الخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان برفض اللقاء مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان وعدم تحديد موعد مسبق له في القصر الجمهوري تعتبر قمة المسؤولية الوطنية حفاظاً على السيادة الوطنية وترسيخاً لهوية لبنان باعتباره دولة ذات سيادة تحافظ على حقوقها الوطنية وتتعامل مع الآخرين بالمثل، وهذا ما ترجمه الرئيس سليمان في موقفه الأخير في موضوع لقاء المسؤول الأميركي خلال زيارته الأخيرة الى لبنان والتي أتت استكمالاً لدوره المشبوه منذ أن كان سفيراً لبلاده في لبنان.

خطوة رئيس الجمهورية هذه لم تكن رداً على السلوك الأميركي غير اللائق مع رئيس الدولة اللبنانية خلال وجوده في نيويورك فحسب، وهو سلوك خرج إلى العلن بتسريبات وكلام أميركي أوجب من جانب الرئيس ميشال سليمان رداً من الطبيعة نفسها بعدم اللقاء مع الزائر الأميركي وهو قرار قد يتحول إلى قاعدة في التعامل مع الزوار الأميركيين إلى لبنان.

زيارة فيلتمان جاءت في الوقائع الفعلية كما تكشف مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، ضمن حملة للتحريض والتهديد غايتها إقحام لبنان في المخطط الذي يستهدف سورية. فقد واصل فيلتمان الضغط على بعض المسؤولين الذين التقاهم لإلزام الحكومة اللبنانية بتطبيق عقوبات الجامعة العربية ضد سورية ولضمان الإيواء الأمني والدعم اللوجستي لميليشيات ما يسمى بـ"مجلس اسطنبول"، التي يتواجد عدد من عناصرها على الأرض اللبنانية ويريد الأميركيون تحويل مناطق في الشمال والبقاع الى قواعد انطلاق لعمليات عسكرية في الداخل السوري. وقد واجه فيلتمان انتقادات قاسية جداً وأسئلة صعبة في مقر الرئاسة الثانية عندما قدّم الرئيس نبيه بري عرضاً لوجهة نظره إزاء الأوضاع في سورية، إذ وجّه انتقادات واضحة ومباشرة للسلوك الأميركي الذي يهدف إلى إشاعة مناخ الفتنة والانقسام في المنطقة وإطلاق عقال القوى التي تهدف إلى دحرجة الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي في كل مكان.

مساعي فيلتمان التحريضية والتهويلية جاءت عكس السير أمام وقائع التطورات الحاصلة في سورية، إذ أكدت المعلومات الواردة من العاصمة السورية ومن باقي المحافظات السورية والتي وضعت بتصرف العديد من المسؤولين اللبنانيين ومن مصادر متعددة بعضها دبلوماسي غربي، أن الدولة السورية قطعت شوطاً مهماً في محاصرة وتفكيك العصابات المسلحة في منطقة الوسط التي تتركز فيها الاضطرابات خصوصاً أرياف إدلب وحماه ومدينة حمص وجوارها. أما في درعا فإن المعلومات تشير إلى تسريب مبرمج عبر الحدود الأردنية لخمسين مقاتلاً تكفيرياً، من جماعة "العرعور" اشتبكت القوات السورية مع بعضهم وطاردت عدداً من العناصر التي تمكنت من التسلل.

الانجازات الأمنية المتلاحقة للمؤسسة الأمنية والعسكرية السورية على الأرض جاءت في مناخ تطور الموقف الشعبي الذي أتاح للسلطات السورية ترجمة تصميمها على السير بالبلاد في طريق الخروج من الأزمة عبر الانتخابات المحلية التي أجريت في موعدها وشهدت إقبالاً لافتاً في جميع المحافظات السورية. في حين تؤكد المعلومات أن حال الانفضاض الشعبي من حول المعارضات السورية تترسخ بينما ظهر بوضوح أن منظومة العقوبات الاقتصادية التي سعت تركيا ودول الخليج إلى فرضها على سورية باتت في طريق التفكك. فبعد الموقفين اللبناني والعراقي جاء الطلب الأردني إلى الجامعة العربية بعدم إلزام الأردن بتطبيق العقوبات نظراً لاعتماد الأردن على سورية في تأمين احتياجاته من المياه والقمح، في حين تواجه تركيا متاعب وصعوبات اقتصادية كبيرة من القرار السوري بتطبيق اتفاقية التجارة الحرة رداً على عقوبات أردوغان التجارية والمالية.

ويشكل مناخ الوضع السوري الداخلي تعبيراً عن تماسك الدولة السورية وجيشها وشعبها بعد تصريحات قادة ما يسمى "مجلس اسطنبول" وقادة الأخوان المسلمين في سورية بشكل خاص والتي حملت معها التزامات واضحة بتنفيذ الشروط الأميركية التي سبق للرئيس بشار الأسد أن رفضها عام 2003 عندما نقلها إليه كولن باول وزير الخارجية الأميركي الأسبق بعد احتلال بغداد آنذاك.

جيفري فيلتمان جاء يطلب إلى اللبنانيين الالتحاق بحرب فاشلة على سورية وهي حرب أصبحت متعثرة أساساً على الجبهتين الاقتصادية والأمنية بينما أوشك بعض من التقوا فيلتمان على أن يقولوا له العبارة الشهيرة "يطعمك الحاج والناس راجعة"!!!

 

البناء

  • فريق ماسة
  • 2011-12-12
  • 12322
  • من الأرشيف

فيلتمان.. والفشل المتكرر ..

الخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان برفض اللقاء مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان وعدم تحديد موعد مسبق له في القصر الجمهوري تعتبر قمة المسؤولية الوطنية حفاظاً على السيادة الوطنية وترسيخاً لهوية لبنان باعتباره دولة ذات سيادة تحافظ على حقوقها الوطنية وتتعامل مع الآخرين بالمثل، وهذا ما ترجمه الرئيس سليمان في موقفه الأخير في موضوع لقاء المسؤول الأميركي خلال زيارته الأخيرة الى لبنان والتي أتت استكمالاً لدوره المشبوه منذ أن كان سفيراً لبلاده في لبنان. خطوة رئيس الجمهورية هذه لم تكن رداً على السلوك الأميركي غير اللائق مع رئيس الدولة اللبنانية خلال وجوده في نيويورك فحسب، وهو سلوك خرج إلى العلن بتسريبات وكلام أميركي أوجب من جانب الرئيس ميشال سليمان رداً من الطبيعة نفسها بعدم اللقاء مع الزائر الأميركي وهو قرار قد يتحول إلى قاعدة في التعامل مع الزوار الأميركيين إلى لبنان. زيارة فيلتمان جاءت في الوقائع الفعلية كما تكشف مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، ضمن حملة للتحريض والتهديد غايتها إقحام لبنان في المخطط الذي يستهدف سورية. فقد واصل فيلتمان الضغط على بعض المسؤولين الذين التقاهم لإلزام الحكومة اللبنانية بتطبيق عقوبات الجامعة العربية ضد سورية ولضمان الإيواء الأمني والدعم اللوجستي لميليشيات ما يسمى بـ"مجلس اسطنبول"، التي يتواجد عدد من عناصرها على الأرض اللبنانية ويريد الأميركيون تحويل مناطق في الشمال والبقاع الى قواعد انطلاق لعمليات عسكرية في الداخل السوري. وقد واجه فيلتمان انتقادات قاسية جداً وأسئلة صعبة في مقر الرئاسة الثانية عندما قدّم الرئيس نبيه بري عرضاً لوجهة نظره إزاء الأوضاع في سورية، إذ وجّه انتقادات واضحة ومباشرة للسلوك الأميركي الذي يهدف إلى إشاعة مناخ الفتنة والانقسام في المنطقة وإطلاق عقال القوى التي تهدف إلى دحرجة الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي في كل مكان. مساعي فيلتمان التحريضية والتهويلية جاءت عكس السير أمام وقائع التطورات الحاصلة في سورية، إذ أكدت المعلومات الواردة من العاصمة السورية ومن باقي المحافظات السورية والتي وضعت بتصرف العديد من المسؤولين اللبنانيين ومن مصادر متعددة بعضها دبلوماسي غربي، أن الدولة السورية قطعت شوطاً مهماً في محاصرة وتفكيك العصابات المسلحة في منطقة الوسط التي تتركز فيها الاضطرابات خصوصاً أرياف إدلب وحماه ومدينة حمص وجوارها. أما في درعا فإن المعلومات تشير إلى تسريب مبرمج عبر الحدود الأردنية لخمسين مقاتلاً تكفيرياً، من جماعة "العرعور" اشتبكت القوات السورية مع بعضهم وطاردت عدداً من العناصر التي تمكنت من التسلل. الانجازات الأمنية المتلاحقة للمؤسسة الأمنية والعسكرية السورية على الأرض جاءت في مناخ تطور الموقف الشعبي الذي أتاح للسلطات السورية ترجمة تصميمها على السير بالبلاد في طريق الخروج من الأزمة عبر الانتخابات المحلية التي أجريت في موعدها وشهدت إقبالاً لافتاً في جميع المحافظات السورية. في حين تؤكد المعلومات أن حال الانفضاض الشعبي من حول المعارضات السورية تترسخ بينما ظهر بوضوح أن منظومة العقوبات الاقتصادية التي سعت تركيا ودول الخليج إلى فرضها على سورية باتت في طريق التفكك. فبعد الموقفين اللبناني والعراقي جاء الطلب الأردني إلى الجامعة العربية بعدم إلزام الأردن بتطبيق العقوبات نظراً لاعتماد الأردن على سورية في تأمين احتياجاته من المياه والقمح، في حين تواجه تركيا متاعب وصعوبات اقتصادية كبيرة من القرار السوري بتطبيق اتفاقية التجارة الحرة رداً على عقوبات أردوغان التجارية والمالية. ويشكل مناخ الوضع السوري الداخلي تعبيراً عن تماسك الدولة السورية وجيشها وشعبها بعد تصريحات قادة ما يسمى "مجلس اسطنبول" وقادة الأخوان المسلمين في سورية بشكل خاص والتي حملت معها التزامات واضحة بتنفيذ الشروط الأميركية التي سبق للرئيس بشار الأسد أن رفضها عام 2003 عندما نقلها إليه كولن باول وزير الخارجية الأميركي الأسبق بعد احتلال بغداد آنذاك. جيفري فيلتمان جاء يطلب إلى اللبنانيين الالتحاق بحرب فاشلة على سورية وهي حرب أصبحت متعثرة أساساً على الجبهتين الاقتصادية والأمنية بينما أوشك بعض من التقوا فيلتمان على أن يقولوا له العبارة الشهيرة "يطعمك الحاج والناس راجعة"!!!   البناء

المصدر : نور الدين الجمّال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة