة، بل هي حالة تشبه أكثر الإرهاب الذي نعرفه على طول بقية حدود الدولة».

وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، لحظت قيادة المنطقة الشمالية زيادة في الحركة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وهي ظاهرة تعكس ما يسمونه في أوساط الجيش «زوال حاجز الخوف» لدى الجهات المعادية. ورغم ذلك، ترى تقديرات الجيش أن احتمال نشوب حرب مع سورية لا تزال منخفضة على المدى المنظور.

تأتي هذه الاستعدادات في وقت جدّد فيه باراك رهاناته على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مستنداً في ذلك إلى مواقف كل من الجامعة العربية وتركيا. وقال في مقابلة إذاعية إنّ «الأحداث الأخيرة في سوريا تدل على أن عائلة الأسد بدأت تفقد حكمها. أنا متأكد من أن هذا الأمر لا رجعة فيه ولا يمكن القول إن الأسابيع الأخيرة ستصب في مصلحة حكم الأسد». ومضى باراك في توضيح الأسس التي يبني عليها تقديره على قاعدة أن «ما قامت به الجامعة العربية من خطوات يثبت أنهم يفهمون جيداً أكثر منا أنّ نهاية الأسد اقتربت، ومغادرة حركة حماس لسورية  تثبت أن النهاية اقتربت، وحالة القلق التي يعيشها حزب الله تؤكد أنّ النهاية باتت قريبة. والانتقادات التركية الحادة من ناحية أخرى تضع الأمور في إطار أوضح. إن نهاية عائلة الأسد باتت قريبة». وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي موقف الدول الأوروبية حيال ما يحدث في سورية وأشار إلى أن «الدول التي تدخّلت فعلياً وعسكرياً وبطائراتها وقذائفها في ليبيا، لا تجرؤ الآن على استخدام الشيء نفسه مع سورية  وتكتفي بالشجب والاستنكار، ونحن لا نستغرب من ذلك».

وردّاً على سؤال عن الجهة التي ستحكم سورية في حال سقوط نظام الأسد، أجاب باراك: «أنا، في العموم، أخشى من الثورات التي تجري في الدول العربية والتي غيّرت الأنظمة السابقة بأنظمة إسلامية. هذا الأمر لا يخدم مصلحتنا. حقيقةً، أنا لا أعرف من سيتولى الحكم؛ لأنّ من الصعب التنبؤ بهذا الأمر. لكن ما هو واضح أن سقوط نظام الأسد سيكون ضربة قاسية توجه إلى المحور الراديكالي، وستكون ضربة قاسية بالنسبة إلى إيران».

وتابع باراك قائلاً: «مما يبدو لي، إن المجتمع السوري أقل تديناً من غيره. أنا لا أقول إنه لا يوجد تديُّن، لكن التدين أقل مما هو في مصر، وهو ما رأيناه من خلال نتائج الانتخابات». واستدرك بأنه لا يحاول الإيحاء بأنه «ليس هناك وجود لجماعة الإخوان المسلمين في سورية ولكن هناك نواة للمجتمع المدني وهناك نوع من الإرث التاريخي للعلاقات مع فرنسا، وهناك نشاط تركي في عديد من الجوانب داخل سورية»، ليخلص إلى أنه ليس متأكداً من أن «الجهات القريبة من إيران ستسيطر على الوضع أو حتى الجهات الإسلامية هي التي ستتولى الحكم؛ فهناك معارضة مدنية متّزنة لها علاقات جيدة مع تركيا، وآمل أن تكون لها علاقات جيدة معنا في المستقبل البعيد».

وعن الانعكاسات المباشرة لاحتمال سقوط النظام السوري على حزب الله، رأى باراك أن «هناك غموضاً كبيراً، وأنا لا أعتقد أن سقوط نظام الأسد سيعزز من قوة حزب الله، بل سيوجه إليها ضربة قوية ستضعفها بنحو كبير عبر فقدانها العمق الاستراتيجي. لذلك، لا أعتقد أن شهية حزب الله مفتوحة لتصعيد الوضع معنا». غير أن وزير الدفاع حذّر من أنه «لا يمكن معرفة إلى أين ستتجه الأمور، ففي النهاية هم (حزب الله) يتحركون وفقاً لاعتبارات وتوازنات داخلية لبنانية، وبعضهم يتحرك وفقاً لتعليمات وتوجيهات إيرانية».

 

  • فريق ماسة
  • 2011-12-26
  • 12143
  • من الأرشيف

خطة إسرائيليّة في الجولان استعداداً لتوتُّرات حدوديّة

  يدرس جيش الاحتلال الإسرائيلي خطة للردّ مباشرة وتلقائياً على سيناريوات مختلفة قد تحصل في هضبة الجولان المحتلة نتيجة تطورات الأزمة السورية الحالية   رغم حالة الاطمئنان التي يحاول وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الإيحاء بها بشأن مآلات الوضع السوري، تعكس الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال في هضبة الجولان اتجاهاً مخالفاً يشي بقلق واضح من احتمالات التدهور التي يمكن أن تسلكها تطورات الوضع السوري. وفي وقت يبشر فيه باراك بقرب سقوط النظام السوري، معلّقاً آمالاً كبيرة على «الضربة القاسية التي سيمثّلها هذا الحدث للمحور الراديكالي في المنطقة»، يعمد جيشه إلى إدخال تعديلات على التدابير العملانية التي تضبط أداء قواته في الشمال استباقاً «لسيناريوات مختلفة» يمكن أن تشهدها الجبهة السورية. ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام عبرية، بلورت قيادة المنطقة الشمالية وفرقة «غاعش» المنتشرة في هضبة الجولان المحتلة خلال الفترة الماضية «خطة عمل تتضمن سلسلة جديدة من الأوامر والتعليمات توضح سبل التعامل مع مروحة متنوعة من الأحداث» التي يمكن أن تشهدها جبهة الجولان في ضوء الأزمة الداخلية في سوريا. وقالت صحيفة «معاريف» إن «الخطة التي ستدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع تحدد صلاحيات القيادات العسكرية على كافة المستويات، بما في ذلك الأهداف المعادية التي تُخوَّل هذه القيادات استهدافها ردّاً على حدث ما من دون الرجوع إلى القيادة العليا لتحصيل الإذن». ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع المستوى قوله إن «هذا الترتيب يرمي إلى منع الغموض في الوقت الحقيقي حتى نتمكن من الردّ فوراً من دون إجراءات تصديق معقدة». وتابع قائلاً: «على سبيل المثال، في حالة وجود سيناريو يشمل وقوع حدث على الحدود، سيعرف قائد اللواء أي أهداف يُسمح له بالعمل ضدّها». وشدّد الضابط على أن «كل حدث يخرج من الأراضي السورية، سيكون تفسيرنا له واضحاً: الحكم السوري، وسيكون ردّنا واضحاً جداً وحاداً ويحمل رسالة واضحة: أنّ من غير المجدي العبث مع إسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى أنه مع بدء الاضطرابات في سورية  وعلى خلفية الأحداث التي حصلت في القنيطرة ومجدل شمس في ذكرى النكبة والنكسة، توصّلت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استنتاج أنّ التعريفات القائمة التي تحكم عمل القوّات الميدانية، والتي تتلخص بحالتي «الأمن الجاري والحرب» لم تعد كافية لمقاربة التطورات التي يمكن أن تنشأ على الجبهة في هذه الفترة، إضافة إلى أنها لا تقدّم جواباً مناسباً لجملة من السيناريوات المحتملة. سيناريوات تتضمّن، على سبيل المثال، محاولة قيام ضبّاط سوريين «بالتنفيس عن إحباطهم ضدّ إسرائيل»، أو أن تستغل «خلية إرهابية» الفراغ في الجبهة، فتعمد إلى إطلاق صواريخ نحو مستوطنات الهضبة. ورأى الضابط أنّ «الوضع في سورية مركَّب، ويخلق تشويشاً، وعلينا أن نكون جاهزين لإمكان نشوء أحداث ضدنا في ظل الفوضى، وليس معنى ذلك وقوع معركة شاملة، بل هي حالة تشبه أكثر الإرهاب الذي نعرفه على طول بقية حدود الدولة». وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، لحظت قيادة المنطقة الشمالية زيادة في الحركة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وهي ظاهرة تعكس ما يسمونه في أوساط الجيش «زوال حاجز الخوف» لدى الجهات المعادية. ورغم ذلك، ترى تقديرات الجيش أن احتمال نشوب حرب مع سورية لا تزال منخفضة على المدى المنظور. تأتي هذه الاستعدادات في وقت جدّد فيه باراك رهاناته على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مستنداً في ذلك إلى مواقف كل من الجامعة العربية وتركيا. وقال في مقابلة إذاعية إنّ «الأحداث الأخيرة في سوريا تدل على أن عائلة الأسد بدأت تفقد حكمها. أنا متأكد من أن هذا الأمر لا رجعة فيه ولا يمكن القول إن الأسابيع الأخيرة ستصب في مصلحة حكم الأسد». ومضى باراك في توضيح الأسس التي يبني عليها تقديره على قاعدة أن «ما قامت به الجامعة العربية من خطوات يثبت أنهم يفهمون جيداً أكثر منا أنّ نهاية الأسد اقتربت، ومغادرة حركة حماس لسورية  تثبت أن النهاية اقتربت، وحالة القلق التي يعيشها حزب الله تؤكد أنّ النهاية باتت قريبة. والانتقادات التركية الحادة من ناحية أخرى تضع الأمور في إطار أوضح. إن نهاية عائلة الأسد باتت قريبة». وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي موقف الدول الأوروبية حيال ما يحدث في سورية وأشار إلى أن «الدول التي تدخّلت فعلياً وعسكرياً وبطائراتها وقذائفها في ليبيا، لا تجرؤ الآن على استخدام الشيء نفسه مع سورية  وتكتفي بالشجب والاستنكار، ونحن لا نستغرب من ذلك». وردّاً على سؤال عن الجهة التي ستحكم سورية في حال سقوط نظام الأسد، أجاب باراك: «أنا، في العموم، أخشى من الثورات التي تجري في الدول العربية والتي غيّرت الأنظمة السابقة بأنظمة إسلامية. هذا الأمر لا يخدم مصلحتنا. حقيقةً، أنا لا أعرف من سيتولى الحكم؛ لأنّ من الصعب التنبؤ بهذا الأمر. لكن ما هو واضح أن سقوط نظام الأسد سيكون ضربة قاسية توجه إلى المحور الراديكالي، وستكون ضربة قاسية بالنسبة إلى إيران». وتابع باراك قائلاً: «مما يبدو لي، إن المجتمع السوري أقل تديناً من غيره. أنا لا أقول إنه لا يوجد تديُّن، لكن التدين أقل مما هو في مصر، وهو ما رأيناه من خلال نتائج الانتخابات». واستدرك بأنه لا يحاول الإيحاء بأنه «ليس هناك وجود لجماعة الإخوان المسلمين في سورية ولكن هناك نواة للمجتمع المدني وهناك نوع من الإرث التاريخي للعلاقات مع فرنسا، وهناك نشاط تركي في عديد من الجوانب داخل سورية»، ليخلص إلى أنه ليس متأكداً من أن «الجهات القريبة من إيران ستسيطر على الوضع أو حتى الجهات الإسلامية هي التي ستتولى الحكم؛ فهناك معارضة مدنية متّزنة لها علاقات جيدة مع تركيا، وآمل أن تكون لها علاقات جيدة معنا في المستقبل البعيد». وعن الانعكاسات المباشرة لاحتمال سقوط النظام السوري على حزب الله، رأى باراك أن «هناك غموضاً كبيراً، وأنا لا أعتقد أن سقوط نظام الأسد سيعزز من قوة حزب الله، بل سيوجه إليها ضربة قوية ستضعفها بنحو كبير عبر فقدانها العمق الاستراتيجي. لذلك، لا أعتقد أن شهية حزب الله مفتوحة لتصعيد الوضع معنا». غير أن وزير الدفاع حذّر من أنه «لا يمكن معرفة إلى أين ستتجه الأمور، ففي النهاية هم (حزب الله) يتحركون وفقاً لاعتبارات وتوازنات داخلية لبنانية، وبعضهم يتحرك وفقاً لتعليمات وتوجيهات إيرانية».  

المصدر : الاخبار:محمد بدير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة